الأغذية الغنية بالدهون قد تطيل حياة الفئران

4 دقائق
هل يكون هذا هو الغذاء الصحي في المستقبل؟ بالطبع لا

عليك أن تنسَ أمر ينبوع الشباب، إذ أن السر لعيش حياة صحية وطويلة قد يكمن في المركب العضوي بيتا هيدروكسي بوتيرات الذي ينتجه الجسم عند تناول الأغذية ذات السعرات الحرارية المنخفضة جداً، أو عند تناول الأغذية الألذّ الغنية بالدهون. حيث وجدت دراستان صدرتا يوم الثلاثاء 5 سبتمبر في مجلة سِل ميتابوليزم – إحدى الدراستين ركزت على الوفيات والشيخوخة بينما ركزت الدراسة الأخرى على طول العمر والصحة - بأن الفئران التي تناولت الأغذية مرتفعة الدهون ومنخفضة الكربوهيدرات (المعروف باسم النظام الغذائي المولد للكيتون) عاشت في المتوسط حياة أطول بـ 13 في المئة من الفئران التي اتبعت النظام الغذائي التقليدي. وبلغ ذلك حوالي 2.7 سنة للفئران التي اتبعت النظام الغذائي المولد للكيتون بالمقارنة مع 2.4 سنة.

ووجد الباحثون أيضاً بأن الفئران التي اتبعت النظام الغذائي المولد للكيتون لم تعش لفترة أطول فحسب، بل كانت أكثر صحة أيضاً. كما حافظت عقول هذه الفئران على جميع قدراتها الذهنية، وأصيبت بعدد أقل من الأورام السرطانية قبل الموت، وكانت أفضل حالاً. وفي حين أن الأدلة تشير إلى أنه من الأفضل السماح بزيادة نسبة الأغذية الدهنية، إلا أن هذه الاستنتاجات ليست إذناً مطلقاً لتناول الأطعمة المليئة بالدهون فقط. فالحقيقة هي أكثر إثارة للاهتمام.

ويقول جون رامسي - المؤلف البارز وخبير التغذية في جامعة كاليفورنيا بكلية ديفيس للطب البيطري - في بيان له: "لقد فاجأتني النتائج قليلاً. حيث كنا نتوقع بعض الاختلافات، ولكني أصبت بالدهشة من المدى الذي قمنا بملاحظته، وهو زيادة بنسبة 13 في المئة في متوسط العمر الافتراضي للفئران التي تتناول الأغذية مرتفعة الدهون مقابل تلك التي تتناول الأغذية الغنية بالكربوهيدرات. وهذا يعادل 7 إلى 10 سنوات عند البشر. وبنفس القدر من الأهمية، فإن تلك الفئران حافظت على صحة جيدة في أواخر حياتها".

ويعدّ هذا الأمر مهماً لأن معظم الباحثين في مجال طول العمر لا يركزون على العيش لفترة أطول من أجل ذلك بحدّ ذاته. إذ يجب على المرء لإطالة عمره أن يقلل من إصابته بالأمراض المرتبطة بالعمر مثل السرطان وأمراض القلب والسكري. حيث أن معرفة كيفية مراقبة هذه الأمراض لا تمكننا من أن نعيش لفترة أطول فحسب، بل من الحياة بطريقة صحية أيضاً - على سبيل المثال، بلوغ عمر 70 سنة وأنت تتمتع بالقدرة العقلية المثالية لشخص يبلغ من العمر 30 عاماً. والهدف هو ما يشار إليه على أنه حياة صحية طويلة، أي إطالة الفترة التي نتمتع فيها بالصحة واللياقة، يليها تدهور قصير والموت الحتمي في نهاية المطاف.

ولدراسة آثار النظام الغذائي المولد للكيتون على المدى الصحي للحياة، قام الباحثون في دراسة الوفيات والشيخوخة بتخصيص الفئران البالغة من العمر 12 شهراً (منتصف العمر عند الفئران) في واحدة من ثلاث مجموعات للنظام الغذائي. حيث كان هناك مجموعة الغذاء التقليدي، والذي تأتي 65 في المئة من سعراته الحرارية من الكربوهيدرات، و18 في المئة من البروتين، و17 في المئة من الدهون. ومجموعة الغذاء منخفض الكربوهيدرات، والذي تأتي 70 في المئة من السعرات الحرارية فيه من الدهون، و20 في المئة من البروتين، و10 في المئة من الكربوهيدرات. ومجموعة النظام الغذائي المولد للكيتون، والذي تأتي فيه 89 في المئة من السعرات الحرارية من الدهون، و10 في المئة من البروتين، وأقل من 1 في المئة من الكربوهيدرات.

هل هذا هو النظام الغذائي السائل الذي يجب أن نطمح إليه؟

عندما تكون كمية الكربوهيدرات في الجسم قليلة - وبالتالي يكون الجلوكوز قليلاً - فإن السكر البسيط – والذي هو عموماً الجزيء الأسهل في التحول إلى طاقة - يبدأ بتفكيك الدهون من خلال عملية تعرف باسم أكسدة الحمض الدهني. فمن خلال هذه العملية، ينتج الجسم الكيتونات – بيتا هيدروكسي بوتيرات -لاستخدامها كطاقة. ووجد الباحثون بأن الفئران التي اتبعت النظام الغذائي المولد للكيتون عاشت لفترة أطول، على الرغم من أن الحد الأقصى للعمر لم يمتد كثيراً (من 1064 إلى 1175 يوماً). وبعبارة أخرى، يبدو بأن هناك فترة زمنية ثابتة نسبياً للحيوانات - ثلاث سنوات تقريباً – وقد ساعد النظام الغذائي المولد للكيتون الفئران لتعيش فترة أطول ضمن تلك المدة الثابتة.

وأخضع الباحثون الفئران أيضاً لسلسلة من الاختبارات - اختبار الذاكرة، واختبارات القوة وخفة الحركة والتي شملت تعليق الفئران من الأسلاك، واختبارات السرعة. وقد تفوقت الفئران التي اتبعت النظام الغذائي المولد للكيتون على الفئران التي اتبعت النظامين الغذائيين الآخرين. وكانت الفئران التي تتناول الأغذية منخفضة الكربوهيدرات عموماً في الوسط (بين الفئران ذات النظام الغذائي التقليدي والمولد للكيتون) في معظم المقاييس، مع استثناء واحد وهو أن الفئران التي اتبعت النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات كانت أكثر بدانة بالمقارنة مع الفئران الشاهدة أو الفئران ذات النظام الغذائي المولد للكيتون.

وقد تم تكرار التأثيرات على الوفيات والذاكرة في دراسة ثانية - نشرت أيضاً في مجلة سِل برس - حيث خضعت الفئران لنفس هذه النظم الغذائية الثلاثة.  ولكن تم في هذه الدراسة تغذية الفئران قيد البحث بشكل دوري على الأغذية المولدة للكيتون والأغذية الغنية بالدهون. أي تم إخضاعها في الأسبوع الأول للنظام الغذائي التجريبي، وفي الأسبوع التالي للنظام الغذائي الشاهد.

وكما هو الحال في الدراسة الأخرى، عاشت الفئران التي اتبعت النظام الغذائي المولد للكيتون لفترة أطول في المتوسط وبقيت بحال أفضل في سن الشيخوخة. وبالمثل، فقد بدت الفئران التي اتبعت النظام الغذائي مرتفع الدهون بأنها تعيش فترة أطول من نظرائها في العينة الشاهدة، وإن لم تكن كافية لتكون ذات دلالة إحصائية. ووجد الباحثون في الدراسة المرافقة بأن بيتا هيدروكسي بوتيرات - وهو نوع من الكيتون الذي ينتج الجسم الكثير منه عند حرق الدهون - لم يكن يعمل كطاقة فقط. إذ أنه يشارك فيما يسمى بالتواصل الخلوي من خلال الإشارات، وهو إحدى طرق تواصل الخلايا، لمعرفة وقت التكاثر أو مواجهة الأجسام الجائحة أو الموت. ويعتقد الباحثون بأن هذا النوع من الإشارات الذي يقوم به بيتا هيدروكسي بوتيرات قد يجعل الخلايا أكثر مقاومة للإجهاد البدني الذي نقوم بربطه مع الشيخوخة، مما يسمح لها بالتصرف بشكل أكثر شبهاً بخلايا الفئران الأصغر سناً لفترة أطول.

ولكن الدهون لم تجعل هذه الفئران تعيش للأبد. إذ يبدو بأن التبادل الكيتوني يقلل في المقام الأول من احتمال الموت في سن 12-30 شهراً. سواءً كان ذلك بسبب تغيّر الأجسام بطريقة تجعلها تتوقف عن الاستجابة للمسارات المستهدفة للتواصل الخلوي من خلال الإشارات، أو لأن بعض الآثار السلبية طويلة الأمد للغذاء الكيتوني (مثل تلف الكبد) لا تزال غير واضحة. ومع ذلك، ينبغي أن يوقف ذلك أي شخص يأمل إجراء هذه التجربة في المنزل.

وليس الهدف من مثل هذه الدراسات هو الإشارة إلى أنه علينا أن نعيش جميعاً على تناول الأغذية مرتفعة الدهون. فلتحقيق نظام غذائي يحتوي على 90٪ من الدهون الخالصة، كان على الباحثين إطعام الفئران دهون الخضروات الخالصة وزبدة الكاكاو مع تزويدها بالمكملات الغذائية لتجنب العوز الغذائي. فإذا كانت فكرة تناول الزبدة والفيتامينات تبدو وكأنها سيئة بالنسبة لك، فهذا لأنها فكرة سيئة جداً بالفعل. إذ أن الهدف من البحث هو تحسين فهم المسارات التي تؤثر على الشيخوخة والصحة. ومع وجود ما يكفي من البيانات، قد يجد العلماء في نهاية المطاف طرقاً لمعالجة تلك المسارات التي لا تنطوي على تناول الكثير من زيت جوز الهند. وللأسف، لا يزال الأمل في الوقت الحالي بوجود حبوب سحرية لإبقائنا بعمر الشباب وبحال صحية - أو حتى الأمل بأنه يمكننا اختيار نظام غذائي يساعدنا على البقاء أصحاء - بعيد المنال.

المحتوى محمي