لماذا نحتاج إلى أداء تمارين التمدُّد عند ممارسة الرياضة؟

3 دقائق
يؤدي العديد من الرياضيين تمارين التمدُّد قبل التمرين وبعده، لكنهم قد لا يحصلون على أي فوائد من ذلك.

يبدو أن هناك الكثير من الالتباس فيما يتعلق بفائدة -أو عدم فائدة- أداء تمارين تمديد العضلات لتسريع الشفاء بعد ممارسة التمارين؛ إذ تكثر بعض الادِّعاءات مثل "تمارين التمدُّد تؤدي إلى التخلُّص من حمض اللاكتيك"، فهل هذا الأمر صحيح؟

إنه صحيح نوعاً ما، ولكن علينا أولاً أن نفهم الفرق بين التمدد من أجل الاستشفاء والتمدد لإعادة التشكيل.

الاستشفاء

يتم خلال ممارسة التمارين استدعاء العضلات للعمل، وهو ما يتم خلاله استهلاك الوقود، وظهور بعض الفضلات، وتمزُّق بنية الألياف العضلية عبر تمزُّقات دقيقة متعددة. وللمقارنة، عليك أن تتخيل مأدبة -التي يتم فيها تناول الطعام وتراكم القمامة (المناديل وعظام الدجاج وما إلى ذلك) وتخريب المائدة- وقبل إجراء المأدبة القادمة، لا بد من إعادة تجديد الطعام وتنظيف القمامة وإعادة ترتيب المائدة.

وبالنسبة للعضلات فإن عملية إعادة وضعها قبل التمرين التالي تسمى بالاستشفاء؛ حيث يتم إرجاع العضلات إلى كامل وظيفتها دون ألم.

ولا تؤدي هذه العملية إلى تغيير الجسم نفسه، ولكنها مهمة للرياضيين الذين يرغبون في التنافس على أعلى المستويات، وذلك عدة مرات خلال فترة قصيرة.

لقد جرب الرياضيون العديد من الأشياء من أجل تسريع عملية الاستشفاء، مثل العلاج بالتبريد، والتدليك، والضغط، والغطس في المياه المتجمدة، والتمدد، والأكسجين عالي الضغط، ومضادات الالتهاب، والتحفيز العضلي الكهربائي، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وتهدف هذه التدخلات إلى تقليل حمض اللاكتيك والعلامات الالتهابية والجزيئات الأخرى التي تتراكم بعد التمرين الشديد.

ويعدُّ التدليك فقط من بين هذه الأمور هو الأمر الفعال بشكل مستمر، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن التمدد لا يساعد بشكل كبير في التخلص من الفضلات، ولا يفيد بأي شكل في تسريع عملية استشفاء العضلات.

إعادة التشكيل

معظمنا لا يمارس التمارين الرياضية لخوض المنافسات الاحترافية، ولكننا نمارس الرياضة لنتمتع بصحة جيدة ونفقد الوزن ونحسِّن المزاج؛ لذلك فإننا نحتاج إلى التركيز على إعادة تشكيل الجسم استجابةً لممارسة الرياضة، وهو أمر مختلف عن الاستشفاء بعد التمرين.

وعندما نمارس التمارين بشكل مستمر، فإن أجسامنا تتكيَّف مع ذلك الإجهاد عن طريق تغيير هيكل العضلات والاستقلاب والفيزيولوجيا، ويؤدي هذا التغيير في البنية إلى جميع الفوائد الإيجابية للتمرين، ولفهم ذلك نعود إلى مثال المأدبة: إذا علمنا أن 500 شخص سيحضرون في كل مناسبة، ولكن ليس لدينا سوى 10 موائد مجهزة في الوقت الحالي، إذن فسنقوم بتغيير السعة استعداداً للمأدبة التالية؛ سنزيد من الكفاءة في المطبخ وسنضع المزيد من الموائد. وبالمثل، يعيد جسمنا تشكيل بنيته للتكيف مع زيادة التمرين.

كما أجريت العديد من الدراسات لتحديد كيفية تحسين إعادة تشكيل الجسم استجابةً للتمرين، وبعد أكثر من 35 سنة من الدراسة، ظهرت ستة متغيرات تساعد الجسم باستمرار في جهوده لإعادة التنظيم استجابةً لممارسة الرياضة؛ وهي: توقيت تناول الطعام (خاصة البروتين)، ونوع التمرين، والتدليك، والنوم، والكرياتين منخفض الجرعة، والتمدد.

ولعل أكثر الفوائد المعروفة والمقبولة لتمارين تمدد العضلات هي تحسين نطاق الحركة أو الحفاظ عليه أو كلاهما، وانتظام العظام والمفاصل، وتقوية الأنسجة الضامَّة، وجميعها من العناصر التي تعمل على تحسين الأداء.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن تمارين المرونة (مع إيلاء اهتمام خاص بمرور الوقت لتمديد العضلات كجزء من برنامج التمرين) يحسِّن الوظيفة العضلية بشكل مباشر، كما تُظهر الصور بالموجات فوق الصوتية التغييرات الإيجابية في بنية العضلات بعد أسابيع من التمدُّد المنتظم، مثل ازدياد طول الألياف. والأكثر من ذلك أن إحدى الدراسات الحديثة أظهرت بوضوح أن التمدد يحسن مع مرور الوقت تدفق الدم إلى العضلات خلال التمارين اللاحقة عند الحيوانات.

قد يكون التعليق السلبي السابق حول تمدد العضلات مضللاً للشخص العادي؛ فعلى الرغم من أن الدراسات أظهرت أن تمارين التمدد الثابتة (البدء بالتمدد، ثم السكون لمدة 30 ثانية، ثم إنهاء التمدد، ثم التمدّد التالي) قبل التمرين أو المنافسة تؤدي إلى انخفاض القوة خلال ذلك الحدث، وأن التمدد قبل النشاط لا يمنع الإصابات كما كان يُعتقد لفترة طويلة، إلا أن هذه الظروف المحدَّدة للغاية لا تنطبق على معظم الأشخاص.

إذن هل عليَّ أن أؤدي تمارين التمدد أم لا؟

إذا كنت من رياضيي النُّخبة -الذين يحاولون تقليل الإصابة أو زيادة القوة أو تسريع استشفاء العضلات قبل المنافسة التالية مباشرةً- فالجواب لا.

أما إذا كنت من معظم الناس -الذين يمارسون التمارين الرياضية لإنقاص الوزن والتمتع بصحة جيدة وتحسين المزاج- فالجواب نعم؛ إذ إنها تساعد في إعادة تشكيل العضلات، وتقوية النسيج الضام، وتحسين نطاق الحركة، وانتظام المفاصل، وربما تدفق الدم في أثناء التمرين التالي، وتعدّ هذه الأمور كلها من التأثيرات المفيدة على المدى الطويل.

ديفيد برولوجو؛ أستاذ مشارك في قسم الأشعة وعلوم التصوير في جامعة إيموري.

نُشر هذا المقال أولاً في موقع ذا كونفرسيشن.

المحتوى محمي