رياضة ركوب الدراجات والقفز من فوق المنحدرات الصخرية

6 دقائق
إيثان نيل في مسابقة ريد بول رامبيج في فرجينيا، يوتاه، في 27 أكتوبر، 2017

عد بذاكرتك إلى مرحلة الطفولة واسترجع ذلك الشعور بالتوتر – وحتى بالخوف – الذي كان ينتابك في معدتك قبل أن تهبط مسرعاً عبر تلة شديدة الانحدار وأنت تركب دراجتك الهوائية. وإذا ضاعفت ذلك الشعور إلى أقصى حد يمكنك أن تتخيله، فلن يصل إلى مستوى الجنون عندما تمارس الركوب الحر للدراجات الهوائية على الجبال المرتفعة. يعد "ريد بول رامبيج" أكبر حدث في رياضة ركوب الدراجات الجبلية، وهي مسابقة سنوية يتوجه فيها أفضل راكبي الدراجات الهوائية في العالم إلى ولاية يوتا الأميركية لكي يرموا بأنفسهم من أعلى المنحدرات بكل معنى الكلمة.

كيف يمكن لهؤلاء الدراجين – ودراجاتهم أيضاً – أن ينجوا في مواجهة صدمات قاسية كهذه؟ يتعلق الجزء الأكبر بمهارة سائقي الدراجات وقدرتهم على الهبوط بشكل انسيابي بعد القفز فوق الأخاديد وفتحات الوديان الضيقة. ولكن يبقى على الدراجات الهوائية أن تتحمل الصدمات، فهي تتطلب الكثير من العمل الهندسي والمواد المتينة لتتحمل هذا النوع من العمل الشاق. مع ذلك، يمكنك أن تدخل الآن متجراً يبيع أفضل أنواع الدراجات وستجد كافة المكونات اللازمة من قطع الغيار تقريباً، باستثناء ما يجعل الإحساس بالخوف ينعدم لديك.

التعليق (عزل الصدمات)

ظهرت الدراجات الجبلية المزودة بتقنية عزل الصدمات على كل من العجلتين الأمامية والخلفية لأول مرة في بداية التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت تقنيات الإضاءة باستخدام النيون تجتاح كل شيء. وفي ذاك الحين، كان يكفي وجود مجال حركة بطول بضعة سنتيمترات على كل من الدولابين لامتصاص الصدمات قبل أن تتلقاها أيدي الدراجين أو عظام المقعدة. وفي 1995، كانت شوكة التعليق جودي دي إتش من روك شوكس أضخم نظام تعليق للدولاب الأمامي في الأسواق، مع مجال حركة يساوي 7.6 سنتيمتراً. أما حالياً، فإن مجال الحركة في الدراجات ذات نظام التعليق الكامل عادة ما يبلغ 20.2 سنتيمتراً على الأقل على كلا الدولابين.

فاز كيرت سورج في مسابقة رامبيج لهذه السنة، وهو دراج بعمر 28 سنة من كندا، وهو أيضاً بطل العام 2015. كان كيرت يستخدم دراجة بوليجون كولوسوس، مع مخمد الصدمات المزدوج دي بي كويل من كين كريك على الدولاب الخلفي. ويتوافر هذا المخمد في الأسواق ويمكنك شراؤه فورياً، غير أن المخمد الذي يستخدمه سورج يتمتع بتاريخ حافل.

يقول جيم موريسون، مدير الهندسة في كين كريك: "لقد فاز كيرت بمسابقة رامبيج في المرة الماضية باستخدام نفس المخمد. صحيح أننا أجرينا عليه بعض عمليات الصيانة في بداية السنة، ولكن لا شك في أنه لم يغير هذه القطعة". وباستخدام هذا المخمد على هيكل دراجته، حصل بارتيك على مجال حركة يزيد عن 20 سنتيمتراً على الدولاب الخلفي. يؤدي ازدياد مجال الحركة على نظام التعليق إلى زيادة الطاقة التي يمكن لنظام التعليق امتصاصها قبل أن تنتقل إلى الأجزاء الأخرى من الدراجة أو جسدك.

يكلف مخمد الصدمات دي بي كويل من كين كريك 650 دولاراً، وقد صُمم خصيصاً لركوب الدراجات على المنحدرات، على الرغم من أن الشركة تبيع أيضاً نسخاً أخرى مخصصة للاستخدامات الأخف
حقوق الصورة: كين كريك

يتألف المخمد الخلفي للدراجة من مكبس تتحرك أسطوانته ضمن الزيت أثناء انضغاطه وارتداده. ويتحكم نابض قوي يحيط بالمكبس بهذه الحركة. ويعتبر هذا المخمد قطعة معيارية للدراجات الجبلية، ولكن الاستخدام في مسابقة رامبيج يتطلب عملية تجهيز وتركيب مختلفة كلياً.

يقول موريسون: "يزن كيرت حوالي 68 كيلوجراماً، ولكنه يستخدم نابضاً صمم نموذجياً ليتحمل شخصاً بوزن 136 كيلوجراماً، وربما أكثر". يعتمد المخمد على نابض من التيتانيوم، على خلاف أغلب الشركات التي تقدم نابضاً فولاذياً أثقل ولكنه أرخص بكثير، ويساعد هذا النابض على امتصاص الصدمات بشكل خطي، ما يعني أن ضغط النابض لا يصبح أصعب مع تناقص طوله. ما يضفي التناسق على عمل الدراجة ويجعل سلوكها متوقعاً في جميع الأوقات.

تساعد القوة الإضافية للنابض في دراجة سورج على منع انتهاء مجال الحركة لنظام التعليق، وهو أمر قد يؤدي إلى كارثة. يقول موريسون: "إذا انتهى مجال الحركة لديك، ستضرب نهاية المخمد بقوة كبيرة، وستنتقل هذه القوة إلى الدواليب، وهيكل الدراجة، وفي المحصلة ستصل إلى ساقيك. لن ترغب بأن يصل نظام التعليق إلى أقصى مجال حركته إلا في حال وقوع مشكلة ما، واحتياجك لكامل مجال الحركة لإنقاذك".

تبطئ صمامات الزيت داخل المخمد من ارتداد المكبس بعد الانضغاط. وهو ما يسمى تخميد الارتداد، وهو ما يمنع النابض الثقيل من أن يقذف بالدراج إلى الأعلى بسرعة كالمنجنيق.

شوكة التعليق روكس من شركة إس أر سانتور، والتي تعتبر من النماذج مزدوجة العارضة، لأن الدعامتين تمتدان إلى ما بعد الأنبوب الرئيسي للهيكل لتحقيق المزيد من المتانة
حقوق الصورة: إس أر سانتور

يستخدم سورج شوكة التعليق الأساسية من إس أر سانتور، والمسماة روكس، لتخميد الجزء الأمامي من دراجته. وتعتمد أيضاً على تركيب غير مألوف. يقول دان داكو من إس أر سانتور: "ليس من مصلحتك أن تركب دراجة كيرت لأكثر من دقيقة. حيث أن شوكة التعليق قاسية لدرجة أن أي صدمة على طريق عادي قد تؤذي يديك".

قد تؤدي الرحلات الطويلة على الطرقات العادية بهذا التركيب إلى ما يسمى بضغط التعليق، حيث تؤدي الصدمات الصغيرة بالتدريج إلى ضغط المخمد بدون أن يتاح له الوقت للارتداد. ويؤدي هذا إلى التقليل من الطوال الفعال لمجال الحركة، ويؤثر سلباً على هيكل الدراجة، وفي المحصلة، يؤدي إلى رحلة كثيرة الارتجاجات.

تتألف شوكة سورج من دعامتين من الألمنيوم بعرض 38 مليمتراً، تدخلان ضمن أنبوبين مصنوعين من المغنيزيوم يسميان بالكمين السفليين. تحتوي الدعامة اليمنى على مخزن مع صمامات للتحكم بالتخميد، على حين أن الدعامة اليسرى مقفلة تماماً بحيث تتحول إلى نابض هوائي يقوم بعمل النابض المعدني العادي. قد تحتاج رحلة عادية لسورج إلى ضغط يساوي 3.44738 بار، ولكن في رامبيج، قد يزيد هذا الرقم عن 5.86054 بار.

https://www.instagram.com/p/Ba2BWA7Df95/

على عكس المخمدات النابضية، يتمتع الهواء بمعامل انضغاط متزايد، أي يصبح ضغطه أكثر صعوبة مع تزايد مسافة الانضغاط، وهو ما يفضله الكثيرون من الدراجين، خصوصاً على المنحدرات. يقول داكو: "تتعرض الشوكة إلى أقصى قدر من القوة خلال الانطلاق في قفزة عن المنحدر. وبدون المقدار المناسب من الضغط، ستنضغط الشوكة بسرعة زائدة وتخرب هيكل الدراجة". قد تتسبب شوكة سيئة التجهيز بامتصاص الضغط الناتج عن حافة القفز بدلاً من السماح للدراج بالاستفادة منها للانطلاق نحو الأعلى، ما يعني مسافة أقل للقفزة، واحتمال كارثة حقيقية. وكما في حالة المخمد الخلفي، تعتمد الشوكة على تخميد كبير للارتداد للتخفيف من سرعة عودة الشوكة إلى حالتها الأصلية بعد تعرضها لصدمة.

في المحصلة، يعتبر كلا القسمين من نظام التعليق شديدي القساوة للاستخدام في أي شيء آخر. وعادة، ينصح المصنّعون بأن الجلوس على الدراجة يجب أن يضغط الشوكة والمخمد الخلفي بنسبة 25%، بحيث يتمكن نظام التعليق من الامتداد للمحافظة على التماس مع الطريق. وينقص هذا الرقم في دراجة سورج إلى حوالي 10% أو أقل، ما يعني رحلة شديدة القساوة.

الهيكل

تجري شركة تريك اختبارات قاسية على هياكلها المصنوعة من الألياف الكربونية، لتحديد سلوكها أثناء التعرض لضغط الصدمة الناتجة عن الوقوع من فوق حافة
حقوق الصورة: تريك

تعتبر ألياف الكربون المادة العصرية التي تصنع منها جميع أجزاء الدراجات تقريباً، وذلك بسبب خفة وزنها بالمقارنة مع الألمنيوم، ومتانتها العالية، ولا تختلف دراجة سورج في هذا النطاق عن غيرها. حيث أن شركة تريك، والتي قدمت دراجة سيشن دي أتش للفائز في المسابقة عام 2016، بريندان سيمينوك، قامت بتصنيع هيكل كامل من ألياف الكربون ذي شكل خاص للدواليب التي يبلغ قطرها 66 سنتيمتراً. تعرض شركة تريك هياكلها الكربونية إلى اختبارات بالغة الشدة، لضمان تحملها لكافة الصدمات التي قد تتعرض لها.

https://www.instagram.com/p/BargHpvlGwI/?taken-by=brandonsemenuk

الدواليب

تعتبر الدواليب من قياس 69.8 سنتيمتراً من أكثر الدواليب رواجاً في عالم الدراجات حالياً، ولكن يفضل الكثير من الدراجين المشاركين في رامبيج استخدام الدواليب المجربة المصنوعة من الألومنيوم بقياس 66 سنتيمتراً للحفاظ على قصر قاعدة الدواليب، وهو أمر مستحسن لتنفيذ الحركات البهلوانية على المضمار. كان سورج يستخدم دواليب تيك دي إتش برو 4 من شركة هوب بـ 32 دعامة وعرض داخلي يساوي 28 مليمتراً. يعتبر هذا العدد من الدعامات معيارياً في عالم الدراجات، ولكن فيما يتعلق بالعرض الداخلي، نجد أن دولاب هوب المخصص للرحلات الريفية والمعرض لصدمات أخف ذو عرض داخلي يساوي 19.5 مليمتراً فقط. وتسمح الطارة الداخلية العريضة للدولاب توزيع قوة الصدمة على مساحة كبيرة لزيادة المتانة.

تدعم البنية الداخلية طارة الدولاب لجعلها أكثر متانة وأقل عرضة للانثناء
حقوق الصورة: هوب

تدعم البنية الداخلية طارة الدولاب، كما أن جدرانها مدعمة بثخانة إضافية من المعدن لمنع الدولاب من التحول إلى كتلة مضغوطة من المعدن والمطاط بعد هبوط قاسٍ.

الدواسات

استخدم سورج، أثناء المسابقة التي فاز بها، دواسات بلايد رانر من ديتي، والتي تعتبر أقل الدواسات التي أنتجتها الشركة من ناحية الثخانة. قد يبدو استخدام دواسات كهذه في هذه المسابقات الجنونية أمراً غريباً، ولكن يوجد سبب وجيه لهذا. حيث أن هذه الدواسات، بسماكتها التي لا تتجاوز 11 مليمتراً، تتيح للدراجة المزيد من المسافة فوق الأرض، خصوصاً عند انضغاط نظام التعليق إلى أقصى حد، وبالتالي لن تصطدم هذه الدواسات بالصخور أو تعلق على جذور النباتات أو أي شيء آخر على الطريق.

تعتبر دواسات بلايد رانر من أرق الدواسات التي أنتجتها ديتي، بسماكة لا تتجاوز 11 مليمتراً
حقوق الصورة: ديتي

المكابح

تعتبر المكابح هامة للتحكم بسرعة الدراجة، إضافة إلى التوقف، ولهذا فإن الدراجات التي تشترك في مسابقات كهذه، خصوصاً في البيئات شديدة الانحدار، تعتمد على مكابح بضغط الزيت مع أقراص كبيرة بقياس 20.32 سنتيمتراً. عند الضغط على مقبض الكبح، يحرك السائل الهيدروليكي ملقطاً بلوحتين من المعدن أو الراتينج ليضغط على قرص فولاذي لتوليد الاحتكاك وإبطاء حركة الدراجة. تزود هذه الأقراص بفتحات وريش لإشعاع الحرارة وتبديدها أثناء عملية الكبح. عندما تصبح الأقراص شديد السخونة، تتناقص قوة الكبح، ما يعني احتمال وقوع مشكلة حقيقية. ولكن إذا كانت المكابح في حالة جيدة، لا يحتاج الدراج سوى إلى استخدام إصبع واحد لسحب مقبض الكبح وتوليد قوة كبح كبيرة.

يوجد داخل هذا الملقط لوحات كبح، ويتصل من الأعلى بريش إشعاع حراري للمساعدة على تبديد الحرارة التي تتراكم بسبب الاحتكاك
حقوق الصورة: شيمانو

تعتبر مكابح ساينت من شيمانو خياراً معتاداً في المسابقات الكبيرة للدراجات الجبلية، وذلك لأنها تعتمد على أربعة مكابس خزفية لدفع اللوحات. تعتمد معظم المكابح الأخرى على مكبسين فقط، ما يعني قوة أقل لدفع اللوحات.

المحتوى محمي