بماذا يتميز المفاعل النووي الاندماجي الأحدث والأكبر في العالم؟

2 دقيقة
مفاعل التوكاماك التجريبي الأكبر في العالم بدأ العمل
منظر لمفاعل توكاماك للاندماج النووي التجريبي المجمّع جيه تي-60 إس أيه (JT-60SA) في أطراف مدينة طوكيو اليابانية. JT-60SA.ORG
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بدأ كل من الاتحاد الأوروبي واليابان رسمياً بإجراء التجارب في أكبر محطة تجريبية للاندماج النووي في العالم. تقع منشأة التوكاماك جيه تي-60 إس أيه المكونة من 6 طوابق على بعد نحو 137 كيلومتراً شمال مدينة طوكيو، ويسخّن الخبراء فيها البلازما إلى درجة حرارة تبلغ 200 مليون درجة مئوية داخل مفاعلها الدائري المعزول مغناطيسياً. 

بداية رسمية للعمليات في أكبر مفاعل اندماج نووي في العالم

على الرغم من أن المفاعل شُغّل أول مرة في جولة تجريبية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، يمثّل إعلان حكومتي اليابان والاتحاد الأوروبي الذي أُصدر بتاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول 2023 البداية الرسمية للعمليات في أكبر مفاعل اندماج في العالم، ما يؤكد مجدداً “التعاون القائم منذ زمن طويل في مجال طاقة الاندماج” بين الحكومتين.

مثّلت مفاعلات التوكاماك (وهي كلمة تعبّر عن اختصار لاسم هذه المفاعلات باللغة الروسية يقابل “الحجرة الحلقية ذات الملفّات المغناطيسية”) الوسيلة الأهم التي استخدمها الباحثون لتحقيق الإنجاز الأهم المتمثّل في توليد الطاقة الخضراء المستدامة خلال عقود من الزمن. تُشبَّه هذه المفاعلات غالباً بكعكة دونَت مجوفة كبيرة، وهي حجرات تُملأ بوقود الهيدروجين الغازي الذي تدوّره أغلفة من الملفات المغناطيسية العالية الفعالية بسرعات هائلة. إذا سارت العملية كما هو مخطط لها، تعمل القوة المغناطيسية الشديدة على تأيين ذرات بلازما الهيليوم، تماماً كما تولّد الشمس الطاقة.

اقرأ أيضاً: علماء يستخدمون جسيمات دقيقة لفحص مفاعلات نووية قديمة

أشارت مندوبة الطاقة في الاتحاد الأوروبي، كادري سيمسون Kadri Simson، في حديثها خلال حفل افتتاح المنشأة إلى المفاعل الجديد باعتباره “التوكاماك الأكثر تقدماً في العالم”، وأنه يمثّل “إنجازاً فارقاً في مجال الاندماج النووي.

التوكاماك الأكثر تقدماً في العالم

يمكن أن يؤدي الاندماج النووي دوراً مهماً جداً في مجال توليد المزيج الطاقي في النصف الثاني من القرن الحالي”.

ولكن حتى لو تمكّنا من تحقيق إنجاز ثوري في مجال الاندماج النووي، لن يحدث ذلك على الأرجح في مفاعل جيه تي-60 إس أيه. يعود ذلك إلى أن هذا النوع من المشروعات، مثل المفاعل الجديد والمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي الشقيق له الذي لا يزال قيد الإنشاء في أوروبا، يهدف فقط لإثبات جدوى مفاعلات الاندماج النووي القابلة للتوسّع. تشير التقديرات الحالية إلى أن المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي سيبدأ العمل في وقت ما من عام 2025، علماً أن المشروع واجه الكثير من المشكلات المالية واللوجستية والإنشائية منذ إطلاقه في عام 2011.

يعتقد الخبراء، وسيمسون منهم، أن تحقيق تفاعل الاندماج النووي المستدام سيمثل إنجازاً ثورياً يمكن أن يضمن توليد الطاقة المتجددة وتجنّب إطلاق الانبعاثات في المستقبل. مع ذلك، تحويل مصدر الطاقة هذا إلى واقع ملموس محفوف بالعقبات التكنولوجية والاقتصادية. حاول الباحثون تحقيق هذا الهدف منذ زمن طويل؛ إذ بُني التوكاماك التجريبي الأول في العالم في عام 1958 في الاتحاد السوفيتي.

اقرأ أيضاً: صغيرة الحجم وعالية الأداء: ماذا تعرف عن الجيل الجديد من المفاعلات النووية؟

العقبات التي تقف أمام توليد الطاقة من المفاعلات الاندماجية

على الرغم من أن الباحثين يستطيعون حالياً توليد طاقة الاندماج في عدة منشآت حول العالم، تستهلك هذه التفاعلات عادة كمية من الطاقة أكبر من التي تولّدها. يعتقد الخبراء في هذا القطاع أن بناء مفاعلات الاندماج النووي القادرة على توليد كمية من الطاقة أكبر من التي تستهلكها على نحو منتظم هو مسألة وقت لا أكثر، وسيحدث ذلك من خلال تطوير هذه التكنولوجيا أكثر في منشآت مثل جي تي-60 إس أيه.

في غضون ذلك، هناك طريقة محتملة أخرى لتوليد طاقة الاندماج يحقق الباحثون إنجازات مهمة في تطويرها. حقق الباحثون في منشأة الإشعال الوطنية التابعة لمختبر لورانس ليفرمور الوطني شمال ولاية كاليفورنيا كسباً طاقياً صافياً مرة ثانية باستخدام طريقة الاندماج بحصر القصور الذاتي في وقت سابق من عام 2023. تُفصل حزمة من الليزر العالي الطاقة في هذه العملية إلى 192 شعاعاً، ثم تُصدم هذه الأشعة بكبسولة تحتوي على حبيبة من التريتيوم والديوتيريوم. تولد الأشعة السينية الناجمة عن هذه العملية ضغوطاً ودرجات حرارة تؤدي إلى بدء تفاعل الاندماج النووي.

بغض النظر عن الطريقة المتبعة، سواء كانت معتمدة على مفاعلات التوكاماك أو أشعة الليزر وحصر القصور الذاتي، قد يؤدي نجاح منشآت الاندماج النووي دوراً كبيراً في استغناء البشر أخيراً عن الوقود الأحفوري.