فرضت وسائل التواصل الاجتماعي على المستخدمين واقعاً جديداً، من حيث التأثر النفسي بالتفاعلات والتعليقات، وعمليات التواصل. فارتفاع أرقام التفاعل مع المحتوى المنشور على حسابات المنصات، هو أمرٌ يدعو إلى الفخر أو الضحك، خاصةً إن كانت هذه أول مرة يثير ما تنشره انتباه المتابعين.
قد يتخذ الأمر مساراً آخر يتعلق بالسخرية من تلك الشهرة، مما يدفع الشخص إلى تقديم المزيد. وقد أصبح إنستاجرام مثلاً سبباً من أسباب التأثر النفسي لدى العديد المستخدمين، لأنه يعجّ بكم هائل من الصور والفيديوهات. لذا لنتخيّل أن تتغير تلك الصورة بشكل مفاجئ.
إخفاء عداد الإعجابات على فيسبوك
بدأ فيسبوك في تجربة مجموعة من التغييرات الهامة على كافة المنصات التابعة له، وفي حال تعميمها وتطبيقها على جميع المستخدمين حول العالم،ستغيّر تجربة استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير عما كانت عليه طوال السنوات الماضية .
تعد ميزة التفاعل مع المنشورات بالإعجاب بها والتعليق عليها؛ واحدة من أهم العوامل المؤثرة بنسبة كبيرة في المحتوى المنشور على فيسبوك، باعتباره المنصة الأكثر شهرة واستخداماً بين المتابعين. فكلما زاد عدد الإعجابات والتعليقات، زاد التفاعل من قبل المستخدمين، وزاد معها شهرة مقدم المحتوى. وها هو فيسبوك يختبر طريقة جديدة تحكم حجم التفاعل على المحتوى المنشور، حيث تخفي عدد الإعجابات والتفاعلات مع المنشور، وقد دخل الأمر حيز التنفيذ بالفعل في أستراليا منذ فترة ليست بالقليلة.
يختبر فيسبوك بهذه الطريقة الجديدة حلاً لواحدة من الأزمات التي خلقتها منصات التواصل الاجتماعي مجتمعياً خلال السنوات الماضية؛ فقد كشفت دراسة أجريت في معهد العلوم التكنولوجية بجامعة برلين عام 2013، وبعض الدراسات التي أجراها فيسبوك نفسه، تَسبب منصات التواصل الاجتماعي في التباغض بين الأشخاص، والتنافس للحصول على انتباه الآخرين وتفاعلهم، وقد يقومون بفعل أي شيء للحصول على الإعجابات أو التفاعل. كما يهدف من تلك التجارب يختبر القضاء على تلك الظاهرة، وتحويل التدوين والنشر عبر المنصة إلى مشاركة خالية من أغراض لفت الانتباه.
انستاجرام وحيلة تطبيق المواعدة الجديد
اتبعت انستاجرام الإستراتيجية نفسها، لكن باختلاف قليل عن فيسبوك. السبب في ذلك هو كثرة الفيديوهات والصور التي يتم مشاركتها من قِبل الناس؛ الأثرياء والمشاهير خاصة، أو صور المؤسسات والشركات المختلفة. اتخذت انستاجرام قرار بدء التجربة من كندا مطلع العام الحالي، وبدأ التطبيق بالفعل في إخفاء عداد الإعجابات على المنصة. ثم اتخذت العديد من الدول (أستراليا، البرازيل، إيرلندا، إيطاليا، اليابان، ونيوزيلندا) هذه الإجراءات. ومن المنتظر أن تتوسع التجربة أكثر في مزيد من البلدان خلال الفترة القادمة.
بدأ انستاجرام من ناحية أخرى اختبار آلية جديدة لعمل المنصة، وهي إخفاء خانة المتابعين على الحسابات. ستمنع هذه الآلية صاحب الحساب من معرفة الأشخاص الذين يقومون بمتابعته، وستخفي كذلك المتفاعلين. لذا فلن يستطيع صاحب الصورة أو مقطع الفيديو معرفة من تفاعل مع منشوره، ليصبح سرياً بالكامل.
وقد أثار الأمر جدلاً بين المستخدمين على المنصات الاجتماعية. فقد ارتبط الأمر عندهم بإظهار الاهتمام العاطفي أو الإعجاب المتبادل؛ لذا فلن تصبح هذه الطريقة فعّالة. لكن الأمر يمكن أن يحيلنا إلى تمهيد الطريق نحو تطبيق المواعدة الجديد، والذي يستعد فيسبوك نشره حول العالم، لينافس تطبيقات المواعدة الشهيرة.
كما أن العلاقة بين إخفاء المتفاعلين على انستاجرام وتطبيق المواعدة الجديد -الذي لم يعلن بشكلٍ رسمي- تكمن في أن تطبيق المواعدة الجديد يعمل من خلال قيام المستخدم بتحديد مجموعة من الأشخاص الذين يبدي إعجابهم الشخصي به بسرية، وسيقوم التطبيق بإرسال إشعاراً لكل اثنين يعجب بعضهما بعضاً بشكلٍ سري.
العلامة الدالة على ذلك هنا، هو ما أعلنه تطبيق المواعدة منذ فترة قريبة، بأنه سيسمح للمستخدمين أن يختاروا ضمن معجبيهم السريين الأشخاص الذين يتابعونهم على انستاجرام في حال لم يجدوهم على فيسبوك.
ومن هنا يمكن التفكير في أن إخفاء التفاعل على انستاجرام في هذه الحالة تحديداً، يفسح المجال لتطبيق المواعدة الذي أصبح يعمل في 20 دولة بالفعل، ومن المنتظر أن يتوسع خلال الفترة القادمة.
والآن، هل تخيلت كيف ستكون المنصات الاجتماعية في المستقبل القريب من دون عداد أرقام؟ وبرأيك، هل إخفاء عدادات الأرقام في منصات التواصل الاجتماعي هو إجراء صحيح؟