الإنسولين الذكي: علاج واعد قد يُغيِّر حياة المصابين بالسكري من النوع الأول

3 دقيقة
حقوق الصورة: بيكسلز

ملخص:

المشكلة: يتعين على الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول أخذ حقن الإنسولين عدة مرات يومياً من أجل التحكم في مستويات السكر المتقلبة في الدم، ومن المعلوم أن هذه الحاجة إلى حقن الإنسولين المتكرر والتحدي المتمثل في الحفاظ على نسبة سكر الدم مستقرة يؤثّران في الصحة البدنية والنفسية.

السبب: لا تستجيب علاجات الإنسولين الحالية لتغيرات سكر الدم في الوقت الفعلي. فعلى الرغم من أنها تساعد على خفض نسبة سكر الدم المرتفعة في البداية، لكنها لا تستطيع التكيُّف مع التقلبات المستقبلية، ما يؤدي إلى الحقن المتكرر، بالإضافة إلى حدوث العديد من المضاعفات الصحية بسبب مستويات الغلوكوز غير المستقرة.

الحل: يعمل الباحثون على تطوير الإنسولين الذكي الذي لا يحدث تنشيطه في الجسم إلّا عند الحاجة؛ أي أنه يتكيف مع مستويات السكر المتغيرة في الدم ويستجيب لها. قد يقلل هذا الابتكار عدد الحقن اللازمة إلى مرة واحدة في الأسبوع، ما يوفّر سيطرة أفضل على الغلوكوز ويخفف العبء على المرضى.

اكتسب مصطلح "الإنسولين الذكي" مؤخراً اهتماماً كبيراً وسريعاً في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم، وقد أصبح موضوعاً رائجاً في مصر خاصةً؛ حيث ينقل العديد من القنوات المصرية أخباراً عن هذا الاكتشاف الواعد، كما سلّطت صحيفة الغارديان الضوءَ على هذا الدواء بعدِّه "علاجاً مقدساً" من المتوقع أن يُحدِث ثورة في علاج داء السكري من النوع الأول. فما هو الإنسولين الذكي بالضبط؟ وما هي مزاياه وعيوبه المحتملة؟ وهل بات متوفراً في الأسواق؟ إليك التفاصيل.

اقرأ أيضاً: ما هو الفرق بين السكري من النوع الأول والسكري من النوع الثاني؟

ما هو الإنسولين الذكي؟

الإنسولين الذكي هو مصطلح تم إطلاقه على "الإنسولين المتجاوب مع الغلوكوز" (Glucose responsive insulin اختصاراً GRI)، وهو علاج مبتكر من الإنسولين قد يكون على هيئة حقن أو كبسولات أو لصاقات، ويعد خياراً واعداً جداً بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول.

"ذكي" لأنه مُصمَّم لأن يستجيب تلقائياً إلى تقلبات مستويات السكر في الدم في الوقت الفعلي؛ أي يبقى كامناً في الجسم ولا ينشط إلّا عند الحاجة إليه، فعندما يرتفع مستوى السكر في الدم، فإن الدواء ينشط ويفرز كمية كبيرة من الإنسولين، في حين يغدو خاملاً مرة أخرى عندما ينخفض مستوى ​​سكر الدم عن نقطة معينة، ما يُبقِي مستويات الغلوكوز ضمن النطاق المقبول. يحاكي هذا استجابة الجسم الطبيعية للإنسولين عند الأفراد غير المصابين بالسكري.

اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟

هل بات الإنسولين الذكي متوفراً في الأسواق؟

في البداية وقبل توضيح مزايا هذا العلاج ومخاطره المحتملة، ينبغي معرفة أنه لم يتوفر في الأسواق بعد، إلّا أن ثمة العديد من المشاريع البحثية الجارية على قدم وساق وبتمويل كبير جداً من أجل تسريع تطويره. على سبيل المثال، تعمل مؤسسات بحثية رائدة مثل جامعات ستانفورد الأميركية وموناش الأسترالية وتشجيانغ الصينية على تطوير هذه الأنواع من العلاجات وتسريع دخولها حيز التجارب السريرية في أقرب وقت ممكن. ويمكن القول إن العديد من الباحثين يعقدون آمالهم على توفر هذه المنتجات في الأسواق في نهاية المطاف وتحقيقها النتائج المرجوّة.

اقرأ أيضاً: هل يسبب الخمول البدني الإصابة بالسكري؟

ما مزايا الإنسولين الذكي؟

يمثّل الإنسولين الذكي تقدماً كبيراً في علاج مرض السكري من النوع الأول؛ إذ ينطوي على العديد من الفوائد مثل:

  • تقليل عدد الحقن: تتطلب أنواع الإنسولين التقليدية، على الرغم من أنها منقذة للحياة، حقناً متكررة يومياً ومراقبة مستمرة لإدارة مستويات الغلوكوز على نحو فعّال. في حين يمكن للإنسولين الذكي تقليل هذه الحاجة إلى حقنة واحدة فقط في الأسبوع، ما يخفف عبء إدارة المرض على نحو كبير.
  • تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم: مثلما ذكرنا آنفاً، يحدث تنشيط الإنسولين المستجيب للغلوكوز فقط عندما تكون مستويات الغلوكوز في الدم مرتفعة، في حين يعود خاملاً عندما تنخفض المستويات، ما يساعد في الحفاظ على مستويات الغلوكوز مستقرة.
  • انخفاض خطر الإصابة بنقص سكر الدم : على عكس علاجات الإنسولين العادية، التي يمكن أن تؤدي إلى نقص سكر الدم (انخفاض خطير في سكر الدم)، فإن تركيبات الإنسولين الذكي تقلل معدل الإصابة بنقص سكر الدم؛ إذ تتوقف عن إفراز الإنسولين بمجرد انخفاض مستوى الغلوكوز عن حد معين.
  • تحسين نوعية الحياة: من خلال محاكاة استجابة الجسم الطبيعية للإنسولين، قد يخفف الإنسولين الذكي الضغوط الجسدية والنفسية المرتبطة بكلٍ من مراقبة نسبة الغلوكوز في الدم وإدارة الإنسولين.

اقرأ أيضاً: لماذا يتأخر التئام جروح مرضى السكري؟

تحديات تواجه طرح الإنسولين الذكي على نطاقٍ واسع

على الرغم من الآمال المرجوة على قدرة هذه العلاجات في تقليل التحديات التي تواجه مرضى السكري وتحسين رعايتهم، فثمة بعض العوائق أو التحديات التي تواجه طرح مثل هذه الأدوية واستخدامها، مثل:

  • مرحلة التطوير: صحيح أن الإنسولين الذكي علاج واعد قد يحسِّن حياة المرضى على نحو كبير، لكنه لا يزال في مرحلة البحث والتطوير؛ أي يجب أن تخضع هذه التكنولوجيا إلى تجارب سريرية صارمة لضمان سلامتها وفاعليتها قبل أن استخدامها على نطاقٍ واسع، بل ومن المتوقع ألّا تختبر على البشر قبل سنوات عدة بعد.
  • التعقيد والتكلفة: تعتمد بعض أنواع تركيبات الإنسولين الذكي على آليات دقيقة ومعقدة، وقد يفرض هذا التعقيد تحديات تصنيعية أو مشكلات تتعلق باستقرار الدواء بمرور الوقت، علاوة على أنها قد تسبب ارتفاع التكاليف اللازمة للحصول على الأدوية.
  • الآثار الجانبية: مرة أخرى، نظراً لأن الإنسولين الذكي لا يزال قيد التطوير، فإن البيانات الشاملة حول آثاره الجانبية محدودة، كما أن التأثيرات الطويلة المدى لمثل هذه المركبات، وخاصة فيما يتعلق بالاستجابات المناعية أو غيرها من التفاعلات الجهازية، تظل غير مؤكدة حتى يتم إجراء المزيد من الأبحاث والتجارب.

يمكن القول إن الإنسولين الذكي يُعدُّ بمثابة ثورة في علاج مرضى السكري، لذا من غير المستغرب أن تبقى الأعين مفتوحة على الأبحاث والتجارب المستمرة التي ستعمل على إتاحة هذه العلاجات المبتكرة للمرضى.