كيف يضرنا الاستماع إلى الأصوات العالية عبر سماعات الأذن؟

3 دقائق

في عالم مليء بالضجيج والزحام، وجد أغلب الناس ضالتهم في هواتفهم وأجهزتهم الذكية. يرتدون سماعات الأذن، يركزون أبصارهم على الشاشة. يستمعون لمقاطع الموسيقى المفضلة لهم تجنباً للضوضاء الصادرة من أحاديث الناس الجانبية حولهم وأبواق السيارات، وحتى أثناء العمل. يرفعون الصوت إلى أقصى حد حتى يطغى على هذه الأصوات العالية، لكنهم ربما لا يعلمون أن الأمر قد ينتهي بهم إلى فقدان السمع مستقبلاً. 

قد يتعرض أي شخص لفقدان السمع الناتج من الضوضاء يغض النظر عن عمره، ومصدر الصوت المرتفع. فإذا كان مجال عملك مرتبط بالضوضاء والتعرض لترددات صوت عالية لفترات طويلة، مثل الحرفيين العاملين في ورش النجارة والميكانيكا أو فنيي الصوت ومنظمي الحفلات، فقد تختبر خطر التعرض لفقدان السمع في عمرٍ أصغر. ولا يتم اكتشاف المشكلة إلا تدريجياً مقترناً بالتقدم في العمر. 

التعرض للأصوات العالية ولفترات ممتدة بغير انقطاع يزيد من مخاطر فقدان السمع. لكن عندما يتعلق الأمر بسماعات الأذن الشخصية، فالأمر يختلف نسبياً من شخصٍ لآخر حسب مستوى الصوت الذي يستمع إليه عبر سماعاته، والمدة التي يستمع فيها، ونوع السماعات نفسها سواء توضع مباشرةً داخل الأذن مثل سماعات الآي بود، أم خارجية توضع فوق الأذن «over-ear headphones».

فقدان السمع ومشاكل صحية أخرى

يميل أغلب الشباب والمراهقين إلى رفع الصوت إلى الحد الأقصى عند الاستماع إلى مقاطع الموسيقى والأغاني على هواتفهم المحمولة. وكنتيجة مترتبة على ذلك، فأكثر من 1.1 مليار شخص ما بين عمر 12 عاماً إلى 35 عاماً معرضين لخطر فقدان السمع، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2015. 

وفقاً للجمعية الأميركية لعلاج النطق والكلام والسمع، فالأصوات التي تصل إلى 85 ديسيبل، وتعادل الصوت الصادر عن دراجة بخارية أو حافلة مزدحمة، قد تكون مضرة إن استمعت إليها لمدة تزيد عن 8 ساعات متواصلة. ومع ارتفاع مستوى الصوت، تقل مدة الاستماع الآمن بشكلٍ كبير. فعلى سبيل المثال عند وصول مستوى الصوت إلى 91 ديسيبل، يمكنك الاستماع فقط لمدة ساعتين قبل أن تبدأ الأصوات العالية في التأثير سلباً في حاسة السمع لديك.

وفقاً لدراسة أجرتها جامعة لانشستر عام 2012، فسماعات الأذن ومشغلات الموسيقى يمكنها الوصول لمستويات صوت تصل حتى 120 ديسيبل، وهو مستوى خطير للغاية، وقد يمنع وصول الإشارات الكهربية المرسلة من أذنيك إلى المخ. في حالة إتلافك لحاسة السمع بهذه الطريقة يصبح من المستحيل استعادة القدرة على السمع مرة أخرى.

قد يعتقد البعض أن أضرار الضوضاء والتعرض المباشر لها من خلال سماعات الأذن تتوقف على فقدان السمع تدريجياً. لكن للضوضاء تأثيرات سلبية أخرى تسبب العديد من المشاكل الصحية؛ مثل ارتفاع ضغط الدم، تسارع دقات القلب، واضطراب المعدة، والشعور بالصداع والتعب العام، ومشاكل في النوم حتى بعد انتهاء التعرض للضوضاء. كذلك قلة الانتباه، وإنتاجية أقل فيما يتعلق بالعمل، وأخيرًا قد تجعلك أقل أمانًا لما حولك من إشارات تحذيرية أو ما شابهها خلال عبورك الشارع أو ركوبك لعربات المترو.

علامات تحذيرية

ولأن الأمر لا يظهر فجأة، فقد يتساءل بعضهم كيف يمكنهم الاستدلال على تعرضهم لفقدان السمع، وتعرض أذنهم للضرر بسبب تعرضهم المباشر لأصوات عالية محيطة، أو مباشرة من خلال سماعات الأذن؟ تجيب على هذا التساؤل «تريسيا آشبي»، مديرة قسم السمعيات في الجمعية الأميركية للعلاج والنطق والسمع، بأن ربما عليك الانتباه لمشكلة فقدان السمع الناتج من الضوضاء إذا تعرضت للآتي:

1. تتحدث بصوتٍ عالٍ ليتمكن الآخرين من سماعك.

2. لا يمكن سماع من يتحدث إليك على بعد أقل من متر واحد.

3. بعد انتزاعك لسماعات الأذن، تشعر بأن الأصوات من حولك مكتومة وغير واضحة.

4. تشعر بطنين أو ألم في أذنيك.

تضيف آشبي أنه ليس بالضرورة أن تمر بكل هذه الأعراض بالتأكيد، خاصة آخر عرضين، لكن أغلبنا قد يكون اختبر التحدث بصوت عالٍ، وعدم تمكنه من سماع حديث الآخرين بسهولة على الرغم من تواجدهم في نطاق قريب منه نسبياً، لذا علينا الانتباه.

لتجنب الأضرار

ربما عليك أن تبدأ من الآن في خفض مستوى الصوت في هاتفك الذكي أو أي أجهزة تستخدمها في الاستماع إلى الموسيقى بصوتٍ عالٍ. يمكنك التحقق من خصائص هاتفك لترى إن كان باستطاعتك التحكم بمستوى الصوت بحيث لا يتعدى 60 – 70%، وبهذا يمكنك مقاومة إغراء رفع مستوى إلى حد مؤذٍ لأذنك. إن لم يكن هاتفك يدعم هذا الحل، يمكن اللجوء لواحد من التطبيقات التي تمكن من التحكم في ظبط مستويات الصوت وفقا للحد الآمن، مثل تطبيق «Volume Lock».

ويمكن لبعضهم اللجوء لحل آخر (أعلى تكلفة) لكنه سيوفر حلًا مثالياً لمن يريدون الابتعاد تماماً عن الضوضاء، وهي سماعات الأذن العازلة للضوضاء؛ لأنها تشجع على خفض مستوى الصوت الذي نقوم بتشغيله. فأغلبنا يفضل أن تكون الموسيقى التي يستمع إليها أعلى نسبياً من أي ضجيج في الخلفية، لكن إذا لم نتمكن من سماع تلك الضوضاء، فلن نضطر إلى رفع مستوى صوت الموسيقى.

على جانب آخر، علينا الانتباه إلى المدة التي نقضيها مرتدين سماعات الأذن، أو في محيط به أصوات عالية، مثل الحفلات وغيره. وننصح بالابتعاد عن سماعات الأذن التي يتم وضعها بداخل الأذن وعوضاً عنها ارتداء السماعات الخارجية الأكبر حجماً، كما يمكنك اللجوء في حالات الضوضاء الشديدة إلى سدادات الأذن أو أغطية الأذن الحامية.

وفي الأخير تذكر، أنه رغم ما تبدو عليه فكرة خفض الصوت الذي تستمتع إليه عبر سماعاتك بأنها غير جيدة بالنسبة للبعض، لكنها أفضل من فقدان حاسة السمع. ما رأيك؟

المحتوى محمي