يعتبر الواقع الافتراضي وسيلة فعالة للدخول في تجارب رائعة. ويكفي أن تلبس نظارات الواقع الافتراضي، وتنظر حولك، وسيتم تعديل المشهد المعروض أمام عينيك فورياً لمطابقة حركتك. غير أن هذه التقنية مرئية، ولا تتضمن اللمس، على الرغم من وجود أجهزة تحكم تلعب دور اليد، بحيث تسمح لك بالتعامل مع الأجسام في العالم الافتراضي، أو إطلاق النار من سلاح افتراضي. قد يكون الواقع الافتراضي حالياً قادراً على محاكاة بيئة مسلسل الخيال العلمي westworld، ولكنك لن تكون قادراً على معانقة أي من شخصيات المسلسل باستخدام أي من منصات الواقع الافتراضي الشهيرة، على الأقل حتى إشعار آخر.
قرر قسم الأبحاث في ديزني التعامل مع هذا النقص، ولهذا أطلق سترة فورس، وهي مصنوعة من سترة نجاة تم تعديلها، ويعتمد النموذج الأولي على مجموعة من البالونات الهوائية المدمجة في داخله، والتي تنتفخ، وتتفرغ، وحتى تهتز، من أجل محاكاة الشعور باللمس للشخص الذي يرتدي السترة. وعند التحكم بهذا النظام عن طريق برنامج للواقع الافتراضي، يمكن أن يحاكي أشياء غريبة، مثل الشعور بأفعى تزحف عليك، أو أمور أقل غرابة، مثل التعرض لضربة بكرة ثلج. وباختصار، تقوم العملية على المطابقة ما بين الإحساس اللمسي على جسد مستخدم السترة، وما يراه في العالم الافتراضي. من الجدير بالذكر أن هذا الجهاز هو نتيجة مشروع بحثي، وبالتالي قد يكون من المستحيل العثور على هذه السترات على أمازون، كما أنه ليس المشروع الأول الذي يركز على إدماج الإحساس اللمسي في الواقع الافتراضي.
تقول ألكساندرا ديلازيو، وهي الباحثة الرئيسية في مشروع السترة، ومهندسة باحثة في جامعة بيتسبرج في مجال تقنيات ذوي الاحتياجات الخاصة: "إذا جربت الواقع الافتراضي أو المعزز، ستلاحظ أنه مبني بشكل رئيسي على عالم اندماجي مرئي. غير أن العالم الحقيقي ليس مرئياً وحسب، بل إنه مليء بالتفاعل المبني على القوى والضغوط الفيزيائية". تهدف هذه السترة إلى تزويد العالم الافتراضي بهذا الإحساس باللمس، وحتى ربما تقديم وسيلة ما لإيصال معانقة من شخص عزيز عن بعد.
تتضمن منظومة السترة 26 بالوناً هوائياً. ويتم ضخ وسحب الهواء عن طريق ضاغط هوائي ومضخة. كما تقاس القوة التي تطبقها البالونات عن طريق حساسات بينها وبين جسد المستخدم. وقد توجب على ديلازيو أن تشرف بنفسها على عملية تصنيع الجهاز. وتقول: "لقد صنعت بنفسي أكماماً لتركيبها على سترة النجاة. أشعر أنني تعلمت الكثير من هذا المشروع، بما في ذلك الخياطة". استخدم الفريق كل ما سبق، إضافة إلى وصلة حاسوبية، للحصول على ما أطلقوا عليه اسم "المؤثرات اللمسية"، وهي إحساسات محددة تقوم السترة بمحاكاتها. ومن هذه الإحساسات الشعور بزحف الأفعى، والإحساس بأن عضلاتك تضخمت بشكل فجائي، بحيث تتمكن من لعب دور الوحش الأخضر كما كنت تتمنى على الدوام. أما الإحساس المفضل، وفقاً لمجموعة من الناس الذين اختبروا هذا النظام، فهو يسمى باهتزاز الدراجة النارية. ومن بين الإحساسات أيضاً ما يسمى "نبض القلب الهادئ"، و"عناق الشخص الراشد"، وإحساس يثير القشعريرة باسم "الحشرة الزاحفة على الذراع"، ولكن لم يتم بناء تجربة موافقة في الواقع الافتراضي إلا لإحساس الأفعى وكرة الثلج وتضخم العضلات.
أما بالنسبة لإحساس الأفعى، فتقول ديلازيو أنهم اختاروه لأنه "معروف من الناحية المرئية، كما أنه إحساس واضح، ولكنه ليس شيئاً يمكن أن تشعر به في الحالة الطبيعية"، وهو أمر جيد بطبيعة الحال، كما يمثل إحدى الطرق التي يتيح فيها الواقع الافتراضي للناس اختبار أشياء جديدة.
تقول روبرتا كلاتزكي، بروفسورة في علم النفس في جامعة كارنيجي ميلون ومؤلفة مشاركة في الدراسة التي تصف السترة، إن إدخال تقنيات كهذه في العالم الافتراضي "يسمح بعبور الحاجز الأخير. إنه امتداد للواقع الافتراضي لا يمكن الحصول عليه إلا عن طريق التفاعل مع نظام لمسي".
قام جيريمي بيلينسون، وهو بروفسور في الاتصالات في جامعة ستانفورد، ومدير مختبر التفاعل البشري الافتراضي، بدراسة العلاقة ما بين اللمس والواقع الافتراضي. ويقول في رسالة بالبريد الإلكتروني: "يبين بحثنا أن اللمسة الافتراضية في الواقع الافتراضي لها أثر مماثل للمسة الفعلية في العالم الحقيقي. يمكن للناس أن يتعرفوا على المشاعر عبر أنظمة الواقع الافتراضي اللمسية، ويمكن أن يستخدموا الدلالات الاجتماعية، مثل التقليد والتحيات، بكل فعالية". وتعتبر هذه السترة من أحدث المشاريع في هذا المجال، مثل بدلة هاردلايت وتيسلاسوت.
لا شك في أن الواقع الافتراضي لوحده قادر على تقديم تجربة خيالية قوية للغاية بدون الحاجة إلى سترة نجاة مليئة بالبالونات. يمكن لأداة الواقع الافتراضي أن تكون ببساطة أداة تمسك هاتفك الذكي، مثل جوجل كاردبورد أو سامسونج جير في أر، حيث تتحول شاشة الهاتف الذكي إلى شاشة عرض للواقع الافتراضي، كما يمكن أن تكون هذه الأداة نظاماً متكاملاً مثل أوكيولوس ريفت أو إتش تي سي هايف.
غير أن جمع الواقع الافتراضي مع اللمسي يقدم فرصة لجعل التجارب أكثر واقعية، إذا تم التنفيذ بشكل صحيح. وبالتالي، يصبح بإمكانك أن ترى وتحس بتلك الأفعى تزحف عليك، بدون أن تضطر للتعامل مع أفعى حقيقية.