أعلن أطباء من جامعة بنسلفانيا الأميركية شفاء رجلين من سرطان الدم اللمفاوي المزمن، بعد 10 سنوات من تلقيهما علاجاً بالخلايا المناعية اللمفاوية التائية المعدلة «CAR-T». ونشرت الدراسة في دورية نيتشر العلمية.
وقد أكد «كارل جون»، اختصاصي المناعة والأورام في جامعة بنسلفانيا ومؤلف الورقة البحثية، أن الخلايا المناعية عالجت سرطان الدم لدى مريضين بشكل نهائي، لكنه في حاجة إلى تطبيق العلاج على المزيد من المرضى لتأكيد فعالية العلاج.
العلاج بالخلايا المناعية اللمفاوية التائية «CAR-T»
هو نوع من أنواع العلاج المناعي للسرطان، يعتمد على تعزيز القدرة الطبيعية للخلايا المناعية التائية على محاربة السرطان. تُجمع الخلايا المناعية من دم المريض، ويتم اختيار الخلايا الأكثر نشاطاً ضد السرطان، أو يتم تعديلها في المختبر وإضافة مستقبِل يستهدف الخلايا السرطانية بشكل أفضل، ثم تتم تنميتها في المختبر وإكثارها، وتُحقن في وريد المريض في النهاية.
أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في علاج أنواع مختلفة من السرطانات وخاصة سرطان الجلد وسرطان الثدي وسرطان القولون، والآن في سرطان الدم. لكن في المقابل، قد يعاني البعض من آثار جانبية مثل التأثيرات العصبية، ومتلازمة إطلاق السيتوكين، وهي مجموعة من الأعراض الجانبية للعلاج المناعي بالخلايا التائية.
أظهرت دراسة سابقة أن فعالية علاج سرطان الدم اللمفاوي المزمن بالخلايا التائية قد تصل إلى نسبة 25-35%، وقد تزداد النسبة عند مشاركة العلاج مع أنواع أخرى من العلاجات.
اقرأ أيضاً: دليلك المبسط للتعرف على أحدث علاجات السرطان
علاج سرطان الدم بالخلايا التائية
في عام 2010، أجرت جامعة بنسلفانيا دراسة سريرية لتقييم سلامة العلاج بالخلايا التائية وفعاليته ضد سرطان الدم اللمفاوي المزمن «CLL»، وهو سرطان يتطور ببطء ويبدأ في نقي العظام وينتقل إلى الدم، ويصيب الخلايا البائية وخلايا الدم البيضاء التي تلعب دوراً مهماً في إنتاج الأجسام المضادة.
تلقى العلاج 3 أشخاص حينها، واستمر منهم اثنان فقط في الدراسة، هما «دوج أولسون» و«ويليام لودفيج». شُخّصت إصابة «أولسون» بالمرض عام 1996، وتلقى العلاج الكيميائي، لكن عاود السرطان انتشاره في جسده عام 2010، وأصبح عليه الخضوع لعملية زراعة نقي العظم، لكنه فضّل العلاج بالخلايا التائية بدلاً من ذلك.
عاني أولسون من آثار جانبية قوية، وشعر بألم شديد، كان نتيجة لتحلل خلايا الورم التي تقتلها الخلايا التائية المعدلة. وبعد بضعة أسابيع اختفت الخلايا السرطانية نهائياً من جسده.
والآن بعد 10 سنوات، حلل الباحثون الخلايا اللمفاوية التائية للمريضين، ووجدوا أنها مازالت محافظة على نشاطها، أي أنها تراقب أي نمو لخلايا سرطانية. على الرغم من اعتقاد الباحثين بدايةً أن الخلايا ستزول بعد شهر أو شهرين من الحقن.
تفاجأ الباحثون عندما وجدوا أن الخلايا التائية المعدلة تطورت في أجسام المرضى مثل الخلايا التائية العادية، فقد تحولت من الخلايا التائية القاتلة النشطة إلى نوع آخر من الخلايا المناعية تسمى الخلايا التائية المساعدة والتي لا تزال قادرة على قتل الخلايا السرطانية.
أما الفحوصات السرطانية التي استمرت طوال العقد الماضي، فقد أكدت عدم وجود أي خلايا سرطانية في الدم. لكن لم يستطع الباحثون تأكيد اختفاء الخلايا السرطانية بشكل كامل، أو التأكد من أنها تنمو وتهاجمها الخلايا اللمفاوية المعدلة وتقتلها مباشرة.
اقرأ أيضاً: المسرّعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية تقود لعلاج جديد للسرطان
مستقبل علاج السرطان بالخلايا التائية
لا يمكن لهذه الطريقة علاج جميع أنواع السرطان، كما قد لا تتمكن من علاج جميع المرضى المصابين بسرطان الدم، لكن هذه الدراسة قدمت تفاصيل جديدة عن كيفية عمل الخلايا اللمفاوية التائية ومحاربتها للسرطان، ما يمكن أن يساعد في تحسين العلاج ليصبح فعالاً لعلاج أكبر عدد ممكن من المصابين.
يأمل الباحثون أيضاً أن تقودهم هذه الدراسة إلى إيجاد طريقة لتطبيق العلاج ضد السرطانات الصلبة (90% من السرطانات هي من هذا النوع). تُحاط عادةً بالبروتينات، وتجعل من الصعب على الخلايا المناعية الليمفاوية التائية اختراق الخلايا السرطانية.
اقرأ أيضاً: قتلت الخلايا السرطانية: تجربة واعدة لفيزياء الكم في علاج السرطان
كما يريد الباحثون الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية لتطبيق العلاج على نطاق أوسع ضد سرطان الدم اللمفاوي المزمن، خاصةً بعد أن منحتهم الموافقة على استخدام العلاج بالخلايا التائية ضد الورم النقوي المتعدد، وهو سرطان يصيب نقي العظم، وهو الأكثر شيوعاً لدى البالغين. ويتوقع الباحثون أن تُعالج سرطانات الدم بكافة أشكالها عن طريق علاجات الخلايا التائية CAR-T.