شهدت نهايات العام الماضي ومنتصف العام الحالي، مجموعة من أكبر الأزمات التي تعرض لها فيسبوك خلال مسيرته منذ انطلاقه في عام 2004، بدأت بكارثة كامبريدج أناليتيكا، التي كانت بوابة لكثير من الفضائح المتعلقة بخصوصية البيانات وطريقة استخدامها، وصولاً إلى الاختراقات المتتالية التي وقعت خلال العام الحالي، والتي نتج عنها توقف الموقع عن العمل بالكامل لساعات في العديد من مدن العالم. أما الآن وبعد كل تلك الأزمات، يقرر فيسبوك الدخول إلى قلب واحدة من القلاع التكنولوجية الأكثر تأثيراً خلال الأعوام الماضية، ألا وهي البلوكتشين، فكيف ستكون القصة؟
ليبرا: عملة الفيسبوك
أعلن فيسبوك عن نيته الدخول إلى عالم العملات المشفرة، وإطلاق عملته الخاصة، في الـ 18 من يونيو/حزيران الجاري، وسيستخدمها رواد فيسبوك في تعاملاتهم النقدية مع الموقع بشكل عام، لتكون معادلة للدولار.
ستصبح العملة مُفعلة بشكل رسمي بحلول عام 2020، وسترتبط بالعديد من الخدمات المالية الشهيرة، حتى تصبح بديلاً تقنياً مناسباً لمختلف الفئات المتعاملة مع المنصة.
كانت البداية بتعيين «ديفيد ماركوس» أحد المديرين التنفيذين سابقاً في باي بال كمسئول عن فريق بحثي جديد يختص بالبلوك تشين والعملات المشفرة، ليدخل فيسبوك مرحلة جديدة من مراحل الارتباط بحاجات البشر حول العالم، حيث صرّح مارك زوكربيرج قائلاً: «يجب أن يكون إرسال الأموال بين المستخدمين بسهولة إرسال الصور».
كما يطمح فيسبوك لأن تكون العملة الجديدة عملة مستقرة على غرار الدولار الأمريكي، لها حضورها العالمي الثابت، وغير متذبذبة مثل عملة البيتكوين.
فيسبوك تعلم الدرس من بيتكوين
صحيح أن عملة فيسبوك تتفق مع بيتكوين في المبدأ نفسه، وهي أن كلاهما عملة غير مركزية، وغير خاضعة لأنظمة حكومية أو بنوك مركزية بعينها، إلا أن بيتكوين وبعد انطلاقه تحرك منفرداً دون حلفاء؛ ما أدخله في دائرة الحظر في العديد من الدول، واحتاج الكثير من الوقت، ليصل إلى دائرة التقنين.
أما فيسبوك فقرر أن الخدمة -حتى قبل بدايتها- ستكون ذات قاعدة صلبة، حيث أعلنت الشركة أن الخدمة، ستكون مرتبطة بأشهر الخدمات المالية حول العالم، وهم فيزا، وماستر كارد، ومعهم خدمة تحويل الأموال الشهيرة باي بال؛ ليتحول فيسبوك إلى كيان تحويل أموال فعلي، عالمي يضم في جعبته 2 مليار مستخدم. ولزيادة معدلات المصداقية، أعلنت الشركة أن موظفي ذلك القسم في فيسبوك، سيحصلون على رواتبهم بهذه العملة.
وبمجرد أن تتم الاتفاقية، سيصبح بمقدور المستخدمين، التعامل مع بطاقات هذه الخدمات المصرفية، للحصول على أموالهم بالعملات النقدية، في مقابل ما يمتلكونه في حسابهم من عملات «ليبرا» على عكس الأزمة التي يقع فيها مالكو بيتكوين حول العالم، وصعوبة توافر بديل نقدي فعلي.
ليبرا بيتكوين: اتفاق أم تنافس
في ظل بعض المخاوف المتعلقة بخصوصية فيسبوك ومعدلات الأمان الخاصة به، تحديداً بعض حوادث التوقف المتعددة التي تعرض لها فيسبوك خلال العام الحالي، فإن فكرة الدخول في جانب التحويلات المالية على مستوى عالمي، قد تشكل خطراً بالنسبة لمستخدمي فيسبوك، لاسيما وأن الموقع يعتمد بصورة رئيسية على المعلومات والاستفادة منها.
في حين تقوم فكرة البيتكوين على الخصوصية وصعوبة اختراق خوادمها السرية، التي توفر أعلى معدلات الأمان، كما أنها ليست شائعة بذلك القدر الذي يمكن أن يكون عليه الحال في فيسبوك.
ومن هنا يمكن القول أن فيسبوك لعب على عنصر الإتاحية الذي تفتقده بيتكوين، في الوقت نفسه الذي عجز فيه عن تقديم بديل يعادل مقدار الأمان الذي تقدمه تقنية البلوك تشين، فالمستقبل وحده سيوضح ذلك.