تستمر الأخبار في الخروج تباعاً عن أن تطبيقاتك المفضلة أصبحت تدعم الوضع المظلم (dark mode)، وأنه صار بإمكانك رؤية شاشة هاتفك وهي تحمل كل المحتوى الذي تفضله، لكنه محاط بطبقة سوداء هادئة تريح العينين في الليل والنهار، لكن هل هذا هو كل شيء؟ هل يمكن أن يكون ذلك هو السبب الوحيد الذي قررت من أجله كل الشركات التقنية أن تدعم خدماتها بالوضع المظلم؟
فوائد متعددة
لنتخيل معاً أنك قمت بإطفاء أضواء المنزل بشكلٍ كامل، كم سيكون معدل الاستهلاك الفعلي للكهرباء؟
في الحقيقة سينخفض معدل الاستهلاك بصورة كبيرة، ولن يزيد الأمر عن بعض الأجهزة الضرورية التي تعمل دائماً في المنزل. هكذا يمكن النظر عن قرب نحو بطارية الهاتف. فالوضع المظلم يجعل استهلاك الطاقة مقتصراً على التطبيقات التي تحتاجها، وتسيير المهام بصورتها الطبيعية بدون استهلاك طاقة إضافية كانت تستهلك في إنتاج الضوء، لكن بقيت بعض الألوان التي تحدد الإطار وما بداخله من كلمات موجودة، ليبدو كل شيء واضحاً بشكلٍ طبيعي.
الأمر لن يتوقف عند الحفاظ على بطارية الهاتف وإطالة عمرها، بل هناك ما يخص صحة المستخدم، فكلما انخفضت معدلات الإضاءة الموجهة نحو العينين، قل بذلك إرهاق العينين وشعورهما بالتعب بسبب الضوء المسلط نحوهما.
فوائد أكثر عمقاً ربما لا ندركها
بإمكانك رؤية الضوء الأزرق المنبعث من شاشة الجهاز الذي تستخدمه، سواء كان هاتفاً أو حاسوباً، إذا كان محيطك مظلم تماماً. وقع الاختيار على ذلك المدى من الأشعة (الضوء الأزرق)، لأنه يقع في نقطة المقدرة البشرية المعتدلة على النظر بشكلٍ مستمر. يمكن أن يكون للضوء الأزرق أنواع مثل الضوء الأزرق الفيروزي والذي يتراوح بين 380 - 500 نانومتر، وهو معدل معتدل. فأقل من ذلك (100 - 380 نانومتر) يمكن أن يكون صعباً في القدرة على الرؤية، أما الحد الأقصى للضوء المرئي فيصل إلى 700 نانومتر.
لكن الحقيقة أنه وحتى بعد اختيار ذلك المدى من الأشعة، إلا أنه ومع مرور الوقت، وطول مدة الاستخدام يتسبب في إجهاد العينين، وقد كان خيار استخدام واقٍ للأشعة مطروحاً بكثرة خلال السنوات الماضية.
ومن هنا جاء دور الوضع المظلم ليقلب الطاولة على هذه الأزمة، ويقدم نوعاً جديداً من تجارب الاستخدام، لن تكون فيه معدلات الرؤية بنفس الصورة التي كانت عليها، مما يعني إرهاقاً أقل للعين، وخطورة أقل في الاستخدام بسبب انخفاض قوة الضوء الموجه نحو العين خلال الاستخدام.
واحدة من المزايا الرائعة كذلك، هي القدرة على استخدام الأجهزة خلال ساعات الليل، في منطقة منخفضة الإضاءة دون القلق من احمرار العين، أو أي مشاكل أخرى يمكن أن يتسبب فيها الجلوس لفترة طويلة أمام الشاشة في مكانٍ مظلم.
وفي حال كنت من مفضلي القراءة الإلكترونية، وتقضي الكثير من الوقت في قراءة الملفات على هاتفك، فالوضع المظلم يزيد من القدرة على التركيز في القراءة. فهو ببساطة ينهي أزمة الضياع بين السطور في الصفحات البيضاء، ففي الوضع المظلم تصبح الصفحة بأكملها سوداء، وحده فقط النص المكتوب هو من يحمل اللون الأبيض، لذلك فقدرتك على تمييز النص ومتابعته تصبح أكبر بكثير.
بدأ الطريق ولن ينتهي الآن
كانت خاصية الوضع المظلم سابقاً نادرة الوجود تقريباً، وقليل من الخدمات التقنية ما تدعمه، لكن الآن صارت كبرى الشركات التقنية تسارع في دعم الوضع الجديد بين خدماتها المختلفة. من بين الأنظمة والخدمات التقنية التي صارت تدعم الوضع المظلم: نظام تشغيل آيفون الجديد IOS 13، حيث صار بإمكان النظام بكامل خواصه وشاشته الرئيسية أن يعمل في الوضع المظلم. كذلك متصفح جوجل كروم، وخدمة «جوجل كيب»، وتطبيقات تويتر وماسنجر و«أوت لوك»، ويوتيوب ومساعد جوجل، وبرنامج مايكروسوفت للكتابة. ومن المنتظر أن تكون النسخة الجديدة من أندرويد 9، وكذلك «أندرويد كيو» تدعمان الوضع المظلم بشكلٍ كامل على غرار آيفون.
الجيد في الأمر أنه ليس إجبارياً، هي مجرد خاصية يمكنك تفعيلها ويمكن إيقافها، ولن يستغرق ذلك سوى ضغطة بسيطة، فهل قررت كيف ستكون تجربة استخدامك؟