ليست الحرارة وحدها هي التي تضيّق على الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، فدرجات الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تغيير تأثير الأدوية التي يتم تناولها أو حتى إلى فسادها، ومع ما يعاني منه العالم من ارتفاعٍ غير مسبوق في درجات الحرارة، قد تحتاج إلى التفكير في مدى صلاحية أدويتك أثناء تنقلاتك وتحركات. فما الأدوية التي تخرب بالحرارة وكيف تعرف أنها فسدت؟
ما هي الأدوية الحساسة للحرارة؟
تتشابه الأدوية مع الجزيئات العضوية الموجودة في الغذاء، إلّا أن الدواء قد صُمم خصيصاً للحصول على الشكل الفعّال منها في علاج المرض؛ أي أن الدواء عبارة عن جزيئات عضوية تختلف عن بعضها بعدد ونوع المجموعات الوظيفية التي تحتوي عليها، والروابط بين هذه المجموعات. بناءً على ذلك، تخضع الأدوية لتفاعلات كيميائية مشابهة لما تخضع له الجزيئات العضوية بتأثير ظروف خاصة مثل ارتفاع درجات الحرارة.
يمكن لعدد محدود من الأدوية تحمل درجات حرارة 33 درجة مئوية، في المقابل يعد القسم الأكبر منها حساساً للحرارة، وهي الأدوية التي تتغير طبيعة المادة الفعّالة فيها بتأثير الحرارة أو تتحلل.
عامة، على الشركات المصنّعة للأدوية أن تصنعها في ظروف درجات حرارة صارمة، وأن تُخزن في درجة حرارة الغرفة (20-25) درجة مئوية، ما لم ينص الدواء على أنه يحتاج إلى تبريد.
اقرأ أيضاً: كيف تفهم الآثار الجانبية للأدوية وكيف تتعامل معها؟
ماذا يحدث عند تعرض الدواء للحرارة؟
يتأثر استقرار الدواء بنوعين من التفاعلات الكيميائية هما الأكسدة والتحلل المائي، ما يزيد من شدة آثارها الجانبية، ويشكّل خطراً على الصحة. على سبيل المثال، تتسبب أدوية التتراسيكلين بعد تغيير تركيبها الكيميائي في تلف الكلى، بينما يمكن لبعض الأدوية أن يصبح أقل فاعلية بتأثير الحرارة الشديدة وحتى الرطوبة، حتى قبل تاريخ انتهاء صلاحيتها، مثل الإسبرين. يتحلل الإسبرين بتأثير الحرارة إلى حمض الأسيتيك والسالسيليك، وكلاهما يمكن أن يهيج المعدة دون أن يكون لهما التأثير الطبي المنشود.
أظهرت المراجعة المنشورة في المجلة الأوروبية لصيدلة المستشفيات (European Journal of Hospital Pharmacy) أن معظم المضادات الحيوية حساسة لدرجة الحرارة.
عوامل خطر فساد الأدوية الحساسة للحرارة
يمكن لعدة عوامل أن تزيد من خطر تعرض الأدوية لدرجات حرارة عالية، مثل:
- في الطقس الحار: إذا لم يتوفر مكيف الهواء في المنزل، أو إذا كنت تترك المنزل لعمل أو ما شابه لفترات طويلة، يمكن لدرجات الحرارة العالية الخارجية أن ترفع من درجة حرارة المنزل الداخلية.
- السيارة: إن كنت كثير التنقل وتحتاج إلى ملازمة الأدوية لك، قد تضطر لإبقائها في السيارة، إلّا أن ذلك يعرضها لخطر الحرارة العالية بتأثير المحرك، أو بقاء السيارة في الشمس.
- السفر: إن كنت تسافر لمسافات بعيدة، فقد تضطر للاحتفاظ بدوائك في حقائب غير مكيفة لفترات طويلة.
كيف تعرف أن الدواء قد أفسدته الحرارة؟
يمكن لعدة علامات أن تكون دليلاً واضحاً على تعرض الدواء للفساد بالحرارة، مثل:
- تنفصل مكونات الأدوية الكريمية والسائلة عن بعضها.
- تتحلل الكبسولات والمساحيق.
- تلتصق الحبوب ببعضها أو تكون أكثر ليونة أو متشققة أو متكسرة.
- تغير في القوام، كأن يصبح أكثر لزوجة أو سيولة.
- تطرأ على الدواء تغيرات لونية، أو تغير في الرائحة أو يصبح ذا طعم كريه.
طرق التخزين المناسبة للأدوية
يمكن لبعض الممارسات أن تحمي أدويتك من درجات الحرارة المرتفعة وغير المناسبة لها، مثل:
- احفظ الأدوية في مكان جاف وبارد، أو احفظها في صندوق تخزين خاص أو خزانة الملابس.
- احفظ الأدوية بعيداً عن الحمام، لأنها قد تتعرض للتخريب بحرارة البخار فتصبح أقل فاعلية أو تتغير طبيعتها.
- احتفظ بالدواء في عبوته الأصلية.
- استشر الصيدلاني عن معلومات التخزين.
- احفظ الدواء بعيداً عن متناول الأطفال.
- لا تحفظ الدواء في السيارة، لأنها قد تصبح شديدة البرودة أو السخونة.
- احتفظ بالدواء في أمتعتك الشخصية لدى السفر في الطائرة.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لقراءة النشرات الدوائية
درجات حرارة تخزين الأدوية
تتوافر المعلومات الخاصة بظروف تخزين كل نوع دوائي على غلافه الخاص أو ضمن ورقة المعلومات. من الأمثلة على توصيات الأدوية الحساسة للحرارة ما يلي:
- ليبيتور (أتورفاستاتين الكالسيوم): عقار خاص بمرضى ارتفاع الكوليسترول، ويُخزن في درجة حرارة الغرفة (20-25 درجة مئوية).
- نورفاسك (أملوديبين بيسيلات): لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ويُخزن في درجة حرارة الغرفة.
- توبرول (ميتوبرولول سكسينات): لعلاج ارتفاع ضغط الدم وقصور القلب، ويُخزن في درجة حرارة بين 15-30 درجة مئوية.
- سينثرويد (ليفوثيروكسين): خاص بمرضى قصور الغدة الدرقية، ويُخزن في درجة حرارة بين 15-30 درجة مئوية.
- فيليتري (إيبوبروستينول): لمرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي. يمكن تخزينه في درجة حرارة تتراوح بين 2-8 درجات مئوية.