ارتفع الطلب مؤخراً على العلاجات التجميلية؛ مثل البوتوكس والفيلر، منذ بدء جائحة فيروس كورونا، ويعزو أطباء الجلدية وجرّاحو التجميل هذا الارتفاع إلى رغبة الناس في تحسين مظهرهم أثناء مؤتمرات الفيديو عبر الإنترنت، بالإضافة إلى توفُّر المزيد من الوقت لحضور مواعيد وجلسات العلاج التجميلي.
يُعدّ البوتوكس أشهر علاج تجميلي غير جراحي في الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، حيث يبلغ حجم سوقه 4.7 مليار دولار، فقد زادت العلاجات التجميلية القائمة عليه في السنوات العشرين الأخيرة بنسبة 700%، مع أكثر من 6 ملايين علاج تجميلي بالبوتوكس تُجرى سنوياً.
يُستخدم البوتوكس الوقائي حالياً لمنع ظهور التجاعيد قبل أن تتاح لها فرصة التشكُّل، ورغم أنّ استخدامه كان محصوراً بالنساء، إلا أنّ المزيد من الرجال يجربونه؛ وهو اتجاه دُعي «بروتوكس» ليدل على الرجال الذين أجروا عمليات تجميل باستخدام توكسين البوتولينوم.
يسألني الناس غالباً، بصفتي طبيب جلدية حائزاً على شهادة البورد، وأقوم بإجراء عمليات البوتوكس كثيراً، حول فائدة البوتوكس وكيف يعمل؟ وعن كيفية تجنُّب «البوتوكس السيء»، وما إذا كان بالإمكان الإسراف باستعماله.
ما هو البوتوكس؟
البوتوكس هو الاسم التجاري لمادةٍ سامة «بروتين» تنتجها بكتيريا «المطثية الوشيقية»، وتتضمن الأسماء التجارية الأخرى ديسبورت وزومين وجيوفو. قد تُسبّب الكميات الكبيرة من هذه المادة التسمم السجقي؛ الذي يظهر في صورة أعراض هضمية مثل الغثيان والتقيؤ، وإلى شلل العضلات الحيوية الذي يؤدي للموت في الحالات الشديدة، لكن يمكن للأطباء استخدام كميات صغيرة منها بأمان لتقليل ظهور التجاعيد والخطوط الرقيقة.
يعود تاريخ اكتشاف هذه المادة إلى الثمانينيات، عندما اكتشف جان وألاستير كاروثرز -طبيبان كنديان متخصصان في العين والجلد على التوالي- بالمصادفة خصائص هذه المادة السامة المضادة للشيخوخة؛ عندما لاحظوا أنّ المرضى الذين تلقوا حقناً لعلاج تشنُّج العضلات حول العينين قد زالت لديهم خطوط التجاعيد، ولم تشر الدراسات اللاحقة إلى أي خطورةٍ طويلة الأمد من استخدامه.
كيف يعمل؟
يُحقن البوتوكس بإبرة دقيقة في العضلات الموجودة تحت الجلد ليمنع الإشارات العصبية المتجهة إلى العضلات؛ ما يصيبها بالشلل المؤقت، وبُفقدها قدرتها بالتالي على الانقباض، فتَلين التجاعيد وتسترخي، وبمرور الوقت، يصبح الجلد أنعم، وتتحسن جودته ولونه وملمسه.
يُستخدم البوتوكس غالباً لإخفاء الخطوط الجبهية الأفقية والتجاعيد حول العيون، خطوط القلق، وخطوط العبوس بين الحاجبين؛ التي تأخذ شكل «11»، لكن لم توافق إدارة الغذاء والدواء على استخدامه على الشفاه. لوحظت عدم استجابة التجاعيد الوجهية السفلية الناتجة عن الجاذبية وأشعة الشمس للعلاج بالبوتوكس.
لا توجد تكلفة وسطية للبوتوكس؛ إذ تختلف أسعاره بين الموزعين والممارسين، وبجانب استخداماته التجميلية، يعتبر البوتوكس علاجاً لأكثر من 20 حالةٍ طبية، بما فيها تشنج العين وشلل الوجه النصفي، والصداع والتعرق المفرط، وسلس البول.
تستغرق عملية حقن البوتوكس بضع دقائق عادة، وقد يفضل البعض استخدام كريم التخدير أثناء الحقن تجنباً للألم، ولكن لا حاجة لذلك نظراً لأن الألم خفيف. يجب على المريض عدم الاستلقاء أو العبث بمنطقة الحقن، أو ممارسة التمارين العنيفة لمدة 4-6 ساعات بعد العملية لمنع تسرُّبه خارج منطقة العلاج، لكن لا بأس بالعودة إلى العمل أو ممارسة الأنشطة الاجتماعية الاعتيادية بعد العملية مباشرة. يحتاج البوتوكس عموماً من أسبوع حتى أسبوعين ليأخذ مفعوله تماماً، لكن بعض المرضى يلاحظون الفرق بعد يومين أو 3 أيام.
يستمر تأثير البوتوكس من 3 إلى 6 أشهر عادة، ومع عودة العضلات للعمل تدريجياً، تبدأ الخطوط والتجاعيد بالظهور مجدداً، حيث يمكن إعادة حقنها مجدداً. ومع مرور الوقت، تظهر الخطوط والتجاعيد بشكلٍ أقل حدة، حيث تتعلم العضلات الاسترخاء ويصبح الجلد الذي يغطيها أقل تجعداً وانثناءاً.
أشياء يجب مراعاتها قبل الحقن
لم يُحدد تأثير البوتوكس على الحوامل أو المرضعات، لذلك ينبغي ألأّ يخضعن لأية جراحاتٍ تجميلية تنطوي عليه، كما يتعين على بعض المرضى المصابين بأمراض عصبية معينة عدم استخدامه مطلقاً.
يتحمل المريض البوتوكس جيداً عندما يُجريه خبيرٌ في هذا المجال، فقد وجدت دراسة حديثة أنّ نسبة المرضى الذين عانوا من مشكلات بعد أن أجرى أطباء الجلدية المؤهلون عملية التجميل لم تتجاوز 1%. تُعدّ الكدمات المؤقتة أكثر الأعراض الجانبية شيوعاً بالإضافة إلى الصداع؛ ويزولان في غضون يوم أو يومين. قد تُصاب نسبةٌ صغيرة من المرضى بتدلّي الحواجب أو الجفون، لكن تزول هذه الأعراض خلال أسابيع عادة.
نظراً لأن الناس يرون الكثير من الإعلانات الترويجية لصالونات التجميل للعلاج بالبوتكس، يعتقدون بأنّ هذا العلاج سهل مثل العمليات التجميلية الأخرى مثل قص الأظافر والشعر والماكياج، لكن الأمر ليس كذلك مطلقاً، فهذا الإجراء طبي ويحتاج اختصاصياً مدرباً وخبيراً كي تحصل على نتائج مرضية وآمنة بنفس الوقت.
في الحقيقة، يعلن العديد من الأطباء والمساعدين الطبيين عن استعدادهم لإجراء عمليات البوتوكس بعد اتباعهم دورة تدريبية قصيرة في عطلة نهاية الأسبوع، ولكن هذه الدورات تُعلّم متّبعيها على نموذجٍ موحد للعلاج، لكن العلاج بالبوتوكس ليس من أنواع العلاج الذي يمكن تطبيقه بنفس الطريقة على الجميع؛ إذ يجب الأخذ بعين الإعتبار السمات الفريدة وأنماط العضلات لكل شخص.
من الأفضل اختيار اختصاصي خبير يتمتع بمهارات متطورة ومعرفة واسعة بالتشريح الوجهي وتجميل العيون؛ إذ يستطيع الطبيب المؤهل المُدرب التعامل مع مضاعفاتٍ قد تحدث بعد العلاج. لا تلجأ لممارس غير مؤهَّل بغض النظر عن المبلغ الذي ستدفعه.
هل يمكن الإسراف في استخدام البوتوكس؟
في الواقع، عند الحديث عن البوتوكس، فإنّ استخدام القليل منه قد يفيد أكثر مما لو أسرفت في استخدامه، فأنت تريد أن يبدو وجهك طبيعياً وتحافظ على الحركة فيه.
قد يتسبب الإسراف في استخدامه بإعطائك مظهراً نمطياً جامداً، بينما لن يلاحظ أحد البوتوكس إذا تم حقنه بكمياتٍ صغيرةٍ على يد ممارسٍ ماهر. عندما يجرى العلاج على النحو الصحيح، فإنّ المريض يبدو أكثر راحة مع حواجب محددة، وعيونٍ أوسع، وبشرة أنعم وأكثر نضارة.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً