يعتبر مرض نقص المناعة البشرية، المعروف بالإيدز، من أخطر الأمراض التي تصيب البشر، وذلك لأنه يهاجم الجهاز المناعي، ما يُضعف قدرة المصاب على مقاومة الأمراض، كما أنه مرض لا شفاء منه، إلّا ما ندر. يقتصر علاج مرض الإيدز على تخفيف الأعراض التي يعاني منها المريض، وإيقاف تطور المرض عند حد معين.
مبدأ العلاج
يهاجم فيروس نقص المناعة البشرية الجهاز المناعي للجسم، وتحديداً الخلايا المناعية الليمفاوية التائية «CD4 T». يؤدي ذلك إلى عدم قدرة الجسم على محاربة أي عدوى خارجية، أو أنواع السرطانات المرتبطة بالإصابة بالفيروس.
يقلل العلاج كمية الفيروس في الجسم «الحمل الفيروسي»، ما يمنح الجهاز المناعي فرصة للتعافي، وإنتاج المزيد من الخلايا الليمفاوية التائية. على الرغم من وجود الفيروس في الجسم، إلا أن العلاج يجعل جهاز المناعة قوي بما يكفي لمحاربة العدوى وبعض أنواع السرطان.
اقرأ أيضاً: دليلك المبسط للتعرف على مرض الإيدز
علاج مرض الإيدز
حالما تُشخَّص الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، يجب أن يبدأ المصاب برحلة العلاج، بغض النظر عن الحمل الفيروسي، وعن مدة وجود العدوى.
يسمى علاج فيروس نقص المناعة البشرية العلاج المضاد للفيروسات القهقرية «ART». وينطوي على التناول اليومي لمجموعة من الأدوية تسمى نظام علاج فيروس نقص المناعة البشرية. لا تقضي الأدوية على وجود الفيروس في الجسم تماماً، بل تساعد المصاب على العيش بصحة أفضل، وتقلل الأعراض الناتجة عن الإصابة، عن طريق تقليل الحمل الفيروسي، وتقليل خطر انتقال الفيروس للآخرين.
أدوية علاج الإيدز
تنتمي أدوية علاج الإيدز إلى عدة فئات، تكبح كل منها تكاثر الفيروس بطريقة مختلفة، وتمنعه من مهاجمة الخلايا المناعية الليمفاوية التائية، وهي:
- مثبطات النسخ العكسي غير النوكليوزيدية «NNRTIs»: وتعمل على إيقاف عمل البروتين الذي يحتاجه فيروس نقص المناعة البشرية لعمل نسخ منه.
- مثبطات النسخ العكسي للنيوكليوزيد أو النيوكليوتيدات «NRTIs»: وهي نسخ معيبة من اللبنات الأساسية التي يحتاجها فيروس نقص المناعة البشرية لعمل نسخ منه.
- مثبطات الأنزيم البروتيني المُسمى البروتياز «PIs»: وتعمل على تعطيل إنزيم البروتياز الخاص بالفيروس، وهو أنزيم يحتاجه فيروس نقص المناعة البشرية لعمل نسخ منه.
- مثبطات إنتيغراز «Integrase»: وتعمل عن طريق تعطيل بروتين يسمى إنتيغراز، والذي يستخدمه فيروس نقص المناعة البشرية لإدخال مادته الجينية في الخلايا الليمفاوية التائية.
- مثبطات الدخول أو مثبطات الاندماج: وهي التي تمنع دخول الفيروس إلى الخلايا الليمفاوية التائية.
عادةً، يكون على المصاب بفيروس الإيدز تناول 3 أدوية، اثنان منهما من فئة واحدة، والثالث من فئة مختلفة من الفئات سابقة الذكر، تكون كلها مجتمعة في حبة واحدة تؤخذ مرة واحدة في اليوم، وذلك بغض النظر عن مرحلة الإصابة أو تعداد الخلايا الليمفاوية أو الأعراض الظاهرة على المصاب.
يشتمل علاج الإيدز على توليفة من الأدوية وذلك للأخذ بعين الاعتبار مقاومة الفيروس لأحد أنواع الأدوية، ولتجنب تكوين سلالات جديدة مقاومة للأدوية من الفيروس، وزيادة قمع الفيروس في الدم.
اقرأ أيضاً: كيف ينتقل فيروس الإيدز عبر سوائل الجسم؟
فائدة تناول الأدوية
إن تناول الأدوية لا يُخلّص المصاب من فيروس الإيدز نهائياً، لكنه يعمل على خفض الحمل الفيروسي في الدم، ما يمنح عدة فوائد:
- الحفاظ على قوة الجهاز المناعي للمريض.
- التقليل من مخاطر الإصابة بالمضاعفات المتعلقة بالفيروس.
- التقليل من فرص الإصابة بنمط الفيروس المقاوم للعلاج.
- التقليل من احتمالية نقل الفيروس إلى أشخاص آخرين.
للحصول على هذه الغاية المرجوّة من تناول الأدوية، من المهم أخذها على النحو المنصوص عليه، دون إنقاص أو تخطي أي جرعة.
التأكد من استجابة المريض للعلاج
يراقب الطبيب الحمل الفيروسي في دم المريض، وتعداد الخلايا الليمفاوية التائية، لتقييم فعالية الأدوية المستخدمة في العلاج. عادةً، يُجرى الاختبار بعد أسبوعين من البدء بالعلاج، ثم بعد 4 أسابيع، ثم كل ثلاثة إلى ستة أشهر.
يجب أن يقلل العلاج من الحمل الفيروسي بحيث لا يمكن اكتشافه في الدم، وهذا لا يعني أن الجسم تخلّص من الفيروس بشكل نهائي، بل يعني أنه غير موجود في الدم، ومازال موجوداً في أماكن أخرى من الجسم، مثل العقد الليمفاوية والأعضاء الداخلية. عند التوقف عن تناول الأدوية، سيعود الفيروس للتكاثر، وسيزداد الحمل الفيروسي مرة أخرى، وسيعاود الفيروس مهاجمة الخلايا الليمفاوية التائية.
الآثار الجانبية لأدوية علاج الإيدز
تتنوع الآثار الجانبية لأدوية علاج الإيدز بين أعراض مؤقتة تختفي بمرور الوقت، وأعراض شديدة الخطورة تستدعي تغيير الدواء. من الأعراض الجانبية الشائعة:
- الغثيان والإقياء والإسهال.
- الصداع والدوخة.
- أمراض القلب.
- تورّم الفم واللسان.
- تلف الكلى والكبد.
- ضعف العظام.
- وصول الكوليسترول إلى مستويات غير طبيعية.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم.
- اضطرابات معرفية وعاطفية.
- اضطرابات في النوم.
تتفاقم مشكلة الآثار الجانبية عند بعض كبار السن، خاصة المصابين بأمراض الشيخوخة مثل أمراض القلب والعظام، وذلك لأن أدوية كلٍ منها تتفاعل مع الأخرى، لذلك يجب اتباع إرشادات الطبيب المختص منعاً من حدوث التفاعلات الدوائية.
اقرأ أيضاً: رحلة الإيدز من الشمبانزي إلى مضادات الفيروسات القهقرية
علاج الإيدز بالأعشاب
لم تُثبت الأعشاب فعاليتها في علاج الفيروسات القهقرية ومنها الإيدز، لكن يمكن الاستعانة ببعض الأعشاب التي تخفف من حدة الأعراض. منها:
- صبار الألوفيرا الذي يساعد في تخفيف الإمساك.
- الريحان يساعد على تخفيف الغثيان ويساعد على الهضم وتطهير تقرحات الفم.
- حب الهال يعالج مشكلات الجهاز الهضمي والألم والإسهال والغثيان والإقياء وفقدان الشهية.
- الفلفل الحار ينشط الشهية ويساعد على محاربة العدوى ويشفي القرحة والتهاب الأمعاء.
- البابونج يساعد على الهضم ويخفف الغثيان.
- القرفة جيدة لنزلات البرد وللضعف بعد نزلات البرد والإنفلونزا، وهي تفتح الشهية عبر تحفيز عصارات الجهاز الهضمي، وتشجع حركة الأمعاء.
- القرنفل يفتح الشهية أيضاً ويساعد على تحسين الهضم وتخفيف الإسهال والغثيان والإقياء.
- الكزبرة تزيد الشهية وتقلل انتفاخ البطن، وتحارب البكتيريا والفطريات.
- أوراق شجرة الكينا لها وظيفة مضادة للجراثيم، خاصة للرئتين والشعب الهوائية.
- الشمرة تفتح الشهية وتكافح انتفاخ البطن وتطرد الغازات.
- الثوم مضاد للجراثيم والفيروسات والفطريات، خاصة في الأمعاء والرئتين والمهبل، وهو مفيد لعلاج القلاع والتهابات الحلق والهربس والإسهال.
- الزنجبيل يحسن الهضم ويخفف الإسهال ويفتح الشهية.
- النعناع له تأثير مضاد للالتهابات ويساعد على الهضم.
- النيم يخفض الحمى.
- النعناع يخفف آلام البطن والمغص، ويساعد في السيطرة على الإسهال والإقياء، وتخفيف التوتر والأرق.
- الزعتر له وظيفة مطهرة ومضادة للفطريات، ويستخدم للتخلص من السعال، ويحفز الهضم ونمو الجراثيم المعوية الجيدة في القناة الهضمية.
اقرأ أيضاً: التعديل الجيني يمكن أن يساعد في القضاء على فيروس الإيدز
علاجات جديدة لمرض الإيدز
انتهى عام 2021 بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول على استخدام معلق قابل للحقن يسمى «أبريتود» لوقاية البالغين المعرضين لخطر الإصابة بالإيدز، والمراهقين الذين يزيد وزنهم عن 35 كيلوغراماً. يُعطى الدواء أولاً كحقنتين ابتدائيتين يتم أخذهما لمدة شهر واحد، ثم كل شهرين بعد ذلك. أيضاً، طورت شركة «ميرك» الأميركية دواء «إيسلاترافير»؛ الذي يؤخذ مرةً واحدةً في الشهر، ويتم تقييمه حالياً كعلاج لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية مع الأدوية الأخرى المضادة للفيروسات القهقرية الأخرى.
اقرأ أيضاً: هكذا حاول العلماء إيجاد لقاح نهائي لفيروس الإيدز
وأوجد باحثون في يوليو/تموز 2021، دواءً يتداخل مع جزء من دورة حياة فيروس نقص المناعة البشرية، يُسمى «ليناكابافير»، يمكن حقنه تحت جلد البطن مرة واحدة كل 6 أشهر. أثبت الدواء، إلى جانب الحبوب الفموية اليومية، فعاليته عند الأشخاص الذين قاومت أجسامهم معظم أدوية الإيدز المستخدمة حالياً أو جميعها. لا يزال هذا العقار طويل المفعول في مرحلة البحث، لكن النتائج الأولية مبشرة.
بعد إيجاد عقار ليناكابافير، وتحديداً في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وافقت كل من إنجلترا واسكتلندا على استخدام دواء آخر للإيدز يعطى عن طريق الحقن أيضاً كل شهرين. يتركب من دوائين هما «كابوتيغرافير» و«ريلبيفيرين»، وأثبت أن له فعالية الحبوب اليومية. من هذه التجارب، يبدو أن الحقن طويل المدى سيشكل النهج الجديد في علاج مرض نقص المناعة البشرية.