تقنية لقاحات كورونا تساهم في علاج متلازمة القلب المكسور

2 دقائق
متلازمة القلب المكسور
حقوق الصورة: شترستوك.

استطاع باحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية علاج النسيج الندبي في القلب عند الفئران، والذي يتشكل عند الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، وذلك بالاستفادة من تقنية الرنا المرسال المستخدمة في لقاحات كورونا، التي تساعد على التعديل الوراثي في الخلايا المناعية التائية.

متلازمة القلب المكسور

عندما يتعرض الشخص لموقف شديد الصعوبة، أو مرض جسدي خطير أو جراحة يمكن أن يصاب بحالة قلبية تسمى متلازمة القلب المكسور، يعاني المصابون فيها بآلام تشبه تلك التي تنتج عن الإصابة بنوبة قلبية، وفيها تتأثر وظيفة القلب المتمثلة بضخ الدم إلى الجسم، وينتج عنها تشكل ندوب في أنسجة عضلة القلب.

قد تتطور الحالة لتصل إلى وذمة رئوية، أو انخفاض في ضغط الدم، أو عدم انتظام ضربات القلب أو فشل القلب أو حتى تتشكل جلطات دموية داخل القلب. تُعالج متلازمة القلب المكسور عادة كما تعالج النوبات القلبية، حتى يتضح التشخيص، ثم تعالج بالأدوية التي تقلل الضغط على القلب وتمنع المزيد من النوبات، ويشفى المصاب في غضون شهر أو نحو ذلك.

اقرأ أيضاً: علماء يتمكّنون من اكتشاف النوبات القلبية وسماعها قبل وقوعها

علاج جديد لتندّب عضلة القلب

عند الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، أو إحدى الحالات القلبية الأخرى، تتشكل ندوب في أنسجة عضلة القلب، تشبه الأورام السرطانية الصغيرة. لإيجاد علاج لهذه الندوب، يلجأ الباحثون إلى الخلايا المناعية التائية المعدلة وراثياً، والتي تعرف اختصاراً «CAR-T».

الخلايا التائية هي خلايا مناعية تستخدم مستقبلات على سطحها للتعرف على الخلايا المصابة، ومن ثم تدميرها. يمكن إعادة برمجة الخلايا التائية لاستهداف أي نوع من الخلايا المرغوبة من خلال منحها المستقبل المناسب لهذه الخلايا، وهي الخلايا المتندبة في حالتنا هذه.

عادةً، تؤخذ الخلايا التائية من جسم المريض، وتُعاد هندستها وراثياً لإضافة الجين الذي يُعبر عن المستقبلات المطلوبة، ثم تُعاد إلى جسم المريض نفسه، لتتمكن الخلايا التائية من التعرف على الخلايا المريضة ومهاجمتها. 

أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في علاج سرطانات الدم مثل ابيضاض الدم «اللوكيميا»، وتمت تسمية علاج اللوكيميا بهذه الطريقة باسم «كيمريه» (Kymriah)، لكن الثمن الباهظ لإنتاج هذه الخلايا مخبرياً يمثل عقبة أمام هذه التقنية، إذ تبلغ تكلفة عقار كيمريه 475 ألف دولار. لذلك، لتطبيق هذه التقنية في العلاج على نحو واسع، خاصة في المناطق الفقيرة والبلدان النامية، يجب أن يتوصل الباحثون إلى طريقة تخفض تكاليف العلاج.

اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة التهاب عضلة القلب؟ وما حقيقة ارتباطه بلقاحات الرنا المرسال؟

علاج تندب القلب بمساعدة تقنية لقاحات الرنا المرسال 

وفق الدراسة التي نشرت في دورية «ساينس» العلمية، حققت تقنية CAR-T تقدماً كبيراً في العلاج، لذلك حاول الباحثون في جامعة بنسلفانيا الاستفادة من تقنية الرنا المرسال التي استخدمت لتطوير لقاحات فيروس كورونا، ما سمح لهم بتعديل الخلايا التائية مؤقتاً، مع تقليل التكاليف بشكل كبير.

وقد تمكن الباحث «هيغ أغاجانيان» من جامعة بنسلفانيا وفريقه من تحويل الخلايا التائية إلى خلايا معدلة وراثياً CAR-T دون إزالتها من الجسم، عن طريق توصيل الجينات على شكل رنا مرسال mRNA مُغلّف بكرات دهنية، تسمى «الجسيمات النانوية الدهنية»، وهي تحتوي على أجسام مضادة يمكن ربطها بالخلايا التائية.

تبقى نسخ الرنا المرسال المُدخلة إلى الجسم لعدة أيام ريثما تقوم بعملها فقط، وذلك لأنها لم تُدمج في جينوم الجسم، ولن تغير الخلايا التائية بشكل دائم. 

التعديل الذي أجراه الفريق البحثي يجعل الخلايا التائية تهاجم الخلايا التي تفرز الكولاجين. تتكاثر هذه الخلايا بإفراط بعد الإصابة ما يؤدي إلى تشكل الندبات. يتسبب ذلك بإفراز الكثير من الكولاجين، دون أن تزيله الخلايا الأخرى التي تُحدث التوازن عادة عند الأشخاص السليمين. في هذه الطريقة الآن، ستبدأ الخلايا التائية المعدلة وراثياً بالتخلص من الندبات بسرعة، ما يُعيد توازن الكولاجين في الجسم.

لاختبار الطريقة، عمل الفريق على إتلاف قلوب الفئران بطريقة تسمح بتشكل الكثير من الندبات. بعد ذلك بدؤوا بإدخال كميات كبيرة من جزيئات الرنا المرسال النانوية لمدة أسبوعين. في النتيجة وجدوا انخفاضاً في الندوب في قلوب الفئران المصابة بمقدار النصف تقريباً، وتحسنت وظيفة القلب بشكل ملحوظ.

يمكن الاستفادة من هذه الطريقة في علاج تليف الأعضاء الأخرى بما في ذلك الكلى والكبد والأمعاء، كما يمكنها علاج الندبات الموجودة على الجلد بالحقن الموضعية، بالإضافة إلى العديد من الأمراض، ويمكن القول بأن استخدام تقنيات الرنا المرسال ستشكل مستقبل الطب.

المحتوى محمي