أصبح فيسبوك جزءاً لا يتجزأ من الروتين اليومي. أثناء العمل أو في المواصلات العامة أو المنزل، وفي كل مكانٍ تقريباً. ويبدو أن الفعل الأكثر سهولة هو الضغط على تطبيق فيسبوك على شاشة الهاتف، والاتصال بالإنترنت، لتبدأ المنشورات في التدفق تباعاً دون توقف، ممتصاً الدقائق والساعات. كل ذلك بالطبع دون الحاجة إلى أي أموال نقدية أو خصم قيمة اشتراك شهري من بطاقتك البنكية، لكن ماذا لو تغير الأمر؟ ماذا لو صار المستخدمون مطالبون بدفع بعض الدولارات من أجل تصفح فيسبوك؟
تغير مفاجئ وبدايات قديمة
استيقظ مستخدمو فيسبوك ليجدوا أن أمر ما تغير في صفحة تسجيل الدخول للموقع، تحديداً فوق الخانة الخاصة بالبيانات، فبدلاً من الجملة التي اعتاد مستخدمو فيسبوك رؤيتها وهي «مجاني وسيظل كذلك دائماً»، والتي كانت تظهر منذ أن أصبح فيسبوك منصة متاحة لعموم الجمهور، لتتغير إلى «إنه سريع وسهل».
لكننا وقبل أن ندخل إلى عمق قصة قد تكون جوانبها حقيقية بالفعل، هناك بعض المقدمات التي يمكن أن تقودنا إلى هذه النقطة المشكوك في صحتها.
وقع فيسبوك في الفترة الأخيرة تحت مقصلة مجموعة من العقوبات والمحظورات بعد الفضائح المدوية فيما يتعلق بالخصوصية، والتي ظهر على إثرها تقديم المنصة الشهيرة لبيانات المستخدمين لصالح مؤسسة «كامبريدج أناليتيكا»، فكانت واحدة من النتائج المترتبة على ذلك، تغريم فيسبوك 5 مليار دولار، وهي أكبر غرامة مالية في تاريخ الشركات التقنية.
ولكن قبل أن يدخل فيسبوك في دائرة الغرامة المُغلظة، كان فيسبوك محط جلسات استجواب في الكونجرس الأمريكي، وكذلك البرلمان الأوروبي، لتبدأ دائرة جديدة من الرقابة على فيسبوك، غيرت الكثير من المخططات المستقبلية، لتبدأ بعدها مجموعة جديدة من الإجراءات التي أعلن عنها «مارك زوكربيرج».
مستقبل غامض
بدأت الإجراءات الجديدة التي يستعد في تنفيذها «مارك زوكربيرج» بالظهور تباعاً، بداية من بيع عدد ضخم من أسهمه في شركة فيسبوك وصل عددها إلى 2.9 مليون سهم، بقيمة تصل إلى 296 مليون دولار، في خطوة عجز الكثيرون عن تفسيرها، وعن إيجاد السبب الذي يجعل زوكربيرج يتخلى عن كل هذه الأسهم خلال عام واحد.
أما عن الخطوات المتعلقة بكيان فيسبوك الفعلي الذي يلمسه المستخدمون بالفعل، فقد أعلن زوكربيرج عن خطوات جديدة من شأنها حماية بيانات المستخدمين، حيث ستصبح محادثات فيسبوك وبيانات مستخدميه مشفرة، مما يعني أنه في حال أقدم فيسبوك على هذه الخطوة، فسيفقد مصدراً أساسياً وهاماً للغاية لتحقيق الربح؛ وهو بيع البيانات لشركات الطرف الثالث.
وفي الوقت نفسه، ظهر مشروع ليبرا الجديد، وهي العملة التي تشترك في إطلاقها مجموعة من المؤسسات تتزعمهم فيسبوك، لتصبح مصدراً جديداً وخاصاً لتحقيق الأرباح عبر تحويل الأموال عبر دول العالم المختلفة، بجانب استعدادات فيسبوك لإطلاق ميزة الوضع المظلم، والتي تعمد فيسبوك تأخير العمل عليها لوقت طويل، لأنها قد تتعارض مع الإعلانات المعتمدة على الصور، والتي هي قوام الدعاية على صفحات المنصة.
وها هو زوكربيرج يصل بعمليات التطور إلى نقطة جوهرية وهي إلغاء شعار المجانية نهائياً، وإحلاله بميزة يمكن إطلاقها على أي منتج يمكن الحصول عليه بمقابل. يدفع ذلك بإثارة العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت التطورات الجديدة الخاصة بفيسبوك ستجعله أكثر أماناً للمستخدمين أم لا مقابل دفع المال، ليكون تعويضاً مناسباً للمنصة عما تكبدته من خسائر، ويصبح الدخول إلى فيسبوك أمراً يتطلب دفع الأموال حتى لو كانت قليلة، أم أن هناك أمراً أخر يضمره زوكربيرج، خاصة بعدما باع ما يقارب الـ3 مليون سهم من الشركة العملاقة، وكأنه استعداد للقفز من السفينة.
في النهاية يمكن القول أن كل ذلك يندرج تحت باب التوقعات، والتي سيكشفها المستقبل القريب. لكن السؤال، ماذا لو تحول فيسبوك إلى منصة مدفوعة، هل ستدفع الأموال لتدخل إليها أم أنك ستبحث عن البديل؟