التقنيات المساعدة ودورها في كسر حاجز الإعاقة الجسدية

5 دقائق
تقنيات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة
حقوق الصورة: دراغانا غورديك/ شترستوك.

يقوم الإنسان في حياته اليومية بالعديد من المهام الروتينية؛ وهي بالنسبة للشخص السليم تعد أموراً طبيعية أو عادية كإجراء المكالمات الهاتفية، أو قراءة الكتاب، أو تنظيف المنزل. في المقابل، تعد هذه الأعمال تحديّاً كبيراً لذوي الاحتياجات الخاصة، وهم في حاجة ماسة لمن يساعدهم في أدائها؛ ولكن هؤلاء المساعدين ليسوا موجودين بالقرب منهم دائماً. 

 دفعت هذه الحاجة الملحة المبرمجون والمبتكرون إلى إدخال التقنيات في حياة هؤلاء، وقدموا لهم العديد من الأدوات والمعدات التي تُسهل عليهم أمور حياتهم، دون الحاجة إلى مساعدة أحد في كثير من الأوقات، فقد منحتهم هذه التقنيات قدراً أكبر من الاستقلالية في حياتهم اليومية.

الطرق التي تساعد فيها التقنيات ذوي الاحتياجات الخاصة

 تساهم التقنيات الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل كبير في مساعدتهم بعدة طرق، فهي تمكّنهم من رعاية أنفسهم وأسرهم، وتساعدهم على تأدية أعمالهم. كما تساعد الطلاب ذوي الهمم في التعلم في البيئات المدرسية النموذجية والمؤسسات التعليمية الأخرى، وفي الوصول إلى المعلومات من خلال أجهزة الكمبيوتر والقراءة أو الاستماع، وكذلك تساعدهم عند ممارسة هواياتهم الرياضية والفنية؛ إذ تقدم لهم هذه التقنيات سُبل المشاركة الكاملة في الحياة المجتمعية. بالإضافة إلى أنها تفيد أصحاب العمل والمعلمين وأفراد الأسرة وكل من يتفاعل مع الأشخاص الذين يستخدمون هذه التقنيات.

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا القابلة للارتداء: أكثر من مجرد اكسسوارات إلكترونية

المستفيدون من الأجهزة المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة

لا تقتصر طبيعة الإعاقة على الإعاقة التي يمكن للآخرين ملاحظتها بصرياً فقط، كأولئك الذين يعانون من صعوبات المشي؛ بل تشمل أيضاً بعض الإعاقات غير المرئية كالأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم. وبشكل عام يمكن تصنيف أنواع الإعاقات كما يلي: 

  • الإعاقة المعرفية: تشمل الاضطرابات الذهنية وصعوبات التعلم، والتشتت واضطرابات القراءة، وعدم القدرة على التذكر أو التركيز على كميات كبيرة من المعلومات.
  • الإعاقة السمعية: وتشمل فقدان السمع وضعفه.
  • الإعاقة الجسدية: ومنها الشلل وصعوبات المشي أو غيره من الحركات، وعدم القدرة على استخدام الأدوات الدقيقة، وبطء الاستجابة، وصعوبة التحكم في الحركة.
  • الإعاقة البصرية: وتشمل فقدان البصر بشكل كامل، أو حالات ضعف النظر، أو عمى الألوان.
  • الحالات العقلية: وهي كثيرة، ومنها: اضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات القلق، واضطرابات المزاج، واضطرابات الأكل، والذهان.

تتطلب إعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بعض التقنيات المعقدة، حيث يتم تصنيع الأجهزة المساعدة لهم بناءً على حالة كل مريض؛ إذ أنهم قد يختلفون في نوع الإعاقة، فمنهم من يعاني من إصابات في النخاع الشوكي، أو إصابات الدماغ الرضحية، أو الشلل الدماغي، أو الحثل العضلي، أو النقص في تكون العظام، أو التصلب المتعدد، أو اعتلال النخاع الشوكي، أو الضمور العضلي التدريجي، أو بتر الأطراف، وغيرها. 

اقرأ أيضاً: ما سر المشي بفنجان القهوة؟ وكيف يفيدنا في تصميم الأطراف الصناعية؟

التقنيات المساعدة لذوي الهمم العالية

تتوفر في الوقت الحالي مجموعة كبيرة من المنتجات التقنية التي يمكنها مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة للقيام بأداء مهامهم اليومية؛ وهي مصممة خصيصاً لأجلهم، أو لمساعدة البشر بشكل عام. وفيما يأتي بعض هذه التقنيات التي يمكن الاستفادة منها.

المساعدون الرقميون

هناك استخدام متزايد للمساعدين الرقميين في المنازل، مثل جوجل هوم، وهي أجهزة يستفيد منها الأشخاص الذين يعانون من إعاقة في أيديهم مثلاً. هذه الأجهزة يتم التحكم فيها عن طريق الصوت، حيث يتم التخاطب معها وكأنها شخص حقيقي. 

يمكن للمساعدين الرقميين القيام بالعديد من المهام الروتينية، مثل: تحديد موعد في التقويم، والإخبار عن حالة الطقس، أو تشغيل أي مادة مسموعة أو مرئية، أو طلب منتج عبر شبكة الإنترنت. كما يمكن لبعضها التحكم في إضاءة المنزل، وأجهزة التلفاز، وغيرها.

تطبيقات الهواتف الذكية

 مع تقدم التقنيات في الوقت الحالي، أصبح بإمكان مبرمجي تطبيقات الهواتف الذكية تصميم تطبيقات تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يمكنهم استخدام الهواتف المحمولة. مثلاً، يوجد تطبيقات تُذكّر المرضى بتناول أدويتهم أو بموعد زيارة الطبيب، وتُظهر خريطة «وييل ماب» العالمية جميع الأماكن التي يمكن الوصول إليها بواسطة الكراسي المتحركة.

 ويعمل تطبيق «HearYouNow» على تضخيم الأصوات بحيث يمكن لذوي الإعاقة السمعية سماع المحادثات بشكل أكثر وضوحاً. ولمساعدة ذوي الإعاقة البصرية، يمكن استخدام تطبيق «BEMyEyes» الذي يربطهم مع مساعدين متطوعين لمساعدتهم في المهام اليومية. 

أدوات الحاسوب المساعدة

قد لا يستطيع بعض ذوي الهمم استخدام الحاسوب، إلا أن بعض الشركات وفرت أدوات مساعدة لهم، مثلاً تُقدم بعض الشركات حوامل للأجهزة اللوحية يمكن ربطها بالكرسي المتحرك، كما تتوفر فأرة كبيرة ولوحة مفاتيح كبيرة، بالإضافة إلى برامج الكتابة الصوتية للنصوص، وقارئات رقمية، وبرامج للتحكم بالحاسوب من خلال حركة العين.

نظام الاستجابة للطوارئ الشخصية

يرتدي بعض ذوي الاحتياجات الخاصة جهازًا هو عبارة عن قلادة أو دبوس يُثبت على الملابس. هذا الجهاز مزود بزر يمكن لمرتديه الضغط عليه عند تعرضه لحالة طارئة ليُنبه أحد أفراد عائلته أو مقدمي الرعاية الصحية.

الكراسي الكهربائية المتسلقة للسلالم 

يعاني مستخدمو الكراسي المتحركة كثيراً عند التنقل في المواقع التي لاتتوفر  فيها مسارات أو ممرات مخصصة لعبورهم؛ لذا تم تصنيع كرسي متحرك كهربائي يمكنه صعود الدرج أو هبوطه مع توفير الأمان والسلامة لمستخدميه. 

الساعات الذكية

عندما يعاني الشخص من إعاقة ما؛ فإنه غالباً ما يحتاج إلى الالتزام بجداول زمنية معينة لتناول الأدوية أو ممارسة التمارين. لذا، تساعد الساعات الذكية المتزامنة مع الهاتف الذكي في إخبار مرتديها عن وقت تناول الدواء أو وقت التمرين، بالإضافة إلى أنها تساعده على تلقي المكالمات والرسائل الصوتية دون الحاجة إلى الوصول إلى الهاتف. ناهيك عن أنها تكون مزودة بتطبيقات تتبع الصحة (نبضات القلب وضغط الدم مثلاً).

التقنيات المساعدة في أداء المهام اليومية

قد لايتمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من أداء بعض المهام اليومية كالتسوّق والتنظيف وغيرها؛ لكن باستخدامهم التسوق عبر شبكة الإنترنت تمكنوا من تأمين حاجتهم وإيصالها لهم في أي مكان كانوا. أيضاً انتشرت في الوقت الحالي روبوتات التنظيف التي تُعين ذوي الهمم على تنظيف منازلهم دون الحاجة إلى النهوض من مكانهم.

  ومن التقنيات المساعدة أيضًا لذوي الاحتياجات الخاصة السيارات ذاتية القيادة، والأطراف الصناعية التي يتحكم الدماغ بحركتها وغيرها. 

من جانب آخر فإن التقنيات التي عُرضت تعد أمثلة عن التقنيات الأكثر انتشاراً في هذه المجال الذي يسعى فيه الباحثون إلى تقديم وتطوير تقنيات حديثة من شأنها أن تجعل حياة ذوي الهمم أسهل، وأن يعتمدوا على أنفسهم بشكلٍ أكبر.

اقرأ أيضاً: 6 تقنيات مذهلة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة

العالم والتقنيات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة

تعكف منظمة الصحة العالمية على تنسيق "مبادرة التعاون العالمي" في مجال التقنيات المساعدة التي تسعى إلى تحسين سبل حصول الجميع في كل مكان على التقنيات المساعدة عالية الجودة. وتعد المنظمة مبادرة التعاون العالمي في مجال التقنيات المساعدة بمثابة خطوة ملموسة نحو تحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والتغطية الصحية الشاملة، وأهداف التنمية المستدامة.

تنطلق المنظمة من رؤيتها المتمثلة في أن عدداً قليلاً جداً من البلدان لديها سياسة أو برامج وطنية بشأن التقنيات المساعدة، وأن الحصول على التقنيات المساعدة في القطاع العام في العديد من البلدان يعد محدوداً أو غير موجود على الإطلاق. لكن في المقابل فإن بعض الدول ومنها المملكة العربية السعودية تحاول الاستفادة من التقنيات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة.

اقرأ أيضاً: 3 نصائح لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة أثناء الكوارث

التقنيات المساعدة لذوي الهمم في المنطقة العربية

يمكن أخذ ما تقوم به المملكة العربية السعودية مثالاً عن إدخال التقنيات في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث ​وقع صاحب السمو الملكي السعودي الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة العنود الخيرية، رئيس اللجنة التنفيذية، اتفاقية شراكة استراتيجية مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة بسمو رئيس المدينة السابق الأمير د. تركي بن سعود بن محمد آل سعود، من خلال برنامج الشراكة المجتمعية في مؤسسة العنود الخيرية.

نصت الشراكة على تطوير العديد من المشروعات التنموية غير الربحية، وعلى رأسها مركز اتصال العنود لخدمة الصم، الذي يقوم على تقديم خدمة ترجمة لغة الإشارة على مدار الساعة للصم في المملكة؛ لاسيما في القطاعات ذات العلاقة بالمجال الصحي والأمني والقضائي، بالإضافة إلى برنامج "اتجاه" للتطوير المهني للشباب وبرنامج "العنود" لصيانة الكراسي المتحركة لذوي الإعاقة الحركية.

أيضاً، تقدم مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية برنامج "دعم البحوث الموجهة" وهو أحد برامج مبادرة دعم البحث والتطوير للمؤسسات ومراكز البحوث الوطنية، ويعنى بدعم الأبحاث القائمة على موضوعات ذات تأثير كبير على المستوى الوطني على المدى القصير أو المتوسط. ويعمل بشكل عام على تنسيق الجهود الوطنية لإيجاد حلول قائمة على البحث والتطوير للمشكلات والقضايا الوطنية التي تؤثر بشكل مباشر على مكانة المملكة أو رفاهية المجتمع السعودي.

ويستهدف البرنامج مجالات متنوعة، ويمكن للباحثين التقدم للبرنامج من خلال المنصة الخاصة بالبرامج الفرعية التي تم إطلاقها، ومنها برنامج منح أبحاث الإعاقة بالتعاون بين المدينة ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة.

المحتوى محمي