يجب عليك ألا تستنشق مواد التبييض. وإذا أمكنك ألا تلامسها مرة أخرى، فستكون بصحة أفضل. ولكن الشيء نفسه ينطبق على شراب الذرة عالي الفركتوز. كنا جميعاً سنغدو أفضل حالاً لو لم نشربه، أو لم نأكل الحلوى، ومع ذلك فما زلنا نفعل ذلك. ولا تمنحنا مواد التبييض شعور النشوة الممتع الذي يمنحنا إياه السكر، ولكن معظمنا يستنشق أبخرتها بدرجة ما. والكثير لا خيار لهم سوى القيام بذلك يومياً كمخاطر مهنية. إنها واحدة من أكثر عوامل التطهير الصناعي شيوعاً. فإلى أي حد هي مضرة؟
إنها تزيد من مخاطر إصابتك بمرض الانسداد الرئوي المزمن بنسبة 32 في المائة، وهو رقم يبدو كبيراً. هذا هو الرقم الذي تتداوله معظم المحطات الإخبارية، وهو الحد الأعلى الذي اكتشفه الباحثون مؤخراً عن النسبة التي يمكن أن تزيد بها المطهرات فرص إصابتك بهذا المرض. ومرض الانسداد الرئوي المزمن هو مرض رئوي ينجم عن تهيج المجاري التنفسية الذي قد يؤدي إلى منع تدفق الهواء. وإذا ترك بدون علاج، أو تفاقم بفعل آفة أخرى، فقد يكون مميتاً. وهذه النسبة (32 في المائة) دقيقة، والمضاعفات مثيرة للقلق. ولكن من المهم فهم ذلك ضمن سياقه.
المشكلة لا تكمن في الاستخدام المنزلي النموذجي لمواد التبييض
وتأتي هذه الأرقام من مشروع يسمى "دراسة صحة الممرضات 2"، وهو مشروع طويل المدى تقوم به جامعة هارفارد حول كيفية تأثير نمط الحياة على خطر الإصابة بالأمراض. حيث أخذوا مجموعة كبيرة من الممرضات وسألوهن أسئلة كثيرة تتعلق بحياتهن، ثم تابعوا حالاتهن بشكل دوري، بطرح نفس الأسئلة وإجراء نفس الاختبارات. وكان الباحثون مع مرور الوقت قادرين على الربط بين عوامل معينة لنمط الحياة وبين أمراض محددة. ومع ذلك، فمن المهم أن نتذكر أنها مجرد ارتباطات، وأن الفئة المستهدفة في الدراسة كلها ممرضات. وربما لا تكون المهنة ذات صلة بالنسبة للدراسات المتعلقة بالأنظمة الغذائية والتمارين الرياضية، ولكنها مهمة جداً عندما يتعلق الأمر بالتعرض لمادة معينة.
ومواد التبييض هي مطهرات فعالة يواجهها العاملون في المجال الصحي بمستويات عالية أكثر من الأشخاص العاديين. ولذلك، فعندما يشير العلماء في هذه الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يقومون بالتنظيف بمواد التبييض معرضون للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن بنسبة 32 في المائة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، فتذكر أن الممرضات تحيط بهن أبخرة المطهرات أكثر من عمال المكاتب.
وإذا كنت تعمل في مكان لا تُستخدم فيه مواد التبييض، فإن هذه النتائج تنطبق عليك بنسبة أقل، إلا إذا كنت تستخدم هذه المواد عادة في تنطيف منزلك. ونحن لا نتكلم هنا عن تنظيف الحمام مرة واحدة في الأسبوع، ولكن إذا كنت تنظف كامل الحمام بمواد التبييض كل يوم، فربما عليك أن تفكر في عاداتك هذه (ومن المهم مرة أخرى أن نذكّرك بأنه لا يوجد طريقة لنعرف بالضبط كمية مواد التبييض التي تتعرض لها الممرضات بشكل تراكمي). وهناك معلومات محدودة عن مدى تأثير الاستخدام المنزلي لمواد التبييض على رئتيك، ولكن بالنظر إلى أن المهنة عالية التعرض للمطهرات تزيد من مخاطر الإصابة بالمرض بنسبة الثلث كحد أعلى، فمن غير المحتمل أن يكون الاستخدام المنزلي عامل خطر كبير بالنسبة لمعظم الناس.
ومن ناحية أخرى، إذا كنت تعمل حارساً، أو في مكان لا توجد فيه المطهرات عادة، فعليك أن تنتبه قليلاً. فنسبة 32 في المائة ليست رقماً كبيراً لزيادة مخاطر الإصابة بالمرض. إذا كانت نسبة مخاطر تطور مرض ما 6 في المائة، على سبيل المثال، فإن زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض بنسبة 32 في المائة سترفع مخاطر الإصابة إلى 8 في المائة فقط. ولكن هذا لا يمثل أي أهمية. وهناك سبب يجعل الأشخاص الذين يعملون في مهن يتعرضون فيها عادة للغبار وتلوث الهواء يميلون للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن والربو بنسبة أكبر. إن استنشاق المهيجات لعقود من الزمن، لا بد أن يكون له تأثير. فأبخرة مواد التبييض والمطهرات الأخرى مضرة للرئتين، وعلى وجه التحديد، لأنها جيدة في التطهير. ووظيفتها هي قتل الميكروبات، ولكن الطريقة التي تقتل بها الميكروبات ستقتل عادة جزءاً من الجهاز التنفسي أيضاً، أو ستهيجه على الأقل.
ولكن استنشاق أبخرة مواد التبييض لن يقتلك. نعم هي غير جيدة لصحتك، ولكنك على الأرجح ستكون بخير بعد استنشاقها. وهناك أشياء أكثر أهمية بكثير يمكن أن تقوم بها للوقاية من مرض الانسداد الرئوي المزمن.
حتى بالنسبة لمن يتعرضون لمخاطر مهنية، فإن هناك عوامل أخرى أكثر خطورة
إذا كنت تريد أن تتجنب الإصابة والموت بمرض الانسداد الرئوي المزمن، فلا ينبغي أن يكون تجنب منتجات التنظيف مصدر قلقك الرئيسي. فالإقلاع عن التدخين، أو تركه في أقرب وقت هو أكثر أهمية من ذلك بكثير. فهناك حوالي 75 في المائة من 16 مليون شخص مصابين بهذا المرض مدخنون بدرجة ما (وهناك 39 في المائة ممن يعانون من المرض يواصلون التدخين). وهؤلاء معرضون للموت بسبب هذا المرض أكثر من غيرالمدخنين بـ 12 مرة. وهم يشكلون 80 في المائة من جميع الوفيات المتعلقة بمرض الانسداد الرئوي المزمن.
وينبغي ألا يكون هذا مفاجئاً. فاستنشاق الدخان السام يهيج بطانة الرئتين، وهذا التهيج قد يؤدي إلى عوائق مزمنة في التنفس. ويمكن أن يزيد تدخين الماريجوانا أيضاً من مخاطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، على الرغم من عدم وجود أبحاث كافية للتأكد من ذلك.
ولكن هذا لا يعني أنه لا مشكلة في أبخرة مواد التبييض. فهي بالتأكيد ليست صحية، وسوف تصاب الرئتان بالأذى إذا استنشقنا كمية كبيرة منها. ولكن من المهم أن نلاحظ أن المطهرات ليست السبب الرئيسي للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن. وأخطر ما في أبخرة مواد التبييض هو أنك إذا جمعت بينها وبين الأمونيا (أحد المكونات الرئيسية لملمّع الزجاج) فسوف ينتج عنها غازات الكلورامين، ذات التأثير المهيج بدرجة كبيرة. والأكثر خطورة من هذا هو مزج مواد التبييض مع أحد الأحماض كالخل لتكوين غاز الكلور القاتل، والذي يستخدم كسلاح كيماوي. فمن الممكن أن تؤذي نفسك حقاً بمنتجات التنظيف. ولا شيء مما سبق يعني أن الذين يعملون مع المنظفات في المنزل لا يجب عليهم أن يأخذوا حذرهم.
لذلك حاول أن تبقى بعيداً عن مواد التبييض، ولكن لا تقلق كثيراً في المرة القادمة التي تقوم فيها بتطهير المرحاض. قم بتهوية الحمام بشكل صحيح، وستكون بخير. والأهم من ذلك، توقف عن التدخين.