إذا كنت تقود سيارة آي-بيس الجديدة من جاغوار، والتي تعمل على الكهرباء بشكل كامل، فقد تشعر بالخيبة لأنها لا تزمجر مثل سنور بري، شأنها شأن جميع سيارات جاغوار الأخرى. وإذا وجدت نفسك غير راضٍ عن حاجتها للشحن كل 386 كيلومتر تقريباً، فتابع طريقك من فضلك. وإذا أنهكتها على حلبة السباق- كما فعلت في حلبة ألجارفي الدولية في البرتغال- وشعرت بالاستخفاف بها لأن علبة تروسها لا تتراقص بين السرعات بإيقاع الباليه لمائة مرة في كل دورة حول الحلبة، فمن الأرجح أن هذه السيارة غير مناسبة لك.
ولكن، وبالنسبة لمعشر العامة البسطاء من أمثالنا، فإن هذه السيارة تحمل بضع مزايا لا يمكن إنكارها. حيث يستطيع هذا الوحش الميكانيكي الهادئ أن ينطلق بتسارع مثير للإعجاب من وضعية السكون إلى 96 كيلومتر في الساعة خلال 4.5 ثانية فقط، ويتحرك باستطاعة 400 حصان بخاري، وعزم تدوير فوري يساوي 694 متر نيوتن.
لهذه الأسباب وغيرها، تعتبر آي-بيس –التي يبدأ سعرها عند 69,500 دولار- إنجازاً هاماً لشركة جاغوار. كما أنها المحاولة الأولى لكسر تفرد تسلا بتصنيع السيارات الكهربائية الفاخرة عالية الأداء، وهو تفرد بدأ عند إطلاق موديل إس منذ حوالي ستة أعوام. من الجدير بالذكر ملاحظة أن هذا الإنجاز لم يأت من إحدى شركات السيارات العملاقة المعروفة بالتميز التقني مثل أودي وبي إم دبليو ومرسيدس وليكزس، بل من شركة بريطانية كانت منذ فترة تعاني من المشاكل ولكنها بدأت تستعيد أنفاسها: جاغوار... تخيلوا، من بين جميع العلامات التجارية في السيارات! يكفيها أن أي شركة سيارات أخرى ستكون متأخرة عنها على الأقل بعام كامل، حتى لو كانت تعمل على سيارتها الكهربائية بعيدة المدى في هذه اللحظات بالذات.
لا تستطيع شركات السيارات ببساطة -بما فيها الشركات الكبيرة- أن تطلق سيارة كهربائية فاخرة بكبسة زر، حيث يجب أن تكون تقنيات البطارية والمحرك الكهربائية مصممة بالكامل ضمن الشركة ومتوافقة مع معاييرها، وعلى الرغم من هذا فإن آي-بيس تحقق هذا الشرط الصعب. قامت الشركة المعروفة في مجال صناعة السيارات، ماجنا ستاير، ببناء السيارة في النمسا ضمن شراكة مع جاغوار، وتتمتع بمجموعة حركة (المحرك وعلبة السرعة وعمود التدوير والعلبة التفاضلية) مثيرة للإعجاب.
وتعتمد السيارة على مجموعة بطاريات أيون الليثيوم بطاقة 90 كليو واط ساعي تم تصنيعها بشراكة مع شركة إل جي كيم. ولنبدأ مع السلامة، حيث أن المجموعة محمية ضد الصدمات بقفص متين يخفف كثيراً من احتمال الثقب والاشتعال في الحوادث. وبالنسبة للتركيب، تتألف المجموعة من 36 وحدة معيارية تحتوي على 432 خلية كيسية الشكل، بدلاً من خلايا البطاريات الموشورية او الأسطوانية التي تفضلها تسلا. يقول سيمون باتيل، المدير الرئيسي لمجموعة الحركة لآي-بيس: "تعتبر الخلايا كيسية الشكل الأكثر كثافة لتخزين الطاقة، والأكثر فعالية من حيث التبريد. كما أنها خلية البطارية الكيميائية الأحدث في السوق، والخيار الأفضل للموازنة ما بين المدى والأداء عالي السرعة".
رأيت هذا بوضوح أثناء قيادتي على الحلبة، حيث كانت السيارات تتحرك بثبات بفضل نظام التعليق وهيكل شديد المتانة، وكانت تخترق الزوايا بفضل التوزيع الدقيق للعزم من المحرك المزدوج، وقد تعرضت السيارة، وبشكل متكرر، إلى ظروف قيادة صعبة تختبر كامل قدراتها بشدة، وبدون أن تفقد استجابتها وسرعتها خلال النهار. وبشكل مشابه، لم تفقد السيارة من استطاعتها في ظروف القيادة العادية حتى بعد بضعة مئات من الكيلومترات على الطريق. وفي كلتا الحالتين، كانت البطارية جاهزة بشكل تام لتقديم الاستطاعة الكاملة. يمكن أن نعزو جزءاً من هذه الجاهزية إلى نظام إدارة الحرارة في السيارة، والذي يبقي البطارية بشكل مستمر في درجة الحرارة الأمثلية للأداء. ووفقاً لباتيل، يوجد نظاما تبريد بالسوائل، واحد لمجموعة الحركة وآخر للبطارية، بما في ذلك نظام تبادل حراري يتيح الاستفادة من حرارة النظام لتدفئة قمرة القيادة في الأيام الباردة بدون استجرار طاقة كهربائية إضافية.
تم تصميم المحرك الكهربائي المزدوج في الشركة، ولكن أسندت عملية التصنيع إلى شركة أخرى، وكان يمثل تحدياً تقنياً آخر للمهندسين. أرادت جاغوار أن تبقي مجموعة الحركة صغيرة الحجم وكثيفة من حيث الطاقة. ولهذا استخدمت محركات بمغانط دائمة، بدلاً من المحركات التحريضية التي تفضلها أغلب الشركات الأخرى، ويشرح باتيل أن ارتفاع كلفة هذه المحركات يعود إلى الكوبالت المستخدم في المغانط. غير أن هذه المغانط القوية تساعد على التصغير من الحجم المطلوب للمحرك، وبإضافة نظام نقل حركة وعلبة تفاضلية بحجم صغير أيضاً، نحصل على المزيد من الخيارات حيث مكان التركيب، والمزيد من المساحة التي يمكن أن تستخدم لأغراض أخرى.
وبالمناسبة، فإن الاختلاف الأساسي بين نوعي المحركات هو أن المحركات التحريضية التي تعمل بالتيار المتناوب لا تحوي مغنطة خاصة بها، وبالتالي يجب أن تستخدم جزءاً من طاقة البطارية لتحريض التيارات المغناطيسية الضرورية لتوليد القوة الميكانيكية المطلوبة. وهو ما ليس ضرورياً في حالة المحركات ذات المغانط الدائمة، وبالتالي فهي لا تؤثر على مدى السيارة كما في المحركات التحريضية. من ناحية أخرى، فإن المحركات التحريضية هي الفضل في حالات الأداء عالي الشدة، وهو ما يتيح لسيارة تسلا موديل إس بي 90 أن تندفع بتسارع مذهل من وضعية السكون إلى 96 كيلومتر في الساعة خلال أقل من ثلاث ثوانٍ، وتسير على الطرقات السريعة بسرعة 249 كيلومتر في الساعة. وعلى الرغم من أن مواصفات سيارة آي-بيس أكثر تواضعاً نوعاً ما، حيث تبلغ سرعتها القصوى حوالي 199 كيلومتر في الساعة، كما تتسارع من وضعية السكون إلى 96 كيلومتر في الساعة خلال 4.5 ثانية، فإنها ما تزال قادرة على منافسة سيارات الكروس أوفر (تجمع ما بين التصميم العادي ورباعي الدفع) المماثلة.
تم تصميم المحركين لتقديم العزم بشكل سلس، وإمكانية عالية لتوليد الكهرباء بالكبح، حيث تتحول المحركات الكهربائية إلى مولدات أثناء تخفيف السرعة لتزويد مجموعة البطاريات بالكهرباء. يمكن لسيارة آي-بيس أن تخفف السرعة بتسارع سالب يساوي 0.4 من تسارع الجاذبية الأرضية باستخدام المحركات الكهربائية، ما يسمح بقيادتها بطريقة الدواسة الواحدة، أي أن رفع القدم عن دواسة التسارع (لا يمكن بطبيعة الحال أن نسميها هنا بدواسة الوقود) يكفي حتى تنقص السيارة من سرعتها بشكل تلقائي حتى التوقف بالاعتماد فقط على المحرك الكهربائي، ما يسمح بالتخفيف من الاعتماد على الفرامل القرصية العادية، ويطيل من عمرها. يمكن التحكم بهذا الأثر، وبالتالي يمكن للسائق أن يخفف منه إذا رغب بذلك.
توجد ميزة أخرى لاستخدام مجموعة حركة صغيرة: تخفيض مركز الثقل. حيث يمر عمود التدوير في وسط المحرك ومنتصف علبة السرعة بدلاً من أن يزاح ويوصل عبر تروس تخفيض السرعة. يسمح هذا التصميم المتمركز بتخفيض الأجزاء نحو الأسفل. إضافة إلى هذا، فقد ثبتت مجموعة البطاريات في مكان منخفض تحت قمرة الركاب، وبهذا أصبحت السيارة تتمتع بمركز ثقل منخفض ومريح، ما يسمح لها بالثبات والاستقرار على الطريق، حتى عند عبور المنعطفات الحادة.
وبالنظر بشكل عام إلى آي-بيس كسيارة كهربائية، نجد أنها تتمتع بالكثير من المميزات التي يعرفها عشاق تسلا جيداً، مثل التحديثات البرمجية بالاتصال اللاسلكي، وإمكانية الوصول إلى أنظمة السيارة عبر تطبيق للهاتف الذكي، ولمسات مريحة في التصميم، مثل تشغيل السيارة بمجرد وضع القدم على المكابح. غير أنها أيضاً تختلف عن تسلا في بعض النواحي الأخرى، مثل استخداماتها المتعددة، وعلى وجه الخصوص، القيادة في المناطق الوعرة.
تتمتع آي-بيس بمميزات سيارة المناطق الوعرة، وهو ما يعود بشكل كبير إلى علاقة جاغوار مع الشركة الأخت لاند روفر. يمكن أن تخوض هذه السيارة في مياه بعمق يصل إلى 48 سنتمتر، وتتسلق فوق الصخور، وتصعد وتهبط في المناطق شديدة الانحدار بفضل تحكم الحاسوب بقوة الدفع والفرملة في نفس الوقت، تاركاً مهمة التوجيه للسائق. وقد أحسست بالذهول في رحلتي التجريبية عندما عبرت جدولاً وتسلقت درباً جبلياً شديد الانحدار... في سيارة كهربائية.
يلبي التصميم الداخلي متطلبات عشاق السيارات الفاخرة أيضاً. وعلى الرغم من أن جميع طرازات تسلا تشترك في نفس التصميم الداخلي المختصر والمفتوح، فإن هذه السيارة تتمتع بالتصميم الداخلي التقليدي للكروس أوفر، ولكن وفق معايير جاغوار للسيارات الفاخرة، حيث استخدم فيه الجلد والخشب، إضافة إلى واجهة تحكم مركزية حسنة التصميم بشاشتين بدلاً من التصميم ذي الشاشة الواحدة الضخمة في تسلا. لا شك في أن التصميم الداخلي لتسلا يوحي بالانفتاح وذو مسحة مستقبلية، غير أن جاغوار تعمدت إعطاء انطباع يوحي بالراحة والأمان داخل سيارتها. أنها أقرب لشرنقة تجعل السيارة تبدو أكثر قوة مقارنة بالتصميم المعتمد من قبل تسلا، وهذا يعتمد أيضاً على مدى استعدادك لإنفاق المال.
تعطي العناية والصيانة والشحن أيضاً انطباعاً يذكر بتسلا. يمكنك أن تشحن البطارية بنسبة 80% خلال 40 دقيقة فقط بشاحن تيار مستمر سريع من النوع الشائع باستطاعة 100 كيلو واط، كما يمكنك أن تحقق هذا خلال 10 ساعات باستخدام منفذ تيار كهربائي متناوب منزلي بجهد 230 فولت وتيار 32 أمبير. ومن التقنيات المستخدمة لتحسين المدى ضمن المركبة نظام التجهيز المسبق للبطارية أثناء الشحن، أي المحافظة على حرارتها الأمثلية مهما كانت درجة الحرارة المحيطة، والتي يمكن أن تؤثر على أدائها، وذلك للإبقاء على جاهزيتها لإعطاء المدى الأقصى بدون الاستهلاك من طاقتها للوصول إلى الحرارة المثالية بعد بدء الرحلة. ويمكن لنظام الملاحة تحديد محطات الشحن أثناء القيادة، كما أن النمط البيئي يساعد على التخفيف من عمل الأنظمة الداخلية حتى تمدد من المدى لدى الحاجة. ومن المميزات الأخرى نظام مبني على الذكاء الاصطناعي يتعلم ما يفضله كل سائق من موسيقى وطريقة جلوس، إضافة إلى الأماكن على نظام الملاحة، وذلك لتعديل عمل السيارة بناء على هذه المعطيات. يمكنك أيضاً أن تصل المساعد الصوتي أليكسا وتسأله كم تبقى من نسبة الشحن وما شابه. توجد عدة منافذ يو إس بي، والعديد من تطبيقات الراحة والتسلية في نظام المعلومات والترفيه للسيارة.
لا شك في أن هذه المزايا جذابة وتحسن من تجربة القيادة، ولكن تحقيقها في الواقع أمر سهل للغابة. ولكن تتجلى القيمة الحقيقية لهذه السيارة في راحة الحركة وقوة الأداء. وقد أصبحت مزايا الدفع الكهربائي معروفة الآن: حركة صامتة وعزم ثابت يؤمن تسارعاً كبيراً، وهو ما تتمتع به آي-بيس، ولكن بشكل حسن التطبيق إلى حد بعيد، مع تخفيض شديد لضجيج الرياح وجلبة الطريق، بحيث تبقى السيارة هادئة حتى في السرعات العالية، وهو أمر هام في السيارات الكهربائية، حيث لا يوجد ضجيج محرك يطغى على تلك الأصوات. يستطيع جسد السيارة المنخفض نسبياً اختراق الهواء بشكل سهل. إن القيادة في الريف بهذه الطريقة تمنحك شعوراً بالمعنى الحقيقي لقيادة السيارات. صحيح أنني أحب محركات الاحتراق الداخلي التقليدية، ولكن هذه السيارة مميزة فعلاً.