يواجه الأشخاص المهووسون بالأدوات الذكية الحديثة صعوبةً في إطفائها، حتى خلال أيام العطلة؛ حيث يبدو أن أكثر من نصف البالغين العاملين -خاصة الشباب منهم- يقاطعون وقت الإجازة للاطمئنان على ما يجري في مكاتبهم.
وإلى جانب الإغراء الذي يدفع المرء إلى الاطلاع بشكل مستمر على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، فإن المستجدات التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي -والتي لا نهاية لها- تجعل من قطع الاتصال فكرة يصعب تنفيذها، حتى وإن كنت تتحقق فقط من عدد الإعجابات التي تجمعها أحدث لقطة لك خلال إجازتك على إنستجرام، إلا أن هذه المعلومة تعكر صفوك في الواقع، فأنت لا تريد قضاء إجازتك على هذا النحو.
حاول بدلاً من ذلك أن تبتعد عن الإنترنت والتطبيقات خلال إجازتك، ونحن نورد لك فيما يلي كيف تمنع أدواتك الذكية من أن تكون مصادر مستمرة للإزعاج وتشتيت الانتباه، أو القيام بخطوة أبعد من ذلك؛ وهي أن تتركها وراء ظهرك.
- قم بإعداد خطة للهروب:
لكي تساعد نفسك على التخلص بنجاح من سمومك الرقمية، فسيتعين عليك القيام بعمل تمهيدي قبل مغادرة المنزل؛ فإن هذا سيقلل من دواعي القلق عندك في أثناء تواجدك خارج المنزل، ويقلل من فرص مقاطعة إجازتك من قِبل زميلٍ يائس أو أحد أفراد الأسرة المعنيين.
عليك أن تبدأ في إعداد ذلك الإجراء التمهيدي؛ وهو إرسال البريد إلكتروني الموثوق الذي تعلن فيه عن غيابك عن المكتب، أنشئ رسالة توضِّح أنك ستغيب عن مكتب العمل، وتعلن عن تاريخ عودتك، وتنبِّه مَن مِن جهات الاتصال يمكنه مراسلتك والتواصل معك في غيابك، ويمكنك أن تنشر رسائل مماثلة على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك؛ حتى لا يصاب أصدقاؤك وعائلتك بالذعر عندما لا ترد على دردشة المجموعة في واتس أب لمدة أربعة أيام.
كذلك فإن هناك بعض التدابير الدقيقة التي يتعين عليك اتخاذها، وهي تعتمد على حالتك الخاصة؛ إذ عليك أن تفكر في الأشخاص الذين قد تحتاج إلى التواصل معهم لسبب من الأسباب، هل تعلم -مثلاً- جليسةُ القطط مكان كل غرض في المنزل؟ وهل تركت لزملائك في العمل كافة المعلومات التي يحتاجون إليها حول المواعيد المقررة القادمة أو المهام الإدارية؟ وهل يعلم عامل التنظيف الذي تستخدمه أن الاتصال بك سيكون غير متاح لبضعة أيام؟
ليس عليك التخطيط لكافة الحالات الطارئة؛ إذ لا ينبغي لهذه الفكرة أن تسبب لك مقداراً هائلاً من التوتر قبل أن تنطلق، ولكن يمكن لقليل من التبصُّر أن يؤتي ثماره عندما تبدأ إجازتك، وستستطيع -بهذه الطريقة- تجنب الدخول إلى جدول أعمال المكتب أو الرد على الرسائل النصية الهستيرية في الوقت الذي يتعين عليك فيه أن تستلقي على أحد الشطآن.
- اترك الأدوات الذكية في المنزل
سوف نناقش فيما يلي كيفية إسكات إشعاراتك وتقليل مقدار الوقت الذي تقضيه في استخدام تطبيقاتك، ولكن إذا كنت تريد الابتعاد حقاً عن كل ذلك، فعليك حينئذ أن تتخذ خياراً أكثر شمولية؛ وهو أن تترك جميع أجهزتك الإلكترونية في المنزل، هذه هي الطريقة الأكثر فعالية حتى تعيش اللحظة حقاً خلال إجازتك.
تستطيع فعلاً أن تتجنب حزم حاسوبك المحمول وجهازك اللوحي، فقط قم بطباعة نسخ مما يخصك من وثائق السفر ومسارات الترحال، واحزم خريطة فيزيائية، واصطحب معك كتاباً للترفيه؛ هذا الأمر سيمنحك حافزاً إضافياً كي لا تتحقق من البريد الإلكتروني في أثناء التنقل.
وعندما يتعلق الأمر بهاتفك الذكي -وهو آخر وسيلة ممانعة لقطع الاتصال الرقمي- فاعلم أن الناس تمكنوا من البقاء على قيد الحياة في أثناء العطلات قبل وجود الهواتف الذكية! وإن كنت في حاجة إلى هاتف للاتصال بالطوارئ، فماذا عن الخط الأرضي في مقصورة الهاتف الريفية في المنطقة التي أنت فيها أو مكتب الاستقبال في الفندق الذي تقيم فيه؟
وإن كنت لا تحتمل الحياة دون ملفات البث الصوتية الخاصة بك، فتأكد -إذن- من أن الآيبود القديم لديك لا يزال يعمل، صحيح أنه يعد أداة تقنية أيضاً، ولكن إمكانية استحواذه على اهتمامك أقل بكثير من هاتفك الذكي. ويمكنك أيضاً أن تلتقط الصور باستخدام تلك الكاميرا الرقمية التي يُستهان بقدراتها بدلاً من هاتفك الذكي الأكثر قدرة على التسبب في الإدمان.
وإن كنت في حاجة فعلاً إلى هاتفك في حالات الطوارئ، أو ببساطة لم يكن لديك كاميرا بديلة، فاتخذ عندها خطوة أقل تطرفاً؛ وهي أن تتبع سياسة ترك الهاتف في الفندق عندما تغادر لقضاء يومك خارجاً، فقد تسمح لنفسك بهذه الطريقة أن تقضي بعض الوقت أمام شاشة الهاتف في أوقات الصباح والمساء، ولكن رحلاتك اليومية ستبقى خالية من التكنولوجيا. أو قم بإحدى الخطوات التالي ذكرها للتأكد من أن حاسوب الجيب الخاص بك لن يشتت انتباهك كثيراً على الرغم من ذهابه معك.
- أوقف بياناتك
لنفترض أنك في حاجة إلى إبقاء الهاتف في حوزتك لكي يتسنى للناس التواصل معك في حالات الطوارئ، يمكنك في تلك الحالة تمكين المكالمات والرسائل النصية، ولكن مع تقييد التطبيقات التي لا تحتاج إليها بشكل فعلي، ابتداءً بسناب شات وانتهاءً بالبريد الإلكتروني، ويمكنك القيام بذلك من خلال تعطيل وصول هاتفك إلى البيانات الخلوية، وهذه الخطوة لن تساعدك على التوقف عن استخدام الهاتف فحسب، بل ستساعدك أيضاً على تجنب رسوم التجوال المرتفعة، خاصة إذا كنت تتنقل في منطقة ريفية أو بلد أجنبي.
ومن السهل جداً إيقاف تشغيل بياناتك الخلوية في أي هاتف ذكي؛ في جهاز أندرويد اذهب إلى صفحة الإعدادات > الشبكة والإنترنت > الشبكة الخلوية، وقم بتعطيل الخيار "البيانات الخلوية"، أما في جهاز آيفون فاذهب إلى صفحة الإعدادات > البيانات الخلوية، وقم بتعطيل هذا الخيار، وعند عودتك من الإجازة توجه إلى نفس القوائم السابقة لتشغيل بياناتك من جديد.
وإذا كنت تريد إبقاء الهاتف في حوزتك -بحيث يمكنك فرضاً التقاط الصور أو الاستماع إلى الموسيقى- ولكن مع مستوى أعلى من قطع الاتصالات، يمكنك حينئذ أن تقوم بخطوة إضافية، هي أن تحوِّله إلى وضعية الطيران؛ حيث تتسبب هذه الوضعية في إيقاف المكالمات والرسائل النصية واستخدام البيانات، لكنك تظل قادراً على الوصول إلى الكاميرا وكافة الملفات المخزنة على وحدة التخزين المحلية.
ويتطلب هذا الأسلوب بعض الانضباط، فمن السهل جداً في نهاية المطاف أن تستعيد الاتصال بالبيانات الخلوية وإيقاف العمل بوضعية الطيران، كما أن بإمكانك دائماً توصيل هاتفك بنقاط الاتصال اللاسلكية واي فاي؛ لذا إن كنت مدمناً حقيقياً على استخدام التكنولوجيا فقد تفكر في إطفاء هاتفك خلال النهار، أو العودة إلى فكرة ترك أدواتك الذكية في غرفتك أثناء انشغالك خارج الفندق خلال النهار.
- إسكات التطبيقات
حتى وإن أبقيت هاتفك متصلاً بالبيانات، فيمكنك -على الأقل- أن تحدَّ من الإشعارت التي تجبرك على التحقق باستمرار من جهازك كلما أصدر صوتاً ما؛ حدِّد بعض التطبيقات التي تريد تلقي معلومات منها أثناء قضاء العطلة، ثم قم بتعطيل قدرتها على إبلاغك صوتياً في أي وقت كان خلال النهار أو الليل، وسيتطلب هذا منك المرور على تطبيقاتك الواحد تلو الآخر؛ لذلك قد تحتاج إلى تهيئة إعدادات الإشعارات الخاصة بكل منها وأنت على الطريق حتى تساعدك على تمضية الوقت.
تستطيع تحديد التطبيقات التي يمكنها إرسال الإشعارات على أجهزة أندرويد ضمن صفحة الإعدادات > التطبيقات والإشعارات، ثم تختار تطبيقاً معيناً، ثم تضغط على خيار الإشعارات لإيقاف التنبيهات الخاصة به. أما على أجهزة آيفون فعليك الذهاب إلى صفحة الإعدادات > الإشعارات، ثم تختار تطبيقاً معيناً، وتقوم بتهيئة إعدادات التنبيه حسب الحاجة.
إذا كنت ترى أن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً، يمكنك حينئذ أن تعتمد على وضعية عدم الإزعاج على هاتفك، الذي يفرض قيوداً على الأوقات التي يسمح فيها للتطبيقات بمقاطعتك؛ توجَّه في أجهزة أندرويد إلى صفحة الإعدادات > الأصوات > عدم الإزعاج؛ أما على أجهزة آي أو إس فتوجه إلى صفحة الإعدادات > عدم الإزعاج. ويمكنك استخدام هذه الوضعية للحد من إشعاراتك لاختزال الفترات الزمنية، ولتكن مثلاً ساعة في الصباح وأخرى في المساء، أو أياً كان ما تفضِّله.
وللمضي قدماً في هذه الفكرة، قد يتعين عليك التفكير في إيقاف تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، فيسبوك، وإنستجرام؛ حيث سيمنعها هذا من إبلاغك صوتياً في الوقت الذي يفترض فيه أنك تحصل على قسط من الراحة، ويمكنك -إذا أردت تطبيق سياسة الأرض المحروقة- أن تغتنم هذه الفرصة لتحذف حساباتك إلى الأبد، أو على الأقل لمدة شهر واحد، وهي المهلة التي تسمح بها معظم هذه الشبكات الاجتماعية.
- الحد من الوقت الذي تقضيه على الشاشة
تتمثل إحدى الإستراتيجيات الأخيرة المتبعة لقطع الاتصالات في أن تصطحب أجهزتك، ولكن مع قضاء الأوقات على شاشتك وَفق حدود متفق عليها، فيمكنك إذا كان لديك إرادة حديدية أن تضع جدولاً زمنياً فقط، ولتكن ساعة واحدة كل صباح على سبيل المثال، والتزم بها. ولكن لنكن واقعيين؛ فجميعنا ينجرف إلى مسالك المعلومات اللانهائية متنقلين من موضوع إلى آخر، ونقضي وقتاً طويلاً للغاية ونحن نتصفح المنشورات الاجتماعية على صفحاتنا، فإن كنت واحداً من هؤلاء، ومن الممكن أن تنجرف خارج الحدود التي تفرضها على نفسك، فحينئذ اطلب المساعدة من برامج مثل فوكس مي FocusMe أو فريدوم Freedom.
حيث يقوم البرنامج فوكس مي (الذي يمكنه العمل على ويندوز، وماك أو إس، وأندرويد) بحظر تطبيقات ومواقع ويب محددة، وهو يتيح لك تعديل هذه القيود بعدة طرق؛ فيمكنك على سبيل المثال ضبط الحظر لكي يبقى قائماً حتى تقوم أنت بإيقافه، أو لكي ينتهي تفعيله بعد فترة زمنية محددة، وهناك نسخة تجريبية مجانية من البرنامج فوكس مي، وبعد انتهاء مدة صلاحيتها فإنها تكلف تقريباً من 2.50 دولار إلى 7 دولارات شهرياً، وذلك استناداً إلى المدة الزمنية التي توافق عملية التسجيل التي تقوم بها.
أما إذا كنت أحد مالكي أجهزة الآيفون، فقد تفضِّل استخدام البرنامج فريدوم (المتوفر لكل من ويندوز، وماك أو إس، وآي أو إس)؛ حيث يوفر بوابة إلكترونية على الإنترنت تتيح لك اختيار مواقع الويب والتطبيقات التي ترغب في حظرها؛ وذلك إما بتحديد الأسماء أو الفئات مثل "اجتماعي" أو "تلفزيون/فيديو". وهناك نسخة تجريبية مجانية من هذا البرنامج أيضاً، وبعد انتهاء مدة صلاحيتها فإنها تكلف من 2.42 دولار إلى 7 دولارات للشهر الواحد.
وإذا أردنا المقارنة بين هذين الخيارين، فإن فوكس مي يوفر مستوى أعلى قليلاً من المرونة من حيث الخيارات المتعلقة بالحظر وطول المدة المرغوب فيها، وذلك خلافاً لبرنامج فريدوم الذي يسمح لك بانتقاء تطبيقات سطح المكتب كل على حدة، ومع ذلك فإن فريدوم لديه واجهة استخدام أكثر أناقة وبساطة.
ونوصيك في النهاية باختيار التطبيق الذي يتوافق مع العلامة التجارية لهاتفك الذكي، ودع هذا التطبيق يُبقيك بعيداً عن استخدام الهاتف الذكي المسبب للإدمان طوال مدة سفرك.