تقول كلمات إحدى أغاني الهيب هوب الأميركية القديمة: "قد تكون شوربة العدس غذاء العقل، وقد تكون جذور الزنجبيل سر الشباب الدائم"، ويبدو أن تلك طريقة فعالة لتسويق المنتجات الغذائية، ومن شأنها أن تدفع الناس للإقبال على تناول الخضراوات والفواكه. فبحسب دراسة حديثة جرى نشرها في مجلة الطب الباطني الصادرة عن الرابطة الأميركية للطب، فإن استخدام أسماء مبتكرة أو شهية للإشارة إلى أطباق الخضار والفواكه، من شأنه أن يشجع الناس على استهلاكها. والاقتراحات كثيرة، مثل "الجزر الميّاس" أو "الفلفل الحار الديناميتي" أو "الكراث المقرمش" وغيرها من الأسماء البراقة والفاتحة للشهية.
قام الباحثون الذين يعملون في قسم الطب النفسي بجامعة ستانفورد الأميركية بإجراء تجربتهم ضمن مطعم الكلية، حيث استمرت التجربة لبضعة أسابيع من خريف العام 2016. قام الباحثون بإبراز أحد أطباق الخضار بشكل يومي، مُطلقين عليه واحداً من أربعة أسماء: الاسم الأصلي، اسم صحي يوحي بالحمية، اسم صحي يوحي بالفوائد الغذائية، اسم شهي. فعلى سبيل المثال، إذا كان الطبق هو الكوسا، فإن اسمه الأصلي هو "الكوسا"، والاسم الصحي الذي يوحي بالحمية هو "الكوسا الخفيفة" أما الاسم الذي يوحي بالفوائد الغذائية فهو "الكوسا الخضراء المغذية"، أما الاسم الشهي فهو "حبات الكوسا المشوية على نار هادئة مع نكهة الكراميل". وقام مُساعدون سرّيون بتسجيل كميات طبق الخضار المستهلكة يومياً.
وعلى الرغم من أن أطباق الخضار كانت تُحضر بنفس الطريقة في كل مرة بغض النظر عن الاسم الذي يطلقه الباحثون عليها، إلا أن تسمية الطبق تركت تأثيراً واضحاً على مبيعاته واستهلاكه. فتسمية الطبق باسم شهي كانت تزيد من معدل استهلاكه بنسبة 25% مقارنةً مع التسمية الأصلية له، وبنسبة 35% مقارنةً مع التسمية الصحية التي توحي بالفوائد الغذائية، وبنسبة 41% مقارنةً مع التسمية الصحية التي توحي بالحمية. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد كمية الطعام التي كانت تتبقى في صحن الشخص، إلا أنهم افترضوا بأن بأن المستهلكين يميلون لتناول حوالي 92% من الطعام الموجود في صحونهم، وذلك بحسب نتائج دراسة سابقة. كما كان الباحثون أقرب للتسليم بنتائج الدراسة التي أجرتها جامعة كورنيل الأميركية في العام 2005، والتي خلصت إلى أن الناس يميلون لاستهلاك كمية أكبر بـ 35% من الفوشار عند وضعه في وعاء أكبر، ولو كان قديماً أو مملحاً بشكل زائد.
وفي حال التأكد من صحة هذه النتائج، فقد يُستفاد منها في العديد من مجالات الحياة، وخاصة في مطاعم المدارس الابتدائية والثانوية، إذ كثيراً ما يحجم الطلاب عن تناول أطباق الخضار بسبب انتمائها لفئة الأطعمة الصحية. وعلى الرغم من النصائح المتكررة للأطباء ومسؤولي الصحة التي تؤكد على ضرورة تناول الطعام الصحي، إلا أن القليلين من الناس من يفعل ذلك. إذ تشير الإحصائيات إلى أن ما نسبته 87-91% من المواطنين الأميركيين لا يتبعون الإرشادات الصحية الفيدرالية الخاصة بتناول الخضار والفواكه. صحيحٌ أن جميعنا يدرك ضرورة تناول الخضار والفواكه، إلا أن هناك ثغرة دائمة بين ما هو نظري وعملي. وتقترح هذه الدراسة لتشجيع الناس على تناول الطعام الصحي، عدم تذكيرهم بفوائده الغذائية، وإنما تقديمه بشكل شهي وبأسماء غير تقليدية.