غالباً ما تقلد الروبوتات الكائنات الحية. نحن معتادون على رؤية روبوتات تقلد البشر، والحيوانات، ولكن هناك الكثير من أشكال الحياة التي تتجاوز قيود الأجسام التي تعتمد في حركتها على الأرجل، والتي يمكنها أن توحي بآلات مفيدة. قام باحثون في كل من جامعة كاليفورنيا، سانتا بربارة وجامعة ستانفورد بصنع آلة ذات محالق (أجزاء لولبية متسلقة) يمكنها أن تنفذ مهمات خطرة؛ كالامتداد عبر الأنقاض لضخ الهواء لشخص محاصر نجا من أحد الزلازل.
في دراسة جديدة نشرت في مجلة "Science Robotics"، قام الباحثون إيليوت هوكس، لورا بلومنشين، جوزيف جير، وآليسون أوكامورا بتقديم توضيح عملي لروبوت يمكنه التنقل عبر المكان مثل كائن حي، إلا أنه ربما من الأفضل تشبيهه بنبتة ميكانيكية مفيدة يمكنها أن تنمو بسرعة، حيث تنشر نفسها انطلاقاً من قاعدة وحيدة ثابتة. يبدو واضحاً أن تصميم الروبوت مستوحىً من النباتات.
يقول هوكس: "أتذكر أني كنت أراقب نبات اللبلاب الإنجليزي، على مدى أشهر، وهو ينمو ملتفاً حول زاوية رف الكتب لدي، ساعياً للوصول إلى أشعة الشمس، وكنت أفكر أنه بطريقة معينة، وفي غاية البطء، كان يقصد مكاناً ما".
أحد الأماكن التي يمكن للروبوت أن يذهب إليها هو "نحو الأعلى". مع جسم مصنوع من البولي إيثلين (المادة نفسها التي يصنع منها كيس البقالة البلاستيكي)، يتمدد الروبوت من خلال الانتفاخ، مدفوعاً بمضخة فراش هوائي تعمل بالبطاريات. مع هوائي مرن يتم توجيهه من خلال جسده، يمكن للروبوت أن يتموج ملتفاً نحو السماء، ليشكّل بسرعة طريقة مرتجلة لبث الراديو.
من غلاف خارجي طوله 28 سنتيمتراً تقريباً، يمكن للروبوت أن يتمدد حتى 72 متراً تقريباً، أو يضاعف حجمه بما يعادل 250 مرة. يمكنه أن ينزلق من تحت الأبواب، أو يلتف حول الزوايا لكي يصل إلى وجهته. مع مقدار كافٍ من الضغط، يمكنه حتى أن ينسلّ من خلال الشقوق، يلتف فوق الأنابيب، ثم ينحني بعد ذلك باتجاه الصمامات، وهي إحدى المهمات التي يمكنها أن تنقذ الأرواح، وعاملي الإنقاذ الاحتياطيين من الأخطار عند حدوث تسرب للغاز.
مع الكاميرا المثبتة عند طرفه الأمامي، يمكن للروبوت اللين حتى أن يتمدد كما يفعل النبات، من خلال البحث عن الضوء والالتواء باتجاهه، حيث يضخ كمية زائدة من الهواء في إحدى الحجرتين العليا أو السفلى ما يحدث التواءً في جسمه المتمدد.
تبرز الكاميرا عند نهاية جسم الروبوت، حيث يمتد كابلها على طول الجزء الداخلي له. عندما يتمدد الجسم، فإنه يسحب الكاميرا معه، ويحرر جزءاً من الكابل.
فيما يخص الحمولات التي يمكن للروبوت حملها عند نهاية جسمه، فهي تُعلّق على الطرف النهائي لجسم الروبوت، لتظهر حالما يمدّ طوله بشكل كامل.
هذه الحمولات ربما تكون هوائيات، أجهزة استشعار، أو حتى أدوات جراحية صغيرة. يقول هوكس إن فريقه قد قلص حجم الروبوت ليصبح قطره أقل من ربع سنتيمتر، مستهدفين صناعة آلة يمكنها أن تتمدد داخل الأوردة كما في حالة القثطرة، وتستخدم شفرة صغيرة للمساعدة في جراحة الدماغ.
لمزيد من أدوار الإنقاذ التقليدية، يمكن للروبوت اللين أن يتمدد عبر مصيدة الذباب الصمغية، السوائل شديدة القوام، المسامير الظاهرة، الأسطح الجليدية، والفتحات الضيقة، وأن يكون وعاء يتم عبره ضخ الهواء إلى شخص عالق في مكان محصور، أو ضخ الماء فوق نيران يصعب الوصول إليها.
وبالرغم من مادة جسمه الرقيقة، يمكنه أن يتلوى ويتمدد لحمل أوزان تصل إلى 68 كيلو جراماً تقريباً، ربما يعني ذلك تحرير شخص من بين الأنقاض. يبقى جسم الروبوت في المكان مع استمرار رأسه بالتحرك مبتعداً عن قاعدته، ما يجعله مساراً موثوقاً به كوسيلة للمناورة.
يقول هوكس: "يتمتع التنقل في البيئة المحيطة بطريقة التمدد المتنامي باثنين من الفوائد المثيرة للاهتمام. أولاً، يمكن للجسم المتنامي أن يمر عبر بيئات مقيّدة وصعبة للغاية، لعدم وجود حركة نسبية بين الجسم والوسط المحيط".
ويضيف: "ثانياً، مع تحرك رأس الروبوت ضمن مسار معين، يتشكل هيكل معين. يمكن استخدام هذا الهيكل لأغراض متعددة، كالاتصالات، عمليات الدعم، أو نقل الحمولات. لذا، وخلافاً لروبوتات البحث والإنقاذ الصغيرة المستوحاة من الحيوانات، يمكن لجسم الروبوت المتنامي أن يلعب دور قناة لنقل الأوكسجين أو الماء إلى الناجين المحاصرين".
قد تستخدم الإصدارات المستقبلية من هذا الروبوت مواد أكثر متانة، كالنايلون المانع للتمزق، أو ألياف كيفلار (علامة تجارية لألياف اصطناعية). وبالنسبة لتطبيقات الجراحة، يقول هوكس إن الفريق يأمل تجربة الاختبارات داخل الأجسام الحية في المستقبل القريب. قد لا تميز الروبوتات اللينة الأجسام الصلبة الأكثر شهرة، ولكنها مثل النباتات والحيوانات التي تقلدها، فهي تلائم بشكل جيد عالماً عضوياً له شكل بشري.
يقول هوكس: "لا أرى أن فكرة الروبوتيات اللينة تدور حول صناعة روبوتات من حلوى الخطمي بغية القيام بشيء مختلف فحسب، وإنما حول وجود مقايضة أساسية عند إضافة عامل المرونة إلى نظام روبوتي معين: مقايضة الدقة وقابلية التكرار عند الروبوتات التقليدية الصلبة، مقابل القدرة على التكيف والسلامة البشرية عند الروبوتات اللينة".