«ليكن الغذاء هو دواءك، وليكن الطب هو غذائك» من الأقوال المأثورة للطبيب اليوناني القديم؛ أبقراط. حين تتأمل منحوتات ونقوشات الحضارات القديمة، كالحضارة الفرعونية أو اليونانية أو الرومانية، ستلاحظ أن جسد المرأة الممشوق، وبنية الرجل مفتول العضلات، كان هو النموذج الذي خلدته تلك الحضارات ليكن تجسيداً لها عبر الزمن، ووفقاً للبرديات والوثائق التاريخية فقد كانت الرشاقة والأنظمة الغذائية على اختلافها وتنوعها تربط بشكل مباشر بين صحة الإنسان وبين اهتمامه بغذائه، ربما لإيمانهم بأن الإنسان هو ما يأكل. وبقدر قدم تلك الحضارات يمتد تاريخ من الابتكارات لحميات غذائية وممارسات صحية -أو أحياناً غير صحية- للحصول على جسد رشيق، بعض من تلك الممارسات والأنظمة الغذائية كان غريباً وربما أيضاً شديد الخطورة.
قائمة الأنظمة الغذائية الغريبة
1- مضغ الطعام ثم بصقه
في مطلع القرن العشرين، قرر رجل الأعمال الأميركي «هوراس فليتشر» إنقاص وزنه الزائد من خلال اتباع نظام غذائي يتضمن مضغ الطعام كثيراً ثم بصقه، إذ ادعى فليتشر أن مضغ الطعام يفيد باستخلاص كل فائدته، وبصقه يخلصنا من المادة الليفية المتبقية.
وقد حدد عدد المرات اللازمة لمضغ الأطعمة المختلفة، فمثلاً قطعة واحدة من نبات الكراث تحتاج إلى مضغها 700 مرة قبل أن يتم بصقها، وبسبب شيوع هذا النظام الغذائي بين مشاهير ذلك الوقت، كان تناول الطعام يتطلب وقتاً طويلاً، حتى وصل الأمر إلى تحديد أوقات للمضغ في حفلات العشاء. في هذا الوقت لم يكن من العجيب أن تجد بجوار كل مائدة طعام صندوق قمامة لكل شخص.
2- ابتلاع ديدان شريطية
شاع نظام غذائي آخر في أوائل القرن العشرين، وهو حمية الدودة الشريطية، والتي يقوم فيها الشخص باستخراج الديدان الشريطية من لحم البقر، ثم ابتلاعها لتعيش الدودة في معدته وتستهلك بعضاً من طعامه، ومن ثم تسبب فقدان الوزن، إلى جانب الإسهال والقيء.
بمجرد أن يصل الشخص إلى الوزن المطلوب، يتناول علاج مضاد للطفيليات، والذي كان يأمل أن تقتل الديدان الشريطية، وقد كان ذلك النظام الغذائي محفوفاً بالمخاطر، فبالإضافة إلى أن الدودة الشريطية يمكن أن تنمو حتى يصل طولها إلى عدة أمتار، فيمكنها أيضاً أن تسبب العديد من الأمراض بما في ذلك الصداع ومشاكل العين والتهاب السحايا والصرع والخرف.
3- حمية الرجل السكير
في عام 1558 ، اتبع النبيل الإيطالي «لويجي كورنارو» نظاماً غذائياً يحتوي على قدر من الكحول يفوق قدر الطعام الذي يتناوله، إذ حدد لنفسه يومياً مقدار 370 جراماً من الطعام، و 435 جراماً من النبيذ، وقد تداول الناس في ذلك الوقت الشائعات بأن كورنارو عاش حتى بلغ من العمر 102 سنة، لذا أطلق على حميته لقب حمية الخلود.
لا يختلف هذا النظام الغذائي كثيراً عن ذلك الذي ابتكر في الستينيات، والذي أطلق عليه حمية الرجل السكير؛ ذلك لأنه اعتمد بشكل أساسي على شرب الكثير من الكحول، بجانب الأطعمة «الرجولية» مثل شرائح اللحم والأسماك.
4- حمية شرب الخل
في الخمسينيات من القرن الماضي انتشر نظام غذائي عُرف باسم حمية خل التفاح، والتي تعتمد على شرب مزيج من كميات متساوية من العسل والخل، ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتبع فيها الناس نظاماً غذائياً يقوم على شرب الخل، ففي أوائل القرن التاسع عشر حاول الشاعر الإنجليزي «لورد جورج بايرون» الحفاظ على رشاقته وتطهير جسده بشرب الخل وأكل البطاطس المنقوعة فيه.
تأثر الشباب خاصة متبعي المدرسة الرومانسية بحمية بايرون، وأصبح المظهر النحيل الشاحب هو جزء من الصورة الرومانسية في ذلك الوقت، فانتشر هذا النظام الغذائي رغم ما يسببه من آثار جانبية كالقيء والإسهال.
5- شرب السوائل المخلصة من السموم
في عام 1941 ابتكر الكاتب «ستانلي بوروز» نظاماُ غذائياً أطلق عليه «سيد التطهير» أو حمية عصير الليمون، لتخليص الجسم من السموم والشوائب وآثار المبيدات الحشرية، وقد أصبح هذا النظام الغذائي شائعاً مرة أخرى في عام 2004، ولكن بهدف التخلص من الوزن الزائد أيضاً وليس فقط التخلص من السموم، وذلك بعد نشر كتاب بيتر جليكمان «انقص وزنك، وتمتع بمزيد من الطاقة، وكن سعيداً في 10 أيام».
إلا أن هذا النظام الذي يعتمد على شرب مزيج من الماء مع الأعشاب والعصائر والسوائل بكميات محددة، يمكن أن يتسبب في العديد من الآثار الجانبية، من بينها التقلصات والانتفاخ والغثيان والقيء، كذلك يمكن أن يكون الجفاف أيضاً أحد النتائج.
6- حمية الجميلة النائمة
ينصح متبعو حمية الجميلة النائمة بالنوم لفترات طويلة قد تصل إلى 20 ساعة يومياً، لتقليل كمية الأكل التي يتناولها الفرد، وكذلك تقليل الشهية بشكل عام، وبالطبع لا يحصل هؤلاء على هذا القدر من النوم بشكل طبيعي، بل بالاعتماد على الحبوب المنومة والمهدئات.
يعد هذا النظام الغذائي خطيراً، إذ يعرض أصحابه لخطر إدمان المهدئات والأقراص المنومة، كذلك يعرضهم لمخاطر الحصول على جرعات زائدة، كما أن النوم لهذا العدد من الساعات يسبب العزلة الاجتماعية، وبالتالي يؤثر سلبياً على المزاج، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب، هذا بالإضافة إلى المخاطر الصحية لعدم الحصول على الغذاء الكافي المتوازن.
7- بلع كرات من القطن
في بدايات العقد المنصرم انتشر بين المهتمين بالرشاقة على مواقع التواصل الاجتماعي حيلة أو نظام غذائي كما يصفونه، يعتمد على ابتلاع كرات من القطن، تحديداً ابتلاع 5 كرات من القطن مغموسة في عصير ليمون أو برتقال، قبل تناول كل وجبة، أو الاعتماد على القطن فقط كغذاء.
ناهيك أن هذا النظام انتشر في عصر التكنولوجيا والعلم؛ لكن يظل هذا النظام الغذائي هو الأكثر خطورة بين جميع الأنظمة الأخرى، ذلك لأنه إلى جانب خطر الاختناق وسوء التغذية، قد تؤدي هذه الممارسة إلى حدوث انسداد في الأمعاء.
8- تناول الزرنيخ
راجت أدوية التخسيس بشكل متزايد في القرن التاسع عشر، ومن بين المكونات الخطرة التي كانت تستخدم في تلك الأدوية، كان الزرنيخ، والذي كان يُعتقد أنه مفيد في تسريع عملية التمثيل الغذائي، إلا أنه لم يكن يتم الإعلان عن الزرنيخ-في الغالب- كمكون مما يعني أن الناس لم يكونوا يعرفون ما الذي يتناولونه بالفعل.
رغم أن كمية الزرنيخ في الحبوب كانت صغيرة، إلا أنها كانت لا تزال خطيرة للغاية، خاصة إذا تناول الساعون لخفض أوزانهم أكثر من الجرعة الموصى بها من الحبوب معتقدين أنهم سيفقدون المزيد من الوزن ، مما يعرضهم لخطر التسمم بالزرنيخ.
9- حمية اللون الواحد
راج في عام 2003 نظام غذائي لإنقاص الوزن وتحسين الصحة، يقترح تناول أطعمة ذات لون واحد فقط كل يوم، على سبيل المثال، قد يشمل اليوم الأحمر الطماطم والتفاح والتوت البري، مع الحرص على أن تكون جميع الأطعمة التي يشملها النظام الغذائي أطعمة صحية.
10- حمية الطعام الواحد
على مدار السنوات تبنى الكثيرون أنظمة غذائية تعتمد على تناول نوع واحد من الطعام، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى فقدان الوزن بسهولة، مثل حمية الجريب فروت التي توصي بنصف حبة جريب فروت قبل كل وجبة.
أشهر مثال لحمية الطعام الواحد هو نظام حساء الكرنب الغذائي، الذي اشتهر لأول مرة من قبل المشاهير في الخمسينيات من القرن الماضي، وقد تضمن هذا النظام الغذائي عدم تناول أي شيء سوى الحساء لمدة سبعة أيام.