كشف إيلون ماسك يوم الجمعة الماضي المزيد حول خطط شركة بورينغ، حيث نشر فيديو تخيلي تظهر فيه زلاجاتٍ تقوم بنقل السيارات بسرعة حوالي 200 كم/سا عبر أنفاقٍ تحت الأرض. هذه الأنفاق التخيلية مصمّمةٌ لتخفيف مشاكل الحركة المرورية في المدن، مثل لوس أنجلوس، حيث توجد مداخل ومخارج عمودية تصل الشوارع بشبكة الأنفاق تحت الأرض. لكن على الرغم من روعة هذه الفكرة، إلا أن الخبراء يشكّكون بإمكانية تطبيقها على أرض الواقع، أو أنها الخيار الصحيح لحل مشاكل الحركة المرورية في المدن.
خلال مقابلته مع كريس أندرسون، المشرف الرئيس لمؤتمرات تيد، بيّن ماسك بأن نظامه سيتضمن شبكةً من الأنفاق ثلاثية الأبعاد، التي تهدف إلى تخفيف الاختناقات المرورية. لكن بيّن ماسك مسبقاً تكاليف حفر الأنفاق تحت الأرض. وبحسب تقديره، تبلغ كلفة نفقٍ بطول 1.6 كم حوالي مليار دولار. ويحاول ماسك تقليل هذه الكلفة من خلال تقليص قطر النفق؛ حيث سيكون عرض النفق حوالي 3.6 متر ليتسع للسيارة والزلاجة معاً. ويأمل في تقليل التكلفة أكثر من خلال رفع قدرة آلات شركة بورينغ لأقصى درجة خلال حفرها للأنفاق، إضافةً إلى القيام بتدعيم جدران الأنفاق أثناء عمليات الحفر.
أهمّ افتراضٍ ضمن اقتراح ماسك، هو وجود عدة طبقات ضمن شبكة الأنفاق، مما يزيد من قدرتها الاستيعابية. كما يمكن أن تتضمن أنابيب لقطارات هايبرلوب.
يقول سام سكوارتز، المفوّض السابق لدى حركة مرور نيو يورك سيتي، والخبير في النقل والبنى التحتية للمدن: "أعتقد أنه من الرائع أن يحسّن ماسك من آلات بورينغ الحالية لحفر الأنفاق، لكن المال وقوانين الفيزياء ليسا إلى جانبه".
وفقاً للفكرة المقترحة، توجد مشكلة انتظار السيارات على الشوارع السطحية من أجل دخول نظام الأنفاق عبر المصاعد. لن تحدث العملية مباشرةً، إذ تحتاج السيارة إلى وقتٍ قبل أن تستقر على الزلاجة وتهبط في النفق، وبعد ذلك يجب حماية الحفرة التي خلّفتها، بحسب قول سكوارتز. (إن ترك بئرٍ مفتوحةٍ ضمن الطريق لهي فكرةٌ سيئة).
وبعد أن تنتهي السيارة من رحلتها السريعة، ستتطلب عملية الصعود احتلال فراغٍ على مستوى سطح الأرض، ويجب تأمين ذلك أيضاً، بحسب سكوارتز. على أية حال، لن يكون هذا المشروع رخيصاً.
يقول سكوارتز: "تبلغ تكاليف بناء مثل هذه الأنفاق أرقاماً خياليةً. لما لا يلتفت ماسك إلى النقل العام، ولم لا نبني مزيداً من أنفاق القطارات السريعة حول لوس أنجلوس" (ليس سكوارتز بعيداً عن المشاكل المرورية، بل هو من اخترع عبارة "اختناق الشبكة").
كما أن مايكل مانفيل، البروفسور المساعد في تخطيط المدن في مدرسة العلاقات العامة في جامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس، لا يعتقد بأن هذه الفكرة يمكن أن تكون خارطة الطريق للمدن من أجل تخفيف الأزمة المرورية.
يقول مانفيل: "نحن بالكاد نستطيع -قانونياً- بناء نفق للقطارات السريعة. فقد لاحقت مقاطعة مدرسة بيفرلي هيلز القوانين والتشريعات من أجل منع أي عمليات حفرٍ لتوسيع شبكة أنفاق قطارات لوس أنجلوس تحت ممتلكاتها". وليست لوس أنجلوس هي المدينة الوحيدة التي تواجه هذه المشكلة.
هناك أيضاً مشكلة لوجستية في خطة ماسك، إذ حتى لو تم تحسين التكنولوجيا الحالية لحفر الأنفاق، "لن نستطيع تحقيق هذا النظام قبل وقتٍ طويل"، بحسب قول مانفيل.
وبالطبع، لا تحتاج الأزمة المرورية إلى حلٍ خيالي يتطلب تكنولوجيا الصعود إلى القمر، بحسب مانفيل. وإنما يتطلب الأمر وضع رسومٍ ماليةٍ مناسبةٍ مقابل استخدام الطرقات. في مثل هذا النظام، ستزداد تكلفة الطرقات المزدحمة مع ازدياد الطلب على استخدامها. يقول مانفيل أن هذه الفكرة جيدة، لأن مشكلة المدن تكمن في ازدحام بعض الطرقات الجانبية في أوقاتٍ محددة، وليست المشكلة في قلّة الطرقات.
تتكامل فكرة الرسوم المالية المتغيرة للطرقات مع وسائل النقل العامة، لأنه سيصبح بإمكان الأفراد اختيار النقل العام كالحافلات أو القطارات، بحسب قوله، كما أنها ستشجعهم على تفادي الطرقات المكتظّة نظراً لارتفاع تكلفتها. ويمكن أيضاً أن تزيد من رحلات السيارات المشتركة (السيارات التي يتشاركها عدة ركاب).