ليكمبي: دواء جديد لمرض ألزهايمر يحيي الآمال ويثير التساؤلات

دواء جديد لمرض ألزهايمر يُحيي الآمال ويثير التساؤلات
لن يحصل المرضى جميعهم على هذا الدواء الجديد. غيتي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على دواء يحمل اسم ليكيمبي (Leqembi)، وهو أول علاج مُخفِّف لمرض ألزهايمر في مراحله المبكرة ولحالة قد تؤدي إلى المرض تحمل اسم الضعف الإدراكي البسيط. قال المسؤولون في برنامج الرعاية الطبية (ميديكير) إن البرنامج سيغطي هذا العلاج، وتسعى المراكز الطبية في جميع أنحاء البلاد جاهدة لوضع اللمسات الأخيرة على القرارات السياسية والإجراءات الخاصة بتوفير الدواء للمرضى، وقد يتم ذلك بحلول نهاية صيف أو أوائل خريف عام 2023.

دواء جديد يصاحبه شعور بالقلق

إنها فترة محفوفة بالمخاطر؛ إذ يأمل المرضى بالحصول على هذا العلاج وتخضع علاجات واعدة أخرى مثل دونانيماب (donanemab) للاختبار. مع ذلك، يشعر مقدّمو الخدمات الطبية بالقلق. قال مدير مركز أبحاث مرض ألزهايمر التابع لمايو كلينك في مدينة روتشستر في ولاية مينيسوتا الأميركية، رونالد بيترسن: “هذه خطوة أولى مهمة في تطوير العلاجات لأمراض التنكّس العصبي المعقدة، لكنها مجرد خطوة أولى”.

طُرح الكثير من الأسئلة التي لا جواب لها بعد مع بدء هذا العصر الجديد من علاج الضعف الإدراكي البسيط ومرض ألزهايمر في مراحله المبكرة. هل سيُحدث التأثير الأساسي لدواء ليكيمبي، وهو الإبطاء الطفيف للتراجع في الإدراك والأداء، فرقاً كبيراً بالنسبة للمرضى وأفراد أسرهم، أم ستكون ملاحظته صعبة؟ هل ستتسارع التأثيرات أو تتباطأ أو تخف بمرور الزمن؟

هل سيكون الطلب على دواء ليكيمبي (الاسم التجاري لمركّب ليكانيماب (lecanemab))، وهو جسم مضاد أحادي النسيلة يجب حقنه مرة كل أسبوعين، كبيراً أم مقيّداً؟ هل سيتمكن الكثير من كبار السن في السبعينيات والثمانينيات من العمر من الذهاب إلى المراكز الطبية للحصول على الحقن مرتين في الشهر وإجراء فحوصات منتظمة بالرنين المغناطيسي وزيارات للأطباء لمراقبة الآثار الجانبية المحتملة مثل نزيف الدماغ أو التورم؟

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: الاستخدام الطويل الأمد لمضادات الحساسية يسيء للذاكرة

حتى بوجود تغطية الرعاية الطبية، كم عدد الأشخاص الذين سيتمكنون من تحمّل تكلفة مجموعة الخدمات الطبية المتطلَّبة، مثل الاختبارات الإدراكية والحقن ومواعيد الأطباء وفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي والاختبارات الوراثية والبزل القطنيّ أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني للتحقّق من وجود لويحات الأميلويد، السمة المميزة لمرض ألزهايمر التي يعد وجودها شرطاً مسبقاً لتلقي هذا العلاج؟

هل سيبدأ أطباء الرعاية الأولية بفحص كبار السن روتينياً لكشف إصابتهم بالضعف الإدراكي البسيط، وهو إجراء لا يُتخّذ حالياً؟

هذه الأسئلة ليست مفاجئة، ويعود ذلك إلى أن علاجات الخرف الجديدة هذه تفتح آفاقاً مجهولة. سنستعرض فيما يلي المعلومات التي يجب عليك أن تعرفها.

أساسيات دواء ليكيمبي

دواء ليكيمبي فعال للغاية في إزالة لويحات الأميلويد (التي تتشكّل من بروتين يتكتّل بين الخلايا العصبية) من الدماغ، لكنه لا يعالج التدهور الإدراكي أو يقي من تفاقمه.

قالت شركة أيساي (Eisai)، التي طورت الدواء، في وثيقة موجزة إن التجارب السريرية بيّنت أن معدل التدهور كان أبطأ بنسبة 27% لدى الأشخاص الذين تناولوا الدواء. قال أستاذ الطب النفسي وطب الأعصاب وعلم الشيخوخة في كلية كيك للطب في جامعة جنوب كاليفورنيا، لون شنايدر، إنه عند أخذ الدرجات الأولية على المقياس الإدراكي المستخدم لقياس النتائج في الاعتبار (4.41 للمجموعة التي تلقّت دواء ليكيمبي بعد 18 شهراً من تناوله و4.86 للمجموعة التي تلقّت الدواء الوهمي)، بلغ معدّل التحسن 9% فقط.

تحديد الفوائد قد يكون صعباً

تشير الأبحاث إلى أن المرضى يشهدون تغيراً “جلياً من الناحية السريرية” في الأداء الإدراكي (تغيراً ملحوظاً في قدرتهم على التفكير والتذكُّر وأداء المهام اليومية) عند ارتفاع الدرجات بمقدار نقطة واحدة على الأقل على مقياس مكون من 18 نقطة يُستخدم لقياس تأثير دواء ليكيمبي. لكن التغيّر الملحوظ بعد 18 شهراً لدى المرضى الذين تناولوا هذا الدواء بلغ 0.45% فقط.

قال أستاذ طب الأعصاب في كلية الطب في جامعة سينسيناتي، ألبرتو إسباي: “هذا الفرق بسيط، ومن غير المرجح أن يلاحظ المرضى أي تغير حقيقي في الأداء الإدراكي”.

لدى بيترسن وجهة نظر مختلفة لأنه علم من العديد من المرضى أنهم مستعدون لتلقي العلاج بهدف إبطاء تفاقم المرض. قال بيترسن: “إذا تمكّنا من الحفاظ على استقرار حالة هؤلاء المرضى لفترة أطول إلى حد ما، فهذا أمر مفيد”.

الأعراض الجانبية شائعة

أفادت شركة أيساي أن 17% من المرضى الذين تناولوا دواء ليكيمبي عانوا تورّماً في الدماغ، و13% منهم أصيبوا بنزيف دماغي. ظهرت أغلبية هذه الآثار الجانبية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العلاج، واختفت من دون أي عواقب خطيرة بعد 4 أشهر.

ظهرت آثار جانبية مرتبطة بالحقن مثل القشعريرة والآلام والغثيان والقيء وارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه وغيرها في أكثر من حالة واحدة بقليل من أصل كل 4 حالات.

اقرأ أيضاً: كيف تفهم الآثار الجانبية للأدوية وكيف تتعامل معها؟

يتمثّل أحد الآثار الجانبية الذي لا يتحدّث الخبراء عنه كثيراً في انخفاض حجم الدماغ المرتبط بتناول دواء ليكيمبي وغيره من العلاجات المضادة للأميلويد. قال إسباي: “لا نعرف العواقب الطويلة الأمد لهذا الأثر الجانبي على المرضى، وهذا أمر مثير للقلق”

سيوصي الأطباء في المراكز الطبية الكبرى بإجراء اختبارات وراثية في أثناء تقييم المرضى الذين قد يكونون مصابين بمرض ألزهايمر لأن الأشخاص الذين يحملون المتغير الوراثي أيه بي أو إي 4 (APOE4)، الذي يزيد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أكثر عرضة أيضاً لخطر الآثار الجانبية لدواء ليكيمبي.

معايير التأهل للعلاج

قال الأستاذ المشارك لطب الأعصاب في كلية الطب بجامعة واشنطن في مدينة سانت لويس، إريك موسيك (Erik Musiek): “أختار بعناية شديدة المرضى الذين أعتقد أنهم سيكونون مؤهلين لتلقّي العلاج، مع التركيز على الأشخاص الذين يعانون أعراضاً إدراكية خفيفة ويتمتعون بصحة جيدة”.

لدى موسيك نحو 20 مريضاً جاهزاً لتلقي العلاج بمجرد بدء جامعة واشنطن بتوفير دواء ليكيمبي، ربما بحلول أوائل خريف عام 2023. قال موسيك إن تقديم هذا العلاج “سيكون صعباً، وأعتقد أنه علينا توخي الحذر”.

قال مدير مركز ماري إس إيستون لأبحاث مرض ألزهايمر والرعاية بمرضى ألزهايمر التابع لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، كيث فوسل (Keith Vossel)، إن هذه الجامعة حضّرت مجموعة متعددة التخصصات من المتخصصين، على غرار لجنة أورام السرطان، لإجراء مراجعات شاملة للمرضى الذين يرغبون في تناول دواء ليكيمبي. ستستثني هذه المجموعة الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بأكثر من 4 حالات من النزيف الصغير باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، وأولئك الذين يتناولون مميعات الدم الذين عانوا نوبات من قبل.

ستقيّم عيادة علاجية جديدة في مايو كلينك في ولاية مينيسوتا متخصصة في مرض ألزهايمر المرضى المحتملين بعناية على مدى ثلاثة إلى أربعة أيام، وستمنح العلاج للأشخاص الذين يعيشون في نطاق يبلغ نحو 160 كيلومتراً فقط. قال بيترسن: “سنبدأ بالمرضى الذين يتمتعون بصحة جيدة إلى حد ما ونتابع حالتهم من كثب”.

اقرأ أيضاً: هل ستنجح لقاحات السرطان في حسم المعركة ضد هذا المرض الخبيث؟

تشعر مديرة مركز أبحاث مرض ألزهايمر في كلية ماونت سيناي للطب في مدينة نيويورك، ماري سانو، بالقلق بشأن المرضى الأكبر سناً الذين يعانون الضعف الإدراكي البسيط والذين يرغبون في تلقّي دواء ليكيمبي ولم يُثبَت أنهم يعانون تراكم لويحات الأميلويد في أدمغتهم. تقول سانو: “سنعالج فقط الأشخاص الذين ثبت تراكم هذه اللويحات في أدمغتهم، وأخشى أن يؤدي ذلك إلى اقتناع البعض بأننا غير مهتمين بالاعتناء بهم”. تبيّن الأبحاث أن نحو 40% إلى 60% من المرضى الذين يبلغون من العمر 58 عاماً أو أكثر ممن يعانون الضعف الإدراكي البسيط يعانون أيضاً تراكم لويحات الأميلويد.

المرضى الذين يعانون مرض ألزهايمر المعتدل أو الضعف الإدراكي في مراحله المبكرة بسبب الخرف الوعائي أو العوامل الاستقلابية المختلفة هم مصدر آخر للقلق. أشارت سانو إلى أن هؤلاء أيضاً لن يتمكنوا من تلقّي دواء ليكيمبي، وقد يشعرون بخيبة الأمل.

الارتفاع المحتمل للتكاليف

حساب تكاليف دواء ليكيمبي ليس سهلاً لأن مسؤولي الرعاية الطبية لم يُفصحوا عن المبلغ الذي ستدفعه الحكومة مقابل الخدمات. لكن وفقاً لشنايدر، تقدّر جامعة جنوب كاليفورنيا أن إجمالي تكلفة الرعاية لمدة عام، التي تغطّي تكلفة الدواء البالغة 26,500 دولار، يمكن أن يصل إلى نحو 90 ألف دولار.

يشير تحليل آخر أجراه معهد المراجعة السريرية والاقتصادية إلى أن إجمالي تكلفة الخدمات الطبية اللازمة جميعها لتقديم الدواء ومراقبة المرضى وإجراء الاختبارات اللازمة يمكن أن يصل إلى 82,500 دولار سنوياً في المتوسط، وذلك بالإضافة إلى تكلفة دواء ليكيمبي بحد ذاته.

إذا شارك المريض في الدفع بنسبة 20%، فلن يقل الإنفاق الشخصي عن 18 ألف دولار. على الرغم من أن نسبة لا يستهان بها من كبار السن لديهم تأمين تكميلي يغطّي هذه التكاليف (مثل خطة ميديغاب (Medigap)، أو تغطية المتقاعدين التي يرعاها أصحاب العمل)، يفتقر نحو 1 من أصل كل 10 مستفيدين من برنامج الرعاية الطبية إلى هذا النوع من الحماية. لا تزال السياسات المتعلقة بهذا الدواء التي ستفرضها خطط برنامج ميديكير أدفانتج الخاصة (أو أفضلية الرعاية الطبية (Medicare Advantage)) غير معروفة.