«لا تضع شيئاً أصغر من كوعك داخل أذنك»
نصيحة طالما أكدها أطباء الأنف والأذن والحنجرة.
نشرت صحيفة «نيويورك بوست» مؤخراً تقريراً نقلاً عن مجلة «ذاتس لايف» لسيدة أسترالية تدعى «جاسمين»، تبلغ من العمر 37 عاماً، أصيبت بعدوى جرثومية في الجمجمة كانت تتغذى على عظام الجمجمة حتى كادت أن تقتلها. بعد الفحوصات ثبت أن السبب هو أن السيدة جاسمين كانت تستعمل أعواد تنظيف الأذن القطنية «كيو-تيبس» بشكلٍ يومي، مما تسبب في ترقق العظام خلف الأذن، وتراكم بقايا القطن في القناة الأذنية على مدار 5 سنوات تقريباً، بعد معاناة من آلام الأذن دامت لمدة طويلة، حتى وصلت إلى الصمم الجزئي تم تشخيص السبب. خضعت السيدة لعملية جراحية دامت 5 ساعات أنقذت حياتها، ولكنها ستظل تعاني من الصمم المعتدل.
تشابهت تلك الواقعة مع حالة في انجلترا لشاب في الحادي والثلاثين من عمره، أصيب أيضاً بعدوى في جمجمته بعد أن علق طرف عود تنظيف قطني في قناة أذنه. عند وصوله للمستشفى كان يعاني من أعراض مثل فقدان الوعي، الغثيان، الصداع، وصعوبة تذكر الأشياء، كما ذكر أن الأمر استمر معه منذ أيام. بعد الفحوصات الدقيقة تبين أنه يعاني من التهاب الأذن الوسطى الخبيث، الذي نتج عن التهاب الأذن الخارجية بسبب القطن العالق في أذنه منذ فترة طويلة؛ ربما دامت لسنوات.
ما هي وظيفة شمع الأذن؟
يحافظ شمع الأذن على إبقاء الأذن نظيفة ومحمية من الأوساخ والأتربة، حيث يمنع وصولها إلى الداخل. لذا فإن تنظيف الأذن بأعواد التنظيف باستمرار يتعارض مع الوظيفة الطبيعية لشمع الأذن. ومع حركة الفكين أو نمو جلد جديد في قناة الأذن؛ يتم دفع الشمع القديم إلى الخارج، حيث يتقشر طبيعياً أو يتم تنظيفه بشكلٍ شخصي بعيداً عن الوصول إلى داخل الأذن مثلما هو الحال أثناء تنظيفها بالأعواد القطنية.
لكن هذا لا ينفي أن البعض قد يضطر لاستخدام أعواد التنظيف القطنية، حيث يعانون من تراكم الكثير من شمع الأذن الذي قد يحجب قناة الأذن جزئيًا أو كليًا، ويسبب الألم والحكة والطنين أو فقدان السمع جزئياً أو كلياً إن لم يتم التخلص منه بالشكل الصحيح. تلك الحالة شائعة بين كبار السن، حيث يعاني أكثر من ثلثهم من تراكم شمع الأذن، كما يعاني طفل واحد من بين كل 10 أطفال، وشخص بالغ من بين 20 شخص بالغ من تراكم شمع الأذن.
تتعلق تلك العادة ربما بما أثبتته إحدى الدراسات بأن شمع الأذن لا يتواجد بنفس النوع في أذن البشر. فقد لوحظ أن هناك نوعين من شمع الأذن. النوع الأول هو شمع رطب، والنوع الثاني شمع وجاف. الشمع الرطب شائع في ذوي الأصول الإفريقية والأوروبية والقوقازية، حيث يتميز باللون المائل للون البني، بينما يعتبر شمع الأذن الجاف شائعاً في شرق آسيا وذوي العرق الأميركي الأصلي، ويتميز بلونه الرمادي، وبقوام أكثر هشاشة، الأمر يتوقف على أسباب جينية.
حد خطورة استخدام أعواد تنظيف الأذن القطنية
شملت المخاطر التي حددتها الأكاديمية الأميركية لجراحة الأنف والأذن والحنجرة؛ جراحة الرأس والرقبة لاستخدام أعواد تنظيف الأذن، احتمالية خدش جلد قناة الأذن مما يسبب الألم والعدوى. كذلك تهيج قناة الأذن، وفي بعض الأحيان يمكن أن تدفع الأعواد الشمع إلى داخل الأذن مما يصعب الوصول إليه لإزالته خارجياً، مما يؤدي إلى تراكمه مع الوقت، مسبباً الطنين وضعف السمع والدوار. كذلك فتراكم القطن مع الوقت قد يسبب مضاعفات منها العدوى في الجمجمة والالتهابات الخبيثة في الأذن الوسطى، وقد يصل الأمر إلى ثقب طبلة الأذن وخاصة عند مستخدميها من الأطفال.
لذا فعند شعورك بأن شمع أذنيك يزعجك عليك فقط التوجه للطبيب المختص للتأكد من أنه ليس زائداً عن الحد الطبيعي، وإن كان كذلك فلابد أن تخضع لتنظيف طبي يقوم به الطبيب نيابة عنك باستخدامه أدوات مخصصة لهذا الغرض.
ليست حالات فردية
الإصابات بسبب أعواد تنظيف الأذن القطنية ليست مجرد حالات فردية نادرة، فقد ذكرت دراسة أجريت في عام 2017 أن 34 طفلاً يتم استقبالهم في المستشفيات يومياً بسبب أعواد تنظيف الأذن القطنية، وأن ما بين عامي 1990 و 2010، خضع أكثر من ربع مليون طفل للعلاج من إصابات ناتجة عن أعواد تنظيف الأذن، أكثر من ثلثي هذا العدد كانوا في الثامنة من عمرهم أو أقل، و 77 % منهم استخدموا أعواد القطن بأنفسهم، إلا أن تلك الأرقام يمكن أن تكون أقل من الأرقام الواقعية نظراً لأنها اعتمدت فقط على الحالات التي تمت معالجتها بالمستشفيات.
يبدو أن استخدام أعواد تنظيف الأذن مغرية للكثيرين، حتى صارت عادة شائعة ضمن روتين الشخص اليومي للنظافة، رغم أن الإرشادات المثبتة على أغلفة عبوات الأعواد القطنية لأبرز الشركات المنتجة تتضمن تحذيراً من وضعها داخل قناة الأذن.
ليس فقط إدخال الأعواد القطنية، فالبعض يستخدم المفاتيح، دبابيس الورق، أغطية الأقلام والريش وغيرها من الأجسام الغربية لفرك أذنيه، الأمر منتشر للغاية حتى أن إحدى الدراسات توصلت إلى أن 90% من العاملين في المجال الصحي الذين خضعوا للدراسة يدخلون أجسام غريبة في أذنيهم لتنظيفها.
«يجب تجنب وضع الأشياء في أذنيك»؛ هكذا تؤكد الأكاديمية الأميركية لجراحة الأنف والأذن والحنجرة، مشيرة إلى أنك قد ترى بعض شمع الأذن يخرج على عود القطن أو أي عنصر آخر تضعه في قناة أذنك، لكنك في الحقيقة تدفع فقط شمع الأذن مرة أخرى إلى أذنك مسبباً تلك التداعيات الخطيرة السابقة.