بالنسبة لكثير من الناس الذين يعانون من الاكتئاب؛ فإن الأدوية يمكنها أن تساعد في تخفيف الأعراض. مضادات الاكتئاب ليست مثالية، ويمكن أن يحتاج الأمر إلى عدة محاولات لتحديد النوع المناسب من الأدوية لبعض الأشخاص، ولكن في أغلب الحالات، هذه الأدوية نافعة. مع ذلك، تتراوح نسبة الأشخاص الذين لا يستجيبون للعلاج بين 10% و 30%. أحد الخيارات بالنسبة للأشخاص من هذه المجموعة هو العلاج بالصدمات الكهربائية.
يعرف بالعامية باسم «العلاج بالصدمات». لكنه ليس مثل الطقوس العلاجية التي تصوَّرها بعض الأفلام حيث يظهر فيها المريض وكأنه يُعذّب. اليوم، يتم العلاج بالصدمات الكهربائية تحت التخدير، ويكون التيار المستخدم موجّهاً ومتحكماً به. وفقاً لـ «آيمي ألويسي»، مديرة قسم العلاج بالصدمات الكهربائية في مدرسة إيكان للطب في ماونت سيناي، فكرة أن هذا العلاج مرعب ومجهد جسدياً هو اعتقاد خاطئ. وهي تدعو عائلات المرضى إلى داخل غرف العلاج ليشاهدوا العمليات في محاولة لتغيير هذا الاعتقاد.
مع ذلك، ومثل العلاجات والأدوية الأخرى، لا يفيد العلاج بالصدمات كل الأشخاص، ويمكن أن يكون له آثار جانبية وبعض المخاطر. العلاج بالصدمات الكهربائية مقبول بشكٍ جيد من قبل المجتمع الطبي، حيث يساعد العديد من المرضى الذين توقفوا عن تطبيق العلاجات الأخرى. مع ذلك، يعتقد بعض الأطباء أنه لا يجب تطبيق هذا العلاج، وأنه في بعض الحالات النادرة، بلغ المرضى عن تجارب سيئة تبعته.
تأثير العلاج بالصدمات الكهربائية
كتبت «سو كافلن» -طبيبة أطفال سابقة- في المجلة البريطانية ضمن نقاش حول هل ينبغي استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية في الطب اليوم أم لا، بأنها عانت من صعوبات في التحدّث ومشاكل كبيرة متعلقة بالذاكرة والوظائف التنفيذية بعد خضوعها للعلاج بالصدمات الكهربائية. أجبرها ذلك على ترك عملها. ووفقاً لألويسي، فإن الآثار الجانبية طويلة المدى الشبيهة بالمشاكل السابقة تحدث بالفعل، ولكنها نادرة. وهو أمر تناقشه مع مرضاها. وتقول: «بالتأكيد نحن نُعلم الجميع أن هذا قد يحصل، وأننا لا نعلم بالضبط من سيعاني منها».
عالجت ألويسي آلاف الأشخاص باستخدام العلاج بالصدمات الكهربائية، وهي تقول أنها لم تشهد أي مريض يعاني من آثار جانبية طويلة المدى ومعطلة للحياة.
إن التيار الكهربائي المستخدم خلال العلاج بالصدمات هو تيار متحكم به يُطبَّق لفترة قصيرة، ويُحدث تغيّرات في الدماغ تخفف أعراض الاكتئاب. آلية عمل العلاج ليست واضحة تماماً، إلا أن الزيادات في نسب البروتينات التي تساعد الأعصاب على النمو، والتغيرات في مستويات النواقل العصبية، والتغيرات في مناطق معينة من الدماغ لها علاقة بالاكتئاب (مثل اللوزة العصبية والحُصَين) كلها آليات محتملة.
حسب ألويسي، إن فكرة أن العلاج بالصدمات الكهربائية يسبب دائماً الضرر للدماغ هي اعتقاد خاطئ. تبين معظم الأبحاث أن هذا العلاج لا يؤذي العصبونات أو بنية الدماغ. في الواقع، تَبين أن العلاج بالصدمات يمكن أن يحفز النمو والنشاط في الدماغ. فتقول ألويسي: «يسبب العلاج زيادة في النشاط الدماغي، وزيادة في نمو عصبونات الحصين».
ظهور المشاكل المتعلقة بالذاكرة شائع بعد الخضوع لجلسات العلاج بالصدمات الكهربائية، لكن هذه المشاكل تختفي بعد فترة قصيرة من انتهاء العلاج. تقول ألويسي: «يمكن التعامل مع هذه المشاكل في العيادات عن طريق توليف الجرعات، وتواتر الجلسات والأدوية الأخرى».
علاج الاكتئاب
بالنسبة لأغلب المرضى، فإن العلاج بالصدمات مفيد جداً. وهو أكثر الطرق فعالية في علاج الاكتئاب العصي عن العلاجات التقليدية. يتم ملاحظة ذلك بين 50% و70% من هؤلاء الذين خضعوا لهذا العلاج نتائج إيجابية. والمرضى الذين تلقّوه هم أقل عرضة للدخول إلى المستشفى خلال شهر بعد الخروج منه. كما أن نتائج العلاج بالصدمات تظهر بسرعة خلال أيام على عكس الأدوية المضادة للاكتئاب، والتي تستغرق نتائجها عدة أسابيع. وبالنسبة للمرضى المصابين بالاكتئاب الشديد والذين يمكن أن تكون لديهم ميول انتحارية، فالعلاج سريع المفعول قد يكون مصيرياً.
السمعة السيئة والمفاهيم الخاطئة حول العلاج بالصدمات قد تُبرز بعض التجارب السيئة معه، ووفقاً لألويسي، فإنه من الضروري مناقشة هذه الحالات، حيث تقول: «يجب أن نخوض الكثير من الأحاديث حول العلاج، وأن ننظر إلى الأدلة. يجب أن نعلم ما هي آثار العلاج بالصدمات، وما هي آثاره النادرة».
حسب أوليسي، المرضى الذين لا يتجاوبون للعلاجات الأخرى قد يضطروا للاختيار بين الخضوع للعلاج بالصدمات الكهربائية، أو المضي في حياتهم مع الاكتئاب. تقول: «هذا الموضوع يخضع لتقييم المخاطر مقابل المنافع، مثل أي موضوع آخر. لكن الاكتئاب قد يكون مميتاً».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً