لقد نشأنا ونحن معتادون على وجود أجهزة من حولنا تصغي إلينا. حيث مضى على كل من سيري، مساعد غوغل، أليكسا، بيكسباي، كورتانا وكل الأدوات الافتراضية غير الملموسة المكرّسة لتلبية الطلبات، عدة سنوات منذ أن بدأت بالإصغاء إلى أوامرنا، ومن يدري إن كانت تفعل ما هو أكثر من ذلك. ولكن أمازون – مع أحدث منصتين ذكيتين لها – تقدمت خطوة أخرى تجاوزت فيها الاعتماد على الميكروفون، لتطلب من المستخدمين تركيب كاميرات في منازلهم.
في 9 مايو الحالي، عادت أمازون – مع إعلانها عن إيكو شو – لتؤكد مرة أخرى خطتها التي تقضي بأن يتمكن أليكسا من رؤيتكم بالإضافة إلى سماعكم. إنها خطوة صغيرة نحو الأمام بالنسبة لسهولة الاستخدام، ولكنها مثيرة للجدل إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بأمننا وخصوصيتنا.
بالنسبة لمعظم المستخدمين، ربما لا يتعلق القلق بما تريده أمازون أو الحكومة من وراء فكرة إيكو، وإنما بما يمكن لمحترفي الاختراق أن يفعلوه بميكروفون، وكاميرا وشاشة موضوعة معاً على طاولة مجاورة للسرير، أو في غرفة أطفالهم. في هذه الحالة، ستكون الحماية الفورية الوحيدة التي يحظى بها معظم الناس هي نتاج لمهارات فريق المهندسين الخاص بأمازون. سبق لنا أن شهدنا نقاشاً مماثلاً جرى بشأن أجهزة التلفاز الذكية وقدرتها على الاستماع إلى أشياء ربما لا يفترض بها أن تستمع إليها.
يقول بوب غورلي، المؤسس المشارك لكوغنيتيو كورب، وهي شركة تقدم استشارات في مجال أمن المعلومات: "في الوقت الذي يبدأ فيه الأشخاص السيئون تعلّم الحيل التي يمكنهم تنفيذها مع توفر هذه الإمكانيات، ستتجه أمازون نحو الاستثمار أكثر فأكثر في وقف هذه الحيل"، ويضيف: "ولكن من دون شك سيكون هناك حيل، يمكنكم أن تكونوا متأكدين من هذا".
تغطي هذه الحيل مجالاً واسعاً من الأفعال، بدءاً من طفل يطلب لعبته المفضة على أمازون بدون إذن من الأهل، وصولاً إلى عثور المخترقين على طريقة لاستخدام الجهاز لمشاهدة بث حي من داخل المنزل. يحدد غورلي على وجه الخصوص شودان، وهو محرك بحث يعثر على الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء، وفي حال كانت غير محمية، يسمح للغرباء بمشاهدة الفيديو من الكاميرات داخل المنازل. على الأرجح أن أمازون أخذت هذا بعين الاعتبار وأضافت مزايا حماية، مثل طلب رمز حماية صوتي قبل عمليات الشراء، ما يجعل من الصعب على أي شخص أن يدخل ببساطة إلى جميع ميزات الآلة. على الرغم من هذا، ما يزال من الممكن نظرياً العثور على أداة أخرى متصلة بالإنترنت، مثل كاميرا مراقبة مزودة بكلمة سر افتراضية، ومحاولة استخدامها للدخول إلى إيكو شو.
يقول غورلي: "تحب أمازون استخدام أندرويد ولينوكس. وبالتالي يمكن أن نفترض أن هذا اللوح الذكي مزود بإصدار أندرويد أو لينوكس من أمازون، وعلى الأرجح مع بعض الحماية الإضافية. وهو ما يعتبر هدفاً مغرياً لقراصنة المعلومات".
من المرجح الاستفادة من استجابة إيكو لأي صوت. حالياً، لا يميز إيكو بين مالكيه وأولادهم وضيوفهم أو حتى الإعلانات التلفزيونية. (في أوائل هذه السنة، تسبب إعلان لبرغر كينغ بتفعيل ميزة استماع مشابهة على أجهزة غوغل). حالياً، قامت أمازون بالتخفيف من هذا بالسماح للمستخدمين بتغيير الكلمة الافتراضية المستخدمة لتنبيه أليكسا إلى واحدة من مجموعة مختارة مسبقاً من الجمل، ما يؤمن زيادة صغيرة في الحماية. قد يؤدي السماح للمستخدمين بوضع كلمات تنبيه خاصة بهم إلى زيادة صعوبة السيطرة على الآلة باستخدام التفعيل الصوتي. كما تنصح أمازون مستخدميها بإطفاء الميكروفون على أجهزة إيكو عندما يكونون خارج المنزل، حتى لا يطلب أي شخص من أليكسا أن تفتح له باب المرآب ببساطة.
يجب أن تكون منصات الاتصال الذكية هذه متصلة بالإنترنت حتى تعمل، ما يتيح إمكانية وصول شخص خبيث إلى الأجهزة. أي أن أول نقطة ضعف هي مدى ثقة المستخدمين بشركة مثل أمازون. يقول جاي ستانلي، محلل سياسة أساسي في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: "تعتبر أمازون شركة منزلية، ويجب أن تهتم بصورتها العامة، ما يساهم بشكل كبير في تحديد ما ستفعله. قامت أمازون بنشر سياسة خصوصية يمكن للجميع الاطلاع عليها، وبوجود النسخ الحالية من إيكو، تسمح أمازون للمستخدمين بالاتصال بالإنترنت، والاستماع إلى كل التسجيلات الصوتية التي قامت بجمعها، ومن ثم حذفها إذا رغبوا بذلك".
هذا هام جداً، لأن نقطة الضعف الثانية للبيانات المنقولة بإيكو هي القانون والحكومة، وهي من اختصاص مبدأ الطرف الثالث، حيث تخسر البيانات التي تحتفظ بها شركة وسيطة حماية الاتصالات الخصوصية، مثل حالة شخص يجري اتصالاً هاتفياً من جهاز يعمل بالعملات المعدنية في قمرة هاتف قديمة. ولكن هذا يتضارب مع الأجهزة المشابهة لإيكو، والتي تخزن البيانات خارج المنزل ضمن مخدمات أمازون، وهي أجهزة يستخدمها الناس ضمن خصوصية منازلهم، وهي منطقة تتمتع تقليدياً بحمايات دستورية إضافية. هل تعتبر بيانات إيكو خصوصية لأن الحوار يجري داخل المنزل، أم أنها تتمتع بحماية أقل لأن أمازون خزنت المعلومات المتعلقة بهذا الحوار في مكان آخر؟
عندما يتعلق الأمر بالحصول على المعلومات التي سجلها إيكو، "نعتقد أنه يجب على السلطات المختصة أن تحضر مذكرة بهذا الخصوص، وأن الحصول على هذه المعلومات قد يرفع إلى مستوى أعلى"، كما يقول ستانلي، ولكن: "في نهاية المطاف، إذا كانت بياناتك بحوزة أمازون، وإذا حاولت الحكومة الحصول عليها، يمكن لأمازون أن تلجأ إلى المحاكم. وإذا خسروا، ستحصل الحكومة على بياناتك". هذا ما حصل في أركنساس، عندما طلب من أمازون أن تسلم البيانات المسجلة من قبل أحد أجهزة إيكو نظراً لاحتمال استخدامها في تحقيق بجريمة قتل. قاومت أمازون تنفيذ المذكرة، قبل أن تنصاع في نهاية المطاف بناء على طلب محامي المدعى عليه. (وفي هذه القضية، قدمت أمازون حجة جريئة أن ألكيسا، بوصفها ذكاء اصطناعياً لأمازون، تتمتع بحق التعبير).
تعتبر الميزة الأساسية لجهاز إيكو أنه جهاز دائم الإنصات، جاهز للاستجابة لأي أمر صوتي. وعلى الرغم من إضافة كاميرا وشاشة، تبقى هذه الميزة عامل الجذب الأساسي للجهاز. ما زال إيكو شو جديداً، وبالتالي لا نعرف حتى الآن ما يحويه من عيوب خاصة به، ولكن يوجد بعض المشاكل التي لم تتغير: حيث أن هذه الأداة التي تنصت باستمرار وتخزن البيانات خارج منزل المستخدم تتطلب إدارة متواصلة من أمازون، وقد تحصل على حماية قانونية حكومية أقل مما لو كانت البيانات مخزنة داخل المنزل، ما يتيح نقطة ضعف يمكن لقراصنة المعلومات استغلالها.