لم تتغير تقنية مانع الصواعق ذي القضبان المعدنية كثيراً منذ أن اكتشفها بنجامين فرانكلين في تجاربه في القرن الثامن عشر نظراً لفعاليتها. يتكون مانع الصواعق البسيط من قضيب معدني مثبت مباشرة في الأرض بواسطة كابلات معدنية يمكن أن توجه الصواعق التي غالباً ما تكون حرارتها أعلى من حرارة سطح الشمس بخمس مرات إلى الأرض وتبدد شحنتها فيها بأمان.
مع ذلك، يمكن أن تُلحق الصواعق أضراراً بمليارات الدولارات سنوياً في البنية التحتية، ما دفع فريقاً بحثياً من سويسرا مؤخراً إلى ابتكار طريقة جديدة رائعة لحرف الصواعق وتفريغ شحنتها بعيداً عن الهياكل الحساسة، وتقوم في الأساس على إطلاق أشعة ليزر عالية الطاقة في مركز العواصف الرعدية.
اقرأ أيضاً: كيف تعمل مانعة الصواعق؟
حرف مسارات الصواعق بنجاح باستخدام الليزر
أفادت عدة مصادر من بينها مجلة "نيتشر فوتونيكس" (Nature Photonics) البحثية وصحيفة الغارديان في 16 يناير/ كانون الثاني بأن فريق العلماء هذا أقام مؤخراً مصفوفة ليزر بالقرب من برج للاتصالات يبلغ ارتفاعه 124 متراً وموجود على قمة جبل سانتيس في سويسرا. يتعرض هذا البرج إلى أكثر من 100 صاعقة سنوياً، ما جعل منه موضوعاً مثالياً للتجربة.
بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول من العام الماضي، تم تجربة إطلاق أشعة الليزر على عدد من العواصف الرعدية على مدى 6 ساعات. وفقاً لقياسات الباحثين، أدت نبضات الليزر إلى حرف مسار 4 صواعق صاعدة، لكن لم تتمكن الكاميرات عالية السرعة من تصوير سوى صاعقة واحدة منها عندما كانت الظروف مناسبة بما فيه الكفاية. ومع ذلك، يبدو أن مسار الصاعقة في تلك الحالة قد انحرف نحو 50 متراً نحو شعاع الليزر.
كيف يعمل الليزر على حرف الصواعق؟
يعتمد النظام على قدرة أشعة الليزر على تشكيل مسار أكثر ملائمة للصواعق إلى الأرض: يتغير معامل الانكسار للهواء عندما يتم إطلاق نبضات الليزر بمعدل يزيد على ألف نبضة في الثانية بين غيوم العاصفة الرعدية، ما يؤدي لتقلصها وتكثفها لدرجة أنها تؤين جزيئات الهواء من حولها. بعد ذلك، تنشأ قناة من الهواء المتأين منخفض الكثافة تسخن بسرعة وتنتشر بسرعات تفوق سرعة الصوت.
ويقول الباحثون إن هذه "الخيوط"، كما يدعونها، لا تدوم سوى لأجزاء ضئيلة جداً من الثانية، لكن قدرتها على التوصيل الكهربائي مقارنة بالهواء المحيط تسمح لها بأن تكون مساراً أسهل تتبعه الصواعق. وتشير النتائج الأولية للبحث إلى أن نطاق تقنية الليزر هذه أوسع بكثير من نطاق تقنية القضبان المعدنية التقليدية التي تغطي ظاهرياً مساحة تبلغ ضعف ارتفاع القضيب المعدني فقط.
اقرأ أيضاً: كيف يحدث البرق والرعد؟ الألعاب النارية الطبيعية
عيوب استخدام هذه التقنية
يواجه النظام الجديد بعض العيوب مع ذلك. فنبضات الليزر شديدة السطوع، ويمكن أن تعوق رؤية الطيارين القريبين المحتملين، لذلك تم إغلاق المجال الجوي في أجواء التجربة أثناء إجرائها. بالإضافة إلى ذلك، بلغت تكلفة النظام نحو 2 مليون دولار خلال تطوير التجربة على مدى 5 سنوات، والتي تطلبت في النهاية استخدام أكبر طائرة هليكوبتر في سويسرا للمساعدة في بناء مقر النظام على قمة جبل سانتيس، لذلك من غير المرجح أن نرى مثل هذا النظام على أسطح المنازل نظراً لتكلفته الباهظة وانخفاض تكلفة نظام مانع الصواعق التقليدي القائم على القضبان المعدنية الأرضية.
ومع ذلك، يمكن أن يكون مثل هذا النظام أكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة للعديد من الأماكن، مثل القواعد العسكرية والهياكل العالية جداً والمطارات الفضائية، والتي غالباً ما تكون تكلفة إصلاح أضرار الصواعق فيها أعلى بكثير من تكلفة إصلاح أضرارها عندما تصيب المنازل.