قبل أن يفتح معرض الإلكترونيات الاستهلاكية أبوابه أمام جميع الحضور، يعقد منظموه يوماً صحفياً تُظهر فيه العديد من كبرى الشركات المصنعة إنتاجهم الاحترافي حيث يعرضون فيه منتجاتهم الجديدة ويعلنون فيه عن شراكاتهم الجديدة ويتيحون لنا أن نلقي نظرة على مستقبل التكنولوجيا. وهذا اليوم يساعد حقاً للإعداد الجيد للمعرض عند افتتاحه للعموم ويجعل الناس متحمسة جداً لتجريب بعض الأدوات الجديدة وتفحصها.
وفي هذا العام كانت شركة إل جي احدى أول الشركات في جدول المؤتمر الصحفي، وكان أحد منتجاتها الفاخرة الجديدة روبوتاً مساعداً يمثل المساعد المنزلي الرقمي الذي تقدمه الشركة واسمه كلوي CLOi وينطق مثل الاسم البشري العادي كلوي (Chloe) وبدلاً من أن يجعلنا هذا الروبوت نرى شركة إل جي تمثل مستقبل التكنولوجيا، كان الروبوت تذكيراً جيداً لمدى بعدنا الكبير عن الروبوتات الخدم ذاتية التشغيل التي وُعدنا بها.
يتمتع الروبوت كلوي بوجه إنساني بشكل غامض عليه مسحة من العذوبة المفرطة يشبه ما تراه في أحد شخصيات أفلام بيكسار. كان الروبوت مساعداً رقمياً في البداية، كما أراد ذلك المدير الرئيسي للتسويق في شركة إل جي ديفيد فاندر وال قبل أن يبدأ كلوي باستعراض انطباعاته المزاجية الصبيانية اللطيفة. توقف الروبوت عن الاستجابة أمام غرفة مليئة بالصحفيين التقنيين. لم يكن هذا التعثر مفاجئاً تماماً لأن الروبوتات تحتاج بعض الأمور مثل اتصال جيد بالشبكة والتحرر من التداخل اللاسلكي، وهما الأمران اللذان لا يوفرهما المعرض بشكل كاف. وحتى لو نجح الروبوت في العمل، لم يكن كلوي الروبوت الذي نحلم به؛ فهو مجرد رابط بين المستخدم وتكنولوجيا البيت الذكي ثينكيو (ThinQ) من إل جي، والتي تمثل مجموعة متنوعة من الأدوات الذكية مرتبطة معاً بشكل مفتوح وتنتشر هنا وهناك في أرجاء المنزل الذكي.
لكنني لا أريد هذا، أريد روبوتاً في منزلي ينجز عني بعض المهام. هل تتذكر ذلك المشهد في فلم روكي 4 (Rocky IV) عندما قدم ذلك الروبوت الفظيع لبولي كعكة عيد ميلاد؟ أين ذلك الروبوت؟
بقية الروبوتات
وللأسف لا يعزز التفحص الدقيق للروبوتات الأخرى المعروضة أملنا في الحصول على روبوت يخدمنا في المنزل.
ولربما كان الروبوت الأكثر قرباً لهذا الحلم هو أيولوس (Aeolus) وهو إنسان آلي يستطيع بالفعل القيام ببعض المهام المنزلية المملة مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية أو جلب الأغراض من الغرف الأخرى. ومع ذلك فهو للآن مجرد نموذج أولي لروبوت سيكون ثمنه غالياً جداً حتى لو تم إنتاجه بشكل تجاري للبيع في الأسواق.
وفي هذا المعرض أيضاً قدمت شركة ميستي روبوتيكس (Misty Robotics) منتجها روبوت ميستي 1. يوفر هذا الروبوت للمبرمجين التكنولوجيا اللازمة لبدء تخصيص إنسان آلي دون الاضطرار إلى صنع معدّات مادية له. ومع ذلك فحتى هذا الروبوت ما زال في مراحله الأولى وحتى مؤسسو الشركة أنفسهم يرون أن صنع روبوت مثل الروبوت روزي الخادمة لن يحدث إلا بعد عشر سنوات من الآن.
لكن ماذا عن الروبوتات الشبيهة بالبشر؟
لقد رأينا من قبل صوفيا الروبوت البشري الذي صنعته هانسن روبوتيكس (Hanson Robotics) سنة 2016. إن وجهها الذي يشبه الوجه البشري يعبر الخط الفاصل بين ما هو مثير للإعجاب وبين ما هو مرعب. وهذا العام حصلت صوفيا على جسد يستطيع بالفعل مشي بضعة خطوات. ومع أن خطواتها غير ثابتة وغير عملية تماماً، إلا أنها تستطيع المشي بضعة خطوات على أية حال. لكن مشاهدتها تتمايل أثناء المشي يجعل إمكانية جعل صوفيا روبوتاً شخصياً يخدمك تكنولوجيا مستقبلية لا يزال أمامها عقود من الزمن.
الروبوتات الأخرى
إن أحد القصص الكبيرة في مجال الروبوتات الشخصية التي تم عرضها في CES 2018 كان الروبوت كوري، الذي رأيناه لأول مرة في معرض CES 2017 ومع ذلك لم تصل النسخة التجارية من هذا الروبوت إلى رفوف المتاجر إلا منذ شهر مضى، ولم يتغير الكثير بشأنه عدا قدرته المكتشفة حديثاً للتصرف كمصور عائلي ذاتي التشغيل.
ثم هناك إيبو، كلب شركة سوني الآلي اللطيف المحبوب. إن إيبو لعبة مرحة رائعة لكنه مع ذلك يبقى مجرد لعبة. كما أنه لعبة سبق وأن رأيناها منذ أكثر من عشر سنوات مضت. يصل سعر إيبو الجديد في نسخته التجارية لأكثر من 1,700 دولار ويتطلب اشتراكاً في الخدمة السحابية هذا إن تمكنت من الحصول على واحد أصلاً.
لربما لا نحتاج إلى روبوت يخدمنا في المنازل
ولربما كان الموضوع الرئيسي لسنة 2018 هو مُدمجات المنزل الذكي، التي بدأت منذ معرض 2017. ففي العام الماضي كانت كل أداة جديدة تدعم المساعد الذكي أليكسا من أمازون. أما في هذا العام، فلن تستطيع إجالة عينك هنا وهناك دون الوقوع على منتج جديد يستخدم مساعد غوغل. إن وجود كل هذه الأدوات المتصلة بشكل فردي يجعل فكرة وجود روبوت مرافق للإنسان العادي غير مجدية وسخيفة نوعاً ما.
وبدلاً من الحصول على روبوتات إنسانية مثل تلك الموجودة في مسلسل ويست وورلد (Westworld) تتجول داخل منزلك وتؤدي عنك المهام المختلفة، يبدو أننا الآن سنكتفي -على الأرجح- بإلقاء الأوامر الصوتية على مساعداتنا الافتراضية التي لا تمتلك جسداً لتتحكم بأجهزتنا المتنوعة. لماذا ستطلب من الروبوت أيولوس أن يذهب ويقوم بالتنظيف بالمكنسة الكهربائية بينما تستطيع ببساطة أن تطلب من رومبا (Roomba) أن ينجز المهمة دون الحاجة إلى خادم آلي بشريّ الهيئة؟
ومع ذلك فلا زالت فكرة الروبوتات بشرية الهيئة صامدة، على الأقل حتى الآن. حتى الروبوت الاصطناعي الأولي من شركة إل جي يملك شاشة تعرض رسومات تشبه الوجه البشري نسبياً. لكن جاذبية الروبوت الخادمة روزي من المسلسل الكرتوني ذا جتسونز بدأت بالخفوت. وفي الآونة الأخيرة، يبدو المساعد الآلي لتوني ستارك: جارفيس أكثر جاذبية. قد ينتهي بنا الأمر أن لا نرى بالفعل المساعد الآلي الذكي، مع ذلك لن يكون هناك الكثير مما لا يستطيع إنجازه لأن المنزل وأجهزته جميعها متصلة ببعضها البعض.
لربما سيثبت معرض 2028 أن كل هذه التوقعات خاطئة، ويجعلنا نتسائل كيف أمكننا أن نعيش دون روبوتاتنا المنزلية المرافقة طيلة هذا الوقت. لكن رؤية كل هذه المنتجات الروبوتية عدة مرات خلال أوقات عروضها التجريبية يجعلنا نفكر أن ذلك مستبعد جداً.