تمكن فريق بحث دولي من اكتشاف مركب يقضي على عدوى البكتيريا «المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين» (MRSA)؛ وهي السبب الرئيسي للعدوى ومعدلات الاعتلال والوفيات في جميع أنحاء العالم، خاصة أنها مرتبطة بالمستشفيات ودور رعاية المسنين وغيرها من أماكن الرعاية الصحية، حيث يمكن أن تنتشر عبر المواقع الجراحية والأجهزة الطبية التي يتم إدخالها في الجسم.
الأسوأ، أنه تأكد بالفعل من أن هذا النوع من البكتيريا تقاوم أنواع مختلفة من المضادات الحيوية مثل؛ «الفانكومايسين، لينزوليد، دابتوميسين». كانت منظمة الصحة العالمية حذرت من مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، ووصفت المشكلة أنها من أكبر المخاطر التي تواجه الصحة العالمية.
قدم البحث الذي نشر في دورية «نيتشر» 13 باحثاً في جامعات كندية، بينهم عربيّان هما الباحث الرئيسي «عمر الحلفاوي»، و«أحمد سالم» باحث عماني. نسبت الدورية اكتشاف العقار إلى عمر الحلفاوي وزميليه «توماس ل. كزارني»، و«رونالد اس. فلنجان».
عمر الحلفاوي هو زميل ما بعد الدكتوراه في تخصص الكيمياء الحيوية والعلوم الطبية الحيوية في جامعة «ماكماستر» الكندية. تخرج من كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، وأكمل دراساته العليا فيها، حيث حصل على درجة الماجستير في الأحياء الدقيقة الصيدلانية. انتقل بعد ذلك إلى كندا للحصول على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة والمناعة من جامعة أونتاريو الغربية. ركّز عمر في أبحاثه على آليات مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية الذاتية بواسطة عمليات الأيض، وغيرها من الجزيئات البكتيرية. وانضم عمر أخيراً إلى مختبر «براون» في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، للعمل على إبجاد علاجات للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
أكثر من 30 عاماً من البحث
جاء المركب الجديد الذي أطلق عليه الباحثون اسم «MAC-545496» بعد أكثر من 30 عاماً من محاولات مكافحة البكتيريا المقاومة للميثيسيلين، وبعد فحص حوالي 45 ألف مركب كيميائي متنوع. يستهدف المركب أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بشكلٍ انتقائي وفعال، وهو نهج مختلف تماماً، لأن العقاقير الطبية المضادة للبكتيريا قد لا تستهدف انتقائياً أنواع البكتيريا التي تطور آليات المقاومة، وبالتالي فإن المركب لا يؤثر على أنواع البكتيريا المفيدة للجسم. كما يمكن أن يعمل هذا المركب كعامل مضاد لمنع عوامل الضراوة بمفرده، حيث يضعف حدّة بكتيريا «MRSA» في يرقات «جاليريا ميلونيلا».
كيف يعمل؟
يعتمد المركب على منع بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية من تشكيل الأغشية الحيوية، التي تسبب الالتهابات بمجرد تشكيلها. كشفت الدراسة عن التوصيف الميكانيكي للمركب بأنه مثبط لعمل «GraR»، وهو منظم يستجيب لضغط الغلاف الخلوي، ويعتبر عاملاً مهماً من عوامل الضراوة ومحدداً لمقاومة المضادات الحيوية. ومن المعروف أن هذه البكتيريا واحدة من أكثر الأسباب شيوعا للالتهابات الجلدية في الولايات المتحدة، وربما تسبب التهابات جلدية خفيفة، مثل القروح، والدمامل، أو الخراجات، وربما تسبب أيضاً إصابات جلدية خطيرة، أو إصابة جروح لم تلتئم بعد، أو مجرى الدم، أو الرئتين، أو الجهاز البولي.
الأكثر قلقاً في بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية، كونها تشكل داخل الخلايا خزاناً يمكن أن ينشر العدوى بشكلٍ منهجي حتى في وجود المضادات الحيوية، وهذا قد يؤدي إلى حالات فشل سريري، وانتكاسات بعد العلاج بالمضادات الحيوية. لذلك يُعتقد أن الاستئصال التام للخلايا المكورات العنقودية الذهبية داخل الخلايا، والذي قدمه المركب؛ كان مفتاح النجاح السريري.
يقول «عمر الحلفاوي» تعليقاً على هذا الاكتشاف: «على الرغم من أن الطريق ستكون طويلة بين هذا الاكتشاف والاستخدام السريري، لكننا نشعر أننا نوسع قواعدنا من أجل مكافحة التهابات المكورات العنقودية المقاومة للعقاقير». كانت منظمة الصحة العالمية حذرت إن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية آخذة في الارتفاع إلى مستويات خطيرة بأنحاء العالم، وأكدت أن ثمة آليات مقاومة جديدة آخذة في الظهور والانتشار على مستوى العالم، وهي تهدد قدرتنا على علاج الأمراض المعدية الشائعة.
كان الباحثون تقدموا بالدراسة في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، وفرغ من مراجعتها في سبتمبر/ أيلول العام الجاري، وتم قبولها في أكتوبر/ تشرين الأول، ونشرت الشهر الجاري. توفر الدراسة أداة بحث جديدة لاستكشاف نظام «GraXRS» التنظيمي، والذي سيساهم بدوره في خلق آلية كيميائية جديدة لسلسلة من مضادات الجراثيم، مما يوسع من إمكانيات مكافحة العدوى المقاومة للعقاقير الطبية.