آفاق واعدة لاستخدام الأمواج الصوتية في علاج سرطان الدماغ

آفاق واعدة لاستخدام الأمواج الصوتية في علاج سرطان الدماغ
تظهر الصبغة المتألقة في هذه الصورة وهي تعبر الحاجز الدموي الدماغي إلى داخل الدماغ عبر الموجات الصوتية. مجلة ذا لانسيت أونكولوجي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن أن تساعد تقنية جديدة تعتمد على الموجات الصوتية على علاج نوع قاتل من سرطان الدماغ يحمل اسم “الورم الأروميّ الدبقيّ” خلال مدة لا تتجاوز 4 دقائق. نُشر التقرير البحثي الذي يصف هذه التقنية غير المسبوقة بتاريخ 2 مايو/ أيار 2023 في مجلة “ذا لانسيت أونكولوجي” (The Lancet Oncology)، ليعرض نتائج المرحلة الأولى من التجارب السريرية التي أُجريت على 17 شخصاً.

اختراق الحاجز الدموي الدماغي بالأمواج فوق الصوتية

خضع المرضى في هذه التجربة إلى عملية جراحية لاستئصال الأورام وزرع أجهزة الموجات الفوق الصوتية في أجسامهم. تفتح هذه الأجهزة التي تُزرع داخل الجمجمة ما يدعى بالحاجز الدموي الدماغي؛ إذ إنها تصدر الأمواج الصوتية بصورة متكررة لتخترق الحاجز وتفتح الطريق إلى الورم الدماغي، بعد ذلك، يصبح من الممكن إيصال العلاجات الكيميائية الوريدية إلى الأنسجة العصبية حيث يمكن أن ينمو الورم.

اقرأ أيضاً: هل ستكون لقاحات السرطان العلاج الشامل لأمراض المستقبل؟

يُعتبر علاج هذا النوع من الأورام الدماغية باستخدام أكثر العلاجات الكيميائية فعالية صعباً، ويبلغ معدل النجاة منه 6.8% في غضون أول 5 سنوات من التشخيص. تعجز أكثر أدوية السرطان فعالية غالباً عن اختراق الحاجز الدموي الدماغي الذي يؤدي دور خط دفاعي؛ مشكلاً جداراً إضافياً حول الدماغ يمنع دخول المواد السامة ومسببات الأمراض إلى هذا العضو البالغ الأهمية. مع ذلك، فإن عدد الأدوية التي يمكن استخدامها لعلاج الأمراض الدماغية قليل للغاية في المقام الأول. اكتشف العلماء في عام 2014 لأول مرة أنه يمكن استخدام الأمواج الصوتية لاختراق الحاجز الدموي الدماغي، وتعتمد الدراسة الجديدة على هذا الاكتشاف.

قال جراح الأعصاب في جامعة نورث ويسترن (Northwestern University) والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، آدم سونابند (Adam Sonabend) في بيان صحفي: “قد تمثّل النتائج الجديدة تقدماً كبيراً بالنسبة إلى مرضى الورم الأرومي الدبقي”.

تشير الدراسة إلى أن الشبكة الحديثة القابلة للزرع في الجمجمة والمؤلفة من 9 بواعث للموجات الفوق الصوتية التي تصنعها شركة التكنولوجيا الحيوية الفرنسية “كارتيرا” (Carthera) تنشئ فتحة في الحاجز الدموي الدماغي أكبر 9 مرات من التي ينشئها الجهاز القابل للزرع الذي يحتوي باعثاً واحداً للأمواج الفوق الصوتية المستخدم سابقاً. ما يهم هو أن هذه التقنية تساعد على علاج منطقة كبيرة من الدماغ بجوار التجويف الذي يتشكّل بعد إزالة كتل الورم الأرومي الدبقي.

رسم متحرك لجهاز الموجات فوق الصوتية القابل للزرع الذي يحمل اسم “سونو كلاود-9” (SonoCloud-9).  يستخدم هذا الجهاز الموجات الفوق الصوتية النبضية ليتسبب باضطراب مؤقت في الحاجز الدموي الدماغي بهدف زيادة كفاءة طرائق توصيل العلاج الكيميائي إلى الأورام الدماغية. المصدر، شركة كارتيرا.

الدراسة الجديدة هي أيضاً أول دراسة تبيّن سرعة إغلاق الحاجز الدموي الدماغي بعد فتحه باستخدام الموجات الفوق الصوتية. ينغلق هذا الحاجز في أول 30-60 دقيقة بعد إصدار الموجات، وسيساعد ذلك العلماء على التوصل إلى الترتيب الأمثل لحقن الأدوية بهدف اختراق مناطق الدماغ بكفاءة أكبر. تستغرق عملية فتح الحاجز الدموي الدماغي 4 دقائق فقط، وهي لا تتطلب تخدير المريض، وتبيّن النتائج الجديدة أن العلاج آمن ولا يتسبب بأي آثار جانبية خطِرة. بالإضافة إلى ذلك، خضع بعض المرضى لما يصل إلى 6 دورات من العلاج.

اقرأ أيضاً: إليك أحدث ما توصل إليه العلم في علاج السرطان

علاج الورم الأرومي الدبقي بالأمواج فوق الصوتية

ازدادت تراكيز الدواء في الدماغ لتصل إلى 4-6 أضعاف التراكيز السابقة بفضل فتح الحاجز الدموي الدماغي، ولاحظ مؤلفو الدراسة هذه الزيادة عند استخدام نوعين من أدوية العلاج الكيميائي؛ وهما “باكليتاكسيل” (paclitaxel) و”كاربوبلاتين” (carboplatin)؛ إذ لا يُستخدم هذان الدواءان عادةً لعلاج الورم الأرومي الدبقي لأنهما لا يعبران الحاجز الدموي الدماغي في الظروف العادية.

وفقاً لسونابند؛ يَعبر العلاج الكيميائي الحالي المستخدم للورم الأرومي الدبقي؛ الذي يحمل اسم “تيموزولوميد” (Temozolomide)، الحاجز الدموي الدماغي لكن فعاليته منخفضة. قال سونابند إن الدراسات السابقة التي حقن فيها الباحثون دواء باكليتاكسيل مباشرة في أدمغة المرضى الذين يعانون من هذه الأورام أظهرت نتائج تبدو واعدة من ناحية الفعالية؛ لكن ارتبط الحقن المباشر بآثار السميّة مثل تهيج الدماغ والتهاب السحايا الدماغية.

اقرأ أيضاً: كار تي-سل: دواء «حي» لعلاج السرطان ساعد مريضين في التخلص من السرطان لعقد من الزمن

بدأت المرحلة الثانية من التجارب السريرية بالفعل. قال سونابند: “على الرغم من أننا ركزنا على سرطان الدماغ (يبلغ عدد حالات الورم الدبقي نحو 30 ألفاً في الولايات المتحدة)، فالنتائج الجديدة تفتح الباب للبحث في علاجات جديدة تعتمد على الأدوية لملايين المرضى الذين يعانون من أمراض دماغية مختلفة”.