قطار بسرعة الصوت اسمه “هايبرلوب”

3 دقائق

كان تاريخ 21 أبريل 2015 تاريخاً مميزاً بعالم القطارات، فقد حقق قطار ماجليف Maglev أو ما يعرف بقطار الرفع المغناطيسي سرعة بلغت 603 كم/سا وهي أعلى سرعة يتم تحقيقها على سكة حديدية، أو فلنقل أنها أعلى سرعة يتم تحقيقها بوسيلة نقل غير جوية. لكن في تلك الأثناء كان هناك مشروع يهدف لجعل هذا الرقم صغيراً وغير ذي أهمية.

بطل هذا المشروع هو رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك صاحب الباع الطويل بعالم الابتكار، والذي كان قد تقدم سنة 2013 بتصميم هندسي لما يعرف اليوم بقطار هايبرلوب Hyperloop، وهو قطار يبشر بثورة بعالم النقل والمواصلات. هي ثورة لأنها ستغير من شكل السكك الحديدية وكلفة النقل عدا عن السرعة.

كبسولة داخل أنبوب

يتحرك قطار هايبرلوب، والذي يشبه سلسلة كبسولات، ضمن أنبوب شبه مفرغ من الهواء قطره حوالي ثلاثة أمتار ونصف، أما آلية الحركة فهي تعتمد على مضخة هوائية تدفع العربة من الخلف، بالإضافة إلى مضخات هوائية على جوانب العربة تضخ الهواء لتؤمن الوسادة الهوائية والتي ستسير -أو ستنزلق- ضمنها العربة بأقل احتكاك، أو يمكن استخدام تقنية الرفع المغناطيسي المستخدمة بقطار ماجليف والتي تعتمد على التنافر المغناطيسي بين القطار والسكة لرفعه فوق وسادة مغناطيسية، لكنه يتميز عن قطار ماجليف بوجوده ضمن الأنبوب المفرغ من الهواء والذي سيعطيه سرعة أكبر قد تصل إلى 1200 كم/سا (تبلغ سرعة طائرة البوينج 747 825 كم/سا وسرعة الصوت 1224 كم/سا ).

شبكة خيوط رفيعة

المسار الذي سيتحرك ضمنه القطار الجديد، أي المسار الأنبوبي، أعطاه ميزة أخرى، هي إمكانية تمديد الأنابيب لتصل بين المدن بأقصر الطرق، أو فلنقل بخطوط مستقيمة، ويشبه الأمر الإمساك بخريطة ورسم خطوط بين المدن بواسطة المسطرة، خاصة أن الأنبوب قد يعلو فوق سطح الأرض أو ينزل تحتها كما أنه قد يمر عبر البحار والمسطحات المائية. هذه الميزة التي كانت حكراً على الطائرات قد يمكن توفيرها جزئياً لهذه العربات وأنابيبها الرفيعة نوعاً ما، والتي ستبدو كخيوط متشابكة إذا نظرنا إليها من الأعلى. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الخطوط أو الأنابيب ستصل أطراف المدن ببعضها، وهي لن تدخل إلى الشوارع وتلتف حول الساحات لأن فعاليتها تتجلى باستقامتها وقلة الانعطافات. هذه النقطة تقلل من أسهم الهايبرلوب عند التفكير بربط مدن قريبة من بعضها حيث سيتطلب الأمر الخروج إلى أطراف المدينة ثم ركوب القطار ومن ثم الانتقال بوسيلة نقل أخرى إلى داخل المدينة الثانية. فعلى سبيل المثال قد يفضل الكثير من الأمريكيين مشروع الأوتوستراد السريع بين كاليفورنيا وسان فرانسيسكو عن مشروع ألفا الذي طرحه ماسك لربط المدينتين عن طريق خط هايبرلوب.

أسواق جديدة وفرص استثمارية

توجد اليوم ثلاث شركات تقوم بالاستثمار بهذه التقنية الجديدة هي : ترانسبود TransPod وشركة تقنيات الهايبرلوب HTT بالإضافة إلى هايبرلوب ون Hyperloop one وهذه الأخيرة هي التي تهيمن على أغلب مشاريع هايبرلوب المستقبلية في كل من روسيا والصين والدول الاسكندنافية والولايات المتحدة بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة التي تعمل باستمرار على توفير البيئة الملائمة لتطوير تقانات المستقبل. ضمن برنامج مسرعات دبي المستقبل تم الاتفاق مع هايبرلوب ون على إقامة مشروع لربط دبي بأبوظبي والفجيرة عن طريق خطوط هايبرلوب وذلك مع حلول سنة 2020، فمع حلول هذه السنة سيقطع المسافر المسافة بين دبي وأبوظبي خلال 12 دقيقة (تستغرق الرحلة حوالي ساعة بالسيارة)  وسيتطلب الأمر 10 دقائق لقطع المسافة بين دبي والفجيرة، أما إذا امتدت هذه التقنية إلى دول الجوار فسيتطلب الأمر 40 دقيقة فقط للوصول إلى الرياض.

أسئلة برسم السيد ماسك

رغم كل ما تبشر به هذه التقنية من اختصار للوقت وتغيير في بنية منظومات المواصلات، فإن هناك بعض النقاط التي تحتاج لتوضيح قبل المضي قدماً بهذا المشروع، فكما ذكرنا تتجلى فعالية هذه القطارات - الكبسولات عند الحديث عن المسافات الطويلة، لكنها بنفس الوقت تتطلب من المسافر الجلوس بوضعية هي أقرب إلى الاستلقاء على الظهر طيلة الرحلة، فهل يمكن تحمل هذه الوضعية لساعات؟ سؤال آخر يطرحه الخبراء: ماذا لو انقطع التيار الكهربائي في منصف المسافة؟ وإجمالاً أليست هذه الخطوط لقمة سائغة للعمليات التخريبية والإرهابية؟ هي تحديات يتوجب على القائمين على المشروع أخذها بعين الاعتبار.  لكن في الواقع لا يبدو صاحب الفكرة إيلون ماسك قلقاً من عدم نجاح الفكرة، فهو يخطط لتطبيقها بمكان آخر، هو كوكب المريخ! حيث أنه لن يحتاج هناك لأنابيب مفرغة من الهواء، فالضغط الجوي منخفض جداً على سطح الكوكب الأحمر وكل ما يتطلبه الأمر هو فقط سكة مجهزة لحمل العربات.

لكن بالنهاية يبدو السيناريو الأفضل هو تطبيق هذه التقنية في كلا الكوكبين الجارين. ونحن السكان الأرضيين نترقب تجربة هذا القطار ضمن الأنبوب الذي بني خصيصاً في صحراء نيفادا بطول 500 متر وقطر 3.3 متر، هذه التجربة من المتوقع إجراؤها خلال شهر يونيو القادم. وهي ستجيب على الكثير من التساؤلات.

 

المحتوى محمي