الكحول هو أكثر المسكرات المستخدمة على نطاق واسع في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتم تسجيل تعاطي نحو 70% من البالغين في الولايات المتحدة للكحول في العام الماضي، حيث أفاد أكثر من 37 مليون من شاربي الكحول بأنهم يتناولون المشروبات الكحولية (التي يتم تحديدها للنساء بأربع مرات أو أكثر لكل مناسبة، وللرجال بخمس مرات أو أكثر لكل مناسبة) مرة واحدة على الأقل كل أسبوع. وازداد انتشار تعاطي الكحول في العقدين الماضيين، من 65.4% بين عامي 2001 و 2002 إلى 72.7% بين عامي 2012 و 2013. ولأن الكحول مادة شائعة الاستخدام، ويتم تسويقها والترويج لها بشكل مكثف في الثقافة الشعبية، فإن المجتمع الأميركي يتلقاها بقبول عالٍ.
هل يصح هذا القبول؟
أنا أبحث عن استخدام الكحول والارتباط بين الشرب ومجموعة واسعة من المشاكل. فبينما كان الوباء الأفيوني المتزايد يتلقى الكثير من الاهتمام في السنوات الخمس الماضية، فمن المهم أن نتذكر أن الكحول مرتبط بعدد أكبر من الوفيات والمشاكل المادية والاجتماعية. وبدعم من صناعة قوية، يمكن التهوين من مخاطر الكحول والمبالغة في فوائده. وقد تم مؤخراً إيقاف دراسة لفحص الفوائد الصحية للاستهلاك المعتدل للكحول، بتمويل مشترك من المعاهد الوطنية للصحة وصناعة الكحول، لأسباب من بينها تضارب المصالح المحتمل. والآن هو الوقت المناسب لمراجعة بعض الأشياء التي نعرفها عن الكحول.
هل الشرب المعتدل جيد لصحتك؟
في العقدين الماضيين، ترسخت فكرة أن تناول المشروبات المعتدلة له فوائد صحية بالفعل، وتم دعم هذه الفكرة ببعض الأدلة البدائية. وأدى ذلك إلى الانطباع الذي غالباً ماكان يرد ذكره في الصحافة الشعبية بأن كأساً من النبيذ الأحمر يومياً يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري.
كان هناك عيب رئيسي في العديد من الدراسات المستخدمة لدعم الادعاء بأن كأساً من النبيذ الأحمر مفيد للصحة. وقد قارنت هذه الدراسات الذين يشربون باعتدال بأولئك الذين لا يشربون الخمر بدلاً من المقارنة بين قليلي الشرب والمسرفين فيه. هناك ظاهرة تسمى "مغالطة المريض الانهزامي" ، والتي يمكن أن تؤثر على نتائج الدراسة. وتعني هذه المغالطة أن الأشخاص الذين لا يشربون الكحول يميلون إلى أن يكونوا أقل صحة من الذين يشربونه بمقادير ضئيلة، وأن العديد من الناس يختارون عدم شربه لأسباب صحية. لذلك قد يكون بعض الأشخاص الذين لا يشربون الكحول أقل صحة من أولئك الذين يشربون باعتدال لأسباب لا علاقة لها بالكحول. ويبقى السؤال حول ما إذا كان الشرب المعتدل مفيداً أم لا. سعت معاهد الصحة الوطنية في الآونة الأخيرة إلى بدء تجربة منضبطة معشّاة كبيرة، وهي المعيار الذهبي لفهم العلاقات السببية، للنظر في فوائد الشرب المعتدل.
تم تصميم هذه التجربة لمعرفة الفوائد التي يحصل عليها القلب من استهلاك شراب واحد يومياً، ولكنها لم تكن مصممة لتكون قادرة على اكتشاف النتائج السلبية لاستخدام الكحول المعتدل، مثل ازدياد حالات سرطان الثدي. وتساءل الكثيرون في جمعية أبحاث الكحول عن التوصيات الواردة من هذه الدراسة، نظراً لوجود العديد من المشكلات الراسخة المتعلقة بشرب الكحول حتى عند المستويات المعتدلة، والتي من المرجح أن تفوق أي فوائد محتملة.
وقد ألغيت الدراسة مؤخراً لعدد من الأسباب، بما في ذلك التفاعل غير الملائم بين الموظفين في المعهد الوطني لإساءة استعمال الكحول والإدمان عليه مع كل من الباحثين في الدراسة وشركائهم في صناعة الكحول، وبالتالي إلغاء التمويل من شركات صناعة الكحول. وتذكرنا الدراسة الملغاة الآن حول فوائد الشرب المعتدل بأنه من المهم تذكر كل العواقب المادية والاجتماعية لاستهلاك الكحول.
آثار الكحول على صحتنا ورفاهنا
يعتبر الكحول السبب الرئيسي الثالث للوفاة المبكرة في الولايات المتحدة، حيث يقدر عدد الوفيات التي تعزى إليه بـ 88000 شخص في السنة (10% من مجموع الوفيات بين البالغين في سن العمل). ويبلغ معدل انتشار اضطراب تعاطي الكحول على اختلاف الفئات العمرية 29.1%، حيث كان يعاني 13.9%من البالغين من اضطراب استخدام الكحول في العام الماضي.
ويرتبط تعاطي الكحول، حتى بالمعدلات المنخفضة، بعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم والكبد والمريء. ويتسبب الكحول في عدد من الأضرار الخطيرة للآخرين، والكثير منها ذو صلة بالعنف.
ترتبط نسبة كبيرة من جميع الأنشطة العنيفة في الولايات المتحدة بالكحول. وتشمل المخاطر المتزايدة لسوء معاملة الأطفال (وفي المقام الأول الاعتداء الجسدي)، والعنف على الشريك الحميم (مع ما يقدر بـ 6 إلى 57% من جميع الحالات التي تشمل الشرب)، والاعتداء الجنسي، والاعتداء والعنف المسلح. وفي حين انخفضت معدلات الشرب أثناء القيادة في العقدين الماضيين، لا يزال يقدر أن هناك 178795 حالة وفاة في المركبات ذات صلة بتناول الكحول بين عامي 2000 و 2015. علاوة على ذلك، فإن من المرجح أن يكون مستوى استهلاك الكحول الذي يعتبر "آمناً" مبالغاً فيه عند الغالبية العظمى ممن يشربون، مع وجود مخاطر لمجموعة من هذه النتائج المرتبطة بمستويات شرب أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، ومخاطر لكثير من المشاكل الحادة الأكثر شيوعاً مع شرب ثلاث مرات في الأسبوع.
تفاوت العواقب المتعلقة بالكحول
بالإضافة إلى ذلك، لا يشعر الجميع بأن تأثير الكحول متساوٍ لديهم، فالأشخاص الأكثرضعفاً بيننا يعانون من العواقب الأشد. في الولايات المتحدة ، يعاني شاربو الكحول الأميركيون من أصل أفريقي وإسباني من عدد أكبر من الآثار الاجتماعية للشرب، مثل المنازعات والشجار، والحوادث، والمشكلات القانونية والصحية في مكان العمل، مقارنة بالأميركيين البيض، لا سيما بين مجموعات من شاربي الكحول ذوي المستوى الاجتماعي المنخفض. وبينما لا نزال نجهل تماماً أسباب هذه التفاوت، فقد يعزى ذلك جزئياً إلى الضغط والشعور بالدونية العرقية والإثنية، والسياقات الاجتماعية والبيئية الفريدة للأقليات، أو انخفاض إمكانية الحصول على العلاج وخدمات الدعم ذات الصلة. ويبدأ المراهقون من الأقليات الجنسية والجندرية في الشرب في أعمار أصغر، ويستمرون في الشرب أكثر من البالغين. وتساهم هذه الاختلافات في المشاكل المتعلقة بالكحول عند نفس المستوى من استهلاكه في وجود تفاوت في العديد من النتائج الصحية الأخرى لهؤلاء السكان.
رفع الضرائب وسن الشرب يمكن أن تخفف من الأضرار
هناك عدد من الأشياء التي يمكننا القيام بها للحد من عبء الكحول من خلال السياسة العامة. وتشمل السياسات الأكثر فعالية الضرائب المفروضة على الكحول، والقيود المفروضة على عدد المتاجر التي تبيع الكحول، والقيود المفروضة على ساعات البيع. وترتبط بيئة سياسة الكحول الأكثر تقييداً بعدد أقل من جرائم القتل المرتبطة بالكحول، والوفيات الناجمة عن حوادث السيارات، والاستهلاك من قبل من هم دون السن القانونية. وقد ثبت أن رفع الحد الأدنى لسن الشرب بشكل متكرر وسيلة فعالة للحد من الوفيات والأمراض المرتبطة بالكحول. وفي حين أن شركات صناعة الكحول غالباً ما تقف ضد العديد من هذه السياسات والأنظمة، فإن هذه السياسات سهلة التنفيذ نسبياً. وثبت أيضاً أنها فعالة للحد من العواقب السلبية لاستخدام الكحول في الولايات المتحدة.
يلعب الكحول دوراً محورياً في الثقافة الأميركية، ولكن من المهم أن نتذكر أن هناك المزيد الوفيات التي تعزى للكحول وعدد لا يحصى من المشاكل المادية والاجتماعية المتعلقة بالشرب، حتى عند مستويات استهلاك منخفضة مقارنة مع أي مادة أخرى. فحتى لو كان استهلاك الكحول المعتدل مرتبطاً بانخفاض طفيف في أمراض القلب والأوعية الدموية - وهو سؤال لا يزال مفتوحاً - فإن عدداً لا يحصى من عواقب الشرب يجعل من غير الحكمة التوصية بالكحول كطريق لصحة أفضل ورفاه أفضل.