خلال ستينيات القرن التاسع عشر، سرت إشاعة مفادها أن الفحم الحجري قد أصبح نادراً وأنه بات من الضروري البحث عن مصدر بديل للطاقة. دفعت هذه الإشاعة شارل فريتس لتطوير ألواح تولد الطاقة بالاعتماد على ضوء الشمس، وسنة 1885 تم تركيب هذه الألواح على سطح أحد مباني نيويورك وكانت أول مرة تستثمر فيها الطاقة الشمسية. بالتأكيد لم تكن تلك الإشاعة صحيحة وقد ثبت فيما بعد أن الفحم الحجري موجود وبكميات وفيرة. لكن اليوم، يعيش العالم حالة مماثلة، لكن هذه المرة بالاعتماد على الأرقام والتحليلات، فقد بات من المؤكد أن مصدر الطاقة الأول الذي هو البترول في طريقه للنضوب، والأمر الآخر الذي أصبح نادراً هو الهواء النقي الملائم للصحة. لذلك سارعت دول العالم لتبني سلة من الحلول، إحداها هي اعتماد الطاقة الشمسية.
خطوة صغيرة نحو هدف كبير
في 24 مايو الجاري، تم إطلاق مشروع لبناء أكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، تقدر كلفته بـ 3.2 مليار درهم، وسينفذ بالشراكة بين هيئة مياه وكهرباء أبوظبي بنسبة 60% وشركتي ماروبيني Marubeni اليابانية وجينكو سولار Jinko solar الصينية بنسبة 40%، ويأتي المشروع ضمن خطة حكومية تسعى لتنويع مصادر الطاقة وجعل 24% منها من الطاقة النووية والشمسية مع حلول سنة 2021، والهدف الأبعد هو تخفيض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار 1.1 مليار طن سنة 2030.
طاقة إنتاج كبيرة
سيتم بناء محطة التوليد بمنطقة سويحان على مساحة 7.8 كيلومتر مربع، وستتألف من 3 ملايين لوح شمسي، ومن المتوقع انتهاء المشروع سنة 2019، حيث ستكون المحطة قادرة على توليد 1177 ميجاواط من الطاقة الكهربائية وهو ما يعادل ضعف الطاقة التي تولدها أكبر محطة توليد طاقة شمسية بالعالم والموجودة بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية والتي تبلغ 555 ميجاواط. هذه الطاقة تكفي لإنارة 200 ألف منزل بأبوظبي.
نحو بيئة أفضل
يشكل هذا المشروع مساهمة مهمة من الإمارات بالخطة التي أقرتها اتفاقية باريس العام الماضي والتي ترمي لخفض الاحترار العالمي لما دون الدرجتين المئويتين. حيث أن هذه الخطوة ستخفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار 200 مليون طن، ولتوضيح ضخامة هذا الرقم، يكفي التنويه إلى أننا نحتاج لزراعة 17 مليون شجرة للحصول على تأثير مماثل.
مع ولادة كل يوم جديد، تتلقى كل دول العالم هدايا مجانية تأتيها من السماء، لكن قلة من هذه الدول هي التي تفتح يديها لتلقي الهدايا والاستفادة منها، بينما لا تأبه بقية الدول لتلك النعم التي تصلها بوفرة. قصة الإمارات مع استثمار الطاقة الشمسية هي مثال يحتذي لكل الدول التي تفكر بإكرام وفادة هذا الشعاع الشمسي الذي يقطع رحلة الـ 150 مليون كيلومتر محملاً بالطاقة والنور والدفء.