معارك الطائرات بدون طيار، الرياضة التي ستنهيها ولاية كاليفورنيا عن غير قصد

3 دقائق
طائرات بدون طيار ضمن حلبة القتال داخل هذه الشبكة مكعبة الشكل، تخوض الطائرات بدون طيار معركةً شرسة.

هل يمكن إلغاء صنفٍ كاملٍ من الرياضة قبل أن يعرف العالم بوجوده؟ ظهر مشروع قانونٍ جديدٍ في ولاية كاليفورنيا يتعلق بالطائرات بدون طيار، وهو يحتوي على سطرٍ مبهمٍ يمكن أن يقضي على عالم رياضة معارك الطائرات بدون طيار.

ينص مشروع قانون مجلس الشيوخ 347 في كاليفورنيا على ما يلي: "يجب ألا يحوّل الفرد الطائرة بدون طيار إلى سلاح، ويجب ألا يستخدم الفرد طائرةً بدون طيارٍ كسلاح". لا يحتوي هذا النص على استثناء الاستخدام الرياضي، ولا يوضّح بالضبط معنى "الطائرة بدون طيارٍ كسلاح". وقد يُنهي هذا القانون معارك الطائرات بدون طيار، ويمكن أن يؤثر على شكل رياضات المستقبل.

يُطلق على هذه الرياضة اسم "جيم أوف درونز"، وهي تشابه "باتل بوتس" بنسخةٍ طائرة، حيث يقوم أشخاصٌ بتوجيه الطائرات لتتعارك فيما بينها، والطائرة التي تبقى في الجو في النهاية هي الفائزة.

يقول مارك كورنبلات، الرئيس التنفيذي لاتحاد الرياضات الجوية: "لقد اكتشفنا بأن عنف الطائرات بدون طيار هو طريقةٌ لجذب الأطفال للاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا. وعندما تتصادم هذه الألعاب مع بعضها، فأنت مجبرٌ على تعلم عدة أشياء: الإلكترونيات، التجهيزات، شيءٌ من البرمجيات، العمل الجماعي. وسيقدّر الأطفال التحدي والانضباط أثناء تحكمهم بحركة الطائرات بدون طيار وإبقائها في الجو".

منذ تأسيسه في عام 2011، يقيم اتحاد الرياضات الجوية عدة مسابقاتٍ للطائرات بدون طيار ضمن منطقة خليج سان فرانسيسكو، وهي تتضمن سباقاتٍ ومعارك للطائرات بدون طيار. كما أن الاتحاد يعقد محاضراتٍ ومعارض مشتركةٍ حول الطائرات بدون طيار، ويقول كورنبلات بأنه خلال الأشهر الـ 18 الماضية كان لديهم حوالي 600000 مشاهدٍ للمنافسات بشكلٍ مباشر. كما يعتبر الاتحاد أحد أهم المشاركين في معرض التكنولوجيا "ميكر فير".

بالنسبة لمبارزة الطائرات بدون طيار، يجري التحدي ضمن شبكةٍ على شكلٍ مكعبٍ، بطول حوالي 9 أمتار، وهي تسمح للجمهور بمشاهدة المباراة دون وجود أي خطرٍ عليهم. وقد استنتج كورنبلات من تفاعل الجمهور مع المباريات بأن الطائرات بدون طيار وسيلةٌ ناجعةٌ لتعلم العلوم والتكنولوجيا. ويقوم الاتحاد، بالتعاون مع مؤسساتٍ تعليميةٍ مثل YMCA من الخليج الشرقي، بإعطاء الدروس التعليمية للأطفال المتعلقة بتجميع الطائرات وحتى مبارزتها.

يقول كورنبلات: "عندما تضع الطائرات بدون طيارٍ أمام الأطفال وتخبرهم بأنّ كل من يتعلم الدرس ستسنح له فرصة التحكم بالطائرات اليوم، فإنهم سيتحمسون جداً، وسيلتزمون بالدرس بشكلٍ كامل".

تحوي الدروس عادةً على عددٍ صغيرٍ من الطلاب، ما بين 10 إلى 12 طالب، لكن مباريات الطائرات بدون طيارٍ تجذب حشوداً كبيرةً من الجماهير، الراغبين بمشاهدة النسخة الجوية من مباريات باتل بوتس الشهيرة، أو بداية حروب الروبوتات. يتم إعداد الطائرات بدون طيار لتلائم حدود الحلبة. وقبل بدء الحدث، يحدّد اتحاد الرياضات الجوية التوجيهات والقوانين، ويتحقق أيضاً من تهيئة الأسلحة بشكلٍ آمنٍ للجميع.

يقول كورنبلات: "نحن لا نسمح بوجود أشياء مثل: المواد الكيميائية، أو النيران أو إطلاق الشحنات الكهربائية. لكن يمكن فعل أشياء مثل: إطلاق شبكةٍ باتجاه الطائرة المنافسة، وهو الأكثر شيوعاً. يمكن وجود حبلٍ متدلٍّ من الطائرة، أو يمكن لصق أجسامٍ بالطائرة المنافسة لملاحقتها باستخدام عصا طويلة".

إن الهدف من هذه المنافسات هو إيجاد رياضةٍ تتألق فيها الهندسة، حيث يقع الأذى فيها على الروبوتات المتنافسة فقط. وعندما تقع إحدى الطائرتين، يمكن للمهندسين التحرك إلى وسط الحلبة.
يقول كورنبلات: "لقد هيئنا المسابقة بحيث لا ينتهي التحدي عندما تسقط إحدى الطائرتين، إذ يمكن للطيار إصلاح طائرته خلال 90 ثانية، ثم إعادتها إلى الجو. ينطلق الطيارون إلى داخل الحلبة ليفككوا طائراتهم ويجمعوها بما يشبه ثورة الهندسة والبناء. ولقد وجدنا بأن العمل الهندسي ممتعٌ بقدر المبارزة نفسها".

يشبه ذلك مشاهدة طاقم إصلاح سيارات ناسكار، لكن على مستوى الآلات الجديدة. وكما انتقلت متابعة سباق السيارات من المشاهدة المباشرة إلى المشاهدة عبر قنوات إي إس بي إن، يأمل كورنبلات واتحاد الرياضات الجوية في إعداد برامج تلفزيونيةٍ عن رياضة الطائرات بدون طيار. يجري كورنبلات حالياً محادثاته مع إحدى الشبكات التلفزيونية، وهم يتطلعون إلى حلبةٍ متينةٍ محاطةٍ بزجاجٍ آمنٍ مضادٍ للرصاص. بتحقيق ذلك، قد تتطور هذه الرياضة إلى استخدام أسلحةٍ أكثر من مجرد الشبكات والعصي، مع الحفاظ على أمان الطيارين والجمهور.

نحن لا ندري كيف سيغدو شكل هذه الرياضة. وكما تطوّر سباق السيارات كثيراً عن أيامه الأولى، تطوّر سباق الطائرات بدون طيار أيضاً، ليغدو رياضةً قائمةً بذاتها، وكذلك سننتظر ما تخبّئه العقود القادمة من إبداعات. وحتى السيارات لم تقف عند حدود السباقات التقليدية، فقد دخل مصطلح "سباق التدمير" إلى اللغة الإنجليزية في خمسينيات القرن الماضي، وكان هناك تقاريرٌ عن سباقات تدميرٍ قبل تلك الفترة. طبعاً، توجد اعتبارات سلامةٍ في مثل تلك السباقات، وهناك حدودٌ لكمية التدمير الذي يمكن أن تتلقاه السيارة، خصوصاً لوجود السائق داخلها. بالنسبة للطائرات بدون طيار، انتقل السائق من داخل السيارة إلى توجيه الطائرة من وراء شبكةٍ آمنة، وهذا يسمح للمهندسين بتطوير تقنياتٍ قتاليةٍ أكثر إبداعاً.

لكن وجود القانون الجديد في كاليفورنيا قد يمنع من تحقيق أيٍ مما ذُكر. اللغة المتضمنة في مشروع القانون الجديد مشابهةٌ لما كانت في مشاريع القوانين السابقة التي حاولت تنظيم الطائرات بدون طيار. ففي السنة الماضية، كتب كورنبلات ضمن رسالةٍ إلى السيناتور جاكسون: "إن مشروع القانون بنصه الحالي لا يحدد تماماً ما معنى كلمة ’تسليح’، ولم يزودنا بالاستثناءات المتعلقة بمباريات الهواة التي لا تشكّل أي تهديدٍ للبشر أو الممتلكات خارج حلبة الألعاب".

السيناتور جاكسون هو من كتب مشروع القانون SB-347، والذي كان من المقرر مناقشته ضمن جلسة استماعٍ في الأسبوع الماضي، قبل أن يلغيها الكاتب. ما زالت لغة قانون SB-347 لا تراعي فكرة المنافسات الرياضية، وقد امتنع جاكسون عن التعليق حول هذا الأمر.

يقول كورنبلات: "عندما ننظر إلى ما تفعله من ناحيتي المنافسة والتعلم، ستبدو فكرة تجريم أفعالنا شيئاً من المهزلة. كنا وما زلنا نقوم بهذه الأفعال منذ سنوات، ولم نسمع عن أحدٍ أصيب بأذى جدّي. بالنسبة إلي، أعتبر جميع أعمال العنف المرتبطة بالطائرات بدون طيار آمنةً تماماً".

المحتوى محمي