على مدار الأيام السابقة، قضى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، وصاحب تسريحة الشعر المثيرة للجدل، مارك زوكربيرج، حوالي 11 ساعة في الإدلاء بشهادته أمام لجان الكونغرس، مجيباً عن الأسئلة التي طرحها ما يقرب من مئة مسؤول حكومي. وقد غطت جلسات الاستماع كل شيء ابتداءً من فضيحة بيانات كامبردج أناليتيكا والتدخل الروسي في الانتخابات إلى الأسئلة الأساسية حول نموذج العمل التجاري لشركة فيسبوك. وعلى الرغم من الطول الماراثوني لهذه الجلسات، إلا أننا لم نحصل على الكثير من المعلومات المفيدة حول كيف تعامل شركة فيسبوك مستخدميها الذين يبلغون ملياري شخص نشط شهرياً. وفي هذا المقال سنقدم لك كل ما ينبغي عليك معرفته من هذه الساعات الإحدى عشر، حيث وضعناها في نقاط رئيسية سهلة الفهم. لكن قبل أن نبدأ، قد يفيدك الاطلاع على هذه الروابط:
- فضيحة كامبريدج أناليتيكا: كيف انتهى بنا الحال إلى هذا الوضع؟
- فيديو اليوم الأول من شهادة مارك زوكربيرج أمام الكونغرس
- فيديو اليوم الثاني من شهادة مارك زوكربيرج أمام الكونغرس
- كيف تتحقق أن بياناتك لم تتسرب مع فضيحة كامبريدج أناليتيكا؟
شركة فيسبوك لا تستمع إلى ميكرفون هاتفك الذكي لاستهدافك بالإعلانات
لا شك أنك سمعت الكثير من القصص التي يرويها لك أصدقائك أو حدثت لك، عن تحدثك عن منتج ما، لتجد فيسبوك "استمع" إليك، وأدرج إعلاناً عن ذلك المنتج تراه على حسابك في الشبكة. ومع أنه من المثير للاهتمام طرح احتمالية أن تطبيق الشبكة الاجتماعية يستمع لكل كلمة تتلفظ بها؛ إلا أن مارك زوكربيرج نفى ذلك بكل وضوح أثناء اليومين الذين قضاهما في الإدلاء بشهادته. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الصعوبات التقنية الكبيرة التي ستواجه أي شركة رقمية تعتزم فعل ذلك.
شركة فيسبوك مسؤولة عن المحتوى الذي ينشر على منصتها
مضى جزء كبير من جلسات الاستماع في محاولة التحديد الدقيق لكيف تُصنّف فيسبوك كشركة؟ ومن جانبه، حرص مارك زوكربيرج على التأكيد أنه يرى فيسبوك كشركة تكنولوجية تطور أدوات رقمية يستخدمها الناس الآخرون، وليست ناشراً أو وسيلة إعلامية بحد ذاتها. لكن هذا ليس دقيقاً جداً لأن فيسبوك تصنع بالفعل محتواها الخاص، بما في ذلك المحتوى المرئي كالفيديوهات على منصتها واتش. وفي هذا الصدد نتوقع أن نسمع الكثير عن هذا الموضوع مستقبلاً، نظراً لأن الحكومة تسعى لوضع إطار تنظيمي لشبكات الإعلام الاجتماعية. من ناحية أخرى، من الملفت للنظر أن زوكربيرج قال أن شركة فيسبوك مسؤولة عن المحتوى الذي ينشر في منصتها.
عدة شركات أخرى تمتلك بالفعل بيانات كامبريدج أناليتيكا منها شركة يونيا (Eunoia)
لقد كنا نعرف بالفعل قبل جلسات الشهادة أن بيانات 87 مليون شخص التي جمعتها كامبريدج أناليتيكا أصبحت أيضاً في متناول أطراف وشركات أخرى، لكننا لم نكن نعرف من بالضبط؟ لم يعطنا مارك زوكربيرج الكثير من المعلومات عن الأطراف الأخرى التي تمتلك البيانات، لكنه أكد على وجود أطراف أخرى، ويتمثل أحدها في شركة يونيا (Eunoia)، التي لديها علاقة مع كريستوفر وايلي، الموظف السابق في كامبريدج أناليتيكا الذي فجّر كل هذه الفضيحة.
تدرس شركة فيسبوك خيار الاشتراك المدفوع في المنصة؛ لكنها لا زالت تعتقد أن الإعلانات هي نموذج العمل التجاري المناسب
أبدى بعض المسؤولين الحكوميين مستوى بسيطاً في فهم أساسيات التكنولوجيا الحديثة، مما اضطر زوكربيرج لأن يشرح بإسهاب كيف يعمل نموذج العمل التجاري المبني على الاعلانات لشركة فيسبوك. فيما تعلقت العديد من الأسئلة بتفاصيل التصريح السابق الذي اقترحت فيه الرئيس التنفيذي للعمليات في فيسبوك، شيرل ساندبرغ أنه من الممكن أن تتيح الشركة للمستخدمين تجربة استخدام مدفوعة خالية من الإعلانات المستهدفة. مع ذلك أعرب زوكربيرج عن التزامه بنموذج الإعلانات الذي يبقي المنصة مجانية لجميع المستخدمين. وهذا ما يجعلنا لا نتوقع أن نرى نموذج اشتراك مدفوع على فيسبوك في المستقبل القريب.
ترغب شركة فيسبوك في أن تعرفَ حقاً أنها -تقنياً- لا تبيع بياناتك
يركز الناس في جلسات استماع مثل هذه بشكل كبير على دلالات الألفاظ ومعانيها. وتمثلت إحدى النقاط الأكثر جدلاً طوال اليومين الذين جرت فيهما الشهادة حول فكرة أن فيسبوك "يبيع البيانات". ومع أن فيسبوك لا تتلقى المال بشكل مباشر لتوفير بيانات مستخدميها، إلا أنها تتيح للمعلنين استهداف المستخدمين بناء على اهتماماتهم. وحتى نهاية آذار/مارس من هذا العام، كانت شركة فيسبوك تعمل بشكل مباشر مع سماسرة البيانات لاستهداف المستخدمين بشكل أكثر كفاءة وفعالية. يمكنك قراءة المزيد عن ذلك من هذا الرابط، وفي ذلك المقال ستعرف كيف يمكنك رؤية قائمة لجميع المعلنين الذين استهدفوك أنت على وجه التحديد بإعلاناتهم؛ ومع أننا لا نعدك بشيء، إلا أنك قد تجد بعض المفاجآت في تلك اللائحة.
قريباً سيدخل قانون حماية البيانات العامة حيز التنفيذ وشركة فيسبوك تعتقد أن "جزءاً منه" جيد حقاً.
نتوقع أن نسمع المزيد مستقبلاً عن قانون حماية البيانات العامة الذي أصدره الاتحاد الأوروبي، لا سيما ونحن نقترب من دخوله حيز التنفيذ نهاية شهر مايو الجاري. يتمثل هذا القانون الجديد في مجموعة شاملة من القوانين تتعلق بكيف ينبغي على الشركات التكنولوجيا معاملة مستخدميها والتعامل مع معلوماتهم الشخصية في دول الاتحاد الأوروبي. وحالياً تستعد فيسبوك لهذا التغيير، لكن لا يزال الأمر غامضاً فيما يخص الولايات المتحدة الأمريكية، وما إن كانت ستحصل على نفس قوانين حماية البيانات التي سيحصل عليها الاتحاد الأوروبي أم لا. في البداية، كان جواب زوكربيرج عن هذا السؤال نعم، لكن عندما طُرح عليه السؤال مجدداً في اليوم الثاني كانت إجابته أكثر تحفظاً.
أما إن كنت تتساءل عن قانون حماية البيانات العامة وتفاصيله، فهناك صفحة ممتازة للأسئلة الشائعة على الموقع الرسمي للقانون ستمنحك نظرة عامة عما سيحدث عند تنفيذه.
تقوم شركة فيسبوك بتتبعك، حتى وإن لم تكن مسجل الدخول أو لا تملك حساباً في الشبكة
وهذا هو أحد أعقد الأشياء التي تقوم بها شركة فيسبوك، ولكن للأسف، حتى مع وجود حوالي 100 مسؤول استجوبوا زوكربيرج إلا أنهم واجهوا وقتاً عصيباً في كشف الحجاب عن هذه النقطة. والإجابة المختصرة لهذه القضية هي: نعم، يقوم فيسبوك بتتبع الأشخاص الذين لم يقوموا بتسجيل دخولهم لفيسبوك، بل ويتتبع حتى الأشخاص الذين لا يملكون حساباً فيه. ووفقاً لزوكربيرج، يقوم فيسبوك بذلك لكي يساعدهم في استهداف الأشخاص الذين لا يملكون حساباً على الشبكة، ولمنع أولئك الذين لا يملكون حسابات من إساءة استخدام البيانات العامة المرتبطة بمستخدمي فيسبوك.
ويحدث هذا عبر التكنولوجيا التي طورتها فيسبوك مثل أزرار "الإعجاب" التي تراها في مختلف المواقع على الويب، أو عبر تقنية تدعى بكسل (Pixel) وهي لا تظهر في الموقع، لكنها تساعد الشركة على جمع المعلومات التي تحتاجها. فمن خلال استخدام ملفات تعريف الارتباط في متصفحك ومختلف إضافات البرامج، يعرف فيسبوك ماذا تتصفح على شبكة الأنترنت ومن ثم يستخدم تلك البيانات لتحليل سلوكياتك.
وكما أشار زوكربيرج في العديد من المرات أثناء جلسات الاستماع، من الممكن جداً من ناحية تقنية تعطيل هذا التتبع؛ لكن ليس من السهل معرفة جميع الإعدادات التي تحتاج تغييرها لتفعل ذلك. وإن أثار هذا اهتمامك وأردت تجربته بنفسك فنعلمك أن موقع ذا أتلانتيك نشر مقالاً ممتازاً حول هذا الموضوع يمكنك الاطلاع عليه هنا.
تعتقد شركة فيسبوك أن الذكاء الاصطناعي يمثل الحل لكل شيء تقريباً
من بين النقاط الكبرى التي أشار إليها زوكربيرج في موضوع الأمان الرقمي هي أن شركة فيسبوك تبذل قصارى جهدها في تطوير أدوات تكنولوجية يدعمها الذكاء الاصطناعي مخصصة لحذف المحتوى السيء الذي يظهر في مجموعات الأشخاص وصفحاتهم الشخصية. ووفقاً للرئيس التنفيذي لفيسبوك، تعمل هذه التكنولوجيا بشكل جيد حالياً في وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشركة، حيث تكتشف هذه التكنولوجيا 99 بالمئة من المحتوى الإرهابي بشكل فوري وتحذفه. مع ذلك، كان مجرد ذكر الذكاء الاصطناعي كافياً ليحجم العديد من المسؤولين الحكوميين عن استكشاف أجوبة مارك زوكربيرج، لأن العديد منهم بدا غير مستعد ولم يحضر نفسه لطرح أي أسئلة عن هذا النوع من التكنولوجيا.
قضايا البيانات في الحملة الرئاسية لأوباما 2012 والحملة الرئاسية لترامب 2016 قضيتان مختلفتان تماماً
طرح العديد من المسؤولين الحكوميين حقيقة أن حملة أوباما الرئاسية سنة 2012 نجحت هي كذلك بجمع بيانات المستخدمين والاستفادة منها، الأمر الذي يبدو مشابهاً لما حصل أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016. إلا أن زوكربيرج صرّح بوضوح أن الإجراءات التي وقعت في الحملة الرئاسية عام 2012 لم تنتهك قوانين المنصة، في حين أن فضيحة كامبريدج أناليتيكا تنتهك بشكل صارخ شروط استخدام منصة فيسبوك.