أظهر باحثون في جامعة الملك عبدالله السعودية (كاوست) أن مزج الأمونيا بكمية صغيرة من ثنائي ميثيل الإيثر (DME) يعطي وقوداً سائلاً، يتمتع بخصائص درجة حرارة احتراق منخفضة تشبه إلى حد بعيد احتراق البنزين.
يمكن أن يوفر تطوير هذا النوع من الوقود خياراً بالإضافة إلى السيارات الكهربائية للحصول على طاقة نظيفة في قطاع النقل.
وقود الأمونيا
الأمونيا عبارة عن جزيء يتكون من 3 ذرات هيدروجين، مرتبطة بذرة نيتروجين واحدة. من السهل نسبياً تسييله إذا كان بارداً أو تحت ضغط معتدل، ما جعل منه وقوداً صديقاً للبيئة، يمكن الحصول عليه بسهولة أكبر من الهيدروجين، بالإضافة إلى سهولة نقله وتخزينه، حيث يمكن نقل الأمونيا في خزانات رخيصة، مقارنة بالهيدروجين الذي تزيد تكلفة تخزينه بنحو 30 مرة.
على الرغم من أن الأمونيا تتكون من الهيدروجين إلا أن أنها تعطي طاقة أكبر بـ 70% من تلك التي نحصل عليها من الهيدروجين السائل، وما يقرب من 3 أضعاف الطاقة التي يعطيها غاز الهيدروجين المضغوط. تحتاج الأمونيا طاقة أقل للإنتاج مقارنة بالهيدروجين، لكن في المقابل، تزيد هذه الطاقة عن الطاقة المحددة لبطاريات الليثيوم اليوم بـ 20 ضعف، وهذا أكثر من كافٍ لتفسير أوجه القصور التي تظهر عند استخراج الطاقة من الأمونيا. وعند المقارنة بالديزل، فإن الديزل أفضل من الأمونيا في حالات الشحن لمسافات طويلة.
وبذلك، يمكن عند استخدام الأمونيا كوقود تخطي عقبة التخزين والنقل التي تواجه وقود الهيدروجين كوقود مستدام، وإنتاج وقود كثيف الطاقة خالٍ من الكربون.
طرق إنتاج الأمونيا كوقود
يوجد 3 طرق أساسية يمكن من خلالها استخدام الأمونيا كوقود:
تكسير الأمونيا
تتمثل الطريقة الأولى بتكسير الأمونيا إلى غاز الهيدروجين H2 وغاز النيتروجين N2، ثم استخدام الهيدروجين، إما كوقود احتراق أو لإنتاج الكهرباء عبر خلية وقود.
حرق الأمونيا مباشرة
الطريقة الثانية هي حرق الأمونيا مباشرة كوقود، ودمجها مع الأكسجين لإطلاق الطاقة، مع إنتاج غاز النيتروجين والماء كعوادم. لكن هذه الطريقة ليست بهذه البساطة، إذ لا تحترق الأمونيا في درجات حرارة منخفضة، لذلك عادةً ما يلزم استخدام وقود احتراق آخر بجانبها. أيضاً، إذا لم تتم إدارة عملية الاحتراق جيداً، فيمكنها إطلاق كميات كبيرة من أكسيد النيتروز، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية.
استخدام الأمونيا كوقود لخلية وقود أكسيد صلب
في الطريقة الثالثة، تُستخدم الأمونيا مباشرة كوقود لخلية وقود أكسيد صلب ذات درجة حرارة عالية، وتولّد النيتروجين والماء كمنتجات ثانوية. وهي الطريقة الأكثر كفاءة من سابقتيها لكن تكلفة إنتاجها عالية.
كاوست تنتج وقود الأمونيا بطريقة أكثر كفاءة واستدامة
أوضح الباحثون من جامعة كاوست في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية ساينس دايركت العلمية، أنه يمكن لخليط وقود مستدام منخفض الكربون، مشتق بشكل أساسي من الأمونيا المتولدة بطريقة متجددة، تشغيل الجيل القادم من محركات الاحتراق الداخلي (ICEs).
يقول الباحث "بينود راج جيري"، قائد الدراسة: "توفر الأمونيا كوقود نظرة مستقبلية واعدة للوصول إلى انبعاثات خالية من الكربون، لكن خصائصها تعيق تطبيقها المباشر في أجهزة الاحتراق".
تتميز الأمونيا النقية بدرجة حرارة اشتعال ذاتي عالية وحدود ضيقة من القابلية للاشتعال، ولتعديل خصائص الاحتراق هذه، مزجها الباحثون بوقود ثانوي، يوفر أفضل أداء من حيث تحسين الكفاءة وتقليل الانبعاثات قدر الإمكان.
استخدم الفريق مركب ثنائي ميثيل الإيثر DME الذي يحترق بشكل نظيف، مع درجة حرارة اشتعال ذاتي أقل بكثير من الأمونيا، ويمكن إنتاجه في دورة كربون صافية مستدامة.
يقول جيري: "لقد أظهرنا أن ثنائي ميثيل الإيثر يمكن أن يعزز بقوة سلوك احتراق الأمونيا وأن المزيج المناسب يمكن أن يكون وقوداً واعداً لتحقيق انبعاثات كربونية صافية صفرية".
اقرأ أيضاً: السعودية تبني «هيليوس» أكبر مصنع للوقود الهيدروجيني في العالم
يحاكي المزيج سلوك الاحتراق عند درجات الحرارة المنخفضة لوقود البنزين. فيقول جيري أيضاً: "يمكن أن يكون هذا المزيج الخاص مناسب جداً لمحركات الاشتعال بالشرارة التي تغذيها الأمونيا". ويمكن أيضاً أن يكون المزيج مناسباً لمحركات الاشتعال بالضغط التي تغذيها الأمونيا بتراكيز أعلى من ثنائي ميثيل الإيثر على الرغم من أن عدم استقرار اللهب قد يمثل مشكلة بالنسبة للمحتوى العالي من ثنائي ميثيل الإيثر عند ضغوط مرتفعة.
بالإضافة إلى ذلك، طور الباحثون نموذجاً كيميائياً حركياً لاحتراق المزيج بناءً على نتائجهم التجريبية. يمكن استخدام مثل هذه النماذج لتحسين تفاعلات محرك الوقود لتصميم محركات الاحتراق الداخلي عالية الكفاءة في المستقبل وتحقيق صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصفري.
سيستمر الفريق بدراسة إمكانية خلط مركبات أخرى مع الأمونيا مثل الهيدروجين والميثان والبروبين وثنائي ميثيل الإيثر وثنائي إيثيل الإيثر وثنائي ميتوكسي الميثان، للحصول على أكثرها كفاءة واستدامة.