بدايةَ عام 2017، كان أحد الأشخاص يأكل بيضة مسلوقة في أحد المطاعم. كانت البيضة باردة، فطلب صاحب المطعم من النادل تدفئة البيضة، وهو الأمر الذي سيندمون عليه لاحقاً. عندما جلب النادل الطبق مرة أخرى، أخذ الرجل قضمة من البيضة، فانفجرت في وجهه. لاحق الزبون أصحاب المطعم في المحاكم بسبب تعرضه لحروق وأذى في السمع. وهنا جاء دور العالمين أنتوني ناش ولورين فون بلون.
يقول ناش إنه كان متشككاً، في البداية، حول ما إذا كان يمكن لانفجار بيضة أن يسبب قوة صوتية كافية لإحداث مثل هذا الضرر. وقال ناش خلال عرض في الجمعية الصوتية الأمريكية: "كنت متحيراً حول السبب الذي يجعل أحدهم يطلب مني أن أقيس الضغط الصوتي للبيض المنفجر". ثم رأى مقطع فيديو على موقع يوتيوب باسم "انفجار ضخم لبيضة" قام أحد المستخدمين بتحميله.
وهكذا اتفق ناش وفون بلون على إجراء تجربة لمحاكاة مقطع الفيديو المذكور. واكتشفا أن انفجارات البيض ليست ثابتة دائماً. فقد ينفجر البيض أحياناً داخل الميكروويف، وأحياناً لا ينفجر على الإطلاق. ويشير ناش إلى هذه العملية باسم "روليت البيض". وقد اتفق العالمان في النهاية على تصميم تجربة يتم فيها تحضير البيضة في المايكروويف على عَجَل وتثبيت ميزان حرارة لحوم سريع المفعول عليها. وخلصا في النهاية إلى أن انفجار بيضة واحدة لا يمكن أن يُحدث اللكمة الصوتية اللازمة لإحداث تغيير دائم في السمع عند الإنسان.
وفي حين أن العلم لم يؤكد حدوث مخاطر على الأذن، فلا تزال هناك أسباب كثيرة تدعو للقلق من انفجار البيض. في عام 2004، قامت فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات بتسخين بيضة مسلوقة سابقاً بقشرتها في الميكروويف لمدة 40 ثانية. ووفقاً لتقرير الحالة المنشور في المجلة الطبية البريطانية، فقد انفجرت البيضة، وأصبحت قشرة البيضة شظايا قطعت قرنية عين الفتاة. وبعد عدة عمليات جراحية استعادت بعض الرؤية في عينها اليمنى. وقد سجل الأطباء حوادث مماثلة في المجلة الأميركية لطب العيون والحروق.
حتى لو كان انفجار المواد الغذائية لا يسبب فقدان السمع أو البصر، فإنه قد يسبب تشويشاً حقيقياً. وقد قامت باربرا إيرهارت -والدة كاتبة المقال،وخبيرة الطهي- بتفجير ثلاث حبات بطاطس في الفرن. تقول: "كنت أعرف دائماً أنه يفترض أن تعمل ثقوباً في حبة البطاطس بالشوكة. والآن عرفت السبب".
إن الآليات التي تسبب انفجار البيض والبطاطس تختلف قليلاً فيما بينهما، وفقاً لما ذكره ناش. في البداية، كان فريق البحث يعتقد أن هذين الطعامين اللذيذين يكوّنان البخار بحيث تنحشر أغلفتهما الصلبة (قشرة البطاطس وقشرة البيض) داخلهما، مما يعني أن الضغط يصل إلى نقطة الانفجار. ومع ذلك، فبعد دراسة درجة حرارة البيض المنفجر، توصل الفريق إلى نظرية مختلفة. فالبروتينات الموجودة داخل صفار البيض تحاصر جيوباً صغيرة من الماء النقي، والتي يمكن أن تسخن إلى درجة أعلى من درجة الغليان في عملية تسمى "التسخين الشديد". وإذا تمزق أي من هذه الجيوب، فإنها تغلي فجأة وتتشّط كل المياه المسخنة المحيطة، مما يؤدي إلى الانفجار.
وأثناء بحث عرَضي على شبكة الإنترنت، مررتُ بقصة أكثر غرابة لانفجار البيض، كتبتها أولجا ميكينج على مدونة "فود ريترو". كانت ميكينج تتناول طعام الإفطار مع عائلتها في هولندا عندما جرحها شقيقها ببيضة مسلوقة سلقاً غير كامل. انفجرت البيضة، وتناثرت أجزاؤها في كل مكان، وقالت ميكينج إنها كانت تستطيع أن تشم رائحة دجاجة مطبوخة. تقول ميكينج: "استقرت قطعة من البيضة قرب الطفل الصغير". وأحضر النادل بيضة أخرى، وقد انفجرت أيضاً. وبعد ثلاث مرات من تكرار حدوث ذلك، قرر النادل تقديم البيض المقلي لهم بدلاً من البيض المسلوق.
وتقول ميكينغ إن لديها أذنين حساستين، لكنها لم تلاحظ ضجيجاً هائلاً. تقول: "كان انفجاراً، وكان مخيفاً. ولكن لا أتذكر أنه كان ذا صوت عال".
أما بالنسبة للحالة التي ألهمت هذا البحث الخاص بالبيض، فقد تم الاتفاق على حدوث الحروق. ولكن نظراً للنتائج التي توصلت إليها عن القوة الصوتية لانفجار البيضة، لم يتم إدراج مشاكل السمع التي ادّعاها ذلك الزبون الساخط في خلاصة البحث.