هل يمكن أن يكون الراباميسين هو إكسير طول العمر؟ إليكم ما تقوله الأبحاث

3 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/issaro prakalung

تخيل أن حبة واحدة يمكن أن تبطئ عملية الشيخوخة وتطيل عمرك. قد يبدو الأمر وكأنه خيال علمي، لكن الباحثين يحققون فيما إذا كان عقار الراباميسين -وهو دواء طوره العلماء لكبح الجهاز المناعي ومنع رفض الأعضاء- المفتاح لحياة أطول وأكثر صحة للبشر. تشير الدراسات التي أُجريت على حيوانات الاختبار إلى قدرة الراباميسين المذهلة على إطالة العمر وتحسين الصحة، فهل يمكن أن يكون الراباميسين إكسير الحياة الذي نبحث عنه؟ إليك ما تقوله الأبحاث.

ما هو الراباميسين؟

راباميسين (Rapamycin) هو دواء يُستخدم في المقام الأول مثبطاً للمناعة. عُزل الراباميسين في عام 1972 من بكتيريا وجدت في جزيرة إيستر، والمعروفة أيضاً باسم رابا نوي، وتقع في تشيلي.، ومن هنا جاء اسمه. اسم البكتيريا التي عُزل منها هو "المتسلسلة القؤوبة" (Streptomyces hygroscopicus). يشيع استخدام راباميسين بعد عمليات زراعة الأعضاء لتثبيط جهاز المناعة وتقليل خطر رفض الجسم للعضو المزروع، بالإضافة إلى أنه يتمتع بخصائص مضادة للفطريات والأورام.

ومنذ اكتشافه أجري العديد من التجارب باستخدامه على الحيوانات، حيث توصل الباحثون إلى أنه ساعد على تثبيط الشيخوخة لدى الفئران والكلاب وذبابة الفاكهة، ما طرح تساؤلاً مهماً حول إمكانية استخدام الراباميسين على البشر لمكافحة الشيخوخة والأمراض المرتبطة بها. 

اقرأ أيضاً: ما هو الريتينول؟ وهل يساعد على مقاومة علامات الشيخوخة؟

إكسير الحياة: كيف يمكن للراباميسين مقاومة الشيخوخة؟

كشفت الأبحاث الحديثة عن خصائص فريدة للراباميسين، في تثبيط الشيخوخة لدى الفئران وذبابة الفاكهة والكلاب والخميرة، ومن أهمها:

إطالة خصوبة النساء (إبطاء شيخوخة المبايض)

كشف باحثون في دراسة تجريبية حديثة لم تنشر نتائجها بعد، وأجريت على نحو 50 امرأة ممن تتراوح أعمارهن بين 35-45 عاماً، أنه يمكن للراباميسين إطالة خصوبتهن نحو 5 سنوات إضافية، من خلال إبطاء شيخوخة المبايض وتأخير انقطاع الطمث. 

تعد شيخوخة المبيض المحرك الأساسي لشيخوخة النساء، حيث تبدأ هذه الشيخوخة منذ سن الـ 35 لكن من دون أعراض ظاهرة. 

في كل شهر خلال الدورة الشهرية للمرأة، يبدأ عدد من البصيلات في المبيضين في النضوج. تحتوي كل من هذه البصيلات على بويضة غير ناضجة، ويبلغ عددها عادة نحو 50 بويضة. ومع ذلك، يختار الجسم بصيلة واحدة فقط لمواصلة النضوج الكامل والإباضة في النهاية، وهو ما يسهم في شيخوخة المبايض.

 لكن في الدراسة التجريبية، فإن جرعة أسبوعية تبلغ 5 ميليغرامات من الراباميسين، قللت عدد البويضات التي يطلقها المبيض شهرياً إلى 15 بويضة، وهو ما أسهم في تقليل شيخوخة المبيض بنسبة 20%، أي ما يعادل زيادة في مدة إنتاج البويضات 5 سنوات إضافية.

تعد نتائج هذه الدراسة فريدة من نوعها، لأنها أثبتت أنها آمنة للبشر بعد أن أثبتت نجاحها سابقاً على الحيوانات.

مكافحة فقدان العضلات المرتبط بالعمر

أفادت الدراسة المنشورة في دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) أجريت على الفئران، أن الراباميسين يعزز قوة العضلات وكتلتها، ويخفف تدهورها على نحو فعال، من خلال تعزيز تخليق البروتين وتقليل الالتهاب. 

بالإضافة إلى ذلك، عند استخدام الراباميسين مع تقييد السعرات الحرارية، فإنه وفر فوائد مضافة، ما عزز صحة العضلات بصورة أكبر مما يمكن لأي تدخل أن يحققه بمفرده.

تشير هذه النتائج إلى أن الراباميسين يمكن أن يكون مرشحاً علاجياً واعداً للحفاظ على وظيفة العضلات لدى الأفراد المتقدمين في السن، وقد يكون ذلك ممكناً بالتزامن مع التدخلات الغذائية مثل تقييد السعرات الحرارية. 

إطالة العمر

وجدت مراجعة نشرتها دورية جيرو ساينس (GeroScience) عام 2020، أن الراباميسين أدى إلى زيادة عمر الفئران الكبيرة في السن (بعمر 19 شهراً) بنسبة 10%، حيث لاحظ الباحثون:

  • تحسّن في وظائف القلب وانخفاض في معدل الإصابة بأمراض القلب.
  • تأثيرات إيجابية على الجهاز العصبي المركزي، بما فيها تحسين الوظائف الإدراكية للفئران المحتمل إصابتها بمرض آلزهايمر.
  • تقليل الالتهابات والاستجابات المناعية الذاتية.
  • تقليل شيخوخة الخلايا.

اقرأ أيضاً: العلاقة بين طول القامة وطول العمر: إليك ما تقوله الدراسات

كيف يساعد الراباميسين على إطالة العمر؟

يعتقد الباحثون أنه يمكن للراباميسين أن يطيل العمر من خلال التأثير على ما يُعرف بمسار (mTOR).

يعد مسار (mTOR) أساسياً لتنظيم النمو الخلوي والتكاثر والتمثيل الغذائي. وينشط عادة استجابةً لعوامل متعددة، مثل المغذيات (الغلوكوز والأحماض الأمينية) والهرمونات (مثل الإنسولين) والإجهاد الخلوي. 

في ظل الظروف العادية، يعزز (mTOR) العمليات الابتنائية مثل تخليق البروتين ونمو الخلايا. ومع ذلك، فإن اختلال تنظيم هذا المسار ذو صلة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، بما فيها السرطان والسمنة والاضطرابات العصبية التنكسية.

وفقاً للمراجعة السابقة، إن تثبيط مسار (mTOR) يمكن أن يحاكي تأثيرات تقييد السعرات الحرارية التي تعزز إطالة العمر في مختلف الكائنات الحية. يؤدي تقييد السعرات الحرارية إلى سلسلة من الاستجابات التكيفية التي تعزز صيانة الخلايا ومقاومة الإجهاد. ومن خلال تثبيط مسار (mTOR)، قد يحفّز الراباميسين تأثيرات مفيدة مماثلة، مثل:

  • تنشيط الالتهام الذاتي، وهي العملية التي تتحلل فيها الخلايا وتعيد تدوير المكونات التالفة، ما يسهم على الحفاظ على صحة الخلايا ووظيفتها، ويعزز طول العمر على المستوى الخلوي.
  • تقليل الالتهاب المزمن الذي يسهم في الشيخوخة والأمراض المرتبطة بالعمر.
  • تحسين وظيفة الميتوكوندريا، التي تعد مصنع إنتاج الطاقة والصحة الخلوية، من خلال تعزيز احتياطيات الطاقة البديلة.
  • قمع تطور الخلايا السرطانية وانتشارها، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين كبار السن.

اقرأ أيضاً: 10 نصائح مدعومة بالعلم لعيش حياة صحية مديدة

هل من الآمن استخدام البشر الراباميسين؟

في حين أن نتائج الدراسات على الحيوانات واعدة، فإن تعميم هذه النتائج على البشر يمثل تحدياً، لأن مثل هذه الدراسات تحتاج سنوات طويلة من الدراسة لمتابعة آثارها ونتائجها على المدى الطويل. وإلى اليوم، لم توافق إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام الراباميسين لعلاج الشيخوخة والألم أو الأمراض المرتبطة بها، ومع ذلك تشير التقديرات إلى أنه يوجد حالياً أكثر من 2000 شخص في الولايات المتحدة يستخدمون الدواء لإطالة العمر أو للحد من الأمراض المرتبطة بالعمر، لكن خارج نطاق الترخيص.

عموماً يرتبط استخدام الراباميسين ببعض الآثار الجانبية بسبب استخدام جرعات عالية أعلى من المستخدمة في الأبحاث المتعلقة بالشيخوخة، مثل:

  • حيض غير منتظم أو توقفه في حال تجاوزت الجرعة 5 ميليغرامات.
  • تقرحات فموية.
  • الصداع.
  • القشعريرة.
  • آلام المفاصل.
  • الإسهال.
  • الغثيان.

المحتوى محمي