أصبحت ساعة آبل في 2018 أكثر من مجرد ساعة ذكية تخبرك عن الوقت وتنبهك عند ورود رسالة أو تعد سعراتك الحرارية المستهلَكة أثناء المشي، فقد تطورت إلى ما يشبه أداة طبية مخصصة للمستهلكين. وهذه الساعة لا تستطيع أن تجري تخطيطاً كهربائياً للقلب -وربما تكشف مشكلة في إيقاع نبض القلب تسمى بالرجفان الأذيني (على الرغم من أن هذه الميزة لم تُفعّل بعد)- وحسب، بل تستطيع أيضاً أن تتحسَّس سقوط المستخدم على الأرض، وتتصل بعد ذلك بخدمات الطوارئ.
وهذه الميزة يمكنها أن تتحول إلى خدمة مفيدة للجميع، فوفقاً للمعهد الوطني الأميركي للتقدم في العمر فإن أكثر من ثلث الذين تجاوزوا عمر 65 سنة يتعرضون إلى السقوط سنوياً، وإذا اكتشفت الساعة أن المستخدم قد سقط أرضاً، فستتصل بالطوارئ في حال أنه لم يعد إلى وضعية الوقوف. وتقوم آبل بتفعيل هذه الخدمة آلياً بالنسبة للمستخدمين الذين بعمر يفوق 65 سنة.
وتكشف الساعة السقوط بآلية مماثلة للآلية المستخدمة لتتبُّع شكلٍ معقد آخر من الحركة، وهي السباحة؛ حيث تعتمد الساعة في الماء على مقياس التسارع فيها (وهو يقيس التغير في الحركة) والجيروسكوب (الذي يحدد سرعة الدوران وفق المحاور الثلاثة المختلفة) لكشف نمط سباحة المستخدم. ويجب أن تكون قادرة على تمييز الفرق بين السباحة الحرة وسباحة الفراشة، على سبيل المثال (حيث إنهما متشابهتان من ناحية المستشعرات على الرغم من أنهما يحرقان السعرات الحرارية بمقادير مختلفة)، كما أن عليها أن تلاحظ تغيير السبَّاح لاتجاهه عند نهاية شوط السباحة.
وقد جمعت آبل بياناتٍ من مئات السباحين لتعليم الساعة كيفية مراقبة السباحة، وبنفس الطريقة قامت ببناء خوارزمية لكشف السقوط باستخدام بيانات من لقاءات حقيقية وعفوية بين البشر والأرض، حيث قامت بجمع البيانات من أشخاص يرتدون ساعات آبل (التي كانت حينها تشغل برنامجاً خاصاً لهذا الهدف) في عيادات الاضطرابات الحركية، ومنشآت الرعاية المعيشية (لمن لا يستطيعون العيش بمفردهم لسبب صحي)، إضافة إلى أصدقاء وعائلات موظفي آبل. وشملت الدراسة أكثر من 2,500 شخص، وجمعت من البيانات ما يساوي 250,000 يوم، ثم استُخلصت البيانات من سقطات حقيقية، مثل الانزلاق عن السلم، أو التعثر أثناء المشي، أو أثناء ارتداء الملابس (بفضل بنطال خبيث مثلاً).
وتعتبر هذه المعلومات أهم بكثير من القراءات التي يمكن لآبل أن تحصل عليها إذا طلبت من شخص ما -مختص محترف في المجازفات مثلاً- أن يسقط عمداً؛ فقد تكون هذه الحركات بعيدة عن مثيلاتها العفوية. كما تضمنت الدراسة أيضاً بيانات حول الحركة الطبيعية، وذلك للتمييز ما بين السقوط والحركات التي يمكن أن تشبهه، وقد حرصت الشركة على ألا تبدو بعض الحركات التي يقوم بها البشر بشكل متعمد -مثل التلويح بمضرب التنس أو إلقاء الشخص لنفسه على السرير باسترخاء- كأنها سقطات خطرة بالنسبة للساعة.
وقال جيف ويليامز (مسؤول التشغيل الأساسي في آبل) خلال التقديم الأساسي للشركة في سبتمبر عند الإعلان عن هذه الميزة: "لقد اكتشفنا وجود نمط حركي متكرر أثناء السقوط، وعلى سبيل المثال فإن التعثر يتضمن ميلان الجسم إلى الأمام، مع اندفاع الذراعين إلى الأمام لتلقِّي السقطة، أما عند الانزلاق فيتحرك الذراعان بشكل تلقائي نحو الأعلى".
وبطبيعة الحال فإن السباحة والسقوط يتضمنان حركات لكامل الجسم، غير أن الساعة تقيس مسارات المعصم في الفضاء ثلاثي الأبعاد لاستنتاج ما يحدث.
ويتم إجراء هذه القياسات باستخدام مستشعرين أساسيين، هما مقياس التسارع والجيروسكوب، حيث يستطيع مقياس التسارع المستخدم في الجيل الرابع من الساعة أن يجمع مقداراً من البيانات في الثانية الواحدة يساوي 8 أضعاف ما يجمعه الإصدار السابق، ويمكن أن يقيس مقادير أعلى من التسارع تصل إلى 32 G (أي 32 ضعفاً من تسارع الجاذبية الأرضية Gravity)، وقد كان هذا المقدار يساوي 16 في الإصدار السابق. ولإيضاح ذلك فإن المرء إذا لوَّحَ بيديه أثناء السقوط، فسيؤدي هذا إلى نشوء تسارعات جديدة (تقاس بواحدة G)، ولكن ينشأ أعلى ارتفاع حاد في قيمة G عند ارتطام اليدين بالأرض، ونظراً لقدرة مقياس التسارع الجديد على التقاط ما يصل إلى 32 G كما رأينا سابقاً (وهي قيمة كبيرة للغاية)، فإن آبل قادرة على قياس الصدمات الكبيرة الناشئة عن السقطات الشديدة، على عكس المستشعر السابق المحدود بمقدار 16 G.
أما بالنسبة للجيروسكوب فقد أصبح أكثر فعالية من حيث استهلاك الطاقة، وهو أمر هام؛ لأنه سيعمل بشكل متواصل لمراقبة السقوط على مدار اليوم (علماً بأنه ينطفئ تلقائياً عندما يبقى معصمك ساكناً نسبياً على الطاولة)، كما يقيس الجيروسكوب سرعة الدوران على عدة محاور، ولتسهيل فهم عمله، يمكنك أن تتخيَّل على الشاشة محوراً أفقياً (أي المحور إكس)، ومحوراً عمودياً (أي المحور واي)، ومحوراً ثالثاً يخترق الشاشة بشكل عمودي (وهو المحور زد).
إذا كنت ترتدي الساعة الآن، فارفعها أمامك وقم بإمالتها نحوك (هذا دوران حول المحور إكس)، ثم قم بوضع راحتك على الطاولة بحيث تكون الشاشة موازية لسطح الطاولة (ستجد المحور زد يتجه مباشرة نحو الأعلى).
ويتطلب كشف السقوط بياناتٍ من كلا المستشعرين، فقد يؤدي التعثر إلى صدمة يسجلها مقياس التسارع، وقد تتجه الشاشة باتجاه معين -عمودي على الأرجح- بالنسبة للأرض، وهذا يعود إلى اصطدام راحتيك بالأرض بشكل مسطح، كما أن المعصم والساعد قد يصبحان بوضعية عمودية (وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على الشاشة) بحيث يصبح المحور إكس عمودياً أيضاً.
من الجدير بالذكر أن وظيفة الإنقاذ لهذه الميزة لن تتمكن من الاتصال بخدمات الطوارئ ما لم تمتلك الإصدار المزود بإمكانية الاتصال الخلوي وكنت بعيداً عن جهازك؛ وذلك لأن الساعة غير الخلوية تحتاج إلى الاتصال بجهازك عن طريق البلوتوث لتنفيذ هذه العملية (يمكنك أن تطلع على المزيد من المعلومات حول هذه العملية من آبل)، وباختصار: إذا كنت ذاهباً لممارسة الهرولة، ورغبت في تفعيل ميزة الاتصال بالطوارئ عند سقوطك أرضاً، فعليك أن تصطحب هاتفك معك أيضاً.