عدسات بسعر سيارة اللامبورغيني لكاميرات البث المباشر في الأولمبياد

كانون يو إتش دي ديجيسوبر 86. عدسة كانون الصندوقية الميدانية الأساسية. مصدر الصورة: كانون
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا نظرت إلى جوانب الملاعب في أي حدث أولمبي، سترى مجموعات كبيرة من المصورين يحملون كاميرات بعدسات تكبير ضخمة، وهي تجهيزات يتجاوز سعرها بسهولة 10,000 دولار. وعلى الرغم من أنها تمثل حلم كل مصور، فهي تبدو هزيلة بالمقارنة مع العدسات الضخمة لكاميرات البث المباشر، والتي تستخدم لتصوير المنافسات الأولمبية بكامل أبهتها. وفي الواقع، فإن هذه العدسات المثبتة على الكاميرات التلفزيونية قد يصل سعرها إلى 200,000 دولار أو أكثر، وهي بالتالي كثل ثمينة للغاية من الزجاج.

يوجد أكثر من 70 عدسة من كانون لكاميرات البث المباشر في ملعب بيونج تشانج الأولمبي في كوريا، بما في ذلك بعض العدسات من طراز يو إتش دي ديجيسوبر 86، وهي إحدى العدسات الأساسية من كانون، ويبلغ سعرها حالياً 222,980 دولار. تزن هذه العدسة أكثر من 26 كيلوجراماً، وهي بعرض 25.4 سنتمتر وطول 60.69 سنتمتر. وتبدو للوهلة الأولى أشبه بمحمصة باهظة الثمن مع زجاج على الجانب، ولكنها تحوي العديد من العدسات دقيقة التصنيع والتركيب بدلاً من فتات الخبز.

عندما يدخل الضوء إلى العدسة، يعبر العدسات الزجاجية المنفردة في الداخل، والتي تسمى بالعناصر، ويقوم كل عنصر بكسر الضوء وتركيزه أثناء انتقاله إلى الكاميرا. يقول لاري ثورب، وهو زميل أساسي في مجموعة كانون للتواصل وتقنيات التصوير: “تحوي بعض العدسات المتطورة حوالي 30-40 عنصراً في داخلها”. وللمقارنة، نذكر أن العدسات الاعتيادية، مثل التي نجدها في مجموعات التكبير المرفقة بالكاميرات الرقمية، تحوي حوالي 10 عناصر.

عند الانكسار، يتغير الضوء بطرق غريبة، مثل مفعول الموشور، والذي يحلل شعاع الضوء الأبيض إلى ألوان قوس قزح، وذلك لأن الأطوال الموجية المختلفة في الضوء تنكسر بزوايا مختلفة. وفي عالم الكاميرات، يؤدي هذا إلى مفعول يعرف باسم الشذوذ اللوني، حيث تظهر حواف الأجسام محاطة بهالة خضراء أو بنفسجية. ولمواجهة هذه المشكلة، تستخدم كانون بعض المواد الخاصة، مثل الفلوريت، والذي يتمتع بمعامل انكسار أقل من الزجاج العادي، ويساعد على منع تحلل الضوء أثناء انتقاله عبر العدسة.

تُنْحَت عناصر العدسة من قطع زجاجية أولية خشنة، ومن ثم تُلمّع – أحياناً بشكل يدوي – للتخلص من العيوب. يقول ثورب: “يتطلب تلميع عدسات التصوير بدقة 4K وقتاً أطول، لأن أداءها قد يتأثر حتى بالعيوب التي لا تتجاوز أبعادها النانومتر”.

يوجد الفلور بشكل طبيعي، ولكن بلوراته صغيرة بشكل عام، ولهذا تنتج كانون بلوراتها الخاصة بكميات كبيرة، وتستخدم الشركة هذه المادة منذ 1969.

الشذوذ اللوني
تنكسر الألوان المختلفة في الضوء بزوايا مختلفة، ما يؤدي إلى ظهور هالات بشعة في الصور، ويتوجب على العدسات أن تصحح هذا التأثير.
مصدر الصورة: كانون

يلعب شكل كل عنصر دوراً هاماً أيضاً. وعندما نفكر بالعدسة، عادة ما نتخيل قطعة زجاجية محدبة ملساء، مثل عدسة لاصقة كبيرة. غير أن العدسات بهذا الشكل لا يمكن أن تركز الأشعة الضوئية المتوازية في نفس النقطة. ولكن تغييراً خفيفاً في الشكل قد يساعد على التخلص من التشويه الذي يظهر عادة في العدسات واسعة الزاوية، ويمنع ظهور الشذوذ الكروي، حيث تظهر الأشكال في وسط الصورة أكثر تركيزاً من الأجسام على الأطراف.

إضافة إلى جودة الضوء الذي تمرره العدسات، يجب على كانون أن تهتم أيضاً بشدة هذا الضوء. عادة ما تكون فتحات العدسات الصندوقية كبيرة، ما يسمح بدخول الكثير من الضوء، وهي ميزة أساسية لتركيز الصورة والتصوير ضمن ظروف ضوئية مختلفة. يُعبر عن حجم فتحة العدسة بمعامل يسمى رقم f، وكلما كان هذا الرقم أصغر، كانت الفتحة أكبر (بالنسبة للعدسة نفسها). تتمتع العدسة الصندوقية يو إتش دي ديجيسوبر 86 بفتحة قصوى تبلغ f/1.7 عند إعدادها للتصوير بزاوية كبيرة، ما يسمح بدخول مقدار من الضوء أكثر من أي عدسة عادية في السوق، بما فيها أفضل عدسات الكاميرات الرقمية. يقول ثورب: “إن الفتحات الكبيرة أحد أهم أسباب ضخامة هذه العدسات، حيث يتطلب دخول كل هذا الضوء وجود عنصر أمامي كبير الحجم”.

التكبير

من الأشياء الأخرى التي تزيد من حجم وسعر هذه الوحوش البصرية: مدى التكبير. يمكن لعدسات الكاميرات الرقمية المتطورة أن تحقق تكبيراً بصرياً بمقدار 3 أو 4. أما عدسة يو إتش دي ديجيسوبر 86، فتتمتع بتكبير 86، كما يوحي الاسم. وإذا كنت سمعت بالأبعاد المحرقية، فالبعد المحرقي لهذه العدسة يتراوح ما بين 9.3 مليمتر و800 مليمتر. كما أن العدسة تحوي على آلية امتداد تضاعف البعد المحرقي الفعال من 18 مليمتر إلى 1600 مليمتر تقريباً، ما يسمح لهذه العدسة بتكبير الصورة وتركيزها على وجه أحد الرياضيين في الجهة المقابلة من الملعب.

الدقة

يصنف حساس كاميرات البث المباشر بنسبة 3/2 بالبوصة، مع بعد قطري يساوي 11 مليمتر. وبالمقارنة، فإن الكاميرات الرقمية ذات الحساس كامل الحجم (مثل التي نراها مع المصورين قرب ساحة الملعب) تتمتع ببعد قطري يساوي 42 مليمتر. أي أنه يجب أن نحشر الكثير من البيكسلات ضمن مساحة صغيرة للغاية للحصول على الدقة العالية وحسب. وبالانتقال إلى دقة 4K، تصبح الأمور أكثر صعوبة. يقول ثورب: “في عالم التلفزيونات عالية الدقة، يجب أن يحتوي كل مليمتر من الصورة على 100 خط أبيض وأسود يمكن رؤيتها بتباين جيد”. أما دقة 4K فتضاعف من هذه المتطلبات، وتحتاج إلى مستويات غير مسبوقة من الدقة فيما يتعلق بالتجهيزات البصرية.

المحاكاة

قبل عمليات التلميع، وقبل حتى أن تلمس آلة النحت الزجاج، تعتمد كانون على عمليات المحاكاة لتقدير البنية والتنظيم المثاليين للعناصر. يقول ثورب: “يدرس الحاسوب مئات الملايين من الخيارات قبل بناء نموذج أولي لعدسة جديدة. وتستغرق عمليات المحاكاة والتحليل الحاسوبي للأبعاد والأشكال أشهراً عديدة”.

اختبار كانون لنمط التوزع
تستخدم كانون هذا النمط من مصادر الإضاءة لاختبار الأداء البصري للعدسة. في اليسار: “الدخل الضوئي لعنصر من العدسة، يتألف من مجموعة من المصادر الضوئية النقطية الصغيرة للغاية لمحاكاة شذوذ التركيز في العدسة”. في اليمين: “تناقص التركيز من المركز نحو الأطراف بسبب تحدب حقل الرؤية”.
مصدر الصورة: كانون

الإلكترونيات

إضافة إلى العناصر الزجاجية، يوجد الكثير من العناصر الإلكترونية. تتوضع أجهزة التحكم بالعدسة على جانبي الجسم، ويستخدمها المصور بكلتا اليدين، وعادة ما يستخدم اليد اليمنى للتحكم بالتكبير واليسرى للتحكم بالتركيز.

يقوم المخرج، والذي يتواجد عادة في موقع بعيد مثل غرفة تحكم أو عربة بث، بإعطاء التعليمات للمصور عن كيفية تصوير المشهد. ونظراً لأن التحكم بالعدسة يتم بشكل إلكتروني، يمكن للمخرج أن يعدل إعدادات العدسة عن بعد، ما يسمح للمصور بالتركيز على ملاحقة هدف الصورة، والذي عادة ما يكون سريع الحركة.

يجب أن تتحرك العناصر الزجاجية بتزامن دقيق للغاية، ولهذا تقوم محركات السيرفو الإلكترونية (محركات ذات تحكم دقيق) بتحريك مجموعات العناصر في اتجاهات مختلفة أثناء تعديل التركيز والتكبير. كما أن العدسات التي تحوي ميزة تثبيت الصورة تتطلب وجود عناصر تتحرك داخل أنبوب العدسة لمعاكسة تأثير الحركات الطبيعية للعدسة الضخمة. وهو أمر هام على وجه الخصوص عندما تضيق الصورة ويصل التكبير إلى الحد الأقصى، حيث تكفي أقل حركة لجعل الكاميرا تهتز لدرجة تصيب المشاهدين بالغثيان.

يختم ثورب قائلاً: “يتمتع المصورون بمهارة عالية. شخصياً، لا أرغب بأن أكون مسؤولاً عن ملاحقة متزلج يندفع بسرعة عالية فيما يشاهده العالم بأسره”.