هل يمكن لطبيب الأسنان أن ينهي العلاج كله في جلسة واحدة؟

حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية

رفعت امرأة من مدينة مينيابولس الأميركية دعوى قضائية ضد طبيب أسنان بعد تلقي علاج مفرط للأسنان في جلسة واحدة. تضمنت الجلسة إجراء 8 تلبيسات، وسحب أعصاب 4 أسنان، و20 حشوة. أشارت المرأة في الدعوى إلى أنها تعرضت لجرعات تخدير عالية وسوء استخدام لسجلاتها الطبية، مطالبة بتعويض مالي عمّا تعرضت له من ألم وإصابات وقلق نفسي. فهل حقاً لا يمكن لطبيب الأسنان أن ينهي العلاج كله في جلسة واحدة؟ وما مخاطر المعالجة الزائدة؟

هل يمكن لطبيب الأسنان أن ينهي العلاج كله في جلسة واحدة؟

حتى وقتٍ قريبٍ كان تكثيف علاجات الأسنان في جلسة واحدة أمراً محفوفاً بالمخاطر، إذ غالباً لم تلبِّ النتائج الاحتياجات، علاوة على أن العلاج في يومٍ واحدٍ يعني إجراءات ترميمية تفتقر إلى الدقة والجمالية المطلوبة. ومع ذلك، أفاد طبيب الأسنان جون فلوك، بأنه مع تطور تقنيات ووسائل العمل الطبي؛ مثل الماسحات الضوئية داخل الفم والحزم المخروطية والمطاحن والطابعات الثلاثية الأبعاد، أصبح طب الأسنان أسرع وأفضل وأكثر دقة من الطرق التقليدية، ما يقلل من عدد المواعيد ووقت العلاج الإجمالي، ويسهّل المهمة على كلٍّ من الطبيب والمريض.

على سبيل المثال، يمكن باستخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد تطبيق التقويم مع المثبتات وقوالب التبييض في جلسة واحدة.

أشار طبيب الأسنان إدوارد شيلارد إلى أن التقاط صور ثنائية وثلاثية الأبعاد واستخدامها في برنامج مثل “سي إس موديل+” (CS Model+)، يسهّل عملية تصميم التقويم ووضع خطة علاجية في يومٍ واحدٍ، كما يساعد الذكاء الاصطناعي على فصل السن عن الأنسجة لتحديد أين تتوقف السن وأين تبدأ النسيج.

وفي مثالٍ آخر، عادة ما تحتاج عملية إطالة التاج، التي تهدف إلى كشف أكبر جزء من السن، إلى مختص بالعمل الجراحي، لكن مع تقنيات الليزر الحديثة يمكن إجراء العلاج دون نزيف وبأقل وقت للشفاء.

ومع ذلك، قد يختلف مقدار العمل الذي يمكن لطبيب الأسنان القيام به في الجلسة الواحدة تبعاً لعدة عوامل:

نوعية العلاجات التي سيقوم بها: فبعض العلاجات يمكن إجراؤها في جلسة واحدة؛ مثل تلبيس السن لعلاج الأسنان المكسورة أو المتشققة، والحشوات والفينير، لكن عمليات الزرع وتقويم الأسنان والواقي الليلي وتجميل الابتسامة أكثر شيوعاً وأماناً للإجراء قي عدة جلسات.
تخصّص الطبيب: إذ غالباً ما يكون طبيب الأسنان المخدر، وهو طبيب أسنان عام يخدر المريض، أكثر قدرة على إجراء المزيد من العلاجات في جلسة واحدة، من خلال تقديم جرعات مدروسة من المخدر للمريض بحيث يبقى تحت التخدير طوال فترة الجلسة.
المدة التي يمكنك فيها تحمل الزيارة: إذ قد تتطلب الجلسة لإتمامها بضع ساعات.

مخاطر المعالجة الزائدة

أبلغت مراجعة نُشِرت في دورية طب الأسنان السريري والتجميلي والتحقيقي (Clinical, Cosmetic and Investigational Dentistry)، أن التورم هو أحد أكثر المشكلات المُثيرة للقلق التي يجب على أطباء الأسنان الذين يمارسون العلاج بزيارة واحدة التعامل معها؛ حيث يسبب علاج سحب العصب في جلسة واحدة آلاماً أو مضاعفات بعد العلاج تستمر من عدة أيام إلى أسابيع، وشملت التورم والإيلام عند اللمس، وزيادة حركة السن، واضطرابات جهازية.

على وجه العموم، كان يُعتقد أن الألم بعد الإجراء العلاجي في الزيارة الواحدة مرتبط بالمستعمرات البكتيرية المتبقية داخل القنوات اللبية، وأوضحت الدراسة أن العلاج بزيارة واحدة قد يكون أقل فاعلية في الحد من السموم البكتيرية الداخلية من العلاج متعدد الزيارات.

كما أفادت الدراسة عن زيادة في الألم بعد العلاج لدى الإفراط في استخدام الأجهزة، والحشو الزائد. وفي الوقت الحاضر تتجنب نسبة كبيرة من أطباء الأسنان ممارسة العلاج بزيارة واحدة، خاصة للأضراس، لأنهم يعتقدون أن القيام بذلك قد يؤدي إلى المزيد من الألم والمضاعفات بعد العملية الجراحية التي تُجرى لعلاج العصب.

هل يمكن إجراء سحب للعصب وتلبيس للتاج في اليوم نفسه؟

تعتمد القدرة على إجراء كلٍّ من سحب العصب وتلبيس التاج على سجلك الطبي، إذ وعلى الرغم من أن العلاجين غالباً ما يُجريان بشكلٍ منفصل، فإنه من الممكن الجمع بينهما في جلسة واحدة، بل إنه قد يكون أكثر فائدة. فكيف ذلك؟

يتضمن سحب العصب حفر السن وصولاً إلى اللب المصاب أو التالف من داخل قناة جذر السن وإزالته، بما في ذلك ما يحتويه من أنسجة حية وأعصاب وأوعية دموية يمكن أن تكون مصابة بالالتهاب بسبب التسوس، ثم ملء الفراغ بحشوة مخصصة. أمّا تلبيس التاج، فهو إجراء علاجي ينطوي على تركيب غطاء صناعي مصنوع من السيراميك أو البورسلين لتاج السن التالف. في بعض الحالات، قد يجمع طبيب الأسنان بين عملية تلبيس السن وسحب العصب في جلسة واحدة، وهو إجراء معقد لكنه يوفر الكثير من الوقت علاوة على أنه يحمي الأسنان من المزيد من الضرر الناتج عن التسوس أو الإصابة.

لكن يجب ألّا يُجمع بين العلاجين في جلسة واحدة في حال وجود حالة طبية سابقة تؤثّر في نجاح أيّ من العلاجين.

العلاجات التي يمكن لطبيب الأسنان التجميلي إجراؤها في جلسة واحدة

بعض العلاجات التجميلية في طب الأسنان يمكن إجراؤها في جلسة واحدة مثل:

تبييض الأسنان.
تركيب الفينير الخزفي.
زراعة الأسنان الفورية.

العلاجات التي يحتاج طبيب الأسنان التجميلي إلى إجرائها في عدة جلسات

بعض العلاجات تحتاج إلى عدة جلسات للحصول على نتائج مرضية، مثل:

الفينير التقليدي للأسنان.
زراعة الأسنان التقليدية.
تقويم الأسنان الشفاف.
جسور الأسنان.

هل يمكن إجراء زرعات الأسنان في جلسة واحدة؟

تستغرق زرعات الأسنان التقليدية 5-10 أشهر، ما بين عدة إجراءات هي:

استخراج السن والانتظار 2-4 أشهر حتى الالتئام.
إدخال الزرعة والانتظار ما بين 3-6 أشهر حتى التكامل العظمي.
تلبيس التاج.

في المقابل، تكون عمليات الزرع في يومٍ واحدٍ أسرع في الشفاء وأقل إيلاماً. ووفقاً للمجلة الوطنية لجراحة الوجه والفكين، تتميز زراعة الأسنان في جلسة واحدة بما يلي:

فورية بحيث يغادر المريض العيادة بفم ممتلئ.
أفضل اندماجاً للزرعة مع العظم.
أسرع في شفاء الأنسجة الرخوة واللثة، وتقل احتمالية انحسارها.

ومع ذلك، قد تكون الزراعة في جلسة واحدة خطيرة في حالات خاصة لا يستوفي بها المريض شروط المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (National Center for Biotechnology Information)، مثل:

أن يمتلك عظم فك رقيقاً وناعماً، حيث لا يمكنه استيعاب الزرعة.
أن يكون مدخناً.
لديه مرض في اللثة.
قلة النظافة وسوء صحة الفم.
مصاب بمرض يؤثّر في جهاز المناعة.
مصاب بمرض مزمن.
صرير الأسنان.

ومن مخاطر زراعة الأسنان في جلسة واحدة، وفقاً للدراسة المنشورة في دورية جراحة الوجه والفكين التجميلية والترميمية (Maxillofacial Plastic and Reconstructive Surgery):

عمليات زرع الأسنان في اليوم نفسه لديها فرصة أكبر للفشل مقارنة بعمليات الزرع التقليدية.
فقدان عظم هامشي أكبر، ما قد يؤدي إلى ارتخاء الزراعة وفشلها.
زيادة التورم والانزعاج بعد العملية.
الوقت الأطول في كرسي الأسنان الفعلي.

إذاً، يمكن القول إن إمكانية إجراء الجلسات العلاجية في جلسة واحدة هو سؤال يمكن للطبيب المختص أن يجيب عنه، لذا احرص على التشاور مع طبيب الأسنان واطلاعه على سجلاتك الطبية لتقييم حالتك وتحديد عدد الجلسات اللازمة لإكمال العلاج بشكلٍ صحيح.