من المرجّح أن الهاتف يحمل الكثير من البكتيريا والعوامل الممرضة، وربّما أكثر مما تحويه بعض الأماكن الملوثة في محيطك. وفي عصر السفر والتجارة عبر العالم، أصبح العالم قرية صغيرة، وبات من المهم جداً الآن الحدّ من طرق العدوى المحتملة، وإيقاف انتشار البكتيريا والفيروسات من شخصٍ إلى آخر. يتضمن هذا الحرص على ألا تنقل الهواتف الذكية أي جراثيم قد تصيب الناس بأمراض خطيرة.
وبالإضافة إلى العوامل الممرضة الخطيرة التي قد يحملها الهاتف المُلّوث، يمكن أن يؤدي الغبار والملوثات التي تتراكم حول أزرار وفتحات الهاتف إلى صعوبة استخدامه. كما أنّ مظهر الشاشة التي تبدو عليه بصمات الأصابع واللطخات الزيتية غير مُستحب أيضاً.
يقول «بول تورنر» عالم الأحياء الدقيقة، والأستاذ في جامعة ييل: «باختصار، لديك الكثير من الأسباب لتنظيف هاتفك بانتظام. ليس أثناء الأوبئة فقط، لكن عليك التفكير بالحفاظ على هاتفك نظيفاً من البكتيريا طوال الوقت».
في الواقع، لا يبالي الكثير منا بنظافة الهاتف، على الرغم من أنه أكثر الأدوات التي نستخدمها ونحملها معنا في كل مكان. يقول تورنر: «هذا يدعو للقلق نوعاً ما. يمكن أن يلتقط الناس بعض الجراثيم المسببة للأمراض من خلال هواتفهم، حيث تعيش تلك الجراثيم عليه فترة من الوقت».
خذ مثلاً فيروس كورونا، ما يزال العلماء يبحثون على أدلّة دامغة حول مدى بقائه على مختلف الأسطح، لكّن الأبحاث الأولية تُشير إلى أنه يمكنه البقاء على الأسطح البلاستيكية أو الفولاذية لمدة يومين إلى ثلاثة أيام. أي أنه قد تغسل يديك جيداً، ولكّنك ستلتقط الفيروس بعد أن تمسك هاتفك مباشرة إذا كان ملوثاً.
يقول تورنر: «يمكنك أن تقوم بكلّ ما يلزم لوقاية نفسك بشكلٍ صحيح؛ مثل غسل يديك والابتعاد عن الناس، ولكّن إذا كان هناك سطحٌ ملوّث في منزلك أو جيبك، فإن هناك احتمال ما زال قائماً بأن تلتقط الفيروس».
من العوامل التي تخفّف قلقنا من هذه الناحية هو أننا عادةً وحدنا من يتعامل مع أجهزتنا، لذلك فإن احتمال نقل الهاتف للعدوى ليس بنفس الدرجة كما في حالة مقبض باب المكتب مثلاً. ومع ذلك، يأمل تورنر أن تؤدي زيادة الوعي بخطورة الفيروسات إلى أن يبدأ الجميع في تنظيف أجهزتهم بشكلٍ منتظم، ويوصي بتنظيف الهاتف الذكي كل 3 أيام تقريباً.
يقول تورنر: «لا يقوم كثيرٌ من الناس عادة بتنظيف هواتفهم رغم أن ذلك لا يستغرق سوى بضع ثوان. هناك الكثير من البكتيريا والفيروسات التي يمكن أن تبقى لعدّة أيام عيها وقد تسبب لك الأمراض».
تنظيف الهاتف الذكي
بالنظر إلى أن معظم هواتفنا مقاومة للماء ومصممةً لتحمّل بعض الصدمات، فإن تنظيفها ليس بالأمر الصعب، وغالباً لا تحتاج لاستخدام أدوات غالية الثمن لتنظيفها. كما يفضّل عدم استخدام منتجات التنظيف العادية، وأي موادٍ يمكن أن تخدش سطح الهاتف.
قم بإيقاف تشغيل الهاتف في البداية، ثم إزالة أية ملحقاتٍ به، مثل كابل الشحن أو سمّاعات الرأس. إذا كنت تستخدم واقياً للهاتف (جراب هاتف) قم بإزالته أيضاً كي تتمكّن من تنظيف جميع أجزاء هاتفك.
بعد ذلك، ستحتاج إلى قطعة قماشٍ ناعمة خالية من الوبر. توصي شركة آبل باستخدام قطعة قماشية مماثلة لتلك المستخدمة لتنظيف عدسات النظّارات، ولكّن يمكنك استخدام أي شيء مشابه لا يؤدي لخدش الهاتف؛ مثل الأقمشة الناعمة المصنوعة من الألياف الدقيقة.
بلل قطعة القماش بالقليل من الماء، ثم امسح الجزء الأمامي والخلفي من الهاتف باستخدام حركات دائرية منتظمة لإزالة الأوساخ المتراكمة. من الجيد أن تُبقي الطرف الآخر من قطعة القماش جاف، أو أن تكون قطعة قماش جافة منفصلة في متناول اليد لإزالة الرطوبة الزائدة، خصوصاً بالقرب من المنافذ والأزرار. فقد يتسرّب الماء إلى داخل الهاتف، ويصيبه بالأعطال.
إذا كان هاتفك مقاوم للماء تماماً (تحقّق من المواصفات)، فلا تتردد في غمر هاتفك في وعاءٍ من الماء النظيف لمدة دقيقة أو دقيقتين. ثم يمكنك مسح الرطوبة الزائدة بقطعة قماش، وتنظيف الهاتف بنفس الوقت.
يقول تورنر: «لتضمن أن هاتفك قد تم تنظيفه بشكلٍ أفضل، يمكنك استخدام بعض المناديل الورقية أو مناديل الأطفال، أو حتى القليل من الصابون السائل. إذا أردت تنظيف الجهاز بالمناديل، فاستخدمها باعتدال واحرص على أن تكون مناسبة للاستخدام مع الأجهزة الكهربائية. وإذا لم تكن كذلك، فإن استخدام قطعة قماش بعد غمرها بالماء والصابون سيفي بالغرض».
ويضيف: «لمكافحة الفيروسات؛ يعدّ استخدام الماء والصابون الطريقة المفضلة لإزالة أي فيروسات قد يحملها الهاتف. يمكن استخدام المعقمّات الشائعة، لكن الخبراء يعتقدون أنها أقل فعالية».
يوصي بعض الخبراء أيضاً بخلط كميةٍ من الكحول (مثل كحول الأيزوبروبيل 60 - 70%) مع كمية مماثلة من الماء للحصول على محلول معقّم. بلل قطعة القماش بقليلٍ من هذا المحلول، وقم بتنظيف هاتفك بها للتخلّص من أي بكتيريا أو فيروسات قد تكون ما تزال على هاتفك، وطالما أنّك تستخدم هذه المواد بكمياتٍ صغيرة، وتتجنّب استخدام المواد الكيميائية، فذلك لن يعرّض الهاتف لأية أضرار.
في الواقع، لقد قامت شركة آبل مؤخراً بتحديث توصياتها حول تنظيف الهاتف، وأشارت إلى أنّه يمكن، بالإضافة إلى الماء، استخدام المناديل المُشبعة بالكحول الإيزوبروبيلي بنسبة 70%، ومناديل الكلوروكس المُطهرة على أجهزة آيفون طالما أبقيت الرطوبة بعيدة عن المنافذ والأزرار.
بعد الانتهاء من مسح الهاتف، يمكن استخدام الأعواد القطنية والنفخ بقوة لإزالة الغبار والحبيبات العالقة في منافذ الهاتف. تجنّب استخدام علب الهواء المضغوط لأنها يمكن أن تتلف قطع الهاتف الداخلية.
إذا لم يعد الهاتف يشحن بالسرعة المُعتادة، فقد تكون الأوساخ والغبار المتراكم حول منفذ الشحن هي السبب بذلك. مرة أخرى، يمكنك استخدام قطعة قماش مصنوعة من الألياف الدقيقة، واستخدام طرفها الدقيق لإخراج أية أوساخ أو أتربة متراكمة، أو يمكن لفّ جزء منها حول أي أداةٍ دقيقة الطرف؛ مثل عيدان تنظيف الأسنان، للقيام بذلك.
ما قدمناه هنا نصائح عامة، ولكننا نوصي بالبحث عبر الإنترنت عن أي تعليمات خاصة بهاتفك. قد يكون لدى الشركة المصنعة لجهازك بعض النصائح الخاصة التي لا تنطبق على كلّ الأجهزة، أو تحذيراتٍ معينة حول تجنب بعض الأشياء التي قد تؤذي هاتفك.
بعد الانتهاء من عملية التنظيف، اترك هاتفك لبعض الوقت حتّى يجف بشكل طبيعي. عندها يمكنك تشغيله مرة أخرى ووضعه في الحافظة (الجراب) ووصل الملحقات. من المفيد أيضاً وضع الهاتف على منشفة ورقية لتسريع جفاف الرطوبة الزائدة.
هناك بعض الحلول التي توفّر تنظيفاً أكثر شمولاً، كأن تعرّض هاتفك للأشعة فوق البنفسجية التي يمكنها أن تقتل أنواعاً معينة من البكتيريا على جهازك. يمكنك شراء جهاز التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية والمُخصص لتعقيم الهواتف الذكية مثل جهاز «فون صوب» مقابل 80 دولار. كما يمكنك شحن الهاتف أثناء عملية التعقيم أيضاً.
لا تزال هناك بعض الشكوك حول مدى فعالية مصابيح الأشعة فوق البنفسجية في تعقيم الهواتف الذكية، لكن إذا كنت قادراً على تحمّل تكلفة هذا الجهاز، سيكون وسيلةً إضافية جيدة للحفاظ على نظافة هاتفك.