قد تمر بجوار حفلٍ موسيقي صاخب أو يتواجد مقر سكنك بالقرب من منطقة أعمال دائمة تنزعج منها الأذن، وتفكر في حلٍ للهروب من هذا الصوت المزعج. السماعات اللاغية للضوضاء قد تكون حلك السحري. توفر لك هذه السماعات مساحةً من الهدوء والراحة لأذنيك وسط مئات الأصوات المزعجة المحيطة بك، لكن كيف تلغي هذه السماعات الضوضاء؟ ومتى ظهرت هذه السمّاعات؟ وكيف تختلف عن السماعات التقليدية التي نضعها على آذاننا؟
متى ظهرت أول سمّاعة تجارية لاغية للضوضاء؟
في عام 1978، على ارتفاع آلاف الأقدام فوق المحيط الأطلسي، وُلدت حقبة جديدة في علم الحد من الضوضاء المحيطة عندما كان «عمّار بوز» –مؤسس شركة بوز للصوتيات- في طريقه من الولايات المتحدة إلى سويسرا.
عرض عليه طاقم الطائرة سماعات رأس للاستماع إلى الموسيقى خلال الطيران. ولعدم وجود أي وسيلةٍ للهروب من صوت الطائرة، لم يستطع حينها الاستمتاع بالموسيقى، وبدت له فكرة جيدة أن الأمر سيكون على ما يرام إذا ما قام بوضع مناديل ورقية على أذنيه، وجرّب العديد من المحاولات لمعرفة ما إذا كان يُمكنه منع هذه الضوضاء أم لا.
بمُجرّد عودته، شكّل بوز فريقاً تقنياً للعمل على تقنيةٍ للحد من الضوضاء. هذه الفكرة التي أتت إلى السيد عمّار بوز في رحلته، اختبرها بعد ذلك بثمانِ سنوات. وفي عام 1989، شهد العالم ميلاد أولى السماعات التجارية اللاغية للضوضاء.
كيف تعمل السماعات اللاغية للضوضاء؟
عند الاستماع إلى الموسيقى باستخدام زوجٍ من سماعات الرأس اللاغية للضوضاء، يُمكنك أن تشعر على الفور بمدى روعتها، لأنها تحظر تماماً أي موجاتٍ صوتية غير ضرورية من الدخول إلى أذنيك، لكن إذا كانت فعالة للغاية، فلمَ لا تلغي سماعات الرأس العادية الضوضاء في الطبيعة؟ بالطبع هناك سر وراء ذلك.
من الناحية الفنيّة، هناك نوعان من السماعات اللاغية للضوضاء:
- سماعات سلبية لاغية للضوضاء
يوفر أي زوج من سماعات الرأس الحماية ضد الضوضاء تقريباً بسبب المواد نفسها، حيث يحجب التصميم والمواد الأساسية موجاتٍ صوتيةٍ معينة، خاصةً الموجات عالية النغمة (الأصوات المرتفعة وعالية التردد). ومع ذلك، فإن أفضل سماعات إلغاء الضوضاء السلبية مصممة بشكل خاص.
تحتوي سماعات الرأس هذه على طبقات متعددة من الفوم عالِ الكثافة (أو بعض المواد الأخرى التي تمتص الصوت)، مُعبّأة بداخلها، وتقلل بالفعل حدّة الضوضاء، بمقدار 15-20 ديسيبل، لكنها أثقل قليلاً من سماعات الرأس العادية.
- سماعات نشطة لاغية للضوضاء
بالإضافة إلى ما يقدمه النوع الأول، تُقدم سماعات إلغاء الضوضاء النشطة طريقة مختلفة في الإلغاء. فتصميمها لا يقتصر على احتوائها على مواد ممتصة للضوضاء بداخلها، بل يستخدم تقنية للتعويض عن الضوضاء المحيطة.
بأبسط طريقة، تُصدر هذه السماعات موجات صوتية خاصة بها، ففي اللحظة التي يُثار حولها صوت ضجيج، تبدأ هذه السماعات بإطلاق موجات صوتية خاصة، تشبه إلى حدٍ بعيد موجات الصوت المحيطة لتصدها.
يُمكن لسماعات الرأس النشطة اللاغية للضوضاء أن تقدم فائدة السماعات السلبية. فهيكلها ذاته يخلق حاجزاً يحظر الموجات الصوتية عالية التردد، وتضيف كذلك مستوىً إضافي من تقليل الضوضاء، عن طريق محو الأمواج الصوتية منخفضة التردد بشكلٍ جيد.
هذا النوع الأخير يحتاج إلى بعض المكونات لإتمام عملية إلغاء الضوضاء، وهي:-
- الميكروفون: يلتقط الميكروفون الموجود داخل كأس الأذن (الجزء الذي يوضع على الأذن)؛ الأصوات الخارجية التي لا يُمكن حظرها بشكلٍ سلبي.
- دوائر إلغاء الضوضاء: توضع هذه الإلكترونيات في كأس الأذن الخاصة بالسماعة، وتأخذ بصمة الضوضاء من الميكروفون مع ملاحظة تواتر الموجة الواردة وسعتها، ثم تقوم بخلق موجة جديدة بدرجة 180 خارج طور الموجات المرتبطة بالضوضاء.
- السماعة نفسها: يتم إدخال الصوت المُضاد الذي أنشىء بواسطة دوائر إلغاء الضوضاء في سماعات الرأس مع الصوت العادي، ويقوم الصوت المضاد الصادر عن السماعة بمسح الضوضاء عن طريق التدخل المدمر، لكن دون أن يؤثر على موجات الصوت المطلوبة في الصوت العادي.
- البطارية: يُشير مصطلح «نشط» في اسم السماعة إلى حقيقة أنه يجب إضافة الطاقة إلى النظام لإنتاج تأثير إلغاء الضوضاء، ومصدر الطاقة لهذا النظام هو بطارية قابلة للشحن داخل السمّاعة.
بهذه الطريقة، تستطيع سماعات إلغاء الضوضاء خفض الضوضاء بنحو 20 ديسيبل، وهذا يعني أن حوالي 70% من الضوضاء المحيطة تم حظرها بشكلٍ فعال. هذا يجعلها مثاليةً تماماً خلال السفر بالقطارات، أو الطائرات، أو في بيئات العمل المفتوحة، أو أي مواقع يكون مستوى الضوضاء بها عالِ في الخلفية.
هل تختلف سماعات عزل الصوت عن اللاغية؟
تعتمد سماعات عزل الضوضاء على نفس مبدأ سماعات إلغاء الضوضاء السلبية، وهو وجود مادة حاجبة للصوت فعلياً. فكلما كانت المادة الموجودة في السماعات كاتمةً للصوت، كان العزل جيداً. ولا تستخدم السماعات العازلة أيّ طاقة أو إلكترونيات لمنع الضوضاء المحيطة، وكلما كانت أغطية السماعات مُحكمة كان العزل جيداً. وقد نعتبر السماعات السلبية اللاغية للضوضاء هي نفسها سماعات عزل الصوت لكن بدرجاتٍ قليلة.
من بين السماعات الأشهر في إلغاء الضوضاء لمرتديها هي سماعات «سوني WH-1000XM3» و«بوز كوايت كومفورت 35 II» و«جابرا إيليت 85h وAKG N700NC» و«بيتس ستوديو 3» وغيرها من السماعات التي تلغي الضوضاء بشكلٍ احترافي.
يمكننا تلخيص ذلك في أن سماعات العزل أو الإلغاء نوعان، أحدهما يستخدم الطاقة والدوائر الكهربائية لصد الصوت الصادر من الضوضاء، والآخر يعتمد على الحشو الموجود في أغطية السماعات في منع الضوضاء.