لك أن تتخيل مدينةً مستوحاةً من أفلام يوتوبيا الخيال العلمي؛ حيث الشوارع لا تعرف الزحام، والروبوتات المزودة بأنظمة الذكاء الاصطناعي تجوب الأزقّة والمباني لخدمتك أنت وبقية قاطني المدينة لتأمين أفضل سبل الراحة والعيش المرفّه؟ من إرشادك للطرق الأقل ازدحاماً إلى طبيبٍ صناعي ممكّن عملياً تحمله في ساعة يدك أو على مرآتك، يمكنك استشارته في أي وقتٍ وفي أي مكان.
وفوق كل هذا؛ تعيش في مدينة لا تعرف التلوّث، جميع مصادر طاقتها مستدامة وهواؤها خالٍ من الكربون بنسبة 100%. حسناً؛ هذا ليس سيناريو لفيلم خيالٍ علمي قادم؛ بل هو حقيقة سترى النور في السعودية عبر مشروع «ذا لاين - نيوم»، كما أوضحت الدكتورة مليحة الهاشمي؛ المدير التنفيذي لقطاع مستقبل الصحة والرفاهية في مشروع نيوم.
ما هي المدينة الذكية؟
يعيش الآن أكثر من نصف سكان العالم حالياً في مناطق حضرية، وبحلول عام 2050، فمن المتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى 68%؛ وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، ومع تزايد عدد السكان، واتساع الرقعة الحضرية على سطح الكوكب، تظهر تحديات جديدة؛ حيث تتطلع المدن إلى تحسين كل شيء من البنية التحتية إلى الاتصال، ويرى الكثيرون في ذلك فرصةً قابلةً للتطبيق في تطوير الأعمال وقطاعات الطاقة، والنقل، والموارد، والوظائف، والخدمات للسكان. نتيجةً لذلك؛ تشهد المدن تحولاً رقمياً؛ إذ تتحول إلى مدنٍ ذكية.
تعتبر المدينة "ذكية" عندما يمكنها جمع وتحليل كميات ضخمةً من البيانات من مجموعة متنوعة من الصناعات؛ من التخطيط الحضري إلى جمع القمامة. في المدينة الذكية، يجب بناء شبكة معقدة من الأجهزة ومستقبلات، ومرسلات الاستشعار والبرامج المترابطة وصيانتها، ويجب أن يسمح هذا للمدينة بأن تصبح بيئةً أكثر استدامةً وكفاءةً لسكانها.
يتم دعم المدن الذكية بعدة أنواع من التقنيات؛ بما في ذلك الأجهزة المادية المتصلة باستخدام شبكة إنترنت الأشياء، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات التي توفر البنية التحتية البرمجية لتلك الأجهزة، ونظام المعلومات الجغرافية؛ وهو نظام قائم على الحاسوب، ويعمل على جمع وصيانة وتخزين وتحليل وإخراج وتوزيع البيانات والمعلومات المكانية، يعمل كل منها معاً لجمع ووضع كميات هائلةً من البيانات لاستخدامها لتحسين المكونات والأنظمة التي تعمل داخل المدينة.
يتكون إطار عمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من العديد من الأجهزة ومستقبلات الاستشعار المتصلة بشبكة إنترنت الأشياء، ليمكنها نقل البيانات على الفور باستخدام التكنولوجيا اللاسلكية والسحابية؛ إذ يمكن مراقبة حركة المرور في منطقة معينة باستخدام أجهزة الاستشعار بدلاً من طاقم الشرطة أو عبر الكاميرات.
كما يمكن لتطبيقات إنترنت الأشياء المتصلة بالشبكة تلقي بيانات حركة المرور هذه وتحليلها وإدارتها في الوقت الفعلي وإرسال تقاريرها للمنظّمين بشكلٍ دوري مستمر، ويمكن أيضاً استخدام هذه البيانات لفهم احتياجات المدينة المتغيرة باستمرار، والاستجابة لها بشكل أفضل بمرور الوقت، ويمكن أيضاً استخدامها لتحسين السلامة العامة.
تستفيد المدن الذكية كذلك من نظم المعلومات الجغرافية لأغراض التخطيط ورسم الخرائط، وكذلك لتحسين تنمية المدن، ونتيجةً لذلك؛ ستكون المناطق الحضرية قادرةً على إدارة الخدمات بفعالية عالية؛ ابتداءً من إدارة المياه، حتى الاستهلاك المفرط للطاقة، إلى إدارة النفايات.
قد تستخدم المدن الذكية أيضاً الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا «البلوك تشين» لأنظمة معينة؛ إذ تعمل بعض الشركات على جعل وقوف السيارات سهلاً وأكثر كفاءةً باستخدام مرافق موجهة بالذكاء الاصطناعي، كما تسمح بعض الشركات الأخرى لسكان المدن بشراء وبيع الطاقة لجيرانهم عبر تقنية البلوك تشين.
ومع مرور الوقت؛ يجب أن تكون المدينة الذكية الناجحة -من الناحية النظرية- قادرةً على الاستجابة للبيانات الواردة بفاعلية، وأن تزود نفسها بسلاسة وكفاءة بما تحتاجه المدينة ومواطنيها بدقة، دون إهدار أية موارد أو التسبب بأخطاء بشرية.
اقرأ أيضاً: هل أنت مستعد لدفع ثمن روبوت التنظيف الأساسي الجديد من رومبا؟
المدن الذكية والصحة العامة
سلطت جائحة كورونا الضوء على إمكانات المدن الذكية في تعزيز التأهب للوباء؛ إذ يمكن أن يساعد دمج تقنيات المدن الذكية؛ مثل الكاميرات الحرارية وأجهزة استشعار إنترنت الأشياء مع الذكاء الاصطناعي، في منع انتشار الأمراض المعدية.
على سبيل المثال؛ زودت دولة الإمارات شرطتها بخوذات ذكية مزودة بكاميرات حرارية، وأجهزة استشعار للتعرف على الوجوه، وقارئات لوحة ترخيص لتتبع ومراقبة المواطنين، وكان تحسين إدارة البيانات والخدمات الحكومية أمراً حاسماً أيضاً في أداء الدولة المبهر في مكافحة فيروس كورونا.
بينما جمعت كل من كوريا وسنغافورة خرائط عامة لحالات الإصابة بفيروس كورونا المؤكدة؛ مما سمح للمواطنين برؤية سجلات مواقع المرضى، والابتعاد عن مناطق تفشي المرض.
وقامت تايوان بدمج نظام الرعاية الصحية الوطني الخاص بها مع قاعدة بيانات الهجرة الخاصة بها؛ مما يسمح للمسؤولين الطبيين بإرسال تنبيهات في الوقت الفعلي إلى الأطباء، حول المرضى المعرضين لخطر أكبر للإصابة بالفيروس بناءً على تاريخ سفرهم، وأنشأ المطورون المحليون أيضاً لوحات معلومات عامة تصوّر الإمداد في الوقت الفعلي للأقنعة، وغيرها من المستلزمات في الصيدليات المحلية.
تلعب الهواتف الذكية؛ باعتبارها مكوناً أساسياً للمدن الذكية، دوراً مهماً في التعامل مع تفشي المرض، فأجهزة الاستشعار الحيوية المتقدمة، وقوة المعالجة المرتفعة، والاتصال عالي السرعة، تجعل تلك الأجهزة مرشحاً مثالياً لتعزيز اكتشاف مسببات الأمراض. على سبيل المثال؛ استفادت العديد من البلدان من نظام التتبع القائم على الهاتف الذكي، لفرض الحجر الصحي المنزلي.
وفي وقتٍ مبكر من الوباء؛ استفادت تايوان من تتبع الهاتف المحمول؛ من خلال استخدام نظام سياج رقمي يستخدم بيانات الموقع من الإشارات الخلوية التي تم جمعها بالفعل بواسطة شبكات الاتصالات، واستخدمت كوريا بياناتٍ من تتبع الهاتف عبر نظام تحديد المواقع العالمي، بالإضافة إلى سجلات بطاقات الائتمان وفيديو المراقبة، لتتبع تحركات مواطنيها وإبلاغ الجمهور إذا كانوا على اتصال بأي شخصٍ مصاب.
لقد أدى الوباء بلا شك إلى تسريع استخدام تكنولوجيا المدن الذكية في العديد من الأماكن حول العالم، ومن المحتمل أن نستمر في رؤية انتشار هذه الأدوات؛ حيث تسعى المدن إلى أن تصبح أكثر كفاءةً وترابطاً وسط أزمات الصحة العامة.
حركة النقل في المدينة الذكية
إدارة المرور
يمكن استخدام التكنولوجيا الذكية لربط المركبات والبنية التحتية والنقل العام والسكان لتحسين التنقل والسلامة؛ ذلك من خلال تجهيز الشوارع بأجهزة استشعار تتعقب البيانات على الطرق، وعبر سيارات المواطنين والهواتف الذكية؛ من أجل الحصول على بيانات تخص أنماط تدفق حركة المرور، وحواجز الطرق، وأعمال الطرق، وظروف الطريق، والمزيد.
أمستردام على سبيل المثال، تستخدم بالفعل نظاماً ذكياً لإدارة حركة المرور؛حيث تتم مراقبة حركة المرور في الوقت الفعلي، ويسمح هذا للمدينة ببث معلومات حول أوقات السفر الحالية على الطرق؛ مما يساعد سائقي السيارات على تحديد أفضل طريق يسلكونه في وقتٍ معين.
تم إنشاء منصة الابتكار «مدينة أمستردام الذكية» لتطوير حلول لمجموعة واسعة من القضايا الحضرية. تشمل المشاريع كل شيء؛ من بناء ملعب ذكي، إلى تحسين الشبكات الذكية، إلى إنشاء نظام مراسلة على مستوى المدينة.
قامت برشلونة أيضاً بدمج مكونات تكنولوجيا النقل الذكية في مدينتها؛ حيث سمحت البيانات التي تم جمعها من أنماط حركة المرور للمدينة، بتصميم شبكة حافلات جديدة وأكثر كفاءةً؛ إذ تستخدم المدينة تقنية المركبات الذكية للمساعدة في إدارة حركة المرور في مطار إلبرات، بمساعدة شركة المركبات الذكية؛ «سينس فيلدس»؛ وذلك عبر التحكم في حركة المرور في مناطق الوقوف قصيرة الإقامة الموجودة في محطات المغادرة، وكذلك في مناطق الحصول على سيارات الأجرة؛ إذ تم تقديم ما يسمى بـ«محطات التحكم» لجمع البيانات، عن عدد المركبات الموجودة في موقع ما عبر أوقات مختلفة.
مواقف السيارات
لا بدّ أنك اختبرت، ولو لمرة واحدة على الأقل؛ تجربة البحث للعثور على مكان لركن السيارة مهدراً وقتك ومجهداً بسبب الازدحام المروري، ومع استخدام التكنولوجيا الذكية، قد تصبح هذه مشكلة من الماضي.
يمكن استخدام المستشعرات المدمجة في الأرض لتحديد أماكن وقوف السيارات المتاحة أو المشغولة، ويمكن بعد ذلك لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء نقل هذه البيانات إلى منصة وقوف السيارات الذكية القائمة على المنصة السحابية؛ والتي يتم تجميعها في خريطة وقوف السيارات في الوقت الفعلي للمدينة.
حينها يمكن للسائقين سحب هذه الخريطة من خلال تطبيقٍ على هواتفهم يعرض أقرب أماكن وقوف السيارات المتاحة لهم؛ وبالتالي توفير الوقت والمال، وبالإضافة إلى ذلك؛ يمكن استخدام هذه التقنية لتنبيه مسؤولي حركة المرور بسهولة عند وقوف السيارة بشكل غير قانوني.
اقرأ أيضاً: دبي بالس: منصة المدينة الأذكى عالمياً
الحركة الخفيفة والسريعة
مع ازدياد الازدحام في المدن؛ لم تعد وسائل النقل الحالية -من السيارات إلى الحافلات إلى القطارات- قادرةً على مواكبة النمو السكاني. وفقاً لمؤشر «INRIX» العالمي لحركة المرور؛ خسر الأميركيون وحدهم 99 ساعة في المتوسط سنوياً، بسبب الازدحام المروري عام 2019، وفي العام نفسه؛ كلفت حركة المرور الأميركيين حوالي 88 مليار دولار، أو ما يقرب من 1400 دولار لكل سائق.
تعمل الشركات الناشئة على تطوير منصات مشاركة للدراجات الكهربائية والدراجات البخارية؛ والتي تخفف الازدحام من خلال العمل كبديل للسيارات لرحلات أقصر، وعن طريق المساعدة في توصيل الناس بمراكز النقل العام لرحلات أطول.
وبالفعل؛ تقدم شركات مثل «بيرد رايدس» و «لايم» رحلات سكوتر عند الطلب، بينما تقدم شركات مثل «إيكوفيلو»؛ ومقرها فرنسا، و«يولو بايكس»؛ ومقرها الهند، فرصةً لركوب الدراجات الكهربائية بدلاً من سيارات الأجرة.
مع الضغط على المدن لحل أزمة النقل وسط مخاوف متزايدة بشأن الانبعاثات الكربونية؛ تبرز حلول التنقل الصغير كبديل قوي لمزيج النقل العام الحالي؛ خاصةً وأن فيروس كورونا أثّر على ذلك القطاع بطبيعة الحال.
لا يزال هناك احتمال أن تكتسب الشركات الناشئة في مجال التنقل الصغير زخماً؛ حيث يبحث الناس عن بدائل النقل المفتوحة ذات الاستخدام الفردي، كما يمكن أن توفر الدراجات الهوائية والبخارية طرقاً أكثر أماناً للنقل؛ مما يسمح بالسير في الهواء الطلق، والتحكم في التباعد الاجتماعي، ووجود نقاط اتصال أقل؛ مقارنةً بوسائل النقل العام.
إدارة الأسطول
تستفيد شركات النقل ومشغلو أساطيل سيارات الأجرة من برنامج إدارة الأسطول وتقنية الاتصالات عن بُعد، لمراقبة مركباتهم في الوقت الفعلي؛ مما يساعد في تحسين المسارات وتقليل تكاليف الوقود وتقليل الانبعاثات، كما يمكن الاستفادة من البيانات التي تم جمعها من الشركات لتخطيط حركة المرور والتنبؤ بها بشكل أفضل؛ بما في ذلك تطوير ممرات الشاحنات.
سان خوسيه هي إحدى الأمثلة على كيف يمكن للمدينة الذكية الاستفادة من برامج إدارة الأسطول، وتضم المدينة 2750 مركبةً عامةً تغطي 250 منشأةً في المدينة، وتستفيد من برنامج إدارة الأسطول لمساعدة المدينة على تحسين أوقات الاستجابة لمكالمات المقيمين، وتتبع احتياجات صيانة المركبات باستمرار.
شركة أخرى تعمل على مثل هذه البرامج هي «فليتونومي»؛ إذ تساعد منصات التنقل القائمة على الذكاء الاصطناعي التابعة للشركة مشغلي أسطول سيارات الأجرة على توقع الطلب، وزيادة استخدام الأسطول وخلق تدفقات جديدة للإيرادات.
تقنية الاستشعار للمركبات
تشير هذه التقنية إلى الأجهزة -مثل أجهزة الاستشعار والرادار- التي تتيح للمركبات التواصل لاسلكياً مع المركبات الأخرى، أو مع أجهزة المشاة، أو البنية التحتية، ويعتمد نجاح هذه التقنية إلى حد كبير على تأثيرات الشبكة. على سبيل المثال؛ بمجرد توصيل عدد كافٍ من المركبات على الطريق وعبر البنية التحتية؛ يصبح من السهل التنقل في الطقس الخطير والحوادث والازدحام.
تقوم شركة «سافاري»؛ ومقرها كاليفورنيا، بتطوير أجهزة استشعار وبرامج مصاحبة لمساعدة المركبات على التواصل مع بعضها ونقاط البنية التحتية، كما تلقت الشركة استثمارات من شركة «SAIC» لصناعة السيارات؛ ومقرها الصين، بالإضافة إلى مسرّع من «إنفينيتي».
المدن الذكية المستدامة
يمكن تنفيذ مجموعة واسعة من حلول إنترنت الأشياء في المدن لتحسين كفاءة الطاقة؛ إذ يمكن أن تقلل إضاءة الشوارع الذكية من استهلاك الطاقة؛ من خلال إبقاء الضوء خافتاً عندما لا تكون هناك سيارات أو أشخاص في الجوار، ثم تضيء عندما تكتشف المستشعرات أن شخصاً ما قادم. أنشأت شيكاغو برنامجاً لاستبدال 270 ألف مصباح بمصابيح LED مزودة بأجهزة تحكم ذكية؛ مما يوفر للمدينة ما يقدر بنحو 10 ملايين دولار سنوياً من تكاليف الطاقة، ووفقاً لتقرير «Navigant Research»؛ من المتوقع نشر 73 مليوناً من مصابيح الشوارع الذكية المتصلة بحلول عام 2026 في جميع أنحاء العالم نظراً لنجاح التجربة في توفير الطاقة.
تشمل الطرق الأخرى لتعزيز كفاءة الطاقة الاستفادة من أشكال الطاقة -مثل الحرارة والنفايات- التي قد يتم إهمالها غالباً، وبالنظر إلى مدينة سيول- على سبيل المثال، فإنها حولت المرافق الخاصة باستعادة الموارد المحلية من النفايات الحضرية لديها إلى بخار لاستخدامها كمصدر بديل للطاقة.
يمكن للمدن الذكية أيضاً تعزيز الطاقة المتجددة من خلال السماح لمالكي الطاقة الشمسية على الأسطح بالبيع لبعضهم البعض، أو عن طريق تشغيل شبكات صغيرة يمكنها إنتاج الطاقة في الموقع.
مراقبة البيئة
من خلال استخدام شبكات الاستشعار اللاسلكية؛ يمكن للمدينة الذكية جمع، وتحليل البيانات المتعلقة بالعوامل البيئية؛ مثل درجة الحرارة والرطوبة وجودة الهواء؛ كل ذلك في مناطق محددة من المدينة، وهذا مهم بشكلٍ خاص لتقليل مستويات تلوث الهواء داخل المناطق المكتظة بالسكان.
أفادت منظمة الصحة العالمية أن ما يقدر بنحو 92% من سكان العالم يعيشون في مستوى تلوث مرتفع يفوق الموصى به وارتباط ذلك بوفاة حوالي 3 ملايين حالة كل عام بسبب تلوث الهواء الخارجي.
لمكافحة ذلك؛ تطبق المدن الذكية تقنيات مثل نظام «بوش كليمو لمراقبة المناخ»، لجمع معلومات عن جودة الهواء المحلية؛ حيث يجمع كل جهاز في جميع أنحاء المدينة قياسات جودة الهواء التي يتم إرسالها بعد ذلك إلى تطبيق متاح على المنصة السحابية، يتم تقسيمها إلى تحليلات لتراها الحكومة والجمهور.
يساعد هذا صانعي السياسات على تحديد المناطق التي تحتاج إلى معظم التحسينات البيئية، ويساعد الجمهور على تجنب المناطق التي قد تكون ضارةً بهم في أوقات معينة.
كما تهدف بعض الشركات إلى تقليل الأثر البيئي للمدن؛ من خلال مراقبة التلوث البيئي ونمذجة أنماط الطقس القاسية. تقوم شركة «إي ليتشنز»؛ ومقرها فرنسا، على سبيل المثال؛ بتطوير أجهزة استشعار لقياس تلوث الهواء، بينما تقوم شركة «جوبيتر إنتليجنس» بجمع وتحليل بيانات الأقمار الصناعية للتنبؤ بالطقس القاسي وتغيّر المناخ.
إدارة الطاقة
عادةً ما تقوم الأنظمة المختلفة داخل المبانى؛ مثل الإضاءة والمراقبة بالكاميرات والتحكم في المناخ والتهوية والحماية من الحرائق، بوظائفها بشكلٍ منفصل. أما المباني الذكية، فتحتوي على جميع هذه الأنظمة متصلة عبر شبكة إنترنت الأشياء؛ مما يسمح لها بالتواصل مع بعضها البعض والعمل معاً لجعل المبنى أكثر كفاءةً وأماناً قدر الإمكان من خلال عمليات الضبط المستمرة.
يمكن لأجهزة الاستشعار اكتشاف وقت خلو غرفة أو مكتب معين وتخصيص إضاءة أقل وموارد أقل لدرجة الحرارة لتلك المساحة؛ مما يقلل من إجمالي استهلاك الطاقة للمبنى ككل.
هذه المبادرات ضرورية للحد من البصمة الكربونية للمدينة؛ حيث تمثل المباني ما يصل إلى 70% من إجمالي استهلاك الطاقة داخل المدن و30% من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.
إدارة المخلفات
يمكن تنفيذ حلول إدارة النفايات الذكية لتحسين خدمات التخلص من النفايات، وتقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين الاستدامة من خلال أوعية النفايات الذكية المزودة بأجهزة استشعار تقيس مستوى التعبئة. عندما تكون الحاوية ممتلئةً، يمكنها على الفور إرسال هذه المعلومات إلى مركز التحكم؛ والذي يمكنه بعد ذلك توجيه مسار شاحنات جمع النفايات إلى المواقع ذات الصناديق الممتلئة، وتخطي المناطق الفارغة؛ وهذا بالضبط ما فعلته مدينة سانتاندير الإسبانية.
يمكن أن تساعد الصناديق الذكية أيضاً في تشجيع ومراقبة معدلات إعادة التدوير، ففي ميدان «تايمز سكوير» في مدينة نيويورك، تم تنصيب ما يقرب من 200 محطة ذكية للنفايات وإعادة التدوير مع ضغط مدمج، وأجهزة استشعار الامتلاء، وإشعارات التجميع، وقد أدى ذلك إلى معدل إعادة تدوير أفضل بنسبة 40%.
تتطلع الشركات الناشئة أيضاً إلى زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف في جمع النفايات الحضرية ونقلها ومعالجتها. على سبيل المثال؛ تعمل شركة «إي إم بي روبوتيكس» على تطوير رؤية الكمبيوتر والتعلم الآلي لمراكز إعادة التدوير؛ حيث يمكن لتقنيتها تحديد المواد وفرزها بشكلٍ أسرع من البشر.
إدارة المياه
يمكن لتقنيات المياه الذكية أن تساعد في تحسين مصادر ومعالجة وتسليم هذا المورد الأساسي، فمن خلال تتبع أنماط الاستهلاك لكل من المرافق والمستخدمين النهائيين، يمكن للمدن تحسين وتقليل هدر المياه وتكاليف التوصيل.
تستطيع أجهزة الاستشعار تنبيه إدارة المدينة تلقائياً إلى تسرب المياه حتى تتمكن من إصلاحها في أسرع وقت ممكن، كما يمكن لأنظمة المياه الذكية أيضاً قياس هطول الأمطار وتوفير تحليلٍ للفيضانات في الوقت الفعلي لتقليل الخسائر وإرسال التحذيرات والمساعدات للمناطق المنكوبة.
على سبيل المثال؛ قامت مدينة كاستيلون بإسبانيا بتجربة منصة مياه ذكية لتقليل تكاليف المرافق وتحسين الموارد عبر عدادات المياه الذكية المجهزة بأجهزة استشعار بعيدة المدى.
وتعمل العديد من الشركات على تحسين طريقة تنظيف مياه المدن للمياه وتوزيعها وإعادة تدويرها؛ إذ تشمل الحلول منصات الإدارة التي تدعم السحابة؛ مثل «APANA»، ومراقبة جودة المياه التي تعتمد على البيانات، مثل «أكواجينيويتي».
الخدمات العامة في المدن الذكية
من المؤكد أن كلاً منا اشتكى من بطء سير الخدمات الحكومية وقلة فاعليتها في العديد من المدن؛ لكن باستخدام التكنولوجيا الرقمية؛ يمكن تبسيط الخدمات العامة بعدد من الطرق المبتكرة.
اعتادت مدينة بوينس آيرس الاعتماد على نظام خط هاتفي ساخن غير فعال؛ حيث يتعين على المواطنين تسجيل شكوى أو طلب خدمات عامة. استغرق الأمر 600 يوماً في المتوسط لحل المشكلات؛ لكن تحولت المدينة منذ ذلك الحين إلى تطبيق جوّال حيث يمكن للمواطنين التقاط صورة للمشكلة، من حفرة كبيرة في الطريق تحتاج الردم، إلى ممتلكات عامة مُخربة تحتاج إلى إصلاح، كما أن المملكة العربية السعودية قدمت تطبيق بلدي لتمكين المواطنين من التقاط صور ورفع شكاوى للبلدية.
يقوم التطبيق، باستخدام نظام معلومات جغرافية متكامل، بإرسال موقع ومعلومات الشكوى إلى الوزارة على الفور، ويتم تعيين العمل إلى أقرب عامل يمكنه حل المشكلة.
بمجرد حل المشكلة؛ يقوم مفتش شوارع المدينة بالتحقق من صحة العمل المكتمل وتحميل صورة للمشكلة التي تم حلها إلى تطبيق الهاتف المحمول، حتى يتمكن المواطنون من رؤية المشكلة وقد تم إصلاحها، ويمكن للمواطنين حتى تصنيف الخدمات العامة بناءً على مدى رضاهم عن جودة العمل، بحيث يمكن للحكومة أن ترى أين يمكن أن تتحسن. انخفض متوسط الوقت اللازم لحل الشكوى في بوينس آيرس منذ ذلك الحين بنسبة 93% دون زيادة في الميزانية.
كما طور مكتب الخدمات البلدية في سنغافورة تطبيقاً مركزياً للجوال يسمى «ون سيرفس»؛ حيث يمكن للجمهور الوصول إلى الخدمات عبر 11 وكالة حكومية و 16 مجلساً محلياً؛ وكل ذلك من خلال هواتفهم المريحة.
وفي عام 2007، أطلقت مدينة سيول الكورية مركز اتصال «120 داسان». بدلاً من الاتصال بأرقام مختلفة للوصول إلى مختلف المكاتب الحكومية أو المحلية؛ يمكن للمواطنين فقط الاتصال بالرقم 120 للتحدث مع عامل الهاتف؛ سواء كانوا بحاجة إلى معلومات حول المواقع السياحية أو وسائل النقل العام أو الترجمة الفورية أو حجوزات الضيافة أو أكثر. تحتوي قاعدة البيانات المركزية أيضاً على 13000 قضية مدنية؛ مما يسمح للمشغّلين بالبحث عن إجابات على الاستفسارات بسرعة.
يساعد هذا النظام المركزي في إدارة شكاوى المواطنين، ويتعامل ليس فقط مع المكالمات؛ ولكن أيضاً الرسائل النصية والمراسلات واستفسارات وسائل التواصل الاجتماعي. علاوةً على التعامل مع الاستفسارات المحلية، فقد ساعد أيضاً في توسيع إمكانية الوصول إلى الخدمات الحكومية للسائحين الأجانب أو ضعاف السمع.
تجارب مدن ذكية عربية يُحتذى بها
مع اكتظاظ المدن العربية بالسكان بمعدلٍ أعلى من نظيراتها العالمية، ومع اهتمامٍ أقل بالأرياف؛ تقع المسؤولية الأكبر على عاتق الحكومات العربية لمواكبة التطور واللحاق بركب المدن الذكية حول العالم؛ إلا أن هناك بعض المشاريع التي أثبتت مكانتها وجدّيتها في الانتقال الذكي في المنطقة، بالإضافة إلى المشاريع والرؤى لمدنٍ جديدة كلياً لن يأخذها الأمر كثيراً لترَ النور؛ نستعرض منها:
إدراج مدن دبي وأبو ظبي والقاهرة والرباط والرياض ضمن قائمة مؤشر المدن الذكية الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية؛ الذي ينظر إلى المدن الكبرى ويصنفها وفق مؤشره، بالإضافة إلى الشروع بتحويل مدنٍ كبرى مثل عمّان والمنامة والعاصمة تونس إلى مدن ذكية.
ولم يتوقف طموح العرب هنا؛ بل شرعوا بتطبيق مشاريع ومبادرات لإنشاء مدناً ذكيةً من الصفر؛ لعلّ أبرزها مدن مصدر ودبي المستدامة في دولة الإمارات، ومدينة سيدي عبد الله في الجزائر، والعاصمة الإدارية الجديدة في مصر ومدينة نيوم بالمملكة العربية السعودية.
وفي إطار سعي الحكومات للنهوض بمدنها ووضعها في واجهة العالم؛ أطلقت منظومة الشؤون البلدية والقروية السعودية مبادرة «تطبيق مفاهيم المدن الذكية»؛ وهي إحدى مبادرات التحول البلدي المنبثق من برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة التطويرية 2030. تهدف المبادرة بشكلٍ أساسي لرفع مستوى رضا السكان وتوفير سبل العيش الكريم، وتعزيز تنافسية المدن والاستدامة الحضرية، وتحسين كفاءة إدارة المدن، وتحسين معدلات مؤشرات الازدهار فيها، وخفض الآثار البيئية السلبية، وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، وإيجاد فرص العمل.
واستهدفت المنظومة تطبيق مفاهيم وعناصر المدن الذكية التي أسلفناها في خمس مدنٍ سعوديةٍ بحلول العام 2020، بالشراكة مع القطاع الخاص؛ وهذا ما بدأ العام الفائت بالفعل؛ مشيرةً إلى أن هذه المبادرة تمثل إحدى المبادرات المهمة للوزارة لاستكمال مشروع دراسة مكونات المدن الذكية، وتعميمها وتفعيل تطبيقها على كافة مدن المملكة.
وبالحديث عن السعودية؛ لا بد من الإشارة إلى مشروع «ذا لاين» في نيوم؛ وهو مشروع تطوير حضري. مدينة ذكية بطول 170 كيلومتراً خالية تماماً من الكربون، لن يكون فيها سيارات ولا شوارع، سيتم تقسيم المدينة إلى عُقد؛ إذ يمكن الوصول إلى جميع الخدمات اليومية في غضون 5 دقائق سيراً على الأقدام، كما ستكون طاقة المدينة بأكملها معتمدةً على الطاقةً المتجددة.
ستتكوّن المدينة الطولية من ثلاث طبقات؛ واحدة على السطح مخصصة للمشاة، وواحدة تحت الأرض للبنية التحتية، وأخرى تحتها للنقل، وستشمل طبقة النقل نظام سكك حديدية سريعاً للغاية؛ يسمح للناس بالانتقال من إحدى جوانب المدينة إلى الجانب الآخر في غضون 20 دقيقة فقط، كما سيقوم الذكاء الاصطناعي بمراقبة المدينة واستخدام النماذج التنبؤية والبيانات لمعرفة طرق تحسين الحياة اليومية للمواطنين هناك.
وفي حديث الدكتورة مليحة الهاشمي؛ أوضحت أن نيوم تتخذ نهجاً غير مسبوق فيما يتعلّق بالرعاية الصحية للمواطنين، بعيداً عن مراكز تقديمها الخاصة؛ بل من راحة منازلهم ومكاتب أعمالهم؛ ذلك من خلال التكنولوجيا وأجهزة القياس والمراقبة المثبتة في ساعات المواطنين ومرافقهم -مثل المرايا-، والمتصلة مع بعضها البعض بواسطة إنترنت الأشياء، ومع قواعد بيانات مراكز الرعاية الصحية لتستمر بالتحديث وإعلام المواطنين ببياناتهم الصحية والوراثية في الوقت الفعلي، بالإضافة إلى الدكتور «نيوم»؛ وهو طبيب ذكاء اصطناعي معزّز علمياً وُجد ليقدم لك المشورة الطبية أينما كنت وفي أية وقت.
ولن تقتصر جودة النظام الصحي في نيوم على ذلك؛ بل أنها ستحدّ من دور المشفى كذلك إذا ما تطلب الأمر زيارةً شخصيةً للكشفِ عن حالةٍ مرضيةٍ ما؛ حيث ستصبح زيارته خياراً أخيراً بالنسبة للمرضى أو المراجعين؛ ذلك في ظل الاستعاضة عنه بمراكز صحية محلية فيها كافة الأخصائيين من الأطباء إلى المعالجين الفيزيائيين والنفسيين الذين يعملون جميعاً لتقديم رعايةٍ صحية كاملة الأركان في مركزٍ لا يبعد عنك سوى بضعة دقائق أينما كنت.
شاهد أيضاً: مدينة نيوم المستقبلية
التحديات والانتقادات
التكنولوجيا الذكية التي يتم تنفيذها في المدن لديها القدرة على توفير كميات هائلة في التكاليف. في الواقع؛ ووفقاً لدراسة أجراها فريق «ABI Research» للاستشارات السوقية؛ يمكن توفير ما يقدر بـ5 تريليون دولار سنوياً من قبل الحكومات والشركات والمواطنين في جميع أنحاء 75 مدينة ذكية مجتمعة بحلول عام 2022.
ومع ذلك؛ تحتاج المدن أولاً إلى استثمار مبالغ كبيرة من المال في هذه المشاريع قبل أن تبدأ في السداد، ويعد الافتقار إلى التمويل المناسب عائقاً كبيراً يمنع العديد من المدن من التحرك نحو تطبيق التكنولوجيا الذكية. علاوةً على ذلك؛ يعد بناء البنية التحتية الجديدة للمدن الذكية عمليةً معقدةً تستغرق سنوات حتى تكتمل، وتتطلب بحثاً شاملاً قبل اتخاذ مثل هذه القرارات الكبيرة والمكلفة؛ خاصةً وأن كل مدينة يجب أن تطوّر خطة عمل فريدة خاصة بها. الحلول الذكية المناسبة لمدينةٍ في مصر، على سبيل المثال، ستبدو مختلفة تماماً عن مدينة في اليابان.
كما تم توجيه بعض الانتقادات حول الجوانب السلبية المحتملة التي يمكن أن تشكلها المدينة الذكية، فنظراً لأن المدن الذكية تعتمد على الحصول على البيانات وتسجيلها وتحليلها، فهناك مخاوف تتعلق بخصوصية المواطنين. لذا؛ يجب على الهيئات الحكومية التي تجمع كل هذه المعلومات استخدام ممارسات شفافة للمساعدة في طمأنة الجمهور بعدم إساءة استخدام بياناتهم من خلال بيعها على سبيل المثال إلى أطراف ثالثة؛ مما يعتبر انتهاكاً كبيراً للخصوصية، ولذا يجب أن يكون هناك إجراءات حماية صارمة للخصوصية ومعروفة للسكان.
هناك أيضاً احتمال أن تتم سرقة البيانات العامة من قبل المتسللين؛ مما قد يمثل تهديداً كبيراً لسلامة وأمن الأفراد والهيئات الحاكمة وحتى المدينة نفسها. إذا لم يتم تشفير التكنولوجيا الذكية بشكلٍ آمن أو بدون حماية أمنية قوية؛ يمكن للمتسللين التلاعب بالأجهزة في جميع أنحاء المدينة.
رغم أننا اعتدنا على مشاهدة الفكرة في أفلام الآكشن؛ إلا أنه بالفعل، من الممكن أن يقوم شخصٌ محترف من اختراق إشارات المرور الذكية والتحكم بها وتحويلها كلها إلى اللون الأحمر، على سبيل المثال؛ مما يؤدي هذا إلى إحداث دمار في المدينة؛ حيث ستبدأ السيارات حتماً في تشغيل الأضواء الحمراء، مما يؤدي إلى وقوع حوادث، بينما سيتم منع سيارات الطوارئ مثل الشرطة وسيارات الإسعاف من الوصول إلى وجهاتها، وأثبت باحثٌ أمني أن هذا كان ممكناً في واشنطن العاصمة عندما نجح في اختراق النظام بنفسه.
لذا؛ سيكون إعطاء أولوية عالية للأنظمة الأمنية القوية أمراً ضرورياً للمدن الذكية، وإلا فإن مثل هذه الثغرات قد تجعلها عرضةً لجميع أنواع الأحداث الكارثية والمكلفة المحتملة؛ لكن في النهاية؛ يعد تطوير وتنفيذ أنظمة التكنولوجيا الذكية في جميع أنحاء المدن حول العالم اتجاهاً لا مفر منه لمساعدة المدن على أن تصبح أكثر كفاءةً واستدامةً.
لا يزال أمامنا طريق طويل لبناء بنية تحتية جديدة وإتقان الابتكارات التكنولوجية فيها قبل تشغيلها، ومع ذلك، فهناك جوانب من أنظمة التكنولوجيا الذكية المعمول بها تعمل بنجاح في العديد من المدن حول العالم، تبين خلال تعامل العديد من البلدان أثناء جائحة كورونا.
ومع بعض أكبر الشركات والمؤسسات والحكومات التي تعمل معاً للاستثمار في المدن الذكية وتطويرها، يمكننا أن نتوقع رؤية المناطق الحضرية تستمر في التطور والتحول بمرور الوقت.
اقرأ أيضاً: يوماً ما، قد تتمكن الملابس الرياضية المبللة بالعرق من تشغيل الأجهزة الإلكترونية