منذ إعلان مارك زوكربيرج عن الاستعداد لإطلاق عملة فيسبوك الرقمية "ليبرا"، خرجت العديد من المشاكل والأزمات في طريق العملة، منها ردود فعل دولية رافضة ومخاوف اقتصادية وأمنية، وأخرها انسحابات المؤسسات المالية الموثوقة، وظهور منافس مثالي لقتل العملة قبل أن تخرج إلى النور.
مخاوف محلية واقتصادية
بدأ الأمر في نطاق الدولة التي ستخرج منها العملة، الولايات المتحدة باعتبارها مقر ومنشأ فيسبوك، إذ هناك مخاوف من أن العملة التي سيطلقها فيسبوك ستؤثر بشكل كبير على الحركة الاقتصادية في الدولة، باعتبار أن فيسبوك واحدة من أهم وأكثر وأوسع منصات التواصل الاجتماعي انتشاراً في العالم، وهو ما سيكون له تأثير واضح على حركة التعاملات الاقتصادية فيما يخص التعاملات الدولارية.
لكن المخاوف الأميركية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تطرقت إلى مخاوف تتعلق بسيطرة جهة واحدة على عملة ستحقق انتشاراً، مما يعني كونها دولة اقتصادية داخل كيان الدولة الفعلي، وهو ما يشكل خطراً على حركة التوازن الاقتصادية الخاصة بالولايات المتحدة، وعمليات تحويل الأموال بين الدول.
أما عن النطاق الأوروبي فقد كانت فرنسا في طليعة التحركات الأوروبية الرافضة لإطلاق العملة والعمل بها داخل حدود الدولة، باعتبارها كياناً موازياً، أو ما أطلقت عليه "بنك الظل"، والذي تخشى فرنسا أن يتحول إلى وسيلة لتحويل الأموال بين الكيانات الإجرامية عبر الدول بطرق متخفية، مما يهدد الأمن القومي الفرنسي بحسب التصريحات الرسمية.
لذا كان القرار حظر العملة في فرنسا، مع توجيه مطالبات لمجموعة من الدول الأوروبية بحظر العملة كذلك.
انسحابات تفقد المصداقية
بدأ فيسبوك الإعلان عن المشروع بصفته برنامج يخضع لاتفاقيات مع العديد من المؤسسات الموثوقة دولياً، مثل ماستر كارد، وفيزا ، وباي بال، وسترايب وغيرها من المؤسسات المالية التي يمكن أن تضمن مصداقية العملة.
لكن الأزمات بدأت سريعاً تجاه المشروع، أولها كان انسحاب باي بال من المشروع بسبب ارتباط الشركة بأولويات أخرى تغنيها عن الدخول في أزمة العملة ذات المصير المجهول. وعلى الرغم من أن خروج باي بال لم يبدُ مؤثراً في البداية لبقاء البدائل المصرفية التي تتمتع بثقل كبير حول العالم، إلا أنه شكل المسمار الأول في نعش فقدان الثقة بالنسبة للعملة.
لكن لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلنت العديد من المؤسسات المشاركة في المشروع وهم ماستر كارد وفيزا وسترايب، وإي باي، وميركادو باجو انسحابهم من المشروع لاعتبارات إعادة التقييم، مما شكل ضربة قاصمة لمشروع فيسبوك حتى قبل أن يدخل في طور التنفيذ الفعلي، لكن حتى قبل انسحاب العمالقة الثلاثة، كانت ثمة ضربة في انتظار مارك زوكربيرج ستربك كل الحسابات.
البديل المثالي
أعلنت مجموعة من مطوري العملات المشفرة وتعدين البلوك تشين عن عملة جديدة في مؤتمر العملات المشفرة في اليابان بمدينة أوساكا وهي Openlibra والتي اتخذ مطوروها السخرية من فيسبوك شعاراً لهم، حيث كان شعار العملة "لا تُدار بواسطة فيسبوك"، لتشير إلى أن العملة الجديدة ستكون خارج حسابات التلاعب بالخصوصية التي تدخل فيها فيسبوك.
من أهم المميزات التي يطرحها مطوري العملة لجعلها مميزة عن عملة فيسبوك أنها لن تكون خاضعة لسيطرة مؤسسة فردية كما الحال في عملة فيسبوك، بل ستكون ضمن نظم تعدين العملات، وتحت إدارة مؤسسة تضم داخلها 100 كياناً من حول العالم ما بين كيانات اقتصادية وسياسية.
واحدة من الأمور الهامة التي اهتمت بها العملة الجديدة هي مسألة الرقابة الاقتصادية، فعملة ليبرا الخاصة بفيسبوك حددت قيماً مسبقة للعملة في مقابل العملات العالمية، مما يحولها بشكلٍ أو باخر إلى ما يشبه البنك المركزي المتحكم في حركة العملات على عكس المفترض وهو أن تخضع العملة لحركة السوق الفعلي من عرض وطلب، أما عملة "أوبن ليبرا" فستقدم جانباً مهماً يتماشى مع حركة العملات العالمية وليس العكس.
كما أن مسألة اللامركزية التي ترتكز عليها العملة والتي تتنافى مع مركزية التحكم من الكامل من فيسبوك والذي يحوله إلى بنك ظل مركزي بذاته، ستجعل من مسألة الرفض الحكومي الذي واجهته عملة فيسبوك مستبعداً بعض الشيء، لذا فمن الواضح أن مطوري "أوبن ليبرا" قد وضعوا كل الاحتمالات السيئة التي واجهتها عملة فيسبوك وخرجوا من دائرته.
والآن.. هل يمكنك توقع مصير عملة فيسبوك، أم أن الأمر لازال مجهولاً؟