تعج المواد الفنية الخيالية على اختلاف أنواعها بالروبوتات الشريرة، مثل السايلونات الشريرة في "باتل ستار جالاكتيكا"، والمستنسخات المنتقمة في "بلايد رانر"، والروبوتات المدمرة للبشرية في أفلام "تيرميناتور". وعلى الرغم من هذا، فقد بينت جميع هذه الروبوتات لتحقيق أهداف خيرة، ونتج كل هذا العنف منها نتيجة خطأ في التصميم، لا كهدف مقصود.
ولكن، ماذا لو لم تقع الكارثة بسبب خطأ بشري، بل بسبب ذكاء اصطناعي صممه البشر خصيصاً لأهداف خبيثة؟ تعنى إحدى الدراسات، التي مولها إيلون ماسك جزئياً، بالنظر في كافة الاحتمالات الممكنة للآلات التي صممت قصداً لتكون شريرة.
سُميت الدراسة: "بحث غير أخلاقي: كيف تصمم ذكاء اصطناعياً شريراً"، لرومان يامبولسكي من جامعة لويسفيل، ومستشرف المستقبل فيدريكو بيستونو، وهي ورقة بحثية قصيرة حول الأذى الذي يمكن أن ينتج من برنامج صمم بشكل متعمد لأهداف شريرة. أما سبب إجراء هذه الدراسة، فهو نفس السبب الذي طلبت لأجله داربا "وكالة الأبحاث والمشاريع الدفاعية المتقدمة" من الناس أن يخترعوا أسلحة جديدة بشكل فردي في منازلهم: حيث من الأفضل العثور على الخطر الآن، بإجراء أبحاث مسالمة، بدلاً من مواجهته لاحقاً عندما يفاجئنا بالهجوم علينا.
ماذا وجد بيستونو ويامبولسكي؟ قام الباحثان بوضع قائمة بالجهات التي يمكن أن تصمم ذكاء اصطناعياً شريراً. وتبدأ المجموعة ببنود مألوفة: الجهات العسكرية (التي تطور أسلحة إلكترونية وجنوداً آليين لتحقيق السيطرة)، والحكومات (التي تحاول استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق الهيمنة، والتحكم بالناس، وإسقاط الحكومات الأخرى)، والشركات (التي تحاول تحقيق الاحتكار، وتدمير المنافسة بالطرق غير القانونية)، إضافة إلى قراصنة المعلومات غير الأخلاقيين، والأشرار، والمجموعات الدينية التي تؤمن بقرب الدينونة، والمجرمين، وغيرهم. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يأتي من أماكن عديدة. ووفقاً للمؤلفين، قد يكون عبارة عن كود برمجي كتب بلا إشراف، أو برمجة مغلقة المصدر صممت ليراها عدد قليل من الأشخاص فقط، وهما وسيتان من الوسائل التي يمكن بها صنع ذكاء اصطناعي شرير بدون أن ينتبه أحد.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يقوم به الذكاء الاصطناعي الشرير فعليا للتسبب بالمشاكل؟ وفقاً لبيستونو ويامبوسكي، يقوم الذكاء الاصطناعي بإضعاف العمالة البشرية: يمكن للذكاء الاصطناعي الشرير أن يقدم خدماته للشركات، مستغلاً ميلها الطبيعي لزيادة إنتاجيتها وأرباحها، وبما أنه أكثر تنافسية وكفاءة من معظم العمال البشر، إن لم يكن جميعهم، فإنه يدفع بالشركات إلى الاستعانة به لتكاليفه القليلة للغاية، بدلاً من العمالة البشرية الأقل كفاءة والأعلى تكلفة.
لطالما كان خطر الأتمتة واستحواذها على الوظائف مشكلة مخيفة متوقعة. وقد كانت متوقعة منذ زمن لدرجة أنها مثلت الحبكة الرئيسية في R.U.R، وهي مسرحية تشيكية استخدمت فيها كلمة "روبوت" لأول مرة، ودخلت بعدها اللغة الإنكليزية.
توجد مخاوف أخرى تجاه الذكاء الاصطناعي لدى بيستونو ويامبولسكي غير الاستحواذ على وسائل الإنتاج، مثل الإطاحة بالحكومة من خلال انقلاب مبني على نشر معلومات كاذبة بين العامة، أو الاستيلاء على الأجهزة التشريعية باتباع أساليب من التمويل المبرمج بدقة، أو القضاء على البشرية إما عبر مرض تم تصميمه حديثاً، أو استخدام الترسانة النووية. أي أنه لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفعل بالبشر أسوأ مما فعله البشر مسبقاً أو يمكن أن يفعلوه بأنفسهم مئات المرات.
ليست هذه بالصورة المبهجة للمستقبل، ولكنها قد تؤمن لنا على الأقل قدراً من الراحة الواقعية: لن تفعل بنا الآلة أشياء أسوأ مما قد نفعله بأنفسنا.