6 خرافات عن اللقاحات وحقيقتها

6 خرافات عن اللقاحات وحقيقتها
حقوق الصورة: بيكسلز.

تعمل اللقاحات عن طريق تعريض الجسم لنسخة آمنة من مسببات المرض، والتي قد تكون جزءاً بروتينياً أو سكرياً من مسببات الأمراض، أو كائنات ممرضة ميتة أو غير نشطة، أو كائنات ممرضة حية ضعيفة، أو سموماً معدّلة من الكائنات الممرضة، وذلك من أجل تحفيز الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة لها من أجل تذكرها لاحقاً وتحقيق استجابة أسرع للمرض الفعلي في حال حدث مستقبلاً. وعلى الرغم من أهمية اللقاحات وفائدتها، فإن الكثير من الشائعات قد أُثير عن سلامتها وفاعليتها، خصوصاً بعد جائحة كوفيد-19، ما جعل الكثير من الناس ينأى عن التطعيم. إليك أكثر هذه المغالطات انتشاراً والحقائق الصحيحة عنها.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل اللقاحات لقتل الفيروسات؟

أشهر المفاهيم الخاطئة عن اللقاحات

اللقاحات تتفاعل مع المادة الوراثية مؤدية إلى طفرات وأمراض خطيرة

لا تتفاعل أي من اللقاحات مع الحمض النووي للإنسان، بما في ذلك معظم لقاحات كوفيد-19. لكن، يمكن القول إن استخدام بعض اللقاحات للحمض النووي لمسببات المرض بمثابة وسيلة لتوصيل المعلومات إلى الخلايا قد يجعل الناس يتساءلون عن إمكانية تفاعلها مع المادة الوراثية للإنسان. في الواقع، ينبغي معرفة أن اللقاحات التي تستخدم الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) أو تلك التي تستخدم وحدات البروتين الفرعية، تعمل عن طريق توصيل التعليمات (المواد الجينية) إلى الخلايا، لتصنِّع بروتيناً يؤدي إلى إحداث استجابة مناعية خاصة بالفيروس.

ثم وبعد أن ينتج الجسم استجابة مناعية، فإنه يتخلص بسرعة من مكونات اللقاح جميعها تماماً كما يتخلص من أي معلومات لم تعد الخلايا بحاجة إليها. بالإضافة إلى أن الحمض النووي البشري يُحفظ داخل نوى الخلايا، في حين أن معظم اللقاحات، حتى تلك التي تستخدم الحمض النووي الريبي المرسال تعمل في سيتوبلاسم الخلايا خارج النوى، فضلاً عن أن جزءاً كبيراً من الحمض النووي المستخدم في صناعة اللقاح يُدمَّر في أثناء عملية التصنيع، نتيجة تعرضه لبعض المواد الكيميائية، ما يحد من قدرته على إنتاج بروتين مضر داخل جسم الإنسان.

خلاصة القول، إنه على الرغم من أن الحمض النووي الموجود في اللقاح غير قادر على دمج نفسه في الحمض النووي الخلوي البشري، لكن وعلى فرض حدوث ذلك، فإن العلاج الجيني سيصبح أسهل بكثير مما كان عليه سابقاً.

اقرأ أيضاً: 10 أسئلة شائعة عن العلاج الجيني وإجاباتها

اللقاحات تسبب العقم

انتشرت هذه المغالطة كثيراً بعد ظهور مرض كوفيد-19، وقد كان الخوف من الآثار الجانبية للقاحات وخصوصاً التأثير في الخصوبة سبباً رئيسياً للتردد بشأن الحصول على اللقاح. ومع ذلك، توصلت مراجعة منشورة في دورية فاكسين (Vaccine) عام 2022، إلى عدم وجود أي دليل علمي يشير إلى أن لقاحات كوفيد-19 تؤثّر في الخصوبة عند الرجال والنساء، وهذا ينطبق على أنواع اللقاحات الأخرى جميعها أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، يقول الخبير بعلم الفيروسات والباحث في مجال الأدوية، إسلام حسين، مستشهداً بدراسة عن سلامة لقاحات كوفيد-19 التي تستخدم الحمض النووي الريبي المرسال على الحوامل، إن لها الآثار الجانبية المعتادة نفسها، ولم تشكّل خطراً على الحمل، ولم تزد معدلات الإجهاض أو المشكلات عند حديثي الولادة أكثر مما هو اعتيادي.

اقرأ أيضاً: ما هي اللقاحات الثنائية التأثير وما ميّزاتها؟

اللقاحات تحتوي على شرائح إلكترونية دقيقة بهدف السيطرة على البشر

حسناً، على الرغم من غرابة الفكرة، فإنها تلقى رواجاً كبيراً جداً بين الناس. لذلك، يُقتضى التنويه بأن اللقاحات بأنواعها لا تحتوي على أي من المنتجات المُصنّعة مثل الإلكترونيات الدقيقة والأقطاب الكهربائية وأنابيب الكربون النانوية وأشباه الموصلات النووية، كما أنها خالية من المعادن مثل الحديد والنيكل والكوبالت والليثيوم والسبائك الأرضية النادرة، والمكونات التي يمكن أن تنتج مجالاً كهرومغناطيسياً في موقع الحقن.

ليس الهدف من اللقاحات تتبع حركة الإنسان أو التحكم به، وإنما تحفيز جهازه المناعي لإنتاج الأجسام المضادة التي تمنحه مناعة ضد المرض دون الحاجة إلى الإصابة به. ويُذكر أن اللقاحات لا تحتوي على أنسجة خلايا أجنة مجهضة أو مضادات حيوية أو بروتينات غذائية أو أدوية أو لاتكس. المكونات الموجودة في اللقاحات جميعها موجودة غالباً في العديد من الأطعمة مثل الدهون والسكريات والأملاح، بالإضافة إلى أن عدة مركبات موجودة في اللقاحات قد تخيف الناس، مثل مركب الثيميروسال (Thimerosal) المحتوي على الزئبق أو مركب الفورمالديهايد (Formaldehyde)، يكون كميته قليلة جداً ليشكل خطراً على الصحة، وأقل بكثير من الكميات التي نتعرض لها بشكلٍ طبيعي في حياتنا اليومية.

اقرأ أيضاً: لقاح كورونا منهم: لماذا يثار استخدام خلايا البشر في تطوير اللقاحات؟

اللقاحات عديمة النفع ما دام الناس يُصابون بالعدوى بعد التطعيم

تنشأ هذه المغالطة عندما يفترض الناس أنه نظراً لأن اللقاحات ليست فعّالة بنسبة 100%، فإنها عديمة النفع أو منخفضة الفاعلية. في الواقع، اللقاحات فعّالة بنسبة 100% في كثيرٍ من الحالات وتمنع المرض عند الغالبية، لكن ما يحدث أن ثمة نسبة من الناس بحدود 5-10% ممن يتلقون اللقاحات لا يطوّرون مناعة بعد التطعيم، وهذا يعود لأسباب فردية تتعلق بأجسامهم وليس لانعدام فاعلية اللقاح.

اللقاحات غير آمنة وقد تسبب التوحد

اللقاحات آمنة للغاية، والآثار الجانبية التي قد تحدث عادة ما تكون مؤقتة وبسيطة مثل الحمى أو التهاب في الذراع وما إلى ذلك، ومن النادر أن يحدث ما هو خطر على الصحة بعد التطعيم. فضلاً عن أن المضاعفات التي قد تنتج عن المرض تفوق بكثير ما قد ينتج عن اللقاح، على سبيل المثال، قد يسبب شلل الأطفال الشلل، وقد تسبب الحصبة التهاب الدماغ والعمى، ويمكن أن تؤدي عدة أمراض، التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، إلى الوفاة في حال عدم التطعيم. لذلك، يمكن القول إن فوائد التطعيم تفوق مخاطره إلى حد كبير، وقد يحدث المزيد من الإصابات والوفيات في حال تجنب التطعيم. أمّا بالنسبة للمغالطة التي تقول إن اللقاحات تسبب التوحد أو متلازمة موت الرضيع المفاجئ، فهذا ما لم تثبته الأبحاث العلمية حتى اليوم.

اقرأ أيضاً: هل يمكن استخدام الفيروسات لعلاج الأمراض البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية؟

لقاحات كوفيد-19 طُوِّرت بسرعة كبيرة لا يمكن الوثوق بها

تُعدُّ هذه المغالطة من أشهر المغالطات التي رُوِّجت عن لقاح كوفيد-19، إذ افترض كثيرون أنه وبما أن صناعة اللقاحات تحتاج إلى سنوات عديدة، فلا بُدَّ من وجود سر خطير في عملية تطوير لقاحات هذا المرض بالتحديد؛ إذ تمت خلال فترة قياسية! حسناً، ليس الأمر كذلك. فالخطوات التي عُجِّل بها خلال عملية تطوير اللقاحات كانت تلك التي تخصُّ الأعمال الورقية أساساً؛ مثلما يوضّح أستاذ كلية الطب أندرو برادلي (Andrew Bradley). وقد اختُبرت اللقاحات المتاحة جميعها على عشرات الآلاف من الأشخاص في تجارب سريرية، وقُيَّمت بدقة للتأكد من سلامتها وفعاليتها.

علاوة على ذلك، ما سرّع عملية التطوير أيضاً أن العملية بُنيت على التقدم الذي أحرزه العلماء في الأبحاث السابقة الخاصة بلقاحات فيروس كورونا؛ إذ يرتبط الفيروس المسبب لكوفيد-19 بالعديد من الفيروسات التاجية التي بقيت تحت المجهر لسنوات عديدة، مثل الفيروسات المسببة لمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، بالإضافة إلى أن الاستثمار المبكر في التصنيع والتوزيع أدّى إلى تسريع عملية طرح اللقاحات في الأسواق على نحو كبير. أضف إلى ذلك، أنه وعلى الرغم من أن تقنية الحمض النووي الريبي الرسول المستخدمة في بعض اللقاحات تُعدُّ تطبيقاً حديثاً، فإن الباحثين قد درسوا هذه التقنية عقوداً من الزمن عبر مجموعة من الأمراض مختلفة مثل الإنفلونزا، وفيروس زيكا، وداء الكلب، والسرطان.

ما ينبغي معرفته عن الآثار الجانبية للقاحات

يمكن القول إن اللقاحات آمنة وفعّالة، والآثار الجانبية تكون خفيفة وغالباً ما تختفي خلال بضعة أيام من تلقاء نفسها، وتشمل:

  • ألم أو احمرار أو تورم في مكان الحقن.
  • حمى.
  • تعب.
  • آلام العضلات.
  • صداع.
  • غثيان.
  • قيء.
  • إسهال.

وفي حالات نادرة جداً، قد يعاني بعض الأشخاص أعراضاً أكثر خطورة تُعزى إلى معاناتهم ما يُسمّى برد الفعل التحسسي، أو الحساسية المفرطة، وهي حالات نادرة تُصيب 1.31 من كل مليون شخص. تشمل أعراض الحساسية المفرطة: الشعور بالإغماء، أو الدوار، أو صعوبة في التنفس أو الصفير، أو تسرع ضربات القلب، أو ارتباك، أو قلق، أو فقدان الوعي، أو تورم، أو ألم في المعدة. لكن ونظراً لأن الآثار الجانبية المحتملة خفيفة أو نادرة، وحالات الحساسية نادرة جداً، فإن الخطر الأكبر بالنسبة لمعظم الأفراد هو اختيار عدم الحصول على اللقاح؛ لأن عدم الحصول على التطعيم يؤدي إلى الإصابة بالأمراض الأشد خطورة، ونقلها إلى الآخرين الذين قد يكونون أضعف بنية وأكثر عرضة للخطر، ما قد يسبب مضاعفات دائمة أو حتى مميتة.

المحتوى محمي