يزداد انتشار السمنة باعتبارها مشكلة صحية عالمية، وهناك حاجة إلى ابتكار حلول فعّالة ومستدامة لإدارة الوزن بطرق جديدة تستند إلى الأبحاث العملية. دفع هذا الانتشار للسمنة عدة أدوية لإنقاص الوزن مثل "تيرزيباتيد" المعروف تجارياً باسم "مونجارو"، إلى دائرة الضوء باعتبارها علاجاً لمرضى السكري بالمقام الأول، ولمن يعانون زيادة الوزن أو السمنة ثانياً. ولكن ما الذي يجعل هذا الدواء مختلفاً عن غيره؟ وما هي نتائج آخر الدراسات عن فعاليته؟
اقرأ أيضاً: كيف تمنع ترهل الجسم عند فقدان الوزن؟
قدرة مونجارو على إنقاص الوزن لدى غير المصابين بالسكري
طور الباحثون دواء مونجارو في الأصل لعلاج داء السكري من النوع الثاني، لكن ظهرت له فعالية في تعزيز فقدان الوزن حتى لدى الأشخاص الذين لا يعانون هذا المرض، ووجدت دراسة من شركة إيلاي ليلي، منشورة في دورية "السكري والتمثيل الغذائي" (Diabetes & Metabolism) في مارس/آذار 2025، أن المرضى غير المصابين بالسكري الذين استخدموا دواء مونجارو مدة 6 أشهر، فقدوا ما يقرب من 13% من وزنهم. تعكس هذه النتائج تأثير الدواء الفعلي في الحياة اليومية. ازدادت شعبية هذا الدواء نظراً لنتائجه التي يروج لها المؤثرون عبر منصات التواصل الاجتماعي، فمعدل استمرارية استخدام هذا الدواء وشراء الجرعات المتتالية منه بلغ 73.8%، وهو أعلى من معدلات الاستمرارية المسجلة لأدوية فقدان الوزن المشابهة مثل سيماغلوتيد وليراغلوتيد. يشير هذا إلى أن دواء مونجارو فعال ومقبول على نحو جيد بين المرضى.
شملت الدراسة أكثر من 4000 شخص، وكان متوسط عمر المشاركين 46 عاماً، وشكلت الإناث نسبة 75.6% منهم، ومتوسط مؤشر كتلة الجسم للمشاركين (BMI) بلغ 37.1 كغ/م²، وأظهرت النتائج أن غالبية المرضى كانوا يعانون مضاعفات مرتبطة بالسمنة، مثل اضطراب شحميات الدم وارتفاع ضغط الدم. قدم دواء مونجارو فوائد صحية تضمنت فقدان الوزن بالإضافة لتحسينات ملحوظة في صحة القلب والأوعية الدموية، ما يجعله خياراً مناسباً للأشخاص الذين يسعون إلى تحسين صحتهم العامة.
اقرأ أيضاً: ما هي مدة التمرين المثالية لإنقاص الوزن؟
آلية عمل دواء مونجارو
يعمل مونجارو من خلال تحفيز مستقبلات خلوية خاصة بتنظيم الشهية واستقلاب الغلوكوز في الجسم، وعند بدء العلاج، يبدأ المرضى بجرعة منخفضة تبلغ 2.5 ميليغرام في الأسبوع ويزيدونها تدريجياً إلى 15 ميليغراماً حسب تحمّل الجسم وحاجته للجرعات. قد يلاحظ المرضى في الأسابيع الأولى فقداناً سريعاً للوزن نتيجة تخلص الجسم من الماء المخزن بسبب ارتباطه بالغليكوجين، فكل 1 غرام من الغليكوجين الذي ينشأ من الغلوكوز (كربوهيدرات) يحتبس معه 3 غرامات من الماء تعطي وزناً زائداً، ومع استمرار العلاج يبدأ الجسم في حرق الدهون المخزنة في أنسجة الجسم، ما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الوزن.
من الممكن أن يفقد المرضى بين 6-12% من وزن أجسامهم في الأشهر القليلة الأولى بناءً على الجرعة ومدى استجابة الجسم للدواء، وفي بعض التجارب السريرية، مثل دراسة "سورماونت-1" (SURMOUNT-1) التي أنجزتها شركة إيلاي ليلي، أظهر المشاركون الذين استخدموا مونجارو انخفاضاً في الوزن بنسبة وصلت إلى 22.5% على مدار 72 أسبوعاً من الاستخدام. لكن النتائج الواقعية قد تكون أقل قليلاً من تلك، حيث أظهرت الدراسة التي أُجريت عام 2025، أن معظم المرضى الذين استمروا في تناول الدواء مدة 6 أشهر فقدوا نحو 12.9% من وزنهم، ويعود هذا الانخفاض إلى تأثير الدواء على الشهية، والتغييرات السلوكية التي يشجع عليها، مثل تحسين النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني.
اقرأ أيضاً: 10 مخاطر لفقدان الوزن الزائد بسرعة
محاذير استخدام مونجارو
لا يخلو مونجارو من الآثار الجانبية والمحاذير لاستخدامه، إذ يجب تناول الدواء تحت إشراف طبي صارم من قبل مختصين قادرين على تقدير عدم تداخل الدواء مع أدوية أخرى أو مع حالات صحية معينة، وتشمل الآثار الجانبية الشائعة له الغثيان والتقيؤ والإسهال، وهي أعراض قد تجعل بعض المرضى غير قادرين على الاستمرار في العلاج، كما قد تسبب زيادة الجرعة بسرعة آثاراً جانبية أكثر حدة، ما يستدعي اتباع نهج حذر في تعديل الجرعات وزيادتها تدريجياً وفقاً لتوصيات الطبيب.
يجب على الأشخاص الذين يعانون مشكلات في الجهاز الهضمي أو أمراض الكلى تجنب أخذ الدواء، ومن المهم معرفة أن دواء مونجارو لا يعتبر حلاً سحرياً سريعاً؛ فهو يتطلب التزاماً طويل الأمد بتغييرات في نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام.
اقرأ أيضاً: 8 أصناف من الأدوية الشائعة تسبب زيادة الوزن
يشارك زميل الكلية الملكية للجراحين وزميل الكلية الأميركية للجراحين المقيم في السعودية، الأستاذ الدكتور عائض القحطاني، معلومات تعريفية عن دواء مونجارو وكيفية استخدامه في فيديو عبر قناته على اليوتيوب.